دعا الخبراء والمتخصصون لإطلاق حملة لترشيد الاستهلاك والاقتصاد في المأكل والمشرب والحذر في استهلاك الكهرباء والمياه مستغلين شهر رمضان شهر الروحانيات وطالبوا الأسر بالتخلي عن الإسراف ونبذ هذا السلوك البذيء خاصة أننا نعيش ظروفاً استثنائية تدهور فيها الإنتاج وزاد الاستهلاك وفي السطور القادمة آراؤهم. في البداية قالت الدكتورة ماجدة كامل درويش أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: الإسراف مرفوض اجتماعياً ودينياً واقتصادياً فهو آفة اجتماعية أصابت الأسرة المصرية وتتجلي آثارها في الشهر الكريم الذي يتنافي شكلاً وموضوعاً والحكمة من تشريع الصوم كما أنه يرهق ميزانية الأسرة ويضعها في مأزق بعد انتهاء شهر رمضان لذا أطالب بالاقتصاد والاعتدال في كل شيء ونبذ هذا السلوك البذيء. أضافت: رغم ضعف إمكانيات الغالبية العظمي من الأسر المصرية إلا أنها لا تراعي ذلك ونراها تقبل علي الشراء بنهم في هذا الشهر لا يقتصر الأمر علي المأكل والمشرب إنما يمتد للاستهلاك المبالغ فيه في الكهرباء فالجميع يضئ الأنوار الكثيرة ويطلق الفوانيس في البالكونات وهذا استهلاك مضاعف للكهرباء التي نحن بصدد أزمة ولن تحل إلا من خلال التقليل قدر الإمكان من استهلاكنا لها. واستطردت: بدلاً من التفرغ للعبادة في هذا الشهر المعظم نرتكب من الذنوب والآثام ما لم نرتكبه في شهر آخر. أوضحت أن لديها الكثير من الملاحظات والمأخذ علي موائد الرحمن التي تملأ شوارع القاهرة كل عام في رمضان تنتج هذه الملاحظات بسبب الإسراف الذي يشوب موائد الرحمن إلا أنها في ذات الوقت تبدي إعجابها بها وبقيمة عملها لأنها تجمع الغني بالفقير وتقوي أواصر العلاقات بين أفراد الشعب المصري هذا من ناحية ومن ناحية أخري فهناك المئات بلا الآلاف من الأسر التي تنتظرها سنوياً لتتناول ما لذ وطاب من الطعام وما لم تتناوله طوال العام. ضعف الموارد أكدت أننا نعيش في رفاهية وبذخ رغم سوء أوضاعنا الاقتصادية وانهيار مواردنا وهذا علي العكس تماماً من حياة المسلمين الأوائل الذين كانوا يربطون علي بطونهم ويضعون الأحجار من شدة الجوع فياليتنا نتعلم منهم ونتعامل مع الشهر الكريم كما يجب دون إسراف أو تبذير كما كان يفعل آباؤنا الأولون.. وليتنا نتذكر قول النبي صلي الله عليه وسلم: "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات". إحصائية مفزعة أشارت الدكتورة مني عبدالجليل مدرس التسويق والإعلام بجامعة الأزهر إلي أنها اطلعت مؤخراً علي أحدث الدراسات الاقتصادية التي أجريت عن الاستهلاك في رمضان والتي أصدرها المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية والتي أصابتها بالفزع حيث أكدت الدراسات أن 83% من الأسر المصرية غيرت عاداتها الغذائية في رمضان بحيث تضاعف حجم الانفاق في هذا الشهر الكريم وباقي شهور السنة وهذا مؤتمر خطير للغاية كما تقول د. مني خاصة أن زيادة الاستهلاك تؤدي بطبيعة الحال إلي ارتفاع الأسعار واستغلال التجار ويصبح المواطن هو الضحية والفريسة وهو صانع الأزمة ايضا وليس هذا فحسب فغلاء الأسعار يؤدي لحدوث بعض الجرائم داخل الأسرة في ظل محدودية الدخل ورفع سقف التطلعات فكل فرد داخل الأسرة لديه احتياجات وتطلعات يسعي لتحقيقها لكن ضعف الإمكانيات تقف دائماً حائلاً دون تحقيق تطلعاته وتلبية رغباته وقد ينتج عن ذلك في بعض الأحيان وقوع بعض المشادات والخلافات داخل الأسرة. إحباط الأسرة أضافت: تلعب الإعلانات دوراً كبيراً في سعي الأسرة وراء الشراء بنهم وشراهة فالإعلانات وخاصة إعلانات التليفزيون وما تستخدمه من وسائل عاطفية وعقلية وصورة جذابة وصوت متميز تستميل الأفراد وخاصة الأطفال وهذا ما يترتب عليه إحباط الأسرة لضعف إمكانياتها وعدم القدرة علي تلبية الرغبات. مظاهر رمضانية استهلت الدكتورة ليلي قطب الأستاذ بجامعة الأزهر حديثها بقول الله تعالي: "إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم" فلن يستطيع كائن من كان تغير سلوكيات البشر أو تعديلها إلا إذا قام كل إنسان بهذا الفعل فللأسف الشديد أصبح رمضان مرتبطاً لدينا بالمأكل والمشرب وكثرة الأنوار فهذه مظاهر رمضانية لا نحرمها لكننا نحرم الإسراف فيها والانفاق دون داع واللهو عن العبادات والصلاة فمن باب أولي أن يتفرغ المسلم للعبادة في هذا الشهر الكريم ويجتهد في العبادة ويصنع الطعام الذي يكفيه وأسرته دون إسراف أو تبذير وإن كان هناك فائض فليتصدق به علي الفقراء والمساكين وما أكثرهم في بلادنا ولقد نهي الله عز وجل عن الإسراف حين قال في كتابه العظيم: "كلوا واشربوا ولا تسرفوا" وكذلك: "إنه لا يحب المسرفين". دوافع نفسية تنتقد الدكتورة فريدة علي خليفة أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر الإقبال الرهيب علي الشراء لمعظم الأسر المصرية قبل بدء الشهر الكريم والمبالغة في شراء كميات كبيرة تفيض عن حاجة الأسرة ومعدل استهلاكنا ظناً منها أنها صائمة وتحتاج لكميات مضاعفة من الطعام والشراب وهذه دوافع نفسية غير صحيحة لأن الصائم يكفيه شربة ماء وكمية قليلة جداً من الطعام تملأ معدته وتشعره بالشبع.. أما المبالغة في الاستهلاك كما نري ليس له داع ولا سبب سوي أسباب نفسية اعتادت عليها الأسرة. أشارت إلي أن ميزانية الأسرة ترهق بشكل ملحوظ في هذا الشهر الكريم لذا ندعو الأسرة لترشيد الاستهلاك حفاظاً علي ميزانيتها ودخلها وعدم المبالغة في عمل أصناف وأشكال من الطعام قد لا تؤكل ويكون مصيرها في سلة المهملات وهذا ما لا يرضاه عقل ولا دين ولا عرف.