أثارت مشاركة وفد من دار الافتاء المصرية في المؤتمر الذي عقدته وزارة المالية المصرية عن الصكوك الإسلامية تساؤلات حول دوافع هذه المشاركة وأهمية هذه الصكوك في النهوض بالاقتصاد المصري من كبوته الحالية وتجارب بعض الدول التي طبقتها. في البداية يوضح الدكتور فياض عبدالمنعم أستاذ الاقتصاد جامعة الأزهر. ومستشار إدارة الحساب الشرعي بدار الإفتاء- الذي كان ضمن الوفد- أن دار الإفتاء لم تتقدم بأبحاث في القضية وإنما استمع وفدها إلي الطرح المقترح من وزارة المالية التي تقوم حاليا بوضع قانون جديد للصكوك السيادية الإسلامية لتعمويل الموازنة العامة للدولة وبمجرد انتهائها منه ستقوم بإرساله لدار الإفتاء لمراجعة الجوانب الشرعية فيه. وأكد الدكتور فياض إن ملامح القانون الذي تعده وزارة المالية يتضمن آليات الطرح وهيكل المديونية وحقوق الدائنين وكذلك تنظيم قواعد تأسيس الشركات ذات الطبيعة الخاصة S.P.V والتي ستقوم بتملك الزصول علي أن تبيعها في مرحلة لاحقة لحملة الصكوك بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية. وأوضح الدكتو.ر فياض أن الصكوك السيادية الإسلامية تختلف عن الصكوك الإسلامية العادية لزنها تختص بتمويل الموازنة العامة للدولة وتعد بديلا عن التمويل بالديون الربوية أما الصكوك الإسلامية الأخري فهي تقوم بتمويل الاحتياجات الخاصة بشركات القطاع الخاص وليست متعلقة بتمويل موازنة الدولة وعن الفوائد التي يمكن أن تعود علي الاقتصاد المصري إذا تم تطبيق نظام الصكوك الإسلامية بنوعيها قال الدكتور فياض عبدالمنعم: هناك العديد من الميزات أهمها أن الصكوك تعتبر أداة مالية جديدة عليها إقبال شعبي لتوافقها مع أحكام الشرعة بالإضافة إلي أنها توسيع للمنتجات المالية الحالية في مصر مما يؤدي لازدهار الاقتصاد المصري لوجود وسائل جديدة لتمويل الاستثمارات العامة فضلا عن أنها سيتم استخدامها كأداة مالية بالبورصة. أهمية الصكوك وعن أهمية صكوك الاستثمار الإسلامية في حل مشكلة الاقتصاد المصري قال الدكتور محمد البلتاجي.. رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي: تعد صكوك الاستثمار الإسلامية من أهم الأوعية الادخارية التي ظهرت بالمصارف الإسلامية كبدائل للأوعية الادخارية التقليدية ولهذا لابد أن نوضح صك الاستثمار الإسلامي هو أحد الأوراق المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة والتي تستخدم كوعاء إدخاري للمتعاملين بديلا عن الودائع التقليدية بفائدة وقد انتشرت تلك الصكوك بعد النجاح الذي حققته لدي المتعاملين الراغبين في التعامل وفق أحكام الشريعة ويتم استخدام الصكوك الإسلامية كأوعية إدخارية للمتعاملين تصدر من قبل المصارف الإسلامية كأوعية إدخارية متوافقة مع أحكام الشريعة تحقق أرباحا لأصحابها وقد تستخدم من قبل الحكومات لتمويل مشروعاتها التنموية كبديل للسندات بفائدة وعن تجارب الدول الأخري مع الصكوك أوضح الدكتور البلتاجي أن العديد من الدول أصدرت صكوكا إسلامية لتمويل مشروعاتها مثل ماليزيا وإنجلترا والبحرين والإمارات والسودان وقد حققت تلك الصكوك نجاحا كبيرا في هذا المجال ومن أبرز أنواع الصكوك التي أصدرت من قبل الحكومات ومنها حكومة البحرين لتمويل مشروعاتها صكوك الإجارة والتي يمكن تداولها وبيعها في الأسواق المالية. عن صكوك الاستثمار الإسلامية التي تصدرها البنوك للمتعاملين كبدائل للأوعية الإدخارية أوضح الدكتور البلتاجي أن تلك الصكوك تمثل حصصا شائْة في ودعاء استثمارات المصرف الإسلامي يقوم باستثمارها في المجالات المشروعة لصالح أصحاب الصكوك مقابل نسبة مئوية من الأرباح مقابل الجهد الذي يبذله المصرف في عملية الاستثمار ويتم اقتطاع تلك النسبة من الأرباح الفعلية المحققة من استثمار تلك الصكوك وفق النسبة المحددة في الصك فمثلا إذا كانت تلك النسبة 1% من قيمة الصك فيتم احتسابها عند تحقيق الأرباح وتضاف لأرباح المصرف وباقي الأرباح الفعلية المحققة تكون من حق أصحاب الصكوك وتضاف لحساباتهم كل حسب قيمة الصك وتصدر الصكوك باسم العميل وتضاف أرباح الصك إما شهريا أو كل ربع سنة حسب شروط إصدار الصك ووفق احتياجات العميل وإذا رغب العميل في استرداد قيمة الصك قبل موعده فيمكنه ذلك مع تخفيض العائد بنسبة بسيطة مقابل استرداد الصك. وعن الضوابط الشرعية لإصدار صكوك الاستثمار قال الدكتور البلتاجي: يحكم إصدار الصكوك الإسلامية العديد من الضوابط الشرعية وأهمها: أن يكون مجال استثمار أموال الصكوك حلالا وأن لا يتم تحديد الأرباح الموزعة كنسبة مسبقة من رأس المال وأن تصدر وفق عقد شرعي مثل عقد الوكالة أو عقد المضاربة ويتم إصدار الصكوك في أشكال متعددة منها صكوك وفق عقد الوكالة أو عقد المضاربة والفرق بين النوعين أو صكوك الوكالة يكون البنك وكيلا عن صاحب الصك في استثمار الأموال مقابل نسبة محددة من رأس مال الصك تخصم من الأرباح وباقي الأرباح المحققة تكون من حق العميل صاحب الصك أما صكوك الاستثمار وفق عقد المضاربة فيتم توزيع الأرباح بين البنك والعميل وفق مئوية يتم تحديدها في طلب الإصدار أو حسب الاتفاق لأن الأرباح الموزعة تزيد وتنقص وفق المحقق فعليا من عوائد استثمار الأموال وقد أوجدت المصارف الإسالمية العديد من الأوعية الإدخارية والتي تلبي احتياجات المتعاملين منها قصير ومتوسط وطويل الأجل ومازال التحدي قائما للمصارف الإسلامية في ابتكار وتنويع المنتجات والتي تلبي احتياجات المتعاملين في التعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية. خطوة علي الطريق أوضح الدكتور محمد عبدالحليم عمر أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر أن هناك اهتماما بالغا من الحكومة ومسئولي الهيئات المعنية باستخدام الصكوك الإسلامية لتمويل احتياجات الدولة أو شركات القطاع الخاص علاوة علي الحديث عن ضرورة تداولها بالبورصة المصرية حيث توقع الاقتصاديين أن مصر أصبح أكثر قربا من تطبيق نظام الصكوك الإسلامية وخاصة بعد أن أعلنت هيئة الرقابة المالية عزمها علي إجراء تغييرات علي اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992 تسمح بالتعامل في أنواع مختلفة من الصكوك ومن بينها الصكوك الرسلامية واشتراط أن تكون الصكوك متوافقة مع أحكام ومباديء الشريعة وأن تكون متعمدة من هيئة الرقابة الشرعية سواء من داخل الجهة المصدرة أو من خلال الهيئات الشرعية المعتمدة. وقام الدكتور عبدالحليم عمر بتبسيط فكرة تطبيق الصكوك الرسلامية في مصر قائلا الصكوك عبارة عن ورقة مالية يتم طرحها علي الجمهور مثل الأسهم والسندات ليكون الجمهور شركاء فيها وتعتد كل ورقة مالية بمثابة وثيقة بحق في الملكية والصكوك أنواع أشهرها صكوك الإدارة وتتم عندما تكون الدولة في حاجة لعمل منشآت وتقوم بتأجيرها وتقوم بدفع الإيجار لحملة الصكوك وصكوك المشاركة مثل التي تطرحها إحدي الشركات لعمل توسعات أما الصكوك التجارية فهي التي تطرح لإنهاء مشاريع تجارية مثل عمليات الاستيراد والتصدير ثم يتم إعطاء المشتركين في الصكوك قيمة الصك بالإضافة إلي ربح مادي وأهم ما يميز الصكوك أنها تعد تمويلا خارج الموازنة بمعني أننا الآن ندفع حوالي 130 مليار جنيه فوائد للقروض وفي حالة الصكوك سيتم الدفع خارج الموازنة مما يقلل من عجز الموازنة وبالتالي لا نضطر للاستدانة. وفرق الدكتور عبدالحليم عمر بين الأسهم والصكوك مؤكدا أن الأسهم يكون المساهم له حق في الإدارة والملكية ولكن الصكوك لا يكون لصاحبها حق في إدارتها وقد سبق لمركز الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر إعداد دراسة متكاملة عن سوق المال الإسلامية الدولية ومدي حيازة مصر لها ومنها تطبيق الصكوك الإسلامية وحاجة مصر الشديدة إليها. وأنهي الدكتور محمد عبدالحليم كلامه بالتأكيد علي أن الصكوك تعد وسيلة جيدة لجذب أموال من كل دول العالم الإسلامي للاستثمار في مصر كما أنها سوف تدخل شريحة جديدة للعمل في البورصة في مجال الصكوك وبالتالي ستجلب أموال وتخفف أعباء الموازنة ومع هذا فلن تحل الصكوك الإسلامية كل مشاكلنا في مصر لكنها تعد خطوة هامة في طريق زيادة الاستثمارات الأجنبية وذلك لأننا كمصريين دخولنا ضعيفة ولا تكفي لشراء الصكوك. اعتراف أوروبي وأوضح الدكتور يوسف إبراهيم مدير مركز الاقتصاد الإسلامي جامعة الأزهر أن الصكوك الإسلامية باليورو حققت رواجا كبيرا في العديد من الدول الأوروبية مثل السندات المصرفية الإسلامية التي صدرت مؤخرا في ألمانيا وبالتحديد في ولاية سكسونيا التي جذبت اهتمام العديد من الشركات في دول الاتحاد الأوروبي وأوروبا الشرقية حيث روجت الولاية الألمانية لحملة بيع أول صكوك إسلامية أوروبية علي أن تدفع حصصا من قيمة الإيجارات التي تحصلها من العقارات المملوكة للدولة لحملة هذه الصكوك بدلا من الفوائد التي تحرمها الشريعة وقد أثار هذا نوع من التفاؤل بالإصدار لأن المستثمرين في العالم الإسلامي يسعون لتنويع محافظهم الاستثمارية. ودعا الدكتور يوسف إبراهيم إلي الدراسة الجادة للتجارب الناجحة لتطبيق الصكوك في العديد من الدول العربية والإسلامية للاستفادة من إيجابياتها وتجنب سلبيات التطبيق إن وجدت حتي تخرج مصر تجربة فريدة متميزة خاصة بها وتتفوق بها علي كل من سبقها وخاصة أن مصر بعد الثورة تعد نموذجا للعالم الإسلامي فإذا تفوقت فإن هذا يكون بداية نهضة اقتصادية للأمة. لا مشكلات في التطبيق ومن جانبه نفي الدكتور أشرف الشرقاوي رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية وجود أية خلافات مع وزارة المالية حول صكوك التمويل الإسلامي لزنه ليس من صلاحياتها الاعتراض علي أي آليات جديدة وأن دورها يقتصر علي تنظيم العمل بالآليات المختلفة في الأسواق المالية غير المصرفية والتأكيد علي حماية حقوق كافة الأطراف وذلك لأن دور الهيئة رقابي ينظم آليات العمل بتلك الأدوات المالية ولا يحق لها الاعتراض علي أي أداة من تلك الأدوات لأنها ليست جهة اختصاص. وأوضح الدكتور الشرقاوي أن هناك الكثير من الآليات والأدوات المالية الإسلامية وتم الموافقة عليها من قبل الهيئة مثل صكوك الإيجارة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بالإضافة إلي أن هناك الكثير من صناديق الاستثمار التي تعمل وفقا للشريعة الإسلامية. وفرق الدكتور الشرقاوي بين نوعين من صكوك التمويل أولهما تصدره الدولة سواء من قبل وزارة المالية أو البنك المركزي ليس للهيئة رقابة مباشرة عليه مثل أذون الخزانة التي تصدره وزارة المالية لتمويل عجز الميزانية وثانيهما ما تصدره الشركات لتمويل مشروعاتها فإن الهيئة لها رقابة كاملة عليها تتمثل في إلزام الشركات المصدرة بتوضحي مركزها المالي وأوجه استخدام التمويل وغيرها من الإفصاحات لضمان حقوق الممولين ولإصدار مثل تلك الصكوك لابد من وجود تشريعات برلمانية تضم دراسات وآراء الخبراء وعلماء الدين وكافة الأطراف المعنية.