يجب علي رجل الإعلام أن يعرف الأعمال والأفعال المنهي عنها شرعاً ويتجنبها امتثالاً لأوامر الله سبحانه وتعالي. بل يتجنب كل باب يؤدي إليها تجنباً للمتشابهات وسداً للذرائع. ودليل ذلك من الكتاب قول الله تبارك وتعالي : "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إ لا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب" آل عمران: 7. فعندما قرأ رسول الله صلي الله عليه وسلم هذه الآية قال: "فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه فأولئك الذين سمي الله فأحذروهم" أخرجه الشيخان والنسائي وأبو داود. ويؤكد الرسول صلي الله عليه وسلم تجنب هذا السلوك فعن أبي عبد الله النعمان بن بشير رضي الله تعالي عنهما قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن وبينهما متشابهات. لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقي الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. كالراعي يرعي حول الحمي يوشك أن يرتع فيه. ألا وإن لكل ملك حمي. ألا وإن حمي الله محارمه. ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله. وإذا فسدت فسد الجسد كله. ألا وهي القلب" رواه البخاري ومسلم. ويستنبط من ذلك أن المسلم عليه أن يتقي الشبهات. ومن باب أولي تجنب الحرام الذي هو بيِّن وواضح. تأسيساً علي ذلك يجب علي رجل الإعلام أن يتجنب السلوكيات المحرمة وكذلك الأخري المشتبه فيها حتي ينجو من الوقوع في دائرة الحرام. كما يجب عليه أن يختار الوسيلة الإعلامية المشروعة لتحقيق الغايات المشروعة ومن الواجب علي رجال الإعلام تجنب أي عمل أو فعل فيه مساس لمقاصد الشريعة الإسلامية والتي تتمثل في حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال. ومنها علي سبيل المثال: المساس بالعقيدة وتشويه صورة الإسلام والمسلمين أمام الناس. الدعوة إلي الفتنة والعنف وسفك الدماء. الإساءة إلي الثقافة الإسلامية والاستهزاء بالعلماء والفقهاء والدعاة. الاعتداء علي الأعراض وإشاعة الفاحشة والفسوق بين الناس. الاعتداء علي أموال الناس وأكلها بالباطل مثل الرشوة والربا والسرقة والتدليس. ومن أكبر الكبائر إشاعة الفاحشة والبهتان علي الأبرياء. فقد وعد الله عز وجل من يقوم بذلك بالعذاب الأليم في الدنيا والاخرة مصداقاً لقوله تبارك وتعالي: "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون" النور: 19 وقوله عز وجل: "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً" الأحزاب: .58 ولقد نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن قول السوء وتشييعها بين الناس فقال: "من ذكر امرءاً بشيء ليس فيه ليعيبه به حبسه الله في نار جهنم حتي يأتي بنفاد ما قال به" رواه الطبراني. كما نهي عن الغيبة فقال صلي الله عليه وسلم: "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته. وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته" رواه مسلم. وقال صلي الله عليه وسلم : "إن أبغض الناس إلي الله الفاحش البذيء الذي يتكلم بالفحش ورديء لكلام" الترمذي. لذلك يجب علي رجل الإعلام تجنب نشر أو الإخبار عن أي معلومات تقود علي أن تشييع الفاحشة بين الناس. كما يتنزه عن الغيبة والبهتان ولا ينتهك أو يشجع علي هتك حرمات الناس وأعراضهم مهما كانت الدواعي والمبررات وضغوط الحاجات. ولا يحرم الإسلام التعامل مع غير المسلمين علي وجه الإطلاق بل حرَّم التعامل مع المحاربين منهم فقط. ودليل ذلك من الكتاب قول الله تبارك وتعالي : "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا علي إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون" الممتحنة 8:.9 وفي كل الأحوال يجب أن يكون الولاء والبراء للمؤمنين. ولقد أكد الرسول صلي الله عليه وسلم علي ذلك فقال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" رواه البخاري. وقوله صلي الله عليه وسلم : "لا تصاحب إلا مسلماً ولا يأكل طعامك إلا تقي" رواه أبو داود والترمذي. وتأسيساً علي ذلك لا ينبغي أن يكون رجل الإعلام مصدر معلومات لأجهزة مخابرات العدو وكذلك للمؤسسات الإعلامية المعادية والمحاربة للإسلام والمسلمين مهما كانت الإغراءات المادية فهذا متاع زائل في الدنيا ولكن في الآخرة سوف يلقي العذاب الأليم. كما يجب عليه أن يمنع الآخرين الذين يقومون بمثل هذه الأعمال. فالموالاة تكون لله والانتماء يكون للوطن. يشيع في الوسط الإعلامي بصفة عامة انتشار بعض السلوكيات السيئة مثل السباب والشتائم والسخرية من عباد الله وكذلك اللمز. ويعتبرون ذلك من المهنة. وهذا محرم في الإسلام. ولقد نهي الله عز وجل عن ذلك فقال تبارك وتعالي: "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسي أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسي أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون. يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم" الحجرات: .1211 ولقد نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن السباب والغيبة.. فقال صلي الله عليه وسلم : "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" رواه مسلم. وقال صلي الله عليه وسلم : "لعن المؤمن كقتله" البخاري. وقال صلي الله عليه وسلم : "ليس المؤمن بطعان ولا بلعان ولا بالفاحش ولا بالبذيء" الترمذي. ولذلك يجب علي رجل الإعلام أن يترفع عن مثل هذه السلوكيات ويكون عفيف اللسان. ولا يقول إلا الحسني حتي يؤلف القلوب ويقوي المودة بينه وبين الاخرين. ولقد أجاز الفقهاء لعن أصحاب المعاصي غير المعينين المعروفين بالاسم. كما ورد في قوله الله عز وجل : "ألا لعنة الله علي الظالمين" هود:18. وقوله سبحانه وتعالي: "ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين" آل عمران: 61. وقول الرسول صلي الله عليه وسلم : "لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه" الترمذي ومسلم.