ماشاهده الشارع المصري مؤخرا من حرق للكنائس والاعتداء علي منازل وممتلكات الأقباط في الصعيد، يؤكد أن الأمان الحقيقي للأقباط حضن الوطن وليس حضن الغرب وأمريكا فلم يشعر أقباط مصر بهذا القدر من الاستياء والصمت الغربي بمنظماته الحكومية وغير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان حيال ماتعرضوا له مؤخرا من اعتداء فلم يخرج بيان من الولاياتالمتحدةالأمريكية يدين هذه الاعتداءات. كما لم يتضمن بيان أوباما سوي عبارة واحدة بشأن إحراق الكنائس جاءت في سياق عام وهو مطالبة المتظاهرين بالسلمية ورفض أمريكا هذه الاعتداءات.. أيضا الصمت الغربي كشف الغطاء عن الوجه القبيح لأقباط المهجر الذين كانوا يتحدثون ليل نهار عن الحماية والاضطهاد الديني الذي يتعرض له الأقباط في مصر فلم نسمع صوتا لأي منظمة قبطية في الخارج تدين حرق الكنائس والاعتداء علي ممتلكات الأقباط.. كما لم نسمع إدانة هذه المنظمات للصمت الأمريكي والغربي حيال ما تعرض له الأقباط. تلك المنظمات التي كانت تحاول من حين لآخر زعزعة الاستقرار في مصر بزعمها كذبا وافتراء وجود اضطهاد للأقباط في مصر، لعلنا نتذكر المظاهرات التحريضية التي كان يقوم بها كميل حليم الذي يرأس ما يسمي بالتجمع القبطي في أمريكا وعدلي أبادير مؤسس منظمة أقباط متحدون وأشرف رملة مؤسس الهيئة القبطية الإيطالية وغيرها من المنظمات القبطية في الخارج للتنديد بوجود اضطهاد للأقباط فأقباط المهجر بحسب تعبير أحد الناشطين ليسوا سوي مزايدين وأداة في يد أجهزة الاستخبارات ولايهمهم سوي مصالحهم في الدول التي يعيشون فيها. موقف وطني اللافت للنظر أن موقف البابا تواضروس بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية المصرية وقيادات الكنائس الأخري كان موقفا وطنيا معبرا عن الرفض جملة وتفصيلا لأي تدخل خارجي وقبول التضحيات بالكنائس والممتلكات المسيحية علي أن يبقي الوطن الجامع والمؤسسات القوية، وجاء في بيان المقر البابوي للكنيسة الأرثوذكسية أن أقباط مصر مع مؤسسات الدولة تواجه بكل قوة وحسم إرهاب الجماعة ومناصريها فالأمان الحقيقي للمسيحيين كما هو للمسلمين يكون في حضن الوطن والمؤسسات الحامية له والمدافعة عن كل المواطنين، موقف البابا تواضروس أعاد بنا إلي الأذهان ما قام به البابا كيرلس الخامس الذي عرف عنه بالبابا الوطني من رفضه لطلب الإنجليز حماية الأقباط في مصر قائلا: المصريون شعب واحد وحمايته موكولة لله وحده. يقول الدكتور حسن أبو طالب الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام لم يشعر الأقباط في مصر بهذا القدر من الاستياء من الغرب بكل منظماته غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان وبكل أدواته الإعلامية النافذة التي انحازت إلي الإخوان وعنفهم علي حساب الوطن كما يشعرون بذلك خلال هذه الفترة فقد صمت الجميع صمتا مطبقا علي الأقل في الأيام التالية مباشرة لحرق الكنائس في وقت كان يتطلب ولو كلمة إدانة واضحة لاعتداءات غير مبررة تعرضت لها 64 كنيسة مصرية ومدارس قبطية وممتلكات لمسيحيين منها ما أحرق تماما ومنها ما أحرق جزئيا في أعقاب فض الأمن لاعتصامات جماعة الإخوان.. مشيرا إلي أن الصمت الغربي المريب أثار دهشة الأقباط والمسلمين معا، ناهيك عن مقدار من الاستياء والغضب. لكن هذا لا يخلو من دلالات سياسية واستراتيجية مملوءة بالمفارقات الكبري منها استعدادا الغرب بقيادة الولاياتالمتحدة للتضحية بالمسيحيين المصريين كما حدث بالفعل مع المسيحيين العراقيين من أجل التحالف مع جماعة توهم البعض من مخططي الاستراتيجيات الأمريكية قدرتها علي تأمين المصالح الغربية الكبري في المنطقة بالتعاون مع تركيا والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين فقد أدرك الأقباط انخراط الولاياتالمتحدة بالفعل في خطة كبري مع الإخوان علي حساب مصر بمسلميها ومسيحييها. مزايدون ويضيف: إن موقف الغرب كشف لنا بكل وضوح انتهاء أسطورة أقباط المهجر وماسمي سابقا بجهود حماية المسيحيين المصريين ومواجهة الاضطهاد الذي يتعرضون له في السنوات الأخيرة من حكم نظام مبارك وضرورة اتخاذ الغرب مواقف فورية لإدانة الحكومة المصرية ولحماية الأقباط من الاضطهاد والتهديد دائما بمنع المساعدات أو خفضها لذلك فمثلما صمت الغرب بمنظماته الحقوقية صمت أيضا أقباط المهجر ولم يسمع أحد لهم صوتا ومن هنا ستظل الدلالة الكبري فارضة نفسها وهو ما عبر عنه أحد كبار الناشطين الأقباط في وصف هؤلاء بأنهم ليسوا سوي مزايدين يتحركون بالريموت كنترول من حكومات غربية وأجهزة الاستخبارات فيها ولايهمهم سوي مصالحهم الذاتية في البلدان التي يعيشون فيها وأن كثيرا من تحركاتهم السابقة لم تكن تبغي مصلحة الأقباط المصريين بقدر ما كانت وسيلة لابتزاز الدولة المصرية والحصول منها علي منافع ذاتية. وتابع أبو طالب إن قادة الكنائس الثلاث باتوا يدركون أن الغرب يحكم بالمعايير المزدوجة ولا يهمه المسيحيون المصريون أبدا وينطلق من مصالحه الكبري والتي تحددها طبيعة علاقاته مع النظام الحاكم فالمسيحيون المصريون بكل كنائسهم لا يعولون علي مساندة خارجية من أي نوع وأن مصر يمكنها أن تحتوي الجميع تحت مظلة المواطنة ودولة القانون وحرية العبادة. العيش المشترك اللافت أن حرق العدد الكبير من الكنائس في الصعيد وغيرها من المدن لم يحدث علي مدي سنوات طويلة بحسب الدكتور جرجس صالح الأمين العام الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط ومدير العلاقات المسكونية بالمركز الثقافي القبطي. مؤكدا أننا لم نسمع أو نقرأ تصريح إدانة من الغرب بشأن إحراق الكنائس والاعتداء علي علي منازل الأقباط أو محاولات تهجير الأقباط أو الاعتداء علي بعض المباني والأنشطة الخاصة ببعض الكنائس في الصعيد فلم يصدر أي إدانة من الولاياتالمتحدة وغيرها من الدول الأوروبية وكل ماجاء علي لسان كاثرين أشتون المسئولة الأوروبية كان مجرد كلمة عابرة تدين حرق الكنائس دون الدخول في أي تفصيلات. هذا إلي جانب مؤسسات وجمعيات حقوق الإنسان الغربية التي لم تهتم بحرق الكنائس وتفسيري لهذا أن صدور أي بيان إدانة من الغرب كان سيوضح أن هناك هجوما من فصيل معين علي الكنائس وبيوت المسيحيين في الصعيد وأماكن أخري في محاولة منهم إلي المتخصصين في حماية الكنائس للشرطة والجيش. ويضيف أن ما لمسناه في مصر هو أن إخوتنا المسلمين هم الذين كانوا يدافعون عن الكنائس لعدم موافقتهم علي تصرفات هذا الفصيل (الإخوان المسلمين) وتأكيدا للعيش المشترك ولذلك فقد رحبنا في بيت العائلة المصرية بهذا الدور الذي قام به الكثير من المسلمين الذين تربطهم علاقة محبة بإخوانهم المسيحيين لقرون طويلة. ويشير د. جرجس صالح إلي أن الدور الذي قام به أقباط المهجر سواء في واشنطن أو هولندا أو فرنسا أو إيرلندا أو في بعض الدول الأخري كان لتوضيح الصورة الحقيقية لما يجري في مصر ومحاولة تصحيح المفاهيم الغربية المغلوطة وأن ما تم في مصر ثورة شعبية وليس انقلابا كما يدعي الغرب. ولهذا ركز أقباط المهجر عن الدفاع عن مصر وتوضيح الصورة الحقيقية إلي جانب ذلك فقد أصدر البابا تواضروس الثاني بيانا ترجم إلي الكثير من اللغات حول توضيح حقيقة ما تم في مصر. المصالح إنه الصمت الغربي المريب الذي لا يعبر عن الرأي المسيحي ولايعبر عن حكومات مسيحية كما عبر عن ذلك صراحة.. د. يوحنا قلتة راعي الكنيسة الكاثوليكية في مصر الذي يري أن القيم المسيحية والروحية انحسرت في الغرب وأصبحت المصالح المادية والاقتصادية هدف الحكومات والشعوب هذا من جانب ومن جانب ثان وقف الشعب المصري وقفة رائعة ورأي العالم أن المدافع الأول عن المسيحيين في مصر هم المسلمون.. وقد شاهدت أن العائلات المسلمة هي التي حمت بيوت المسيحيين في الصعيد وفي كل مكان.. الجانب الثالث لم يعد الغرب ينظر إلي الشعوب بنظرة كما كان في الماضي الغرب المسيحي والشرق الإسلامي. أقول تبدلت جغرافية العالم وديموغرافيته، فليس هناك مدينة مسلمة مائة في المائة حتي أن المدينتين المقدستين مكة والمدينة فيهما عمال وسكان من غير المسلمين وفي قلب الفاتيكان مساجد ومسلمون لقد تغير سكان العالم وأصبحت البشرية تتقارب شئت أم أبيت، فالمسلمون في كل مكان والمسيحيون أيضا واليهود والبوذيون في كل مكان، لذلك إننا نمضي إلي عصر توحد البشرية، فالغرب يهمه الاقتصاد وأمريكا يهمها أمران إسرائيل والبترول، أما الشعوب المسيحية في مصر أو في لبنان أو في أي مكان فلايهمها أمرها في شيء لقد كانت أمريكا في العراق تمتلك 150 ألف جندي مسلح بأحدث الأسلحة والكنائس والجوامع تحرق ولم تحرك ساكنا، أقول للشعوب العربية الأبية أصحاب القيم والمبادئ استيقظوا وأفيقوا قوتكم في وحدتكم اقتصادكم هو قوتكم ومن يصنع المستقبل هم الشعوب. ولكن كمال فرج بانوب راعي الكنيسة الإنجيلية يري أن مصر تهمه في الأول وفي الآخر، لافتا إلي أن ما يشهده في مصر الآن ماهو إلا صراع علي الكرسي سواء بين (السيسي) أو الإخوان وأقول إن الإخوان لم يحرقوا الكنائس لكن المتطرفين والبلطجية هم من أحرقوها وأقول إن الغرب تهمه مصلحته فقط. ذريعة ويتفق القس رفعت فكري رئيس مجلس الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية مع الآراء السابقة.. من أن الغرب كان يستخدم ورقة حرق الكنائس والاعتداء عليها أيام مبارك كذريعة للضغط علي مبارك لتحقيق مصالحه، فالغرب لايدافع عن حقوق الإنسان كمبدأ لكنه كورقة للضغط، وبالتالي عندما أحرقت الكنائس لم يصدر أي إدانة للإخوان أو المعتدين، فحرق الكنائس لم يكن علي أولوية اهتمام الغرب. كما أن حقوق الإنسان يستخدمها الغرب وأمريكا كأوراق ضغط علي حكومات بعض الدول.. ويوضح أن أقباط المهجر أداة في يد الدول التي يعيشون فيها وتحركهم ضد أنظمة بعض الدول.. مشيرا إلي أننا نرفض أي تدخل غربي أمريكي في شئوننا الداخلية.. كما أطالب الحكومة المصرية بالقيام بدورها في حماية الكنائس ودور العبادة والخدمات المسيحية الأخري كمدارس وغيرها من الخدمات. دعاة حرب أما القمص صليب متي ساويرس كاهن كنيسة مارجرجس فيؤكد أن الغرب ليس له إلا مصالحه واستنزاف موارد الشعوب مثلما حدث في العراق وأفغانستان وغيرهما من الدول.. فدخلوا العراق من أجل الاستيلاء علي البترول. ويحاولون إثارة القلاقل في مصر حتي تنفيذ مخططهم، لايهمهم حرق الكنائس أو الاعتداء علي الأقباط، لكن خروج المصريين في 30 يونيو أفشل مخططهم وأصيبوا بصدمة كبيرة. فالغرب دعاة حرب وليسوا دعاة سلام يقومون بتصدير الإرهاب إلي بعض الدول من أجل إحداث البلبلة والضغط علي الأنظمة. ويدافع القمص صليب متي ساويرس عن أقباط المهجر بشأن ما أثير حولهم مؤخرا بقوله: إن أقباط المهجر نظموا مسيرات لصالح مصر لتعريف الغرب بحقيقة ما جري علي أرض مصر وأن ماحدث في 30 يونيو كانت ثورة شعبية.. وبالتالي لاننكر الدور الذي قام به أقباط المهجر لخدمة مصر. وأقول إن تأخر أقباط المهجر عن إصدار بيان إدانة لما حدث في مصر من حرق للكنائس والاعتداء علي ممتلكات الأقباط هو لمعرفة الموقف ولإيضاح الرؤية كاملة.. وأقول للغرب إن المصريين أصحاب حضارة وأن مصر ذكرت في الكتاب المقدس 539 مرة وقال عنها ربنا (مبارك شعب مصر) أقول للغرب ارفعوا أيديكم عن مصر.