يتوقف كثير من أفراد الأمة مندهشين أمام الأحداث الجارية في مصرنا الحبيبة حيث الهرج والمرج والتخريب وسفك الدماء وإشاعة الفوضي ومحاولة تغيير الهوية وموالاة أعداء الأمة في الوقت الذي كان من المتوقع أن نفرح بذكري المولد والبعثة. وبذكري النصر والعزة وربيع الثورة والصحوة وكل ذلك من الله فضل ونعمة وعون ورحمة وقد أذن الله لنا معهما بالفرحة فقال: "قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا". لكن هؤلاء المندهشين ينسون عبر الذكري العطرة وما حدث لنبينا القدوة بعد نصر الله له وخروجه من مكة إلي دار الهجرة حيث واجه ثلاث قوي الثورة المضادة ممثلاً في المشركين والمنافقين واليهود وأصحاب المصالح الخاصة واستطاع حيي بن أخطب تجميع هذه القوي في غزوة الأحزاب تلك التي يصفها رب العزة في قوله: " إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلازلا شديداً" فماذا كان التحرك علي صعيد الواقع. لقد ظهر المنافقون الذين تعلموا علي يد اليهود وأصحاب القلوب المريضة الذين يرغبون في انتهاز الفرص ليحصلوا علي المغانم والمكاسب وأشاعوا في أصحاب رسول الله إعلاماً شيطانياً يهز ثوابت دينهم قائلين: "ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً" "يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً" هذا كان موقف الثورة المضادة فماذا كان تصرف الطائفة المؤمنة؟ لقد ظهر أثر الإيمان واليقين في رفض هذا الإعلام الكاذب إذ ردوا عليهم: "هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً" لم يعد الله المؤمنين بالنصر دون بذل وصبر وجهاد ومقاومة للباطل إذ بين سبحانه أن طريقهم مملوء بالأشواك وليسوا بدعا في ذلك "وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين" وحرك هذا الإيمان جنداً فحق أن يستخدموا كل طاقاتهم في افشال مخططات العدو فاستبقوا وصول كتائبهم بحفر الخندق واشترك معهم سيد الخلق يضرب بالمعول في الصخر فيخرج منه شرر يضيئ جهة الروم وجهة الفرس فبشر جنده بأن سيفتح الله عليهم هذه البلاد في وقت لا يملك أحدهم أن يخرج إلي الخلاء وحده. وصمد الرجال ومعهم سيد الرجال وجاء حث الأمة علي ضرورة آمتدائها برسولها في كل ما يأتي بين في مواقف الخطر في هذا السياق: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً". ومع تحصيل القوة العسكرية يبرز الجهد الدبلوماسي الرائع في موقف سيدنا نعيم بن مسعود الذي قام بفك الارتباط بين اليهود والمشركين بحيلة كانت أقوي من قبيلتة. إذ استطاع بصلته السابقة بكل من قادة اليهود وقادة المشركين أن يشكك كلا منهما في الآخر. وبذلك الجهد المزدوج الذي لم يكن الدافع إليه سوي رفع راية الإسلام نزل نصر الله: "ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفي الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في حكوبهم الرعب فريتاً تقتلون وتأسرون فريستا. وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطأوها وكان الله علي كل شيء قديرا" وما أحوجنا الآن أن نقتبس من سيرة صاحب الذكري كيف نقضي علي ما نراه من فتن بتحصين الأمة ضد كل الأخطار الخارجية والداخلية التي تتهددنا والتي لم تعد سراً ولا ادعاء بل انفتح بفضل الله صندوقهم الأسود طافحاً بالتخطيط مدروساً لتفكيك وحدة هذا الوطن إلي أربع دول بشراء بعض الذمم التي لا ترقب في مؤمن إلا ولا ذمة تحرق وتخرب وتسفك بقلوب قاسية ووعود بالمناصب العالية في هذه الدويلات المنتظرة التي تخضع في النهاية لسيطرة الصهيونية العالمية. وللحديث بقية في العدد القادم إن شاء الله