سقوط بغداد كشفت دراسة حديثة أن قناة »الجزيرة« القطرية أعطت صورة سلبية للدور السياسي المصري عبر تغطيات إعلامية متحيزة، أثرت علي اتجاهات المصريين نحو السياسة المصرية الخارجية، ما جعلهم غير راضين عنها، حيث اعتبر 87٪ من عينة الدراسة أن سياسة مصر الخارجية خاملة. وأكدت الباحثة في كلية الإعلام بجامعة القاهرة سارة شريف، أن نتائج مثيرة انتهت إليها في الدراسة التي حصلت بموجبها علي درجة الماجستير قبل أيام. وخلصت الدراسة إلي حزمة أرقام ونسب جاء بعضها متوقعاً ويعطي مؤشرات لأزمات حقيقية، فيما جاء البعض الآخر صادماً، بحسب وصف الباحثة، ومنها أن 87٪ من الجمهور المصري يري أن السياسة الخارجية المصرية تمتاز بالخمول والتقصير تجاه القضايا، وأرجع أسباب هذا التقصير إلي أن الحكومات لم تضع خطة واضحة للتعامل مع القضايا، ورأي الجمهور أن دور مصر الإقليمي انحسر بسبب مصالح مصر مع أمريكا وإسرائيل ورأت نسبة قليلة لا تتعدي 30٪ أن انحسار الدور المصري بسبب ضغوط تمارس علي مصر من الخارج، بينما رأي نحو 60٪ أن الدور السياسي المصري مازال قوياً ولكن بعض القنوات هي التي تحاول تشويهه، واستبعد المصريون فكرة أن لدولة قطر دوراً سياسياً ينافس نظيره المصري. وقالت الباحثة التي درست اللغة العبرية فور تخرجها في الجامعة للتعرف عن قرب علي سياسة الكيان الصهيوني في إسرائيل، أجريت دراستي علي قناتي "الجزيرة" وقناة "مصر الإخبارية" واخترت هاتين القناتين تحديداً، لأن الأولي هي الأعلي مشاهدة حتي وقت قريب، ولأنها متهمة بالتحيز منذ إطلاقها، والثانية من المفترض أن تعبر عن الدولة المصرية وتخدم سياستها الخارجية وتحارب تشويه الدور المصري الذي تقوم به بعض القنوات العربية. في الوقت الذي كشفت فيه نتائج الدراسة أن 93٪ من المصريين يشاهدون القنوات الإخبارية ولكن بتعرض غير كثيف بمعدل ساعة إلي 3 ساعات فقط يومياً. 87٪ من المصريين يرون أن سياسة مصر الخارجية خاملة 70٪ يرون أن مصر اهتمت بالقضية الفلسطينية وقصرّت في الملفين العراقي والسوداني وتابعت: بشأن اتجاهات الجمهور تجاه الدور السياسي المصري في القضية الفلسطينية انتهت النتيجة إلي أن 70٪ من عينة الدراسة يرون أن مصر لم تقصر في دورها السياسي تجاه القضية الفلسطينية، كما أكد أيضاً أكثر من 60٪ أنه بعدما رعت مصر المصالحة بين حركتي فتح وحماس من المفترض أن تعاود مصر نشاطها في القضية الفلسطينية، في حين أكد نحو 60٪ أن مصر وبسبب سياسة الرئيس السابق حسني مبارك، حافظت علي أمنها مع إسرائيل علي حساب القضية وأكد 60٪ أن قرار فتح المعبر الحدودي بين مصر وقطاع غزة كاف لمساعدة القطاع. في السياق، كشفت الدراسة أن 65٪ من الجمهور المصري يري أن مصر قصرت في دورها السياسي في لبنان بسبب موقف مصر من حزب الله أثناء حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وفيما يتعلق بالأزمة العراقية، جاءت النتائج لتؤكد أن 70 ٪ من الجمهور يري أن مصر قصرت في دورها السياسي في الأزمة العراقية، نتيجة أن مصر لم تتكيف مع التطورات السياسية في العراق بعد عام 2004 عقب سقوط حكومة البعث، كما تفتقد مصر إلي روابط قوية بالمعارضة العراقية وأن السياسة الخارجية تجاه العراق بعد حرب الخليج الثانية سلبية. وفيما يتعلق باتجاهات الجمهور المصري تجاه الدور السياسي المصري في أزمة السودان جاءت النتائج لتكشف أن 75٪ من الجمهور المصري يري أن مصر قصرت في الملف السوداني ولم تبذل جهدًا مع هذا الملف، بما يتوافق وأهميته بالنسبة للأمن القومي المصري وأن محاولات مصر لتكثيف التواصل مع دولة السودان الجنوبي الآن ينطلق من كون إسرائيل هي التي تقف وراء انفصالها، وأن الرفض المصري لانفصال الجنوب، هو رفض شكلي فقط إذ إن مصر هي أول دول عربية اعترفت بدولة جنوب السودان وأن السياسة المصرية تجاه السودان مرتبطة بسياسة الولاياتالمتحدة والتي تؤيد الانفصال، وبما أن هذه الدول تنظر إلي مصر كونها دولة صديقة، فلهذا ضغطت علي مصر لتلعب دوراً في هذا الانفصال. أما بخصوص معالجات قناة مصر الإخبارية، وقناة الجزيرة لتلك القضايا فظهر ترابط كبير بين ما تعرضه هاتان القناتان وبين اتجاهات الجمهور، فقناة الجزيرة علي سبيل المثل شوهت الدور المصري في أزمة جنوب السودان، لذا جاءت اتجاهات الجمهور في الدراسة سلبية في هذه القضية وكذا العراق ولبنان. أما المفاجأة فكانت بالرغم من تشويه الجزيرة للدور السياسي المصري في الصراع العربي الإسرائيلي وتجاهل الدور في أخبار والتعتيم عليه في أخبار وتشويهه في أخري، إلا أن الجمهور المصري اتجاهاته كانت إيجابية تجاه الخارجية المصرية في هذه القضية، وهذا بحسب الباحثة يعكس مدي وعي الجمهور المصري بأن قناة الجزيرة تمولها بشكل سري حركة حماس وبعض الجماعات الجهادية، التي من مصلحتها تشويه دور مصر في القضية الفلسطينية ويظهر أيضاً أن أكثر من 60٪ من عينة الدراسة يرون أن مثل هذه القنوات تشوه مصر لكنهم مع ذلك يشاهدونها. وتقول سارة حسين في تصريحات ل"آخرساعة": اتضح لي من خلال هذه الدراسة أن هناك قصورا واضحا في المعالجات الإخبارية للقضايا العربية في قناة مصر الإخبارية وخاصة فيما يتعلق بالدور السياسي المصري في تلك القضايا، ففي الوقت الذي رعت فيه مصر مصالحة حركتي فتح وحماس لم تشر القناة إلي ذلك الدور المهم في تغطياتها للأخبار المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي، كما أن القناة تجاهلت أزمتي لبنان والعراق بشكل يدعو للتساؤل وهذا يستلزم من القائمين علي القناة وضع قائمة بالقضايا السياسية المهمة والتي لعبت مصر دورا فيها علي مدار سنوات وأهمية متابعتها وإبراز الدور المصري فيها وعدم التعتيم علي النشاط الدبلوماسي المصري في القضايا الخارجية وأن يتم ذلك بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية. وأضافت: تحتاج القناة الإخبارية المصرية إلي زيادة عدد مراسليها في البؤر الساخنة في العالم أو الدول التي تحمل نزاعا وذلك لأن تقارير المراسلين المصحوبة بصورة حية من الحدث تزيد من مصداقية الخبر لدي المشاهد ولو وجدت القناة صعوبة في إرسال مراسلين إلي دول كثيرة فيمكنها الاستعانة بالمداخلات التليفونية كبديل عن تقارير المراسلين المصورة. وفيما يخص قناة الجزيرة أكدت الباحثة أن أغلب الأخبار التي تناولت فيها القناة مصر كانت أخباراً سلبية وتجاهلت الدور المصري في قضايا الصراع العربي الإسرائيلي والقضية اللبنانية والأزمة العراقية وأزمة جنوب السودان، وشوهته خاصة أزمة جنوب السودان والقضية الفلسطينية وتناولت الشخصية المصرية بشكل به تقليل من جهودهما وتحديدا اللواء الراحل عمر سليمان، حيث عرضت القناة فيلماً تسجيلياً قصيراً عنه، تجاهلت فيه دوره في القضية الفلسطينية، واقتصر الفيلم علي علاقاته بالسياسيين الأجانب ورحلاته في الخارج. وبالنسبة لقناة الجزيرة وحشدها للناس حتي ثورة 25 يناير 2011 فالجمهور المصري بحسب الدراسة - حتي مرحلة ما قبل الثورة لم يكن يدرك كثيرا من الأمور ولم يربط كثيرا بين قناة الجزيرة وتمويلها من حماس وعلاقة حركة حماس بالإخوان المسلمين في مصر، ولكن بمرور الوقت زاد وعي الجمهور المصري وأدرك أن هناك لعبة مصالح تحرك القنوات الإخبارية واستطاع الربط بين تمويل القناة وتوجهاتها وبين ما تعرضه من الحقيقة وما تخفيه منها وأي المصالح تخدم. وبعد وصول الإخوان إلي حكم البلاد بدا واضحا تأييد قناة الجزيرة لهذا الحكم وتدعيمها له في كل المواقف التي كانت تثير غضب المصريين، ولذا كان طبيعياً أن تكون ثورة 30 يونيو التي كان هدفها إسقاط الإخوان سببا أيضاً في أن تسقط قناة الجزيرة بعد انعدام مصداقيتها لدي الجمهور المصري.