حرصت الشريعة المباركة علي رعاية حقوق المرأة في مختلف المجالات وفي شتي مناحي الحياة وفي توازن غير مسبوق في عالم ضاع فيه العدل والإنصاف فكما أعطت الشريعة للرجل وحدة حق الطلاق دون سواه أعطت للمرأة حقا آخر وهو اختيار الرجل المناسب فلا يتم الزواج إلا برضاها فان خاب اختيارها وأصابها ضرر يستحيل معه دوام العشرة لجأت للقضاء تطلب التطليق لتتخلص من زوجية فقدت ثمارها وضاعت الآمال المرتقبة منها فتسترد بذلك كرامتها التي أهينت وحقوقها التي هضمت ولا توجد علي ظهر الأرض شريعة تتيح للزوجة طلب التطليق مثل الشريعة الإسلامية وذلك لمراعاتها لحقوق المرأة وحمايتها من تعسف الرجل وظلمه وانعدام أخلاقه ودينه. ودعوي التطليق تختلف حسب الضرر الواقع علي المرأة فهناك التطليق لعدم الاتفاق وهو مذهب الجمهور وما اخذ به قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1920 في نص المادة 4 وذلك بخلاف الأحناف ويقع التطليق رجعيا وهناك التطليق للضرر وسوء العشرة وهو مذهب مالك وأحمد وما نصت عليه المواد من 6 إلي 11 من القانون رقم 25 لسنة 1929 بخلاف الشافعي وأبو حنيفة فلم يذهبا الي التطليق للضرر لا مكان إزالته بالتعزير وعدم إجبار الزوجة علي الطاعة. وهناك دعوي التطليق للغيبة او الحبس وهي في حالة ما إذا غاب الزوج عن زوجته سنة أو أكثر بدون عذر مقبول وإذا حكم بحبس الزوج حكما نهائيا ثلاث سنوات علي الأقل لها الحق كذلك في إقامة دعوي التطليق بعد مرور سنة علي حبسه وهو ما نصت عليه المواد "12.13.14" من القانون رقم 25 لسنة 1929 وأخيرا هناك التطليق للعيب وان اختلف الفقهاء حول شروط العيب وهو ما نصت عليه المواد "9.10.11" من القانون رقم 25 لسنة 1920 وذلك علي تفصيل كل هذه لموضوعات في حينها وفي حالة الحكم بالتطليق فيما تقدم تحصل الزوجة علي كامل حقوقها المتمثلة في مؤخر الصداق ونفقة العدة والمتعة بخلاف الخلع الذي تتنازل فيه عن جميع حقوقها الشرعية لافتداء نفسها بل يجب عليها رد مقدم الصداق. وتقدر هذه الحقوق المالية حسب دخل الزوج يسرا وعسرا وحسب مستوي المعيشة بين الزوجين فنفقة العدة إما ثلاثة شهور أو ثلاث حيضات أو وضع الحمل إن كانت الزوجة حاملا ورغم اختلاف الفقهاء في نفقة عدة المطلقة رجعيا عن عدة المبتوتة "أي المطلقة طلاقا بائنا" إلا أن القانون في مصر اخذ برأي الأحناف في أن المطلقة عن طريق القضاء طلاقا بائنا لها نفقة عدة وهو ما اختاره العلامة القرضاوي وذلك بخلاف الشافعي ومالك يريان ان لها السكن دون النفقة إلا أن تكون حاملا ولا خلاف بين الفقهاء علي استحقاق الزوجة لمؤخر الصداق الثابت في وثيقة الزواج وان اختلفا في المتعة حيث قال تعالي ""وللمطلقات متاع بالمعروف حقا علي المتقين"" وقد تختلف المتعة من بلد إلي أخر ومن زمان إلي آخر وتقدر حسب يسر الزوج وعسره حيث قال تعالي ""وعلي الموسر قدره وعلي المقتر قدره"" وان كان الأصل في تشريع المتعة هو جبر خاطر المطلقة وكانت مواساتها من المروءة التي تطلبتها الشريعة وكان إيجاب المتعة هو مذهب الشافعي في الجديد وأحد الأقوال لأحمد واختاره شيخ الإسلام بن تيمية وهو مذهب الظاهرية وقول عند مالك وقد نصت المادة 18 من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 علي المتعة وشروط استحقاقها. وإن كان الواقع العملي يشهد علي أن دعاوي التطليق أمام المحاكم قد تتداول سنوات طويلة علي مختلف درجات التقاضي وربما لا تتحمل الزوجة. إطالة أمد التقاضي بهذه الصورة وقد رأيت من لطمت الخدود أمام محكمة استئناف بنها لتداول دعواها أكثر من سبع سنوات أمام المحكمة ابتدائي واستئناف حتي كادت تقبل يد القاضي لحجز الدعوي للحكم وقالت بالحرف أقمت دعوي التطليق وأنا عمري 36 عاماً والآن عندي 46 عاماً ولم أطلق لذلك فقد أتاحت الشريعة طلب التطليق خلعا وقد كان الخلع مطبق في كثير من الدول العربية حيث تناوله القانون الاردني في المواد 102 الي 112 في قانون الأحوال الشخصية الصادر 1976 وهو ما تأخذ به المحاكم الشرعية في المملكة العربية السعودية ونص عليه القانون رقم 1 لسنة 2000 في مصر المادة 20 وهو ما كان فرجا لكثير من المصريات حيث أكدت الاحصائيات وجود أكثر من 40 ألف قضية خلع أمام القضاء المصري وذلك لسرعة إجراءاته فضلا عن كون الحكم فيها نهائيا لا يخضع لطرق الطعن المعتادة مثل الاستئناف.