محمد العرابى من حق مصر المطالبة بتعديل الملاحق الأمنية في معاهدة السلام السياسة الخارجية ترتبط ارتباطا وثيقا بالوضع الداخلي للأوطان ومن ثم فإن ترسيخ معالم قوية للسياسة الخارجية في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير يحتاج منا إلي ترتيب الأوضاع الداخلية بما يحقق الاستقرار والأمن ومن ثم لابد أن يعود ذلك بالتأثير الإيجابي علي دور مصر الإقليمي والدولي وبالتالي يكون لنا صوت مسموع وقوي تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية الجديرة بالاهتمام.. ومن منطلق التطورات المتلاحقة التي تعاصرها المنطقة العربية في الآونة الحالية والتي تتركز في العديد من الأزمات وبؤر التوتر وعلي قمة هذه الأحداث الأزمة السورية وجمود عملية السلام في الشرق الأوسط والأزمة المتعلقة بالمياه في إطار التعامل مع دول حوض النيل وغيرها من القضايا والأزمات التي تتمتع بالأولوية لدي صانع القرار للسياسة الخارجية المصرية دار الحوار مع محمد العربي وزير الخارجية السابق ونائب رئيس حزب المؤتمر. ❊ بعد مرور أكثر من عامين علي ثورة 25 يناير مازالت هناك حاجة إلي وضع معالم ومحددات للسياسة الخارجية المصرية أكثر وضوحا لدعم الدور المصري في التعامل مع التحديات الماثلة أمامه في الفترة الراهنة؟ حتي يكون هناك سياسة خارجية صلبة وقوية فلابد أن تكون الأوضاع الداخلية مستقرة وقوية ومصر مازالت حتي الآن في فترة انتقالية قد تطول عدة سنوات ومن هنا حتي نحقق نهضة كبيرة علي صعيد السياسة الخارجية فلابد أن نعمل علي ترتيب أوضاعنا الداخلية ومن ثم ونتيجة لما سوف يتحقق علي الصعيد الداخلي من تقدم فلابد أن يترجم ذلك علي الصعيد الخارجي بحيث يصبح لمصر صوت قوي ومسموع خلال سياسة خارجية واضحة المعالم. وأضاف العرابي قائلا: هنا أود الإشارة إلي أن تحرك الرئيس محمد مرسي خلال الفترة الماضية وزياراته للهند والبرازيل وجنوب أفريقيا هو تحرك ومسعي جيد وإضافة لتحركات مصر الخارجية خلال السنوات الماضية حيث أوفدني وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط عندما كنت مساعدا لوزير الخارجية إلي دول البريكس التي زارها الرئيس مرسي من أجل السعي لانضمام مصر لهذا التجمع الذي يضم الدول البازغة اقتصاديا وقد كان معدل النمو الاقتصادي المصري حينذاك 6.7٪ وبالتالي فإن تحرك الرئيس مرسي تجاه هذه الدول نؤيده ولكن هذا المسعي لن تظهر ثماره بصفة سريعة لأن الأوضاع الاقتصادية في مصر في حاجة إلي إعادة ترتيبها ودعمها. ومن هنا ليس هناك مانع من أن يكون لمصر علاقات ثنائية قوية تصب في مصلحة مصر المشتركة مع هذه الدول وأدعو الجميع إلي عدم الاستعجال لجني ثمار العمل الخارجي لأن الأمور تأخذ وقتا طويلا للحصول علي ثمار نتيجة الجهود والتحركات الخارجية. وأضاف العرابي: لقد مرت قرابة العام علي تولي الرئيس محمد مرسي مقاليد الحكم في البلاد وكان هناك تحركات جيدة ولكن تحقيق الإنجازات مازال يحتاج لمزيد من الوقت وأود أن أؤكد بأن وزارة الخارجية ليست مسئولة عن عدم تحقيق إنجازات ملموسة في الشأن الخارجي وذلك لعدم استقرار الأوضاع الداخلية علي كافة الأصعدة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وكما ذكرت من قبل فإن استقرار الوضع الداخلي سوف يساهم في تحقيق مصر لمردود قوي علي صعيد تحركاتها الخارجية. الغزو السلمي ونحن نحتفل في هذه الأيام بذكري مرور خمسين عاما علي إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية والتي كانت مصر إحدي الدول المؤسسة لها تلقي أزمة المياه مع دول حوض النيل بظلالها في ظل إصرار أثيوبي علي بناء سد النهضة والعمل علي وضع اتفاق عنتيبي موضع التنفيذ رغم معارضة مصر والسودان دولتي المصب لهذا الاتفاق الذي يضر بمصالحهما المائية؟.. كيف يمكننا حل هذه الأزمة وما هي الخيارات المطروحة لذلك؟ - إدارة علاقات مصر مع الدول الأفريقية بوجه عام ودول حوض النيل بوجه خاص مازالت تقليدية ولم يضف إليها أي نوع من أنواع الابتكار. وهناك تأخر في التعامل مع ملف مياه النيل وكنا نتوقع من الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء الذي كان وزيرا سابقا للري ومسئولا عن هذا الملف أن يضع هذه الأزمة علي قمة أولوياته في التحرك الخارجي منذ أن تولي منصب رئاسة الوزراء وأن يعمل علي التفكير في استنباط أساليب جديدة لمعالجة هذه الأزمة. وعلي كافة الأحوال فإنني مازلت أري أن المصالح المشتركة أهم الوسائل التي يمكن أن نغزو من خلالها الدول الأفريقية بصفة عامة ودول حوض النيل بصفة خاصة والمقصود هنا (الغزو السلمي) لهذه الدول. ومن هنا يجب التفكير في وسائل للربط بيننا وبين هذه الدول سواء من خلال الربط الكهربائي أو تسيير رحلات الطيران المباشرة معها أو الربط من خلال الاتصالات أو الموانئ وغير ذلك من الأمور. هناك حاجة لتفكير استيراتيجي واسع يصل بنا إلي دعم المصالح المشتركة بين مصر وهذه الدول بحيث يتم استخدام مصر كنقطة انطلاق تجاري لنا ولهذه الدول نحو مختلف دول العالم لابد أن نجعل دول حوض النيل نقطة التقاء للتعاون المشترك وليس للمواجهة. المنظومة العربية ضعيفة في عملية السلام مازال الجمود هو سيد الموقف وإدارة أوباما الثانية مازالت محلك سر في التعامل مع هذه الأزمة وهناك تراجع في الدور العربي ومحاولات لتقليص الدور المصري في هذا النطاق؟ فما هو تعليقكم علي ذلك؟ - قال العرابي: مما لاشك فيه أن إنكفاء مصر علي مشاكلها الداخلية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير أضعف من عنصر المبادرة المصرية تجاه إعادة إحياء عملية السلام فمصر دائما هي التي كانت تأخذ بزمام المبادرة في هذا النطاق.. يضاف إلي ذلك استمرار حالة التفكك والانقسام الفلسطيني رغم المحاولات المصرية الجادة لإيجاد توازن دقيق بين الطرفين وبخلاف ذلك فإن اللجنة الرباعية المعنية بجهود السلام في المنطقة شبه معطلة ولاتوجد إرادة سياسية دولية لدفع عجلة السلام فالرؤية الأمريكية الحالية خلال إدارة أوباما الثانية قائمة علي الإيحاء بأن هناك عملية سلام من خلال زيارات متعاقبة لوزير الخارجية الأمريكي للمنطقة وطرح أفكار كل فترة دون تحقيق إنجازات علي الأرض. والأهم من ذلك كله فإن المنظومة العربية الحالية ضعيفة ومفككة وهناك ترقب دولي لكل ذلك ومن ثم فإن عملية السلام لن يقوم لها قائمة إلا عندما يصل العالم العربي لحالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي وإيجاد موقف عربي قوي ومتماسك والشواهد جميعها تدل علي أن إحياء عملية السلام مازال بعيد المنال في الوقت الحالي. الوضع في سوريا مازال نزيف الدم السوري مستمر اً والأوضاع تزداد سوءا بالرغم من الحديث عن إيجاد حل سياسي للأزمة وقبول نظام بشار الأسد بحضور مؤتمر جنيف إلا أن المواقف المترددة علي الصعيدين الإقليمي والدولي تجاه هذه الأزمة يعقد من الموقف علي الأرض السورية؟ - إن الحل السياسي للأزمة السورية لم ينضج بعد ولكن الموقف المصري مازال ثابتا ولم يتغير تجاه هذه المشكلة والذي يؤكد إيجاد حل سياسي للأزمة في إطار الحفاظ علي وحدة التراب السوري ولكن الموقف الدولي هو الذي يتغير بين الحين والآخر في التعامل مع الأزمة السورية. ومن ناحية أخري فإن حالة عدم الاستقرار في الدول العربية تلقي بظلالها علي التفكير الاستراتيجي الدولي الخاص بالمشكلة السورية وهناك مخاوف لدي الشعب السوري من طبيعة الأوضاع المستقبلية بعد التغيير في سوريا والسؤال الذي يبرز الآن ماذا بعد الأسد؟ فهذا هو الهاجس الذي يسيطر علي تفكير الشعب السوري والدول الكبري الآن.. وعلي كافة الأحوال فإن الحل الأمثل هو الحل السياسي الذي يضمن انتقالا سلميا للسلطة تحت إشراف دولي وتوافق بين كافة الأطياف السورية. هل تتوقعون حدوث انفراجة في العلاقات المصرية الإيرانية بعد مغادرة أحمدي نجاد للسلطة في طهران لاسيما أن أسلوب السلطة الحالية في إيران من أحد الأسباب الرئيسية في المخاوف التي تسيطر علي الجانب المصري في هذا النطاق؟ - لا أعتقد أن هوية من يحكم إيران هي التي تؤثر علي شكل العلاقات المصرية الإيرانية ولا أتوقع أن يكون هناك تغيير في الحالة المصرية الإيرانية بعد ترك أحمدي نجاد للسلطة فسوف ننتظر لفترة لن تكون قصيرة حتي نري تغييرا جذريا في العلاقة المصرية الإيرانية ولكن التعاون والمشاورات السياسية بين البلدين سوف تستمر في الحدود الموجودة حاليا. وأعتقد أن إيران سوف تنشغل في الفترة القادمة بمصير سوريا وحزب الله وهي مطمئنة لدفء العلاقات مع مصر وبالتالي لن تكون إيران ملحة في الإسراع بإحداث تغيير جذري في طبيعة هذه العلاقات. سيناء ومعاهدة السلام وفي ختام الحوار كان لابد من التساؤل عن الأوضاع الأمنية في سيناء ولاسيما أن المطالبة بتعديل الملاحق الأمنية لمعاهدة السلام مع إسرائيل أصبحت أكثر الحاحا بعد حادث اختطاف الجنود السبعة والذين تم تحريرهم بنجاح؟ - قال وزير الخارجية السابق: من حق مصر المطالبة بتعديل بعض الملاحق الأمنية في معاهدة السلام ولكنني ذكرت أكثر من مرة بأن إسرائيل لن ترغب في فتح هذا الملف وبالتالي فنحن بحاجة إلي بعض الضغوط الأمريكية والأوروبية علي إسرائيل لدفعها للموافقة علي فتح هذا الملف لأن تعديل بعض الملاحق لايتم إلا بموافقة طرفي المعاهدة. ولكنني أشعر بارتياح وفي أعقاب عملية تحرير الجنود المصريين الذين تم اختظافهم مؤخرا بأن القوات المسلحة لديها القدرة علي الدفع بقوات ثقيلة عند الحاجة لذلك علي أرض سيناء وهذا تقدم في الرؤية المصرية تجاه أمن سيناء وبالتالي يجب علينا عدم الانتظار حتي يتم فتح تعديل الملاحق الأمنية لمعاهدة السلام مع إسرائيل وأن نعمل علي إعادة النظر في كفاءة القوة الأمنية الموجودة علي أرض سيناء بأن يتم اختيارهم من أفضل العناصر ذات الكفاءة العالية وذلك لأن مصر مسئولة وفقا لقواعد القانون الدولي عن حماية حدودها ومن ثم فلابد أن تكون العناصر الأمنية المتواجدة علي الحدود مؤهلة بدرجة كبيرة للقيام بهذه المهام الوطنية.