لاقت الدعوة التي أطلقها الدكتور يوسف القرضاوي بعدم تكرار الحج والعمرة.. وتوجيه هذه الأموال لدعم الاقتصاد المصري قبولا واسعا من الجماهير والعلماء الذين أكدوا علي أن إنقاذ الاقتصاد المصري واجب وطني وله الأولوية علي تكرار الحج والعمرة. قالوا إن مساعدة الفقراء والمحتاجين والمرضي مقدم علي تكرار الحج والعمرة.. فكيف يكرر المسلم الحج والعمرة وأمامه جاره الجائع ورحمة المريض.. فأولي لهذه الأموال الفائضة عن الحاجة إلي فعل الخير ومساعدة الفقراء. البداية كانت مع الجماهير الذين أكدوا تأييدهم الشديد لدعوة الدكتور القرضاوي الخاصة بعدم تكرار الحج هذا العام وتوجيه أمواله لدعم الاقتصاد المصري الذي أوشك علي الانهيار حيث قال إسماعيل كريم موظف : طالما أن الشخص حج مرة وسقطت عنه الفريضة فلا داعي إطلاقا لأن يحج مرة ثانية وثالثة والأولي أن يبحث عن المشكلات الموجودة في الحي الذي يعيش فيه ويحاول حلها كأن يقوم بإنشاء كشك وتزويده بكل ما يحتاج إليه لصالح شاب لا يعمل يستطيع من خلاله العيش من عائده ومن ثم الزواج وتكوين أسرة بدلا من البطالة وإمكانية انحرافه عن الطريق المستقيم.. فلو فكر كل إنسان في ذلك اختفت كثير من المشكلات الموجودة في المجتمع المصري. * حسن جودة موظف : أري أن تجهيز المستشفيات بما تحتاج إليه من أدوات وأجهزة وأسرة أفضل عند الله من تكرار الحج فالشخص الذي يحج كل عام يحقق متعة شخصية لنفسه في حين أن هناك الآلاف المرضي الذين يتألمون علي سلم المستشفيات انتظارا لدورهم في غرفة العمليات بسبب نقص الأجهزة والأسرة علي السواء. * أيمن الصغير محاسب: طالما ان الشخص مقتدر ويخرج زكاة ماله ويتصدق علي الفقراء والمساكين فلماذا لا يحج كيفما يشاء لأنه بتكراره الحج لا يضر أحدا فهو مشتاق لزيارة بيت الله وقبر النبي صلي الله عليه وسلم فلماذا نحرمه من هذه المتعة الروحانية؟ التشكيك في الفرائض * أحمد سعيد مهندس : لماذا التشكيك في الفرائض والعبادات فهناك أبواب كثيرة تستهلك ملايين الجنيهات ولا أحد يتحدث عنها.. ولا يجب أن يشكك أحد في حج أو أدني فريضة أداها طالما انه مقتدر ولا يفعل ذلك رياءً ونفاقا.. وبالنسبة لمشكلات المجتمع فهذه مسئولية الحكومة عليها القيام بواجبها تجاه المجتمع. تكرار الحج .. أكد الشيخ عادل أبوالعباس من علماء الأزهر الشريف علي أن الحج فريضة إسلامية فرضها الله عز وجل علي كل مسلم بالغ قادر مستطيع فإذا توافرت هذه الشروط وجب الحج مرة واحدة في العمر وهذه هي الفريضة التي يثاب عليها الإنسان لفعلها ويعاقب أشد أنواع العقاب إن تركها وما بعد ذلك يسمي نافلة. والنوافل وخاصة في قضية الحج ينبغي أن ينظر فيها إلي الواقع فإن كان هناك مسلم جائع أو فتاة يتيمة لا تستطيع تدبير جهاز عرسها الضروري أو فقير لا يملك قوت يومه.. فإن فعل هذه الأمور أولي عند الله من ألف حجة وما دعا إليه أستاذنا الجليل القرضاوي أخذه من دعوته الشاملة في فقه الأولويات والذي ينبغي علينا أن نتأمله في عصرنا الحالي الذي كثرت فيه الفتاوي الضالة التي يرددها أناس دون النظر إلي واقع الأمة وما تحمله النصوص من أوجه مختلفة. وأضاف: الحج الذي يقوم به كثير من المسلمين رياء ونفاقا ويوجد بين أقاربهم وجيرانهم من يبيت جوعانا ولا يجد ما يستره لكن الحياء يمنعه من سؤال الناس فهؤلاء آثمون لأنهم لا ينظرون إلي أحوال الناس وليس معني ذلك اننا نمنعهم من الحج إنما نطلب إليهم أن يضعوا الأمور في موضعها لا سيما ونحن بعد أحداث الثورات العربية التي قامت في أكثر بلاد العرب وتغير الاقتصاد إلي الأسوأ. واستطرد: ان هؤلاء الذين يحجون كل عام يشبهون من يقومون ببناء المساجد المتراصة بين بعضها البعض دون النظر إلي حاجة المنطقة مع أن إطعام الجائع وكسوة العاري أفضل من بناء المساجد المتراصة التي أدت إلي تفرق المسلمين. وشدد الشيخ عادل علي أن المجتمع في حاجة ماسة إلي كل سليم وناشد من حج مرة وأدي الفريضة أن يوجه أمواله إلي ما فيه صلاح العباد والبلاد كأن يساهم بها في البورصة لانعاشها وتنميتها. وطالب الجميع بالتكاتف للقضاء علي الفقر لأن الفقر مقدمة الكفر وما ذهب الفقر إلي مكان إلا قال له الكفر خذني معك وهذا ما نخشاه علي مجتمعنا المصري والإسلامي. فقه الأولويات ووافقه الرأي الدكتور طلعت أبوصير الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف قائلا: الحج مرة واحدة فريضة وما زاد علي هذه المرة فهو تطوع ولما كانت الظروف المعاصرة تكلف الحاج نفقات كثيرة تصل لآلاف الجنيهات فإن أداء الفريضة والاقتصار عليها له أهميته وأبواب الخير لانفاق المال لا تعد ولا تحصي فالأراضي منتشرة والحالة الاقتصادية تحول بين الشباب وبين بناء الأسرة وإعفاف النفس مما ساعد علي انتشار العزوبة والعنوسة وهذا بلا شك يترتب عليه مفاسد كثيرة. * هذا غير محاولة الآلاف سنويا من شبابنا إلي الهجرة غير المشروعة وغرقهم في عرض البحر فلو أن الذين عندهم فائض من المال أقاموا به جمعيات تنفق علي المرضي في المستشفيات وتساعد الشباب علي الزواج لكان أفضل بكثير من حج التطوع ويكفي أداء الفريضة مرة واحدة.. أما التكرار فلا ينبغي طالما حال المجتمع ملئ بالسلبيات والمشكلات العظام. وأضاف د. أبوصير قائلاً: إن الناس في حاجة إلي فهم الفقه الصحيح للدين وإلي ترتيب الأولويات ليبدأوا بالأولي فالأولي وإذا كانت النزعة الدينية تطغي علي صاحبها فينفق المال الكثير ليحج ويعتمر أكثر من مرة فإنه في حاجة إلي من يبصره ويرشده إلي ما هو أولي لينفق فيه المال وتلك مسئولية الدعاة الذين يقع علي عاتقهم تبصير الناس وتعليمهم بأمور دينهم وبفقه الأولويات. العملة الصعبة أكد الدكتور يوسف إبراهيم مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر علي أن الاقتصاد الإسلامي يتكبد خسائر فادحة بسبب نزوح ملايين من العملة الصعبة من مصر إلي السعودية.. هذه الملايين التي من الممكن أن تنعش الاقتصاد المصري وتنتشله من حالة الغرق المصاب بها والتي أوشك علي الوقوع فيها فمن الممكن ضخ هذا الكم الهائل من العملة الصعبة وطريق البورصة أو البنوك الإسلامية لعمل مشروعات استثمارية تنموية يعود عائدها علي المجتمع كله. وأضاف: لا شك ان هروب الملايين من أموال المصريين سنويا بسبب تكرار الحج والعمرة إلي الخارج يؤثر بالسلب علي ميزان المدفوعات وهذا الأثر يظهر آخر كل عام.. وإذا كانت لا توجد خطة واضحة وواحدة لجموع الناس لكيفية دعم الاقتصاد فليبدأ كل منا بالمكان الذي يعيش فيه وينظر ماذا يحتاج ويحاول فعله كأن يقوم بإصلاح الطريق وتمهيدا وتزويد المستشفيات بما تحتاج إليه من أجهزة أو معدات أو تجهيز اليتامي فهذا له أثره البالغ علي المجتمع كله.