رحب خبراء الإعلام وعلماء الدين بقرار الإمام الأكبر شيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب بإنشاء قناة دينية ناطقة باسم الأزهر الشريف لنشر الوسطية ومواجهة الأفكار الغريبة التي انتشرت في الكثير المجتمعات الإسلامية وكذلك مواجهة التشدد الذي شاب الكثير من الفضائيات الدينية وأدي إلي شيوع ثقافة الفرقة والتشرذم بين المسلمين. "عقيدتي" ترصد من خلال هذا التحقيق الكواليس التي سبقت قرار شيخ الأزهر ورؤية الخبراء والعلماء في أهم ما يجب أن تحرص عليه حتي تخرج بالصورة التي تتناسب مع أكبر مؤسسة دينية في العالم الإسلامي. كانت فكرة إنشاء قناة ناطقة باس. قالت الدكتورة ماجي الحلواني والعميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة أن خروج قناة فضائية باسم الأزهر الشريف فكرة سبق واقترحناها منذ زمن بعيد والحمد لله أن تمت في النهاية تلبية هذه الفكرة خاصة أن المجتمع المصري بل والمجتمع العربي كله في حاجة لنشر الفكر الوسطي بعيدا عن مغالاة بعض الفضائيات وتفريط البعض الآخر في كل ما يتعلق بالدين فنحن لدينا اليوم القنوات التي تعمل تحت ستار ديني وتمارس الدجل والشعوذة وتروج لهما وللأسف فإن فضائيات السحر والشعوذة والدجل التي انتشرت علي الأقمار الصناعية العربية اليوم تعد خارجة خروجاً مطلقاً علي القانون الديني والاجتماعي. وتضرب بمبادئ الإعلام الصحيح والهادف عرض الحائط علي الصعيد المهني. واقع عملي ويؤكد الدكتور مصطفي الفقي المفكر السياسي المعروف علي أهمية تحويل الفكرة إلي واقع عملي بأقصي سرعة لمواجهة التشدد المخيف الذي تشهده مجتمعاتنا اليوم وان تقدم برامج توضح رؤية الشريعة الإسلامية السمحة في كيفية الإصلاح الإجتماعي والسياسي وكيفية تحقيق العدالة الإجتماعية وليس مجرد بث برامج الفتوي فقط لأن الأزهر شاء أو أبي البعض لابد أن يلعب دورا محوريا في التعبير عن تطلعات الشعب المصري وغيره من الشعوب الإسلامية انطلاقا من دور الازهر التاريخي والوطني والحضاري ومثلما نجح الازهر الشريف في بلورة وثيقة الأزهر التي توافق حولها كل المصريين فإن الأزهر سينجح دون شك في الخروج بفضائية تحقق التوافق الأمثل بين المسلمين جميعا بعد أن فاض الكيل بنا من تلك الفضائيات التي لا تبث إلا سموما تنخر في جسد الأمة الإسلامية. المنهج الوسطي ومن جانبه أوضح الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية: لقد أدرك الإمام الأكبر جيدا أن الوقت قد حان ليبادر الأزهر الشريف كأرفع مؤسسة دينية في العالم الإسلامي لمواجهة الانفلات الشديد في مجال الإعلام الديني ولهذا وافق علي أن يرعي الأزهر فضائية تنطق باسمه وتوضح صورة الإسلام الصحيح الإسلام السمح بعيدا عن التهييج المبالغ فيه من البعض أو التشدد المبالغ فيه أيضا من البعض الاخر لأن الأزهر يدرك جيدا تأثير الكلمة في الواقع المعاصر الذي نعيشه ولهذا فمن المؤكد أن أسلوب عمل القناة والقائمين عليها سيواكب المتغيرات في عالم الإعلام والتقنية الحديثة في الاتصالات مع الحفاظ علي الهوية الإسلامية ورسالتها التنويرية الدعوية المعتدلة. ولن تكون حكومية. بل ستخاطب كل فئات المجتمع في مصر والعالم الإسلامي بأسلوب بسيط ومتطور في نفس الوقت وسيقع علي عاتقها الرد علي المسيئين للدين الإسلامي والمسلمين وتصحيح صورة الإسلام في الغرب وتوضيح حقيقة الدين السمحة وبحيث تهدف أيضا إلي نشر منهج الدعوة الإسلامية الوسطي وشرح الأخطاء ومواجهة الفكر بالفكر والحجة بالحجة وتسعي إلي تقديم صورة حقيقية للدين الإسلامي والمنهج الأزهري الوسطي بعيدا عن أي غلو أو تشدد. ويشير د. واصل إلي أن القناة ستدار بالفكر العلمي الاعلامي الحديث مشيرا إلي ان المستشار القانوني أحسن صنعا عندما أكد في مذكرته التي عرضها علي الأمام الأكبر شيخ الأزهر أن يقوم الإعلاميون من أبناء وخريجي جامعة الأزهر الشريف بالإشراف الكامل علي المادة العلمية والدينية باعتبارها تحمل اسم الأزهر ومنهجه وحتي لا نفاجأ ببث برامج أو مواد تخالف المباديء الأزهرية السامية. خطوة متأخرة ويقول الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية : في رأيي فإن الأزهر تأخر كثيرا في هذه الخطوة التي كان لابد أن تتم منذ زمن بعيد لمواجهة هذه الفوضي الإعلامية المخيفة وبلا شك فإن فكرة إطلاق قناة فضائية دينية ناطقة باسم الأزهر هي خطوة جيدة للغاية ولابد من أن يتم ترشيح مجموعة من العلماء المتخصصين في الإفتاء للرد علي من يقتحمون مجال الفتوي دون دراية ولا مانع من أن تتولي دار الإفتاء المصرية بالتعاون مع مجمع البحوث الإسلامية مسألة الفتوي. حتي تحتل مكانها اللائق وسط هذا الضجيج وتصويب آرائهم التي قالوا بها فللأسف الشديد فإن وسائل الإعلام سواء الفضائية أو المكتوبة هي السبب في إثارة البلبلة بين المسلمين عن طريق عرض أراء بعض أشباه العلماء وعديمي الثقافة. برامج متنوعة أضاف: ولابد أيضا أن تتنوع برامج تلك القناة وأن تكون مخصصة للقضايا العامة وغير قاصرة علي الإفتاء فقط لمواجهة من يهدفون إلي فصل المسلمين عن دينهم عن طريق إقرار الفصام بين علوم الدين والدنيا وأصحاب هذا الرأي في الغالب من العلمانيين الذين يحاولون تغريب المسلمين عن دينهم ضمن المخططات الساعية للقضاء علي الإسلام وهنا لابد أن توضح فضائية الأزهر أن الفصام بين الديني والدنيوي واعتبارهما نقيضين لا يمكن الجمع بينهما. وأنهي الدكتور الدسوقي حديثه قائلا إن قناة الأزهر سيكون عليها أيضا العمل علي وقف التناحر الطائفي والمذهبي الذي انتشر في كثير من مجتمعاتنا للأسف ويهدد بأكل الأخضر واليابس خاصة في ظل وجود فضائيات تغذي ذلك التناحر دون وازع أو ضمير. الإسلام دين ودنيا ويؤيد الدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية وجهة نظر الدكتور محمد الدسوقي في أهمية أن تبث القناة برامج تتناول الموضوعات العامة بحيث لا يقتصر عملها علي مناقشة القضايا الدينية فحسب ويضيف قائلا : من يتأمل في الشريعة الإسلامية سيجد أن الإسلام لم يترك شيئا في دنيانا إلا وعالجه. دحض الأفكار الخارجة أما الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذ السنة النبوية بجامعة الأزهر فيقول : لابد أن يركز الازهر في قناته الجديدة علي منهجه الوسطي المعتدل لتوضيح سماحة الإسلام فالفضائية الأزهرية مطالبة بإبراز تعاليم الإسلام السامية ودحض الأفكار الخارجة عن تعاليم الإسلام. بل مواجهتها بحسم شديد.