انحصرت مشكلات طلبة كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة ما بين صعوبة مواد التراث وتكرار الرسوب في القرآن الكريم وتعنت بعض الأساتذة معهم. في حين اشتكي بعض الأساتذة من ضعف مستوي الخريجين والطلبة علي السواء وكذلك عدم قدرة طلبة الدراسات العليا علي القراءة الجيدة والكتابة. "عقيدتي" ذهبت لكلية اللغة العربية وسجلت شكاوي الطلاب والأساتذة وهي في السطور القادمة. بداية قال محمد فتوح الفخراني طالب شعبة عامة بكلية اللغة العربية: للأسف الشديد المدرجات سيئة للغاية وتكتظ بالطلبة ويتعذر علينا الاستماع جيداً لما يقوله الأستاذ. بالإضافة إلي عدم انتظام جدول المحاضرات ناهيك عن الكتب التي تحصل عليها قبل الامتحانات بأيام قليلة. ظلم الأساتذة وشاركه الرأي زميله أحمد ربيع الطالب بالفرقة الثانية بقسم التاريخ والحضارة قائلاً: للأسف الشديد هناك بعض الأساتذة يتعنتون معنا ويتعمدون ترسيبنا في بعض المواد دون ذنب اقترفناه.. فقد رسبت في مادة التاريخ الأوروبي لمجرد أن رآني أستاذ المادة "سامحه الله" أتحدث إلي زميلي. وعلي العكس تماماً قال أحمد عبدالناصر أولي تاريخ وحضارة: اختلف مع صديقي فالأساتذة يتعاملون معنا بكل احترام وتقدير ولا يمتنعون عن الإجابة علي أي سؤال أو استفسار كما أنهم يمنحون الكتب دون مقابل لمن لا يستطيع دفع ثمنها. صعوبة التراث أما محمود سيد ثالثة لغة عربية فيؤكد أن كتب التراث تعد من أصعب المناهج التي يدرسونها. فهي هامة للغاية لطالب الأزهري لأنها تثقله وتسلحه وتميزه عن أي خريج آخر. وأرجع السبب في تعقيد كتب التراث إلي الأساتذة أنفسهم الذين لا يكلفون أنفسهم تبسيط المناهج وتوضيحها. وأشار كريم صابر ثالثة لغة عربية إلي رسوب معظم الطلبة في مادة النحو والصرف والقرآن الكريم وهذا يرجع للطالب نفسه وليس للمناهج أو للأساتذة. فالطالب نفسه هو الذي لا يحرص علي المذاكرة ويترك الأمر برمته مما يجعله يرسب لسنوات متتالية. أما الدكتور السعيد عبادة أستاذ اللغويات بكلية اللغة العربية فقال: للأسف الشديد مكتب تنسيق جامعة الأزهر يأتي إلينا بالطلاب الضعاف.. فلا يلتحق بكلية اللغة العربية إلا الطالب ضعيف المستوي. وهذا تخبط وسوء توزيع من قبل إدارة الجامعة. وهذا أيضاً ما يجعل المنتج التعليمي "بلغة السوق" أي الخريجين بهذا المستوي المتدني الذي في حقيقة الأمر يسيء لجامعة الأزهر وإلي هذه الكلية العريقة وهذا ما يجعلني غير راض عن مستوي الكثير من الخريجين. وليت الأمر يتوقف عند الخريجين فحسب. فلدينا مشكلة كبري تتعلق بطلبة الدراسات العليا "الماجستير والدكتوراه" فهم مع كل أسف لا يجيدون القراءة الصحيحة وكذلك الكتابة أو عندما يكتبون لا يحسنون التعبير عما يريدون كتابته كما أنهم لا يحسنون فهم ما يقرأون ولا يجيدون توظيف الكلمات وهذه طامة كبري. لأنهم رغم كل ذلك يحصلون علي درجات علمية رفيعة هم في حقيقة الأمر ليسوا أهلاً لها. المخرج التعليمي وأرجع د.عبادة انهيار اللغة العربية لخريجي الأزهر عامة وخريجي اللغة العربية خاصة إلي ضعف الأداء التعليمي في مراحل التعليم المختلفة وذلك بسبب ضعف المعلم علمياً وسوء أوضاعه اقتصادياً.. لذا نحن في حاجة ماسة لإعداد معلم اللغة العربية إعداداً يستطيع به أن يكون مفيداً لطلابه ومسيطراً علي ما ينبغي أن يعرفه من اللغة العربية. لأنه في بعض مراحل التعليم يقوم بتدريس العربية من لا علم له بها خاصة في المرحلة الابتدائية. وللأسف الشديد بعض المعلمين من خريجي الأزهر لا يستطيعون أن يقوموا بهذه المهمة لطلاب المرحلة الابتدائية. وأكد د.عبادة علي أن خريجي الأزهر غير مناسب للقيام بهذه المهمة وهي مهمة تعليم النشء.. لذلك لابد من إعادة النظر في آلية التدريس داخل الكلية لتخريج طالب كفء. ضياع العربية ومن جانبه أكد الدكتور إبراهيم الهدهد عميد الكلية علي أن تدني مستوي الخريجين في مادة اللغة العربية لا يقتصر علي خريجي الأزهر وحده إنما يشمل كل الجامعات المصرية وهذا يرجع لتدني وضياع اللغة العربية بين أهلها. والأمر يحتاج إلي حماية اللغة في هذه البلدان بالقوانين مثل النص في الدستور علي أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد.. لكن للأسف هذا غير مفعل ولا يوجد قانون لحماية اللغة العربية مقارنة بإسرائيل التي ماتت لغتها ثم أحيتها وأعادتها للحياة بعد عشرات السنين.. لدرجة أنهم يدرسون العلوم التطبيقية بلغتهم الأم "العبرية". وليس في إسرائيل وحدها يحدث ذلك ففي اليابان يحرِّم أن يدرس أي طالب أي لغة أخري غير لغته القومية وهذا ما لا نفعله نحن فضاعت لغتنا وضعف مستوي خريجينا في اللغة العربية لغة القرآن الكريم وأضاف: من يطالب بعدم تدريس العلوم الطبية بالعربية هو مخطيء تماماً. لأن استيعاب المتعلم بلغته يكون أكثر من استيعابه بأي لغة أخري وهناك دول عربية تدرس الطب بالعربية مثل سوريا وهذه نقطة قوة وليست ضعفاً. فيكفي تعلم اللغات الأجنبية. تكرار الرسوب وبالنسبة لرسوب الطلبة في مادة القرآن الكريم فالمشكلة يتداخل فيها عدة أطراف أولاً: إخفاق المنزل المتمثل في الوالدين في متابعة أبنائه واختفاء الكتاتيب والتي كانت تقوم بدور كبير في تحفيظ النشء القرآن الكريم عن ظهر قلب. ثانياً: نظام التعليم. فالطالب يتخرج في الثانوية الأزهرية ويفترض أن يكون حافظاً للقرآن الكريم كاملاً.. لكن ما يحدث أن الطالب يحصل علي الثانوية الأزهرية وهو غير حافظ للقرآن الكريم حتي وإن كان البعض يحفظه. فطبيعة القرآن تختلف. لأن أن تركه الطالب نسيه تماماً. ويتراكم عليه الحفظ عاماً بعد عام يجد نفسه في السنة النهائية من الجامعة راسب في القرآن الكريم ومطالب بحفظه كاملاً فيصعب عليه ذلك. وليس من المعقول أن تعيد الكلية تحفيظ الطالب القرآن الكريم إن لم يكن له النية والإصرار علي الحفظ. مناهج عقيمة وفيما يتعلق بوصف المناهج الأزهرية بأنها عقيمة وغير متطورة ولا تتناسب وتطور العصر أكد د.الهدهد أن من يقول هذا هو في حقيقة الأمر لم يطلع علي مناهج الأزهر الشريف. فالأزهر الشريف هو القلعة الحصينة التي تحافظ علي تواصل الأجيال مع تراثهم. فليس هناك من يهتم بالتراث مثل الأزهريين. وبناء علي هذه الخصوصية المنصوص عليها في القانون رقم 103 الخاص بتنظيم الأزهر فالأزهر مسئول عن حفظ التراث ونشره فالمناهج الأزهرية تتجه أكثر للتراث لكنها في ذات الوقت لا تهمل الحاضر.. فالمناهج ليست عظيمة كما يدعي البعض ويريد من وراء ذلك تشويه صورة الأزهر.. علي حين أننا نري قصوراً في الجامعات الأخري ولا يوجد لها أي قدم فمثلاً هناك كليات متخصصة في كبري الجامعات المصرية تتجه للدراسات الحديثة وتهمل التراث إهمالاً تاماً.