يوجهنا رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي تدارس القرآن الكريم. وذلك بعدد كبير من وصاياه التي منها ما يلي: "1" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه" "رواه الإمام البيهقي في شعب الإيمان". وإعراب القرآن الكريم يقصد به: معرفة معانيه. والتماس غرائبه أي: معرفة ما غمض من معانيه علي قارئه. "2" وعن عبدالله بن عمر - رضي الله تعالي عنهما - عن النبي صلي الله عليه وسلم - أنه قال: "إن هذا القرآن مأدبة الله فأقبلوا علي مأدبته ما استطعتهم. إن هذا القرآن حبل الله والنور المبين والشفاء النافع لمن تمسك به. ونجاة لمن تبعه. لا يزيغ فيستعتب. ولا يعوج فيقوم. ولا تنقضي عجائبه. ولا يخلق من كثرة الرد. اتلوه. فإن الله يأجركم علي تلاوته كل حرف عشر حسنات. أما إني لا أقول "الم" حرف. ولكن ألف ولام وميم" "رواه الإمام الحاكم في مستدركه". "3" وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: سمعت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة. والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول: "الم" حرف. ولكن "ألف" حرف و"لام" حرف. و"ميم" حرف" "أخرجه الإمام الترمذي". "4" وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: سمعت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول: "ألا إنها ستكون فتنة. قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله. فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم. وحكم ما بينكم. هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله. ومن ابتغي الهدي في غيره أضله الله. وهو حبل الله المتين. وهو الذكر الحكيم. وهو الصراط المستقيم. وهو الذي لا تزيغ به الأهواء. ولا تلتبس به الألسنة. ولا يشبع منه العلماء. ولا يخلق عن كثرة الرد. ولا تنقضي عجائبه. هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتي قالوا: "إنا سمعنا قرآنا عجبا. يهدي إلي الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحد" "الجن: 1-2" من قال به صدق ومن عمل به أجر. ومن حكم به عدل. ومن دعا إليه هدي إلي صراط مستقيم". "أخرجه كل من الأئمة والترمذي وأحمد والدارمي". "5" وعن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أنه قال: "وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله" "أخرجه الإمام مسلم". "6" وعنه - صلي الله عليه وسلم - أنه قال: "فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم. فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله. أحلوا حلاله. وحرموا حرامه" "اخرجه الإمام أحمد". وقد أورد هذا الرسول الخاتم- صلي الله عليه وسلم - أحاديث كثيرة في فضل القرآن الكريم. وبركات الاعتصام به؟ وفي الحث علي تعلمه وحفظه وتعليمه. وعلي مداومة تلاوته. وتفسيره. وتدبر معانيه. وفهم دلالات آياته. والمجاهدة من أجل العمل به. وتحقيق هدايته أمراً واقعاً في حياة المسلمين: أفراداً وجماعات. ومجتمعات ودولا كما حث رسول الله- صلي الله عليه وسلم - علي الاستماع إلي القرآن الكريم. والانفعال بمعني آياته إلي حد البكاء تأثراً بكلام رب العالمين. مؤكداً أن هذا الكتاب الكريم. رفعة لحامله في الدنيا والآخرة. وله في ذلك - صلي الله عليه وسلم - أقوال عديدة نختار منها ما يلي: "1" عن أنس - رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "إن لله عز وجل أهلين من الناس. قيل من هم يارسول الله. قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" "أخرجه كل من الإمامين أحمد وابن ماجه". "2" عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "من قرأ القرآن فأكمله وعمل بما فيه ألبس والديه يوم القيامة تاجا هو أحسن من ضوء الشمس في بيت من بيوت الدنيا لو كانت فيه. فما ظنكم بالذي عمل به؟" "أخرجه الإمام أحمد". "3" عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلي الله عليه وسلم - "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" "رواه الإمام البخاري". "4" عن ابن عباس - رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل" "رواه كل من الإمامين ابن ابي الدنيا والبيهقي". "5" عن ابن مسعود - رضي الله عنه أنه قال: من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه نبأ الأولين والأخرين. "6" وعن بن عمر - رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "من قرأ القرآن فلم يعربه وكل به ملك يكتب له كما أنزل بكل حرف عشر حسنات. فإن أعرب بعضه وكل به ملكان يكتبان له بكل حرف عشرين حسنة. فإن أعربه وكل به أربعة املاك يكتبون له بكل حرف سبعين حسنة" "تفسير القرطبي". "7" عن عامر بن وائلة أن نافع بن عبدالحارث لقي عمر - رضي الله عنه - بعسفان وكان عمر يستعمله علي مكة فقال: من استعملت علي أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزي. قال: ومن ابن أبزي؟! قال: مولي من موالينا. قال: فاستخلفت عليهم مولي؟! قال: إنه قارئ لكتاب الله - عز وجل - وانه عالم بالفرائض. قال عمر: اما إن نبيكم - صلي الله عليه وسلم - قد قال: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين" "رواه كل من الأئمة مسلم وأحمد وابن ماجة والدرامي". "8" عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلي الله عليه وسلم - يقول: "اقرأوا القرآن. فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه. اقرأوا الزهراوين - البقرة وسورة آل عمران - فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما. ولا تستطيعها البلة "أي السحرة"" رواه الإمام مسلم. "9" عن جبير - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال: "أبشروا فإن هذا القرآن طرفه بيد الله. وطرفه بأيديكم. فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده ابدا" "رواه الإمام الطبراني". "10" عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال: "من قرأ القرآن يقوم به آناء الليل والنهار. يحل حلاله. ويحرم حرامه. حرم الله لحمه علي النار. وجعله مع السفرة الكرام البررة. حتي إذا كان يوم القيامة كان القرآن حجة له" "أخرجه الإمام الطبراني في الصغير". "11" وعن علي - رضي الله عنه "مرفوعا" أنه قال: "البيت الذي يقرأ فيه القرآن يتراءي لأهل السماء كما تتراءي النجوم لأهل الأرض" "أخرجه الإمام البيهقي". "12" عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق. ورتل كما كنت ترتل في الدنيا. فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها" "رواه كل من الإمامين الترمذي وأبو داوود". "13" ويروي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الله - عز وجل - قوله الكريم: "من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" واضاف صلي الله عليه وسلم قوله: "وفضل كلام الله علي سائر الكلام كفضل الله علي خلقه" "رواه الإمام الترمذي". "14" وعلي هذا الفضل العظيم لتلاوة القرآن الكريم والاستماع إليه يبقي تدبر معاني آياته. ومدارستها. والالتزام بما فيها من أوامر الله. واجتناب ما فيها من نواهيه. والدعوة إلي هذا الخير بين الناس بالكلمة الطيبة. والحجة الواضحة. والمنطق السوي.. يبقي لذلك من الأجر ما يفوق أجر التلاوة. ولقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يوصي بتدبر معاني القرآن الكريم عند التلاوة. وكان - صلوات ربي وسلامه عليه - يتوقف عند كل آية. فكان إذا مر بأية رحمة سأل الله من فضله. وإذا مر بآية عذاب استجار بالله وتعوذ من عذابه. وإذا مر بآية فيها تنزيه لله - تعالي - سبح. "رواه الإمام ابن ماجه". "15" وفي ذلك يروي عن ابي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله - تبارك وتعالي - يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم. إلا نزلت عليهم السكينة. وغشيتهم الرحمة. وحفتهم الملائكة. وذكرهم الله فيمن عنده" "اخرجه كل من الإمامين ابي داود ومسلم".