اختلف أساتذة الجامعات وتباينت آراؤهم حول قانون تنظيم الجامعات المزمع إصداره للنهوض بالتعليم الجامعي في أول مؤتمر يعقد لهذا الغرض بعنوان "قانون تنظيم الجامعات بين الواقع والمأمول" والذي نظمته كلية الحقوق جامعة عين شمس تحت رعاية د. حسين خالد وزير التعليم العالي. ففي حين رأي البعض ضرورة التغيير الكامل للقانون الحالي رأي البعض الآخر أن التعديل في بعض بنوده كاف. ورأي فريق ثالث أنه لا فائدة من وجوده أصلاً في ظل بيئة غير ديمقراطية ومع كل هذه التباينات خرج الجميع وخلافهم لم يفسد للود بينهم قضية. ورغم هذا الاختلاف والتباين اجمع المشاركون علي التوصية بضرورة استقلال الجامعات استقلالا تاماً في الشئون المالية والإدارية واختيار القيادات الجامعية بنظام الانتخاب الحر المباشر بدلاً من التعيين ورفع دخل أعضاء هيئة التدريس ووضع قواعد تفصيلية لنظام إحالة اعضاء هيئة التدريس إلي التحقيق وضرورة إنشاء لجنة لفحص الشكاوي المقدمة في عضو هيئة التدريس والتدرج في العقوبات التأديبية بما يتناسب مع الفعل المرتكب من عضو هيئة التدريس. كما أوصي المؤتمر بضرورة إنشاء نقابة مستقلة لأعضاء هيئة التدريس وتحسين الرعاية الصحية لهم ورفع سن المعاش ليكون 65 بدلاً من 60 عاماً وأخيراً توفير دراسة متعمقة بشأن التعليم المفتوح لتطويره وفيما يلي مختلف الآراء. في البداية أكد د. علاء فايز رئيس جامعة عين شمس أنه لا داعي للاستعجال في وضع قانون جديد لتنظيم الجامعات وعرضه علي مجلس الشعب لاقراره خلال شهرين علي الأكثر فلابد من أن يحصل القانون علي الوقت الكافي لدراسته بشكل واف فنحن لا نسعي للتغيير من أجل التغيير بل نعمل علي وضع نظام دستوري للجامعة يساعد علي تحقيق نظام تعليمي جيد وهذا الدور موكل لأساتذة الحقوق بالجامعات. أضاف : أن التعديلات المقترحة لقانون تنظيم الجامعات ينبغي ألا ترتبط فقط بدخل الأساتذة فهناك أمور أكثر أهمية تتعلق باستقلال الجامعات سواء مادياً أو إدارياً وكرامة أعضاء هيئة التدريس بالإضافة إلي الجوانب المتعلقة بقواعد البعثات والإعارات والترقيات والتعيينات وأوضاع الأساتذة فوق السبعين مشيراً إلي أن الجدل الذي تشهده الجامعات حالياً لصياغة قانون خاص بها يماثل الجدل المطروح حول وضع الدستور ولكن ما يميز الجامعات هو المستوي العلمي لأعضاء هيئة التدريس الذي يسمح لهم بصياغة قانون يتوافق مع أوضاعهم. من جانبه أوضح د. جميل عبدالباقي عميد كلية الحقوق ورئيس المؤتمر أن هذا اللقاء جاء لتدارس النصوص الحالية لقانون تنظيم الجامعات ومدي كفايتها وملاءمتها للفترة الحالية والوقوف علي التعديلات المقترحة عليها مشيراً إلي أن رجال القانون وخاصة الفقهاء الدستوريين يتصدرون المشهد في الفترة الحالية فيما يتعلق بوضع الدستور والضمانات الدستورية. غياب الديمقراطية وتناول د. حسن نافعة استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة العلاقة بين النظم السياسية وقوانين تنظيم الجامعات مؤكداً استحالة وجود جامعات تقوم بدورها الحقيقي في غياب نظام ديمقراطي يدعم استقلالها وحريتها الاكاديمية حتي إذا تم صياغة قانون جديد للجامعات. أضاف : أن النظام السابق اعتمد علي 3 آليات لإفساد الجامعات أولها : طرق اختيار القيادات الجامعية. والثانية : تحكم أجهزة الأمن في إدارة الجامعة من الداخل. والآلية الأخيرة هي : عدم الشفافية في النظم المالية والإدارية مما فتح منافذ جديدة للفساد. وأكد د. نافعة أن أهم ما نحتاجه في القانون الجديد هو تحقيقه للاستقلال التام للجامعات عن طريق اختيار القيادات الجامعية من خلال الانتخاب المباشر موضحاً أن القانون الجديد لابد أن يكفل الحرية التامة لعضو هيئة التدريس في البحث العلمي بالإضافة إلي ضرورة وجود نص في القانون يرتبط بتحقيق وضع مادي مناسب لعضو هيئة التدريس في ظل وجود لوائح منفصلة عن القانون تتسم بالشفافية. رؤي مؤسسية وأشار د. محمد أمين دسوقي أستاذ الهندسة الالكترونية بكلية الهندسة خلال تقديمه لرؤية كلية الهندسة عن تطوير القانون إلي ضرورة إنشاء صندوق للمشاركة المجتمعية يمول بنسبة 1 : 2% من ارباح الشركات ومؤسسات المجتمع المدني المستفيدة من خريجي الجامعات. وتحدث د. سلامة العطار وكيل كلية التربية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة عن رؤية كلية التربية لتطوير القانون مشيراً إلي أن القانون الجديد يجب أن يراعي توفير رعاية صحية جيدة لعضو هيئة التدريس وتعديل مواد القانون المتعلقة بالاساتذة فوق السبعين. اضاف : أنه لابد من إنشاء نقابة للأساتذة خاصة في ظل تجاوز عددهم ال 65ألف عضو. وفي كلمته تناول د. سيد أحمد محمود استاذ ورئيس قسم المرافعات ووكيل كلية الحقوق جامعة عين شمس العقوبات التأديبية في القانون الحالي مؤكداً ضرورة وجود باب مستقل في القانون الجديد يجمع كافة العقوبات التأديبية. ويتم فيه استحداث عقوبات جديدة علي أن ينص القانون علي تشكيل لجنة بكل جامعة لفحص الشكاوي المقدمة ضد أعضاء هيئة التدريس قبل احالتها لرئيس الجامعة. قانون مدروس وأكد د. أبوالعلا النمر استاذ ورئيس قسم القانون الدولي الخاص بكلية الحقوق أن الجهة الشرعية الوحيدة الموكل لها تقديم مقترح بقانون جديد لتنظيم الجامعات يجب أن تتشكل من أعضاء هيئة التدريس مشيراً إلي أن هناك مشاريع مقدمة من جهات وتيارات سياسية مختلفة متعلقة بالقانون مما يستوجب تواجد استجابة حقيقية من أعضاء هيئة التدريس لوضع قانون معبر عنهم مؤكداً أن اصدار قانون بدون دراسة ويأتي غير معبر عن نبض أعضاء هيئة التدريس مما يمثل خطورة بالغة جاء ذلك خلال فعاليات اليوم الثاني لمؤتمر "قانون تنظيم الجامعات بين الواقع والمأمول" والذي تنظمه كلية الحقوق جامعة عين شمس في الفترة من 22 23 ابريل الجاري. أضاف : أن هناك لجنة تم تشكيلها بقرار من وزير التعليم لتقوم بالربط بين الوزارة وأعضاء هيئة التدريس وأن هذه اللجنة بعد دراسة استغرقت عدة أشهر وجدت أن هناك صعوبة في إعادة النظر في قانون تنظيم الجامعات بصورة شاملة وإصدار قانون جديد وأنه من الأفضل تعديل بعض المواد ذات الأولوية الملحة ومن أهمها ما يتعلق بتعديل مرتبات أعضاء هيئة التدريس حيث تم اقتراح أن ترتبط بالحد الأدني للاجور في الدولة علي أن تبدأ من 4 أضعافها للمعيدين. كما أن هناك تعديلاً مرتبطاً بوضع أعضاء هيئة التدريس فوق السبعين وآخر متعلق بوضع المعيدين والمدرسين المساعدين سواء فيما يتعلق بوضعهم المادي أو مهام عملهم. استطرد د. النمر موضحاً أن من بين المواد المقترح تعديلها وضع نصوص تدعم فكرة الاستقلال المادي وحرية الجامعات في اتخاذ القرار ومواد متعلقة بانتخاب القيادات الجامعية عن طريق الانتخاب الحر المباشر. حل مجلس الجامعات من جانبه أشار د. رمضان بطيخ استاذ القانون العام بكلية الحقوق إلي أن وجود المجلس الأعلي للجامعات يقف كحجر عثرة في طريق استقلال الجامعات فهو تجاوز اختصاصاته مؤكداً أن المطلب الرئيسي لنوادي أعضاء هيئة التدريس هو إلغاء المجلس الأعلي للجامعات. وأكد أن القانون الجديد لابد أن يتواجد فيه نص يتعلق بتحديد اختصاصات واضحة لوكلاء الكليات. كما أن اللجان العلمية للترقيات تحتاج لاعادة النظر في تشكيلها واختصاصاتها وأيضاً مجالس التأديب لكي تؤدي دورها كما يجب بضمانات حقيقية تكفل النزاهة والحيادية. وتناول د. رجب الكحلاوي الأستاذ بكلية الحقوق جامعة أسيوط مفهوم الحرية الاكاديمية ومعوقات تحقيقها مشيراً إلي أن افتقادها خلال الفترة الماضية أدي إلي تسييس العمل الجامعي وجعل الجامعة تمثل باباً للحصول علي المناصب الوزارية كما أحدث نوعاً من الانغلاق الفكري للاساتذة وهجرة للعقول خارج البلاد فخلال التسعينيات احتلت مصر مرتبة متقدمة بين الدول النازفة للعقول. وفي كلمته أكد د. هاني مصطفي الحسيني الأستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة أن التعديل الجزئي يعتبر حلاً مؤقتا يحقق عدداً من الأهداف قصيرة الأجل وأنه يجب أن يستمر النقاش داخل وخارج الجامعات حول التغيير الذي ننشده لاصدار قانون جديد لتنظيم الجامعات.