فجأة دخل الكونجرس الأمريكي علي خط أحداث ماسبيرو حيث أعرب عشرات النواب بالكونجرس الأمريكي عن قلقهم تجاه أحداث ماسبيرو كما طالبوا الرئيس باراك أوباما إبداء رد فعل حيالها. و قطع المعونات العسكرية عن مصر. وأرسل 41 نائبا بالكونجرس الأمريكي رسالة إلي الرئيس باراك أوباما. يطالبونه فيها بإدانة أحداث ماسبيرو. وشجب قيام قوات الشرطة العسكرية بقتل متظاهرين أقباط . وقال بيان نواب الكونجرس أن إعطاء معونات عسكرية لمصر بنحو 1.3 مليار دولار سنويا أمراً غير مقبول لدولة لا تحترم حقوق الإنسان. وحرية المعتقدات الدينية وفي وقت تعاني فيه الولاياتالمتحدة من عجز في الميزانية وجاء في البيان: "نحن قلقون من أحداث العنف التي شهدتها منطقة ماسبيرو بالقاهرة ضد المتظاهرين المسالمين. ونشجع الإدارة علي شجب هذه الأحداث بقوة. وإدانة الاستخدام غير المبرر للعنف من جانب الجيش المصري ضد مدنيين غير مسلحين". وأضاف: "في 9 أكتوبر نظم عشرات الآلاف من الأقباط المسيحيين مسيرة لمطالبة الحكومة بحماية كنائسهم. قابلها الجيش وبعض المدنيين بالعنف. ما أسفر عن مقتل 26 معظمهم من الأقباط. وإصابة 500". واستنكر أعضاء الكونجرس الأمريكي في بيانهم تجاهل المجلس الأعلي للقوات المسلحة. الإفصاح عن معلومات بشأن القتلي والجرحي بين صفوفه. واتهموا التليفزيون المصري بإشعال الفتنة بعد مطالبته من سماهم "المصريين الشرفاء" بالدفاع عن الجنود من البلطجية والمسيحيين المسلحين. والغريب أن التدخل الأمريكي جاء في أعقاب ما يقرب من ثلاثة أسابيع علي الأحداث وقبل أيام قليلة من موعد صدور تقرير اللجنة التي شكلتها الحكومة المصرية للتحقيق في أحداث ماسبيرو وهو ما يطرح علامات استفهام عديدة نحاول الإجابة عليها من خلال التحقيق التالي : ورقة الطائفية بداية يقول الدكتور محمد رأفت عثمان أن أعضاء الكونجرس مازالوا يتعاملون مع البلدان العربية علي أنها ما زالت تحيا عصر ما قبل ثورات الربيع العربي ولهذا فهم يصرون علي اغتصاب اختصاص المؤسسات الدولية ويطالبون رئيسهم بالتدخل السافر في الشئون الداخلية لمصر ولابد أن يعلموا جيدا أن الشخصية المصرية لها تركيب فريد وهي أنها ترفض التدخل الخارجي لفرض الوصاية عليها مهما كانت الظروف ومهما بلغت الضغوط وحتي إذا لوح الأمريكيون بمعونتهم المزعومة فلن يجنوا شيئا من مصر خاصة لو استخدموا ورقة الطائفية فالمسيحي قبل المسلم يرفض التدخل الخارجي في شأن من شئون بلاده والتاريخ خير شاهد علي هذا الامر. لكن علي الجانب الآخر يستطرد د. عثمان أنا أتهم اعضاء الكونجرس بأنهم يسعون أن يظل المجتمع المصري رهينة لفتنة طائفية ويسعون لجره إلي حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس وتعيدنا إلي الوراء ولابد أن يتم الرد علي الكونجرس الأمريكي بمنتهي القوة والتأكيد علي رفض رسالة هؤلاء الأعضاء والتأكيد علي اعتبار رسالتهم هذه تدخلاً سافراً في الشئون المصرية بل إنني أعتبرها محاولة مكشوفة من هؤلاء الأعضاء لإرهاب المصريين قيادة وشعبا وتخويفاً للشعب وتهديدا سافرا لا نقبل. تدخل سافر الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام السابق للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية أن ما فعله أعضاء الكونجرس الأمريكي يعد تدخلا سافرا في الشئون المصرية وهو تدخل يناقض كافة الأعراق والقوانين الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول ولابد أن يعي الأمريكيون جيدا أن مصر أصبحت دولة ذات سيادة حقيقية ولن تقبل بأي شكل أي تدخل في شئونها الداخلية حتي لو تم الضغط بورقة المعونات التي لم تعد أمريكا تملك حيالها وأنا أؤكد أن الإدارة الأمريكية تعي ذلك جيدا والدليل أن الرئيس الأمريكي لم يرد علي رسالة أعضاء الكونجرس حتي هذه اللحظة . ويوضح الجندي أننا علي الجانب الأخر ندعو كل المصريين أنه في ظلِّ هذه المرحلة الجديدة والتي تحتاج لجهود كل مصري علينا أن نرتقي لهذه المرحلة. وأن نكون علي قدر المسئولية. ولهذا لا بد من القيام بعمل حملات منظمة من جانب المؤسسة الدينية لتأكيد الأخوة والترابط بين المسلمين والمسيحيين. فضلاً عن التأكيد من جانب الخطاب الديني علي أهمية الوحدة بين المصريين حتي لا نعطي فرصة لأعدائنا للتدخل في شئوننا وإثارة النعرات الدينية والطائفية پولابد أن يعي الجميع أن الوطن من الممكن أن يتعرض لأخطار جسيمة من مثل هذه الأمور. لأن هذه المسألة مسألة دينية واجتماعية في نفس الوقت. بالإضافة إلي العمل علي وأد الفتنة. لأن وأدها مطلوب شرعًا. ولهذا فالمطلوب من المجتمع بأن يتحلي بقيم التسامح والبعد عن تصيد أي خطأ من أي طرف للتعليق عليه. وبروزه واستخدامه في تأجيج النار. وألا نحاسب أمة بسبب فرد. حتي نُكمل النصر ونقضي علي المزايدين. ونلتفت لبناء حضارتنا وتأسيس مشروعاتنا القومية. البحث عن المكاسب ويقول الأنبا يوحنا قلتة نائب بطريرك الأقباط الكاثوليك إن ما فعله أعضاء الكونجرس مرفوض جملة وتفصيلا من كل المصريين مسلمين وأقباط ونحن أعلناها مرارا أننا نرفض أي تدخلات خارجية لحل أي مشكلة للأقباط فمشكلات الأقباط مثلها مثل مشكلات المسلمين تحل داخل حدود الدولة المصرية وبأفكار واقتراحات مصرية خالصة ولسنا في حاجة لأي حلول قادمة عبر الحدود وقد سبق أن أصدر الأوروبيون في عشرينيات القرن الماضي ما عرف باسم تصريح فبراير لحماية الاقباط فهل حل هذا التصريح مشكلات الأقباط ؟ بالطبع لم يحدث ذلك لأن الأقباط قبل المسلمين يرفضون التدخلات الخارجية التي لا يسعي أصحابها لحماية الأقباط ولكنهم يخططون لما هو أبعد وهو التدخل في شئون مصر بحثا عن مكاسبهم الإقتصادية والسياسية وليس من أجل عيون الأقباط. وأضاف الأنبا قلتة : أنا أطالب السادة أعضاء الكونجرس الأمريكي بالتدخل للضغط علي إسرائيل لحماية المسيحيين الذين يعانون الأمرين هناك وتنتهك كنائسهم وحتي مقابرهم تنتهك تحت سمع وبصر اعضاء الكونجرس الأمريكي الذين غضوا الطرف تماما عما يحدث لكنائس فلسطين. الإرث الغربي أما المفكر المسيحي رفيق حبيب فيؤكد أن ما يفعله الكونجرس الأمريكي ليس مرده السعي لحماية المسيحية في مصر كما قد يتخيل العامة ولكن مرده هو الإصرار علي الإرث الغربي التاريخي الذي يري أن الإنسان الغربي لابد أن يكون هو المسيطر علي مجريات الأحداث في العالم كله ومع بدء الثورات العربية أصبح الغرب بعيدا عن التأثير في الإتجاهات السياسية العربية وبالتالي كان لابد من إيجاد وسيلة أخري تمكن الغرب والولاياتالمتحدة من التدخل لتوجيه البوصلة السياسية الوجهة التي تريدها ويبدو أنهم تخيلوا أن تدخلهم باسم المسألة القبطية ستمكتهم من تحقيق غرضهم ولكننا نقول لهم نحن لا نريد منكم أي شيء ودعونا نحل مشكلاتنا بهدوء بعيدا عن تدخلاتكم المشئومة والتي لم ولن نقبلها مهما حدث . وأضاف حبيب : لابد ان يعي الغرب جيدا حقيقة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين ليس في مصر فقط وإنما في الشرق كله فعبر أربعة عشر قرنا كان هناك تعايش واحد إسلامي مسيحي. نعم حدثت نزاعات دينية بين المسلمين والمسيحيين في بعض الفترات المتفرقة لكنه لم يحدث أن استمر فالنزاع يستمر أسابيع أو أشهرا علي أقصي تقدير ثم ينتهي ولابد أن يعي المصريون جميعا مسلمين وأقباط أن أمريكا تسعي وبقوة لتحويل الصراع في مصر إلي صراع علي هوية بحيث يصبح المسيحيون يصارعون علي هويتهم المسيحية والمسلمون يصارعون علي هويتهم الإسلامية.