أكد الباحث الاجتماعي الدكتور فرغلي هارون أن الإسلام سبق الغرب بعدة قرون في إرساء دعائم الصحة النفسية الحقيقية لجميع البشر. مشيراً إلي أن القرآن الكريم وضع صورة شاملة وصادقة لطبيعة الإنسان ودوره ووظيفته ومصيره وبنائه النفسي. حيث ينظر إلي الشخصية كوحدة متكاملة. يتناولها من جميع جوانبها المادية والأخلاقية والاجتماعية والفكرية والجسدية. كما أشار إلي ركن لم يتم تناوله عند علماء النفس. ألا وهو الجانب الروحي. أضاف في كتاب جديد صدر عن دار الكرز للنشر أن السنة النبوية سبقت علماء النفس الغربيين بقرون عديدة. في توجيه الإنسان إلي السواء والصحة النفسية. فهناك العديد من الأحاديث النبوية التي تناولت النفس وطرق إصلاحها. وتطويرها من أجل إحداث التوازن العقلي والوجداني الذي يؤدي إلي التوافق النفسي. أي توافق الفرد مع نفسه. والتوافق الاجتماعي أي توافقه مع الآخرين. قال: ينطلق الإسلام في فهمه للإنسان من نظرة أخلاقية واقعية. فلا ينظر إلي السلوك الإنساني نظرة خيالية. كما فعلت مدرسة التحليل النفسي. كذلك لا ينظر إليه نظرة مادية بحتة. كما فعلت المدرسة السلوكية. ولا شك في أن التوازن وسيلة فعالة لبناء الشخصية المتوازنة. وبقدر ما يكون التوافق والانسجام بين مكونات الطبيعة الإنسانية. روحاً وعقلاً وجسداً يكون تكامل شخصية الإنسان. وتوافقه وصحته النفسية. وأي انحراف عن ذلك التوافق يؤدي إلي الإضرار بتوازن الفرد والمجتمع معاً. ومن هنا ظهرت أهمية ربط الصحة النفسية بالمنبع الأصيل. والمنهج الرباني الذي أنزله الله دينا للبشر. وهداية لهم. ففيه الهدي والنور. وفيه السعادة والحياة الطيبة. بما يحويه من سبل الخير وطرق الرشاد لمن يبحث عن أسباب الحياة الطيبة. ووسائل تحصيل الصحة النفسية. لأنه من وضع العليم بنفوس عباده. الخبير بما قد يعتريهم أو يصيبهم في دنياهم. ويأتي الكتاب الذي حمل عنوان "صحتك النفسية في القرآن الكريم والسنة النبوية" كمحاولة للبحث في موضوع الصحة النفسية في الإسلام. وكيف أرشد الإسلام الإنسان إلي المعني الحقيقي للصحة النفسية. وحدد له أهم مؤشراتها. وسمات الشخص الصحيح نفسيا. وكيفية التغلب علي الأسباب والعوامل التي تعوق تحقيق صحته النفسية. يبدأ الكتاب بفصل تمهيدي لتوضيح المقصود بالصحة النفسية وتحديد أهم مؤشراتها وطرق قياسها لدي الفرد وعرض لأهم العوامل المؤثرة في الصحة النفسية. وينتهي بإيراد مجموعة من الاختبارات النفسية ليتعرف القارئ علي درجة صحته وتوازنه النفسي. ثم يناقش المؤلف في الفصل الثاني من الكتاب العلاقة بين التدين والصحة النفسية. فيعرض للاتجاهات النفسية المختلفة التي تناولت هذه العلاقة سواء بالتأكيد أو النفي. ثم يناقش علاقة التدين ببعض مظاهر المرض النفسي كالقلق والاكتئاب والانتحار والخوف من الموت. ثم يقدم إجابة علي سؤال هام مؤداه هل يصاب المؤمن بالمرض النفسي مثل غيره من الناس أم لا؟ ويأتي الفصل الثالث من الكتاب ليناقش علاقة الدين الإسلامي تحديداً بالصحة النفسية للفرد. موضحا أن هناك خصائص تميزت بها العقيدة الإسلامية تجعلها أكثر الديانات ارتباطا بتحقيق الصحة النفسية لأفرادها. موضحا مفهوم الصحة النفسية ومؤشراتها في الإسلام. ثم يعرض لأنواع الشخصيات الصحيحة والمريضة نفسيا في نظر الإسلام مع إيراد نماذج حية لكل نوع منهما. وفي الفصل الرابع والأخير من الكتاب. يقدم الملف وصفاً تفصيلياً لمنهج الإسلام في تحقيق الصحة النفسية للفرد والمجتمع. فيعرض لمنهج الإسلام في علاج النفوس من الخوف بكل أنواعه. واليأس والإحباط. ومساوئ الأخلاق والدعوة إلي مكارمها. ثم يعرض تفصيليا لخطوات تحقيق الصحة النفسية كما حددها الإسلام. والتي تتمثل في خمس خطوات رئيسية هي: الايمان بالله والالتزام بعقيدة التوحيد. ثم تقوي الله عز وجل. ثم تزكية النفس بالالتزام بالعبادات من طهارة وصلاة وصيام وزكاة وصدقة وحج وعمرة وتلاوة القرآن الكريم والذكر والدعاء والتوبة والاستغفار.