* يسأل أبو علي من كفر ميت أبو الكوم تلا المنوفية: ما الحكم الشرعي في نقل المقابر من وسط البلد إلي حقل أو أرض تبعد عن القرية بنحو 500 متر أو كيلومتر وهل يجوز توسعة المسجد علي المقابر المنقولة أفيدونا أفادكم الله. * الدفن في الشريعة الإسلامية يعد من فروض الكفايات وفرض الكفاية هو: كل مهم ديني يراد حصوله ولا يقصد به عين من يتولاه. بحيث إنه إذا فعله من فيه كفاية سقط الحرج عن الباقين. وإن تركوه جميعاً أثموا جميعاً. قال الإمام النووي في "المجموع 5/112ط. المنيرية": "غسل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فروض كفاية بلا خلاف" أه. والمسلم إذا دفن في موضع من المواضع الجائز الدفن فيها كان هذا الموضع حبساً عليه ما دامت بقايا جسده قائمة لم تتحلل ولم تستحل عظامه إلي الصورة الترابية إلا لضرورة. ولا بنحل هذا الحبس إلا بتحلل الجسد والعظام تماماً بحيث يصير تراباً. قال العلامة الخرشي المالكي في "شرحه علي مختصر خليل 1/225. ط. دار الفكر": "القبر حبس لا يمشي عليه ولا ينبش"أه. فنقل المقبرة إذن له صورتان: الصورة الأولي: وفيها يكون المقبور لم تتحلل بقايا جسده ولم تستحل عظامه إلي الصورة الترابية. فالأصل حينئذ هو حرمة نقله. لما في ذلك من انتهاك لحرمته. وقد وردت الشريعة المطهرة بتعظيم حرمة الميت. فروي أبو داود وابن ماجة وغيرهما عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال: "كسر عظم الميت ككسره حياً" يعني: في الإثم. قال العلامة الطيبي في "شرح مشكاة امصابيح 4/1412. ط. مكتبة الباز": "فيه دلالة علي أن إكرام الميت مندوب إليه في جميع ما يجب كإكرامه حياً. وإهانته منهي عنها كما في الحياة" أه. وقال العلامة ابن الحاج المالكي معلقاً علي الحديث في كتابه "المدخل 3/242. ط. دار التراث": "وذلك عام في العظم وغره قل أو كثر. فكل ما لا يليق به في حال حياته لا يفعل به بعد مماته. إلا ما أذن الشرع فيه. وما لم يأذن الشرع فيه فيمنع علي كل حال" أه. وقال فيه أيضاً "9/18 19": "العلماء رحمة الله عليهم قد اتفقوا أن الموضع الذي دفن فيه المسلم وقف عليه مادام منه شيء ما موجوداً فيه حتي يفني. فإذا فني حينئذ يدفن غيره فيه. فإن بقي شيء ما من عظامه فالحركة قائمة كجمعة. ولا يجوز أن يحفر عليه ولا يدفن معه غيره. ولا يكشف عنه اتفاقاً إلا أن يكون موضع قبره قد غصب" أه. وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسني المطالب 1/331. ط.دار الكتاب الإسلامي": "يحرم نبش القبر قبل البلي عند أهل الخبرة" بتلك الأرض. لهتك حرمة الميت" أه. والفقهاء لم يجيزوا النقل إلا في أحوال مخصوصة بشروط مخصوصة متضيقة. وستأتي نصوصهم. الصورة الثانية: أن يكون المقبور قد اندرس جسده وانسحقت عظامه واستحالت تراباً. وحينئذ يجوز نقل المقبرة. بمعني أن يدفن في غيرها من الأماكن. ويوقف الدفن فيها ويمكن حينئذ أن ينتفع بها بوجه من وجوه الانتفاع الجائزة. وذلك بشرط أن يكون للناقل حق التصرف في الأرض. قال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبين الحقائق 1/246 ط.دار الكتاب الإسلامي": "ولو بلي الميت وصار تراباً جاز دفن غيره في قبره وزرعه والبناء عليه" أه. وقال الإمام النووي الشافعي في "شرح المهذب 5/273. ط.المنيرية": "يجوز نبش وبناؤها وسائر وجوه الانتفاع والتصرف فيها باتفاق الأصحاب. وإن كانت عارية رجع فيها المعير. وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره. قال أصحابنا رحمهم الله: ويختلف ذلك باختلاف البلاد والأرض. ويعتدم فيه قول أهل الخبرة بها" أه. وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "المغني 2/94.1ط.دار إحياء التراث العربي": "وإن تيقن أن الميت قد بلي وصار رميماً جاز نبش قبره ودفن غيره فيه. وإن شك في ذلك رجع إلي أهل الخبرة" أه. والله تعالي أعلي وأعلم.