انطلاق بعثة الصناعات الكهربائية 15 يوليو المقبل.. 40 مشتريا من 16 دولة    10 توصيات.. ماذا يوصي صندوق النقد الدولي مصر لتجنب التحديات الاقتصادية؟    توريد 605 آلاف طن قمح لشون وصوامع الشرقية    وفد حركة الجهاد الإسلامي في طريقه إلى الدوحة للمشاركة بمفاوضات غزة    راديو جيش الاحتلال: تنفيذ غارات شمال رفح الفلسطينية مع التركيز على محور فيلادلفيا    كاتب صحفي: العلاقات المصرية الأذربيجانية تاريخية وتتطلع إلى المستقبل    تفاصيل استضافة مصر الملتقى الأول لبنك التنمية الجديد التابع لدول "بريكس"    روسيا: الغرب يواصل تزويد أوكرانيا بأسلحة تستهدف المدن الروسية وتُستخدم ضد الفلسطينيين    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    تحرير 116 محضرا خلال حملات تموينية في 4 مراكز بالمنيا    الفوج الثاني من حجاج «المهندسين» يغادر إلى الأراضي المقدسة    وزير الأوقاف: السنة النبوية المصدر الثاني للتشريع بإجماع علماء وفقهاء الأمة    بالصور.. وزير التعليم العالي يزور أرض مستشفى بنها الجامعي الجديد    أنظمة الدفاع الجوي الروسية تسقط 25 مسيرة أوكرانية    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    كولر يرفض إذاعة ودية الأهلي والنجوم.. تعرف على السبب    ساوثجيت يعلن قائمة انجلترا لخوض يورو 2024    رسميًا.. مانشستر سيتي يجدد عقد سيتفان أورتيجا حتى عام 2026    خبير اقتصادى: برنامج التنمية المحلية فى الصعيد أحدث طفرة تنموية    ب100 شركة صغيرة ومتوسطة.. انطلاق فعاليات الدورة ال3 لمؤتمر ومعرض الأعمال الخضراء بالأقصر    سفاح التجمع يعترف لزملائه بمرضه النفسى: أعانى من اضطراب ثنائى القطب    مصرع عامل دهسته سيارة في قنا    السبب غامض.. العثور على 5 جثث بمنطقة جبلية في أسوان    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على زراعى البحيرة    ضبط طن لحوم ودواجن مجمدة مجهولة المصدر في حملات رقابية بالشرقية    عمرو دياب ونجوم الفن والمشاهير في حفل زفاف ابنة محمد السعدي    إعلام إسرائيلى: عدد كبير من الطائرات يشارك فى قصف استثنائى على مخيم النصيرات    نيللى كريم وهشام عاشور .. الانفصال الصامت    بعدما أعلنت انفصالها رسميًا.. من هي دانية الشافعي ؟    النائب مصطفى سالمان: تكليف مدبولي بتشكيل الحكومة يستهدف تعزيز التنمية    وزيرة خارجية إندونيسيا تستقبل السفير المصري بجاكرتا    صحة مطروح: قافلة طبية علاجية مجانية بمنطقة جلالة بالضبعة اليوم وغدا    خبيرة فلك تبشر برج السرطان بانفراجه كبيرة    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    147 ألف طلب، مدبولي يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال مايو    أستاذ علوم سياسية: مصر بذلت جهودًا كبيرة في الملف الفلسطيني    بحضور المحافظ.. وزير التعليم العالي يزور أرض مستشفى بنها الجامعي الجديد    بحضور السفير الفرنسي.. افتتاح المكتب الفرانكفوني بجامعة القاهرة الدولية ب 6 أكتوبر    نجيب الريحاني وجه باك أضحك الجماهير.. قصة كوميديان انطلق من كازينو بديعة وتحول منزله إلى قصر ثقافة    حفظ التحقيقات حول وفاة نقاش بالمنيرة    كريم محمود عبد العزيز يشارك الجمهور فرحته باطلاق اسم والده علي أحد محاور الساحل الشمالي    صور.. بيان عاجل من التعليم بشأن نتيجة مسابقة شغل 11114 وظيفة معلم مساعد فصل    «الإفتاء» توضح فضل صيام عرفة    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    هل يجوز الادخار لحم الأضحية؟.. تعرف على رأي الإفتاء    ب300 مجزر.. «الزراعة» ترفع درجة الاستعداد القصوى استعدادًا لعيد الأضحى    فتح باب التقدم بمسابقة فتحى غانم لمخطوطة القصة القصيرة.. اعرف الشروط    افتتاح المكتب الوطني للوكالة الفرانكفونية بمصر في جامعة القاهرة الدولية ب6 أكتوبر (تفاصيل)    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    أبو مسلم: حسام حسن أدار مباراة بوركينا فاسو بذكاء    أزهري: العشر الأوائل من ذي الحجة خير أيام الدنيا ويستحب صيامها    «الصحة» تستعد لموسم المصايف بتكثيف الأنشطة الوقائية في المدن الساحلية    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    إبراهيم حسن يكشف كواليس حديثه مع إمام عاشور بعد لقطته "المثيرة للجدل"    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    بعد الزيادة الأخيرة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من المنزل    فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكام مصر .. من مينا إلي مبارك (الحلقة التسعون)
رجال المباحث الجنائية وجدوا في أوراق كمال حسين خطابا لعبدالناصر يقول فيه:
نشر في آخر ساعة يوم 17 - 09 - 2013


»إنني لا أحقد عليك.. ولكني أرثي لحالك«
كنت تقول للناس: »ارفع رأسك يا أخي«.. فأخفضت جميع الرؤوس
لست نادما علي شيء إلا أنني بيدي اشتركت معك
في الثورة
كنت تقول:
»إن بناء المستشفيات والمصانع سهل.. ولكن بناء الإنسان صعب«..
فحطمت كل الرجال
الصحافة مازالت تحت الرقابة.. ودورها ليس فقط علي الأخبار العسكرية التي تمس سلامة وأمن الدولة
في اجتماع الساعات الثماني.. كمال حسين يسأل عن ضمانات الحرية.. وعبدالحكيم عامر يرد: »احنا ضمانات الحرية«
رفضت زوجة كمال الدين حسين أن يعتقل بمفرده، وأصرت أن تكون معه.. قائلة له:
زي ما كنا نعيش معا لازم نعتقل معنا..
ونزل كمال الدين حسين إلي هلال عبدالله هلال مدير سلاح المدفعية والمكلف باعتقاله وقال له:
أبلغ أن الست حرمي ستصحبني..
فأجاب وكأن عنده تعليمات سابقة:
مفيش مانع..
ويحكي كمال الدين حسين تفاصيل ما جري قائلا:
جمعت ملابسي وذهبت أنا وحرمي إلي فيلا الهرم.. وقد كانت في الأصل استراحة للحاكم.. وعندما اقتربنا منها وجدنا أنها تحولت إلي معتقل.. أسلاك شائكة تشكل خطا أول للحراسة.. ثم أسلاك شائكة علي مسافة 05مترا تمثل خط حراسة ثانيا.. ثم وصلنا للخط الثالث من التحصينات وأضيف إلي الأسلاك الشائكة دشمة بها الجنود وحرس مزودون بمدافع ماكينة.
داخل فيلا الاعتقال
ودخلت الفيلا.. وعلي كل باب من أبوابها حارس.. وتحت كل نافذة من نوافذها حارس.. والفيلا نزعت منها كل أجهزة التليفون.. وبقيت في تلك الليلة ساهرا أفكر فيما تم بالنسبة لبقية أفراد عائلتي.. وبالنسبة لأصدقائي الذين كانوا بالمنزل ومنعوني من العودة إليهم حتي لتوديعهم.
وعلمت بعد ذلك أنه بمجرد خروجي من منزلي اقتحم المنزل رجال المباحث الجنائية العسكرية.. فتشوا كل شيء.. حتي الملابس الداخلية.. وأخذوا كل ما عثروا عليه من أوراق.. كنت أكتب مذكراتي كلما كانت تسنح لي الفرصة.. أخذوا هذه المذكرات.. ومن بين الأوراق مسودة خطاب كنت أعتزم إرساله إلي عبدالناصر.. خسارة أنهم أخذوه..
خطاب إلي عبدالناصر
ويتوقف كمال الدين حسين قليلا.. ثم يقول:
بعض عبارات الخطاب مازالت عالقة في ذهني.. قلت له في هذا الخطاب: »إنني لا أحقد عليك ولكني أرثي لحالك.. أنت الذي كنت تقول للناس »ارفع رأسك يا أخي«.. فأخفضت جميع الرؤوس.. أنت الذي كنت تقول »إن بناء المستشفيات والمصانع سهل ولكن بناء الإنسان صعب«.. فحطمت كل الرجال.. أنك لا يصح أن تكون سعيدا وأنت حاكم لشعب فعلت به كل ذلك.. إنني لا أندم علي شيء إلا إنني بيدي اشتركت معك..
وقد أعطوا هذه المسودة لعبدالناصر.. واستغلها في اطلاع كل ذي شأن من العرب أو الزملاء عليها عندما كانوا يسألون عن سر اعتقالي.
لم يترك رجال المباحث الجنائية ركنا في منزلي إلا وعبثت بداخله أيديهم بحثا عن أي شيء يتخذونه دليلا ضدي في قضية ربما أراد الحاكم تلفيقها لي..
وكانوا قد منعوا ضيوفي من الخروج.. ثم اصطحبوهم معهم إلي السجن الحربي.. بل كانت شقيقة زوجتي في زيارتنا فسألوها عن زوجها فتحي سلام الضابط بالجيش وعندما قالت لهم إنه بالمنزل طلبوا منها أن تتصل به وتدعوه للحضور وعندما اتصلت به وحضر اعتقلوه هو الآخر.. بل تصادف أن حضر عبدالقادر حجاج وهو من أقاربي، في ذلك الوقت لزيارتي، فاعتقلوه هو الآخر.
كانت هذه صورة ما حدث في منزلي.. أما في البلد حيث كان يقيم والدي فكانت هناك صورة مماثلة ولكنها حدثت في اليوم التالي لاعتقالي..
فوجئ والدي يوم الجمعة 51 أكتوبر بحكمدار القليوبية واثنين من مفتشي المباحث العامة ومأمور بندر بنها واثنين من الضباط برتبة رائد يحضرون إلي منزله في بنها.. وكان أبي طريح الفراش.. وأبلغته الشغالة بحضور الموكب الرسمي.. وطلب منها دعوتهم إلي غرفة نومه.
ودخل الحكمدار وخلفه الجوقة الرسمية.. ولم يكد يراهم الوالد حتي بادرهم بالسؤال:
وأنا كمان حتعتقلوني..
ورد الحكمدار قائلا:
إنه آسف، لأنه ينفذ أمرا بتحديد إقامته في منزله.. ورفع التليفون ومنع أحدا من الاتصال به..
وصرخ أبي فيهم
الله يخرب بيته.. هو عشان ابني ما أرسل له خطابا يقول له:
»اتق الله« يعمل فينا كده؟!!
فهرول الجميع إلي غرفة الجلوس حتي لا يسمعوا بقية ثورة أبي.
وبعد أن شربوا القهوة تركوا مجموعة من المخبرين والجنود تحيط بالمنزل من جهاته الأربع وأقاموا خيمة أمام باب المنزل لمبيت حضرة الضابط رئيس القوة ولتكون نقطة شرطة.
وفي مساء نفس ذلك اليوم حضرت شقيقتي من القناطر بعد أن أخرجوها من المنزل الحكومي الذي كان يشغله زوجها أنور أبوالعطا رئيس المدينة.. أرادت دخول منزل أبي.. ومنعها رجال الحرس تنفيذا للتعليمات الصادرة إليهم بمنع دخول أحد إلي منزل والدي.. حاول أبي التفاهم معهم.. وأصروا علي موقفهم ولم يسمحوا لها بالدخول إلا بعد إرغام أبي علي كتابة طلب إلي المحافظ ليسمح لها بدخول منزلها.. فسمح!!
تساؤل.. وإجابة
هذا ما حدث بالنسبة لاعتقال كمال حسين.. ولعل السؤال الملح: لماذا كان هو الوحيد الذي اعتقله عبدالناصر؟.. وكمال حسين هو الشخص الذي كان يضع فيه عبدالناصر كل ثقته.. كان يستعين به في كل مجال عمل لعلمه بتفانيه وإخلاصه في أي عمل يسند إليه.. حتي عندما أراد تنظيم الاتحاد القومي أسند إليه مهمة الإشراف عليه.
والإجابة علي هذا السؤال تجعلنا نعود إلي الوراء ثلاث سنوات قبل الاعتقال.. عندما أصدر عبدالناصر إعلانا دستوريا بتشكيل مجلس رئاسة يضم من أعضاء مجلس الثورة: عبداللطيف البغدادي وعبدالحكيم عامر وأنور السادات وزكريا محيي الدين وحسين الشافعي وكمال الدين حسين وحسين إبراهيم بخلاف علي صبري والدكتور نور الدين طراف، والمهندس أحمد عبده الشرباصي وكمال رفعت.. وكان من المفروض أن يكون هذا المجلس هو أعلي سلطة في الدولة.. هو الذي يرسم سياسة الدولة.. هو الذي يقرر التشريعات ويرفعها إلي رئيس الجمهورية لإقرارها.. كانت محاولة للعودة إلي القيادة الجماعية التي كانت قد حرمت منها مصر بعد قرار حل مجلس قيادة الثورة في عام 1956.
وبدأ المجلس يزاول نشاطه بكل حماس.. مناقشات لا خوف فيها ولا إرهاب.. الكل يقول رأيه في صراحة.. الكل يعمل من أجل الوطن.. المناقشات هادئة أحيانا وعنيفة جدا أحيانا كثيرة.. رئيس المجلس هو في نفس الوقت الحاكم ورئيس الجمهورية له آراء في تطبيق الاشتراكية.. بعض أعضاء المجلس يرون أن آراءه لا تتفق مع الميثاق وتقرير الميثاق الذي أقره الشعب في عام 1962.
وبدأت أعمال المجلس تتقلص وتنكمش.. أصبح لا يدعي للانعقاد إلا علي فترات متباعدة.. وعندما يعقد تعرض عليه توافه الأمور.
وانقطع كمال الدين حسين عن حضور الجلسات في المجلس من أغسطس 1963 وبعث باستقالته إلي عبدالناصر.. وظلت الأمور تسير كما يريد عبدالناصر.. وفي يوم 4مارس 1964 توفي محمد فهمي السيد المستشار القانوني لعبدالناصر وهو في نفس الوقت زوج السيدة نادية غالب ابنة شقيقة حرم عبدالناصر.. وكان فهمي السيد مندوبا في مجلس الدولة.. أي ما يقابل منصب وكيل نيابة عندما اختاره عبدالناصر للمنصب الكبير علي أساس تفضيل أهل الثقة أولا عن أهل الخبرة والكفاءة.. ولم يكن بين القانونيين واحد يتمتع بثقة جمال عبدالناصر.. كما أنه لم يكن هناك واحد من أقاربه حاصل علي ليسانس الحقوق، فاختار زوج ابنة شقيقة زوجته.. وسار جمال عبدالناصر في الجنازة، كما شارك في تشييع الجثمان جميع أعضاء مجلس الثورة والوزراء.. بعضهم اشترك من نوع النفاق لعبدالناصر.. والبعض اشترك احتراما لشخصية المرحوم فهمي السيد.. وجلس عبدالناصر في صدر السرادق بميدان التحرير وإلي جواره علي الجانبين أعضاء مجلس الثورة وكان من بينهم كمال الدين حسين.. وكانت هذه هي المرة الأولي التي يلتقي فيها عبدالناصر بكمال حسين منذ استقالته في أغسطس 1963.
حقيقة نوايا عبدالناصر
وطلب عبدالناصر من كمال الدين حسين أن يجتمع به عقب الجنازة مباشرة في منزله.
وبعد الجنازة توجه كمال الدين حسين، وكان هناك جميع العسكريين من أعضاء مجلس الرئاسة.
وتعتبر هذه الجلسة من أخطر الجلسات التي كشفت عن حقيقة نوايا عبدالناصر واتجاهاته في حكم البلاد.. استغرقت الجلسة ثماني ساعات كاملة كانت كلها مشحونة بالمناقشات الحامية.
وكعادة عبدالناصر بدأ يدير المناقشة ليسمع وجهة نظر كل واحد قبل أن يدلي برأيه.. ودار الحديث في البداية عن الحريات التي تضمنها الميثاق.. وتساءل كمال حسين أين هي تلك الحرية.. فالصحافة مازالت تعيش تحت الرقابة.. والرقابة ليست فقط علي الأخبار العسكرية التي تمس سلامة وأمن الدولة.. بل تعددت لتشمل التافه من الأمور.
وبدأ السؤال عن ضمانات الحرية.. وتطوع عبدالحكيم عامر بالكلام قائلا: »احنا ضمانات الحرية«.. ورد كمال الدين حسين أن الضمان الحقيقي يجب أن يكون مكتوبا في دستور.. إنني شخصيا لا أعتقد أنني أكون ضامنا للحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.