موكب الرئيس قبل الحادث بدقائق رغم مرور ما يقرب من خمسة عقود علي مقتل الرئيس الأمريكي السابق جون كينيدي إلا أن محاولات فك لغز مقتله، ستظل الشغل الشاغل للكثيرين حول العالم وليس للأمريكيين وحدهم. فبين الحين والآخر تظهر وثائق وتكشف تقارير، توضح تعرض كينيدي، الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة، لمؤامرة وأن المتهم "لي هارفي أوزوالد" ما هو إلا أداة للتخلص منه، وكان من أهمها تلك التي اتهمت الرئيس ليندون جونسون بأنه العقل المدبر لعملية الاغتيال، واليوم يؤكدها كتاب جديد، لأحد صقور الإدارة الأمريكية خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، مصحوباً بالأدلة والمستندات، يكشف فيه الكثير من الحقائق التي عاصرها عام 1963 ورصدها من خلال تسجيلات صوتية. أسرار جديدة وحقائق مثيرة تسرد بالتفاصيل لأول مرة عن أشهر عمليات الاغتيال في القرن العشرين في كتاب ضخم بعنوان "الرجل الذي قتل كينيدي، القضية ضد ليندون جونسون" والذي سيصدر في أكتوبر المقبل للخبير الاستراتيجي روجر ستون، 61 عاماً، مساعد الرئيس ريتشارد نيكسون وأحد المقربين من دائرة صنع القرار بالكونجرس آنذاك، مما أعطي أهمية للكتاب ومحتواه. فلا أحد يعرف حقيقة ما حدث في مدينة دالاس الأمريكية في 22 نوفمبر 1963 يوم اغتيال كينيدي، لتظل الأمور مغلفة بالغموض مما فتح باب الجدال حول نظريات التآمر علي قتله. فنظريات المؤامرة السابقة ورطت كل شخص ذي علاقة بالسلطة في الولاياتالمتحدة في الستينات، بمن فيهم ليندون جونسون نفسه، إلا أن دليل جديد يثبت وقوف جونسون وراء عملية الاغتيال. ويقول المؤلف إن الرئيس جونسون تولي بنفسه إعداد السيناريو المميت واستأجر من قتلوا كينيدي، ثم سار في جنازته، وجلس علي كرسيه في البيت الأبيض في الفترة ما بين 1963 و1969 بحكم أنه كان نائبه. وفي كتابه، يوضح ستون، الذي كان في مجلس النواب وقتها، أن جونسون تدخل شخصياً ليعيد بنفسه رسم مسار الموكب، الذي أعد للرئيس كينيدي في ظهيرة 22 نوفمبر 1963 خلال زيارته دالاس، تكساس. وكان مما عدله أن يمر الموكب بمنطقة "ديلي بلاتزا" رغم أن جولة كينيدي شملت أيضاً زيارته أوستن وهيوستن، وفي تنسيق كامل مع حاكم تكساس وقتها جون كونولي، رسم بدقة مسار موكب كينيدي، بحيث يمر بمنطقة "ديلي بلاتزا"، وهذا هو الموقع الذي اغتيل فيه الرئيس، بعدما أطلق عليه "لي هارفي أوزوالد" الرصاص من بندقية قناصة من مبني كان مخزناً للكتب، الموجود بتلك المنطقة. بعد أن توقف الموكب لبرهة في تلك المنطقة التي أطلق فيها النار عليه. ويقول المؤلف إن جونسون، ونيكسون، كانت تربطهما علاقات، تثبتها وثائق عدة، باليهودي "أوزوالد"، وكذلك كان علي علاقة ب "جاك روبي" الذي قتل أوزوالد حتي لا يكشف المؤامرة. ويضيف أن هذه العلاقات بين الرجلين، اللذين صار كل منهما رئيساً للولايات المتحدة، وقاتل أوزوالد تعود إلي سنوات طويلة قبل تلك الأحداث الشهيرة. ووفقاً للأدلة فإن جونسون كان علي علاقة مع روبي منذ عام 1947 عندما كان نائباً بالكونجرس، وطلب من نيكسون والذي كان نائباً أيضاً أن يعمل علي توظيف روبي في مجلس النواب. فالاسم الحقيقي لروبي هو "جاكوب ليون روبنشتاين"، الذي انتقل من مسقط رأسه شيكاغو إلي دالاس في 1947. وقد توفي روبي بالانسداد الرئوي في يناير عام 1967بعد ما يقل عن أربع سنوات منذ قتله ل"أوزوالد" حتي لا يعلم أحد سر عملية مقتل كينيدي . ويقول المؤلف إنه يملك وثائق تثبت هذا الأمر، وإنه ضمنها كتابه المقبل، الذي أنجزه بالاشتراك مع الكاتب مايك كولابيتيرو. ويأمل بعض المراقبين أن يساعدهم الكتاب علي فك لغز الشريط الصوتي لمحادثات سجلت علي متن الطائرة الرئاسية بعد اغتيال كينيدي، الشريط الذي أزيح عنها الستار العام الماضي بعد أن تم العثور علي تسجيل نشره الأرشيف الوطني الأمريكي والذي تقدر مدته بساعتين و20 دقيقة، بعدما اشتراه أحد عملاء مجموعة راب المتخصصة في جمع المخطوطات والتسجيلات في بنسلفانيا من ورثة الجنرال شيستر كليفتون مساعد كينيدي السياسي. وأفادت وسائل الإعلام الأمريكية بأن التسجيل هو لما قيل في الطائرة الرئاسية التي كانت تنقل جثة الرئيس كينيدي والرئيس الجديد ليندون جونسون من دالاس إلي واشنطن. ويتضمن التسجيل محادثات لم تسمع من قبل بين طاقم الطائرة الرئاسية وغرفة الطوارئ في البيت الأبيض وقاعدة أندروز الجوية وطائرة أخري كانت تقل سكرتير كينيدي الصحفي "بيير سالينجر"، وستة وزراء آخرين كانوا في طريقهم من هاواي إلي طوكيو عند اغتيال الرئيس. وضمن ما تحويه التسجيلات المشاورات بين المسئولين حول أي مستشفي يتعين نقل جثمان كينيدي إليه بعد الحادثة، وضرورة أن تصاحبه أرملته جاكلين كينيدي، إضافة إلي مناقشات مطولة عن ترتيبات سيارات الإسعاف والليموزين، التي يجب أن تكون في استقبال الطائرة الرئاسية. إلا أن ساعات عديدة من التسجيلات لا تزال مفقودة لأن المدة التي يفترض أن تكون موجودة هي أكثر من 4 ساعات بدءاً من الساعة الثانية بعد الظهر وإلي ما بعد السادسة مساء لدي وصول الرئيس الجديد ونعش كينيدي إلي قاعدة سلاح الجو أندروز في ضواحي ماريلاند. وهذا ما يعني أن الشريط تعرض لحذف أجزاء مهمة منه بدون تفسير معروف أو السبب الذي جعل المسئولين إلي اتخاذ قرار بحذفها. ولهذا يأمل البعض أن يجاوب كتاب ستون علي علامات الاستفهام. ولم يكن ستون وحده هو الذي شك في جونسون منذ الحادث بل كانت جاكلين كينيدي أيضاً تؤمن بأن جونسون نائب زوجها، هو من دبر اغتياله استجابة لضغوط عصبة من كبار رجال الأعمال الأمريكيين. وجاء ذلك في صحيفة "ديلي ميل" البريطانية في حوار سجلته "جاكي" مع المؤرخ آرثر شليسينجر الابن. أتي في تصريحات جاكي إيمانها بأن "أوزوالد"، كان مجرد أداة في يد جونسون وعصبة من أكبر رجال الأعمال التكساسيين، الذين كانوا يطمحون لعقود تجارية مربحة في فيتنام. وتزعم جاكي أن هؤلاء الرجال كانوا يعلمون أنهم لن يحصلوا علي أي عقود، طالما كان زوجها في البيت الأبيض، ولذا تعينت إزاحته لمصلحة جونسون، المتفاهم والشريك في الأرباح. وتأكيداً لتصريحات جاكي، جاءت أقوال "مادلين دونكان براون"، عشيقة قديمة لجونسون، التي قالت إن جونسون قال لها ببرود مخيف في الليلة التي سبقت حادثة الاغتيال إن كينيدي لن يحرجه بعد الآن أبداً. وأضافت قائلة إن الذي قتل كينيدي هو نائبه جونسون. وفي حوار قبل وفاتها مع إحدي الصحف الأمريكية، عام 2002 أوضحت أن جونسون وإمبراطور شركات البترول "إتش إل هنت" قد طرحا فكرة اغتيال كينيدي لأول مرة في مؤتمر للحزب الديمقراطي أقيم عام 1960. وفي يوم مقتل كينيدي، قال لها هنت إنهم ربحوا الحرب. وذكرت مادلين أسماء المسئولين عن مقتل كينيدي فقالت إنهم يمثلون جهات اجتماعية وسياسية مختلفة تحيط بجونسون وهنت ومنهم رجال أعمال فاحشو الثراء وقضاة ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي إدجار هوفر. وفي عام 2003 ظهر كتاب بعنوان "الشاهد الأخير" للمؤلفين وليم ريمون وبيللي سول استس عن دار "فلاماريون" في باريس يتهم فيه بشكل مباشر جونسون بأنه هو الذي رتب اغتيال الرئيس، وهذا الكتاب أثار جدلاً في الأوساط الأوروبية والأمريكية آنذاك، خاصة أنه تزامن مع عرض وثائقي علي القناة الفرنسية "قنال بلوس" للصحافيين الفرنسيين وليم ريمون صاحب الكتاب وبرنار نيكولا وذلك بعد بحث وتدقيق استمر ثلاثة أعوام.