طالب الدكتور حسين شحاتة الأستاذ بجامعة الأزهر والخبير الاستشاري في المعاملات المالية الشرعية الحكومة بمسئوليتها تجاه رجال الأعمال الذين تسببوا في إفساد المجتمع باحتكارهم للسوق مما زاد من حالة الفقر في المجتمع. وقال إن ما قام به بعض رجال الأعمال من فساد يعتبر من المنكر الذي يسأل عنه الحاكم يوم القيامة. وكان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يشارف الأسواق بنفسه ويتأكد من أن التجار يلتزمون بشرع الله ومن أقواله المأثورة حتي اليوم: "من غشنا فليس منا". وقوله: "المحتكر ملعون والجالب مرزوق". وأكد أنه واجب علي كل مسلم في الإسلام أن يتصدي لهؤلاء ويمنعهم عما يقومون به من معاملات مخالفة لشرع الله. ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالي: "ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" "آل عمران: 104". وقول الرسول - صلي الله عليه وسلم: "من رأي منكم منكرا فليغيره". واضح أن ما قام به بعض رجال الأعمال غير المنضبطين بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية والذين قست قلوبهم ولاسيما في وقت الأزمات من الاحتكار والاستغلال والتطفيف والغش والتدليس وإغلاء الأسعار والتعامل في سلع انتهت صلاحيتها حرام وأن ما يكسبونه من ربح حرام ولا يقبل لهم دعاء لأن من شروط قبوله أن يكون الكسب حلالا ولقد قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لسعد بن معاذ: "أطب مطعمك تكون مستجاب الدعوة". وأضاف: قد يتوهم هؤلاء الذين يخالفون شرع الله - سبحانه وتعالي - أنهم يربحون. بل انهم الخاسرون حقيقة لأن الله - سبحانه وتعالي - لا يبارك لهم في مالهم ولا في أولادهم ولا في عملهم ولا في عمرهم. فلقد انتزع الله البركة منهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. كما أنه يوم القيامة يأخذ الله - سبحانه وتعالي - من حسناتهم إن وجدت ويعطيها لمن اعتدوا علي حقوقهم. فهم المفلسون حقا يوم القيامة. ودعا الدكتور شحاتة رجال الأعمال بعدم الغش ومن صور ذلك التدليس في صفات السلعة أو بيع سلعة منتهية الصلاحية أو تسويق سلعة تسبب أضرارا للناس. ولقد قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "من غشنا فليس منا". كما طالب بالابتعاد عن الاحتكار بإخفاء السلعة وحبسها عن التداول حتي يرتفع سعرها ويستفيد التاجر من ذلك ربحا عاليا. فقد قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "المحتكر ملعون والجالب مرزوق". وكذلك عدم الاستغلال حين أن هناك من التجار من يستغلون حاجة الناس إلي سلعة معينة ويرفعون سعرها بدون حق أو ضرورة معتبرة شرعا. فالمكسب من ذلك يعتبر سحتا "حراما". وأشار إلي أن هناك ضوابط إيمانية وأخلاقية لرجل الأعمال الملتزم بجانب الضوابط القانونية. وتنبعث الأولي من عقيدته وخلقه بصفة عامة وكانت لهذه القيم الدور المؤثر الفعال في نشر الإسلام في كثير من دول العالم. فكان التاجر المسلم تاجرا وداعيا إلي الإسلام من خلال قيمه وخلقه وحسن معاملاته مع الناس جميعا. والدافع والباعث إلي ذلك هو مخافة الله ومرضاته. وقال من القيم الإيمانية لرجل الأعمال المسلم الإيمان بأن المال الذي يتعامل فيه ملك لله - سبحانه وتعالي - وأن الله سوف يحاسبه يوم القيامة من أين اكتسبه وفيم أنفقه. وهذا يدفع التاجر بأن يكون ماله من حلال حتي تقبل عباداته ويستجاب لدعائه. وكذلك الإيمان بأن الله - سبحانه وتعالي - يراقبه في كل تصرفاته ما ظهر منها وما بطن. وهذا يجعله دائما في حذر وخوف من الله. فلا يغش ولا يدلس ولا ينصب علي الناس ولا يأكل أموالهم بالباطل. وهذا ما يسمي ب "الرقابة الذاتية". والإيمان بأن الله - سبحانه وتعالي - طيب لا يقبل إلا طيبا وأن الغاية من المال والتجارة أن تعين الإنسان علي عبادة الله والتقرب إليه فيحرص أن تكون تعاملاته في الحلال الطيب. ووفقا للأولويات الإسلامية الضروريات والحاجات ولا يجوز الإنفاق علي التحسينات إلا بعد استيفاء الضروريات والحاجيات. واستطرد هناك من القيم الأخلاقية لرجل الأعمال ومنها الصدق مع الله ومع نفسه فلا يكذب علي الغير أو يحلف كذبا ولا يجعل يمين الله وسيلة للكسب. والأمانة في معاملاته. فلقد مدح الرسول -صلي الله عليه وسلم - التاجر الصادق الأمين بأن يكون مع الشهداء والصالحين في الجنة وعدم المغالاة في الربح الحلال ولا يكون مستغلا لحاجة الناس. والسهولة في المعاملات. فلقد قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "رحم الله رجلا سمحا إذا باع. سمحا إذا اشتري. سمحا إذا اقتضي". والتيسر علي الناس ولا يشق عليهم. والقناعة والرضا بما رزقه الله.