اكد المشاركون في ندوة "حديث في التجديد الديني" التي نظمتها الرابطة العالمية لخريجي الازهر وحاضر فيها الدكتور احمد الريسوني - رئيس الرابطة العالمية لعلماء السنة - أن العلوم الشرعية في حاجة الي التجديد المنضبط وليس إلي الادعياء الذين يزعمون أنهم مجددين مستنيرين.. وأشاروا إلي أهمية أن تقوم بالتجديد مؤسسات علمية يتم التنسيق بينها علي مستوي العالم الإسلامي لمواجهة مؤامرات هدم التراث الإسلامي بيد أبناء المسلمين تحدث الدكتور احمد الريسوني الي أن التجديد تعددت معانيه منها إعادة الدين الي أصله ونقائه وصفائه وازالة ما قد يكون قد علق من بدع او خرافات نتيجة إهمال اتباعه وبالتالي فليس المقصود التغيير بل العودة الي الأصل النقي الحيوي. والتجديد بهذا المعني مطروح عبر العصور حيث يحاول المجتهدون إعادة الأمور الي نصابها وتصحيح اي أخطاء حدثت فيعود الدين الي أصله كأنه جديد له فاعلية وتأثير ايجابي في نفوس أتباعه. وهناك تعريف اخر للتجديد تنشيط الجوانب التي ضعفت في نفوس المسلمين وما اصابها من وهن ودخن ليتم تصحيح الأخطاء في الاقوال والأفعال وفي نفس الوقت مواكبة ما يحدث من امور وقضايا مستجدة. وعرض الدكتور الريسوني للمعايير التي يجب ان يستند اليها التجديد في العلوم فقال: هناك ثلاثة معايير رئيسية يمكن علي أساسها الحكم علي ان هذا العلم في حاجة الي التجديد من عدمه وهي: وظيفة كل علم لان لكل علم وظائف اذا كان يؤدي وظائفه الذي التي انشيء من اجلها فهو ليس في حاجة الي التجديد والعكس صحيح وذلك لأن العلوم بمقاصدها. وإذا أردنا تطبيق ذلك علي علم أصول الفقه الذي نشا في القرنين الثاني والثالث الهجري ووضع أسسه وأهدافه وغاياته الإمام الشافعي لوجدنا ان له ثلاثة وظائف رئيسية هي: يهتم بالاستنباط الفقهي بالدرجة الأولي ومن ثم فهو يضبط الاجتهاد من خلال وظيفة الاستنباط ضبط منهج الفكر والفهم عند المسلمين عموما وذلك من خلال التفكير العلمي الصحيح وقد اوضح الشافعي ذلك في كتابه "الرسالة" رغم قصره حيث اوضح وظيفة منهجية التفكير تقليل الخلاف وكبح جماح الخلاف بين العلماء خاصة والمسلمين عامة وهذا واضح في كثير من مؤلفات وسيرة الإمام الشافعي. وانتقل الدكتور الريسوني الي تقييم تلك الوظائف التي من اجلها انشئ علم اصول الفقه في عصرنا فقال: بالنسبة للوظيفة الاستنباطية فانها لم تعد كافية بعد ان اصبح العلم صعبا جافا يعاني من يدرسه كثيرا وقد اشتكي من صعوبته من درسه سواء من المعلمين او المتعلمين ومن المؤسف ان هذه الوظيفة الاستنباطية أصبحت ضعيفة. اما بالنسبة الثانية وهي منهجية الفكر فهي تعاني من الضعف. اما بالنسبة للوظيفة الثالثة وهي تقليل الخلاف فهي ضعيفة ايضا بدليل ان الخلاف في تزايد مستمر. وانهي الدكتور الريسوني محاضرته بالتأكيد علي ان علم اصول الفقه في تجديد بعد التراجع والضعف الذي حل في وظائفه الثلاث ولابد ان يقوم بهذا التجديد العلماء المتخصصين وفي أسرع وقت حتي لا تزداد الأمور سواء اذا ما تأخروا في تجديد علم اصول الفقه ونفس الشئ يجب ان يفعله كل العلماء في مختلف العلوم الشرعية عن طريق تقييم وظائفها ومدي قيامها بها وذلك لمعالجة جوانب الضعف. وفجر الدكتور محمد عبد الفضيل القوصي نائب رئيس الرابطة العالمية لخريجي الأمر مفاجأة بتأكيده أن علم أصول الفقه لن يجدد في عصرنا والأفضل ان يعودوا الي ما وضعه الأولون السابقون. واذا حاولنا التجديد في عصرنا فسيكون اقرب الي التبديد وخاصة بعد ان كثر الكلام حوله ودخل الي ساحته كل ناعق يريد ان يتآمر علي الإسلام ممن يجعلنا نخشي أن يؤدي التجديد الي ضياع الدين ذاته حيث يحاول كل من يريد التجديد التغيير في الدين ذاته. ويجب ان يؤخذ الحديث عن التجديد بحذر شديد حتي لا يكون مدعاة لدخول مزيد من دعاة التبديد الي الساحة وتكون نتائجه وخيمة علي علومنا الاسلامية كلها وليس علم أصول الفقه فقط. وأشار الدكتور عبد المجيد النجار إلي أهمية قيام الجامعات الإسلامية بدورها في التجديد الذي تنتظره الأمة هو التجديد في المعاني وكيفية التزام المسلمين بالصحيح من الدين او ليس التغيير في الأصول.وان تتطابق السلوكيات والأخلاق مع ما جاء في تعاليم الإسلام. ويري الدكتور نصر فريد واصل أن التجديد ليس في الدين وإنما في الفكر البشري وشتان بين التجديد والتبديد. وحث الدكتور حسن الشافعي علي مواجهة دعاة الحداثة والغزو الفكري المنتسبين ظلما للإسلام أو المتحالفين مع خصومه الذين يدعي بعضهم انه يمكن الاستغناء بالعقل والعلم عن الدين ويشعلون نار الطائفية والعصبية المذهبية بين المسلمين. وطالب الدكتور محمد المختار المهدي عضو مجمع البحوث الإسلامية بجمع علماء الإسلام في العالم علي كلمة سواء في الوقت الذي تتكالب فيه الأمم علي الإسلام والمسلمين. ويجب أن تكون علي أجندة علماء التجديد مجموعة من الأولويات إزالة البدع والخرافات ومواجهة الحملات المعادية للإسلام التي تحاول أن تقتلع المسلمين من جذورهم عن طريق التغريب والغزو الفكري والتطاول علي الاسلام والتصدي لادعياء الدعوة من الجهال الذين دخلوا علي الساحة ليهدموا الدين باسم التنوير والاحتهاد والعقلانية وفي نفس الوقت التصدي للمؤامرات االتي تعمل علي جعل الانتماء المذهبي فوق الانتماء للدين وتكفير المخالفين لهم. وربط الدكتور طه ابو كريشة عضو مجمع البحوث الاسلامية بين الاصالة والمعاصرة واستحالة التجديد الحقيقي في حالة الفصل بينهما لان الامة في حاجة الي الاجتهاد في مختلف القضايا المستجدة.