صابر عرب أثناء الاجتماع مع قيادات وزارة الثقافة في الحادي والعشرين من أبريل الحالي حلت ذكري عملاقين يمثل رحيلهما خسارة فنية لا تقدر بثمن، صلاح جاهين وسيد مكاوي وشاءت الصدفة أن يرحل جاهين ويلحق به سيد مكاوي بعد 11 عاما ولكن في نفس التاريخ. صلاح جاهين فيلسوف البسطاء الضاحك وافته المنية عام 1986 وقد أصابت صلاح جاهين حالة اكتئاب بعد نكسة 1967 إلا أنه اجتاز الأزمة عبر رسوماته الكاريكاتيرية وأشعاره ورباعياته. من مواليد ديسمبر 1930 وقد ظهرت بوادر السخرية مبكراً عند صلاح جاهين وهو طالب في الثانوية كما أنه درس الفنون الجميلة ولكنه لم يكملها حيث درس الحقوق. عمل صلاح جاهين محررا في عدد من المجلات والصحف.. كما أنتج العديد من الأفلام التي تعتبر خالدة في تاريخ السينما الحديثة مثل أميرة حبي أنا وفيلم عودة الابن الضال وكتب سيناريو فيلم خلي بالك من زوزو والذي يعتبر أحد أكثر الأفلام رواجا في السبعينيات إذ تجاوز عرضه حاجز 54 اسبوعا متتاليا. وكانت ثورة 23 يوليو مصدر إلهام لجاهين. سيد مكاوي نشأ في أسرة شعبية بسيطة في حي الناصرية في السيدة زينب في القاهرة في 8 مايو 1926 كان كف بصره عاملا أساسيا في اتجاه أسرته إلي دفعه للطريق الديني بتحفيظه القرآن الكريم فكان يقرأ القرآن ويؤذن للصلاة في مسجد أبو طبل ومسجد الحنفي بحي الناصرية. كان سيد مكاوي في بدايته مهتما أكثر بالغناء ويسعي لأن يكون مطربا وتقدم بالفعل للإذاعة المصرية في بداية الخمسينات وتم اعتماده كمطرب بالإذاعة وكان يقوم بغناء أغاني تراث الموسيقي الشرقية من أدوار وموشحات علي الهواء مباشرة في مواعيد شهرية ثابتة. في منتصف الخمسينات بدأت الإذاعة المصرية في التعامل مع سيد مكاوي كملحن. بدأ سيد مكاوي في تقديم المسحراتي مع الشاعر العبقري فؤاد حداد الذي صاغها شعرا وظل يقدم المسحراتي بنفس الأسلوب حتي وفاته واشترط أن يقوم هو بغنائها والاستغناء نهائيا عن الفرقة الموسيقية وتقديم المسحراتي بالطبلة المميزة لتلك الشخصية . كان لسيد مكاوي اهتمام شديد بقضايا مصر وكذلك القضايا القومية للوطن العربي وشارك في الكثير من المناسبات القومية الهامة ففي أثناء عدوان 1956 علي بورسعيد قدم سيد مكاوي أغنية جماعية وهي أغنية ح نحارب ح نحارب كل الناس ح تحارب وفي حرب 1967 قدم سيد مكاوي عقب قصف مدرسة بحر البقر أغنية (الدرس انتهي لموا الكراريس) للفنانة شادية وعقب قصف مصنع أبوزعبل قدم أغنية جماعية هي (احنا العمال اللي اتقتلوا) والأغنيتان للشاعر العظيم صلاح جاهين كما اجتذب المسرح الغنائي هذا الملحن الموهوب ففي عام 1969 كان بداية اشتراك سيد مكاوي بتقديم ألحانه للمسرح الغنائي ومنها أوبريت (القاهرة في ألف عام)... وقد حقق أوبريت الليلة الكبيرة نجاحا غير مسبوق ما زال مدويا حتي الآن والتي سبق تقديمها في نهاية الخمسينات للإذاعة المصرية كصورة غنائية. ومن المحطات المهمة في حياة سيد مكاوي رباعيات صلاح جاهين والتي قدمت من خلال إذاعة صوت العرب في نهاية الستينات من إخراج أنور عبدالعزيز وتم إعادة تسجيلها بصوت علي الحجار.