يعد'كعك العيد' من العادات المصرية الموروثة وهو أحد ملامح عيد الفطر المبارك علي اختلاف أنواعها وأشكالها إن لم يكن أهمها علي الإطلاق، وما إن يبلغ شهر رمضان العشر الأواخر حتي تبدأ الأسر المصرية في الإعداد لشراء كعك العيد أو إعداده . تعد صناعة كعك العيد في الأعياد والمناسبات عادة قديمة اخترعها القدماء المصريون، حيث كانت البداية الحقيقية لظهور كعك العيد منذ ما يقرب من خمسة آلاف سنة تحديدا أيام الفراعنة القدماء، فقد اعتادت زوجات الملوك علي تقديم الكعك للكهنة القائمين علي حراسة الهرم خوفو في يوم تعامد الشمس علي حجرة خوفو، وكان الخبَّازون في البلاط الفرعوني يتقنون صنعه بأشكال مختلفة منها اللولبي والمخروطي والمستطيل والمستدير، ووصلت أشكاله إلي 100 شكل نُقشت بأشكال متعددة علي مقبرة الوزير "خميرع" من الأسرة الثامنة عشرة، وكان يُسمي بالقُرص حيث كانوا يشكلون الكعك علي شكل أقراص علي شكل تميمة الإلهة ( ست ) كما وردت في أسطورة إيزيس وإيزوريس ، وهي من التمائم السحرية التي تفتح للميت أبواب اللجنة، وكانوا يتفننون في تشكيله بمختلف الأشكال الهندسية والزخرفية كما كان البعض يصنعه علي شكل حيوانات أو أوراق الشجر والزهور ، وكانوا يرسمون علي الكعك صورة الشمس الإله رع مما يؤكد أن صناعة الكعك امتداد للتقاليد الموروثة فهو لازال علي نفس هيئته حتي الآن وقد ارتبطت هذه العادة باحتفالات وأفراح الفراعنة، وقد امتدت هذه الصناعة من عهد الأسر الفرعونية إلي عهد الدولة الحديثة وصولا إلي القرن ال21. إن من أبرز الشواهد علي أن هذه الصناعة 'فرعونية' النشأة؛ الصور المفصلة لصناعة كعك العيد في مقابر طيبة ومنف، من بينها ما صور علي جدران مقبرة (رخمي رع) من الأسرة الثامنة عشرة، حيث تشرح هذه الصور كيف تتم صناعة الكعك تفصيليًا. وانتقلت صناعة الكعك من الدولة الفرعونية إلي الدولة الإسلامية، وتحديدًا في عهد الدولة الطولونية. وكان يصنع حينها في قوالب خاصة، ويسمي 'كل واشكر' وانتقلت صناعته إلي الدولة الأخشدية وأصبح من أهم مظاهر عيد الفطر حينئذ. وازدهرت صناعة الكعك في عهد الدولة الفاطمية التي اهتمت بهذه الصناعة في عيد الفطر، وهو ما أكسب طباخي الدولة الفاطمية شهرة واسعة، وكان الخليفة يخصص مبلغ 20 ألف دينار لصناعة كعك العيد، وكانت جميع المخابز والمصانع تتفرغ لصناعته من منتصف شهر رجب، وأنشئت بعد ذلك 'دار الفطنة' وهي دار مخصصة لصناعة كعك العيد فقط. وتوجد قوالب الكعك التي كان يصنع بها الكعك في عهد الدولة الإسلامية في متحف الفن الإسلامي، وقد كتب عليها عبارات 'كل هنيئًا واشكر' و'كل واشكر مولاك 'وغيرها. ومازال كعك العيد يحتل مكانة كبيرة في البيوت المصرية فكل عام ومع قرب حلول عيد الفطر تبدأ البيوت والأفران والحلوانية في إعداده في العشر الأواخر من شهر رمضان ويكون مشهد الصاجات وصواني الكعك هو الأبرز في شوارع مصر، وتسود في المنازل حالة من الاستعداد لإعداد الكعك الذي يشارك في إعداده جميع الأسرة حتي أن الجيران في بعض المناطق الشعبية يتشاركون في صناعته، فهو أصبح واحدًا من مظاهر التراث والفولكلور الشعبي المصري. ورغم كثرة المحلات والأفران التي تقدم كعك العيد بمختلف أشكاله وأسعاره إلا أن هناك سيدات كثيرات ما زلن يصررن علي صناعة الكعك داخل المنزل سواء في القاهرة أو في محافظات أخري ريفية وصعيدية، مما يعطي شعورًا ببهجة العيد للكبار والصغار. حيث تعد صناعة كعك العيد لدي بعض الأسر المصرية من ابرز العادات التي ترافق عيد الفطر السعيد وتبعث السرور والسعادة في نفوس الكبار قبل الصغار. ومن جانبها تقول صفية محمد ربة منزل إنها تواظب سنويا علي صناعة كعك العيد في المنزل لما ذلك من متعة وبهجة للأطفال خصوصا فعيدهم عبارة عن حلويات وملابس جديدة وعيدية يجمعونها من الأهل ، فهي عادة جميلة يجب المحافظة عليها، كما أن جو العيد لا يتحقق إلا مع صنع كعك العيد والحلويات. كذلك الأمر بالنسبة لفاطمة أحمد التي تؤكد أن العيد يرتبط ارتباطا وثيقا بعمل كعك العيد، وتؤكد أن العيد لا تكتمل مظاهره إلا بتوافر ثلاثة أشياء هي الكعك والعيدية وملابس العيد التي تفرح الأطفال وتشعرهم ببهجة العيد.. وعلي الجانب الآخر بعض الأسر لا تقوم بصناعة الكعك في المنزل وانما تقوم بشرائه من السوق بعد أن بات متوافرا بأشكال وأحجام وألوان ومذاقات مختلفة وبالتالي باتت ربة الأسرة تستسهل الشراء علي صناعته. وبالتحقق من أسعار كعك العيد لهذا العام نجدها تشهد ارتفاعا نسبيا عن العام الماضي علي اختلاف نوعية الأفران والمحلات التي تقدمه إلا أن شراءه يلاقي رواجا كبيرا وتتراوح زيادة سعره مابين 10 إلي 15٪ زيادة عن العام الماضي؛ نظرًا لارتفاع المواد التي يُصنع منها الكعك كالدقيق والسكر والسمن. كما يتراوح سعر الكعك السادة من 35 إلي 42 جنيها، والكعك الملبن من 35 إلي 48 جنيها، والكعك بالعجوة 34 جنيها، والكعك بالمكسرات من 50 إلي 85 جنيها، والكعك بالعجمية من 50 إلي 65 جنيها. ويتراوح سعر البسكويت السادة من 32 إلي 58 وبسكويت البرتقال من 30 إلي 45 جنيها، ويسكويت النشادر من 24 إلي 28 جنيها، وبسكويت جوز الهند 33 جنيها، وبسكويت الزبدة 38 جنيها. أما أسعار البيتي فور فتتراوح من 50 إلي 85 جنيها، والغريبة من 36 إلي 60 جنيها. ومن جانبه يقول هاني كمال أستاذ التغذية إن الإكثار من كعك العيد مضر للغاية حيث إن كل كعكة تعطي من 500 - 650 سعرة حرارية، وتحتوي علي 35٪ نشويات و30٪ سكر و35٪ دهون، ولهذا فإن أكل كميات كبيرة من الكعك والغريبة والبسكويت يؤدي إلي امتلاء المعدة وانتفاخ البطن وتلبك معوي لعجز أنزيمات الهضم عن تحويل هذه الكميات إلي مواد بسيطة يستطيع الجسم الاستفادة منها ، ويتحول الزائد من هذه المواد إلي دهن يختزن بالجسم مما يسبب خطورة علي صحة الفرد في بداية إفطاره بعد شهر من الصوم، حيث إنه يؤدي إلي اضطراب في نسبة الجلوكوز في الدم وارتفاع في ضغط الدم وتصلب الشرايين. وأشار إلي أن الغذاء الصحي في العيد هو الاعتدال في الأكل والشرب حتي لا يرتبك الجهاز الهضمي ويصاب الصائم بأمراض التخمة وعسر الهضم والخمول والرغبة في النوم. وأضاف إن الإكثار من تناول الكعك قد يكون السبب في الإصابة بالغيبوبة السكرية وارتجاع المريء مع الإضرار بالكبد وغيرها من الأضرار الصحية التي أكدها دكتور هشام الخياط أستاذ الكبد والجهاز الهضمي قائلا إنه من المعروف أن من عادات المصريين بعد صيام استمر فترة قرابة الثلاثين يوما أن يتناولوا في عيد الأضحي الكعك والبسكويت المحمل بالسمن البلدي والمحشي بالمكسرات والذي يؤدي إلي إرباك معدة الأصحاء، فما بالنا بالمرضي فمن المعروف أن الكعكة العادية بدون مكسرات تحتوي من 200 إلي 300 سعر حراري وهذا يساوي السعرات الحرارية في وجبة الإفطار كاملة، أما إذا كانت مليئة بالمكسرات فتكون الفاتورة باهظة حيث إن السعرات الحرارية تتضاعف إلي 900 سعر حراري، وهذا يؤثر بالسلب علي أجهزة الجسم المختلفة وللأسف لا يتناول الفرد كعكة واحدة ولكن يتناول أكثر من واحدة بالإضافة لغيرها من المعجنات كالبسكويت والبيتي فور، مما يؤدي إلي العديد من الأعراض السلبية كامتلاء المعدة بالمواد الدهنية التي تعوق عملية الطحن وهضم الأكل ويؤدي ذلك إلي تأخير خروج الأكل من المعدة، مما يؤدي لحدوث امتلاء وعسر الهضم بعد تناول الكعك ويؤدي بالتبعية لحدوث امتلاء، قد يمتد إلي يومين بعد إفطار اليوم الأول من العيد بالإضافة إلي حدوث فرصة ارتجاع المريء الناتج عن زيادة الضغط في المعدة وهذا يزيد من أعراض مرض ارتجاع المريء بجانب تأثير الكعك علي مرضي السكر والسمنة فالكعك يؤدي لارتفاع نسبة السكر بالدم ومن الممكن أن يحدث غيبوبة سكرية كما أن الكعك يزيد الوزن ويؤدي لمقاومة الخلايا للأنسولين كما أن الكعك يؤدي إلي ارتفاع نسبة الكولسترول والدهون الثلاثية مما يؤثر علي مرضي الضغط والقلب. أما عن فوائد كعك العيد فتقول عفاف أمين استاذ صحة الطعام بالمعهد القومي للتغذية إن كعك العيد يحتوي علي الكثير من العناصر الغذائية المفيدة، أهمها الكربوهيدرات و البروتين والدهون وبعض الإضافات الغذائية الطبيعية التي تميز الطعم والرائحة لهذه المخبوزات، بالإضافة إلي العسل والأنواع المختلفة من المكسرات التي هي مصدر من مصادر فيتامينe المعروف بقوته المضادة للأكسدة وأهميته في مقاومة أمراض القلب وتصلب الشرايين. وإضافة "رائحة الكعك" أثناء إعداده ذات أثر صحي إيجابي علي الجسم لدورها في زيادة إفراز العصارات الهاضمة وتنبيه المعدة والاثني عشر ليزداد نشاطها مما يساعد علي هضم نشويات ودهون الكحك، بالإضافة إلي أنها تعمل علي إزالة الإحساس بالتخمة والانتفاخ بعد تناوله حيث تتكون من أعشاب طبيعية مثل "المحلب، القرفة، القرنفل ، الحبهان ، وغيرها" والخميرة المضافة تحتوي علي فيتامين b. مشيرة إلي انه يجب الأخذ في الاعتبار أولا ألا تزيد السعرات الحرارية المستمدة من الدهون يوميا عن 25-30٪ من السعرات الكلية ، كما يجب ألا تتجاوز السعرات الحرارية من الدهون المشبعة (السمن) عن 10٪ (الجرام الواحد من الدهون يعطي 9 سعرات حرارية والجرام الواحد من الكربوهيدرات يعطي 4 سعرات حرارية). محذرة من أن الإفراط في تناول كعك العيد يؤدي إلي الإصابة بالبدانة حيث تحتوي الكعكة الواحدة علي 35 ٪ نشويات و30 ٪ سكريات و 35 ٪ دهون، إذا تناول كمية منه تمنح الجسم طاقة أكثر من احتياجه اليومي حيث تمد الكعكة الواحدة الإنسان بحوالي 400 سعر حراري (السعرات الحرارية والقيمة الغذائية في الكعكة الواحدة تعادل رغيفين من الخبز )، كما أن الغريبة 120 سعراً حراريا والبيتي فور الواحدة 90 سعراً حراريا . بينما يحتاج الإنسان يوميا إلي 2000- 1600 سعر حراري يحصل عليها من جميع الوجبات الغذائية. مؤكدة أننا يجب أن نراعي فيما نأكل ليس فقط الكمية بل النوعية أيضاً ، فعلي سبيل المثال البسكويت المصنوع من دقيق وسمن وبيض وسكريعتبر أقل في السعرات الحرارية وأكثر اعتدالا لاحتوائه علي البروتين وكربوهيدرات ودهون بكميات أقل، بالتالي لا يصيب الجهاز الهضمي بارتباك إذا تناوله الإنسان لكن بدون إسراف، كما أن كثيرا من الناس يحدث لديهم بعض الاضطرابات في القناة الهضمية نتيجة عدم وجود توازن في تناول العناصر الغذائية الأساسية من الكربوهيدرات والدهون والبروتين. وعن الروشتة التي يجب اتباعها تقول يفضل تناول الكعك إلي جانب المشروبات وخاصة شرب الحلبة والقرفة بعد الكعك يجنبنا آثاره الضارة، لان الحلبة تحتوي علي مادة "الجلاكتوفتان" التي تخفض مستوي السكر والكوليسترول في الدم وتناول مشروب القرفة يساعد أيضا علي هضم المواد الغذائية الدسمة التي تدخل في إعداد كعك العيد، مشددة علي أهمية المحافظة علي ممارسة الرياضة لحرق الطاقة الزيادة.