3 ملايين و 400 ألف فدان »تحت رحمة« السولار مازالت أزمة السولار تلقي بظلالها علي الاقتصاد المصري فبعد أن ضربت محصول البنجر هذا العام ، بات محصول القمح علي أعتاب الأزمة . وتتطلع مصر إلي تحقيق حلم الاكتفاء الذاتي من القمح والاستغناء عن استيراد نصف احتياجات الشعب منه، وتسعي الحكومة لتحقيق ذلك الحلم عبر عدة سبل كان من بينها "الحملة القومية لزيادة محصول القمح" التي تهدد أزمة نقص السولار التي تشهدها المحافظات بالتوقف، مما يسبب تخوفاً كبيراً من توقف الحملة ، والقضاء علي تطلعات مصر في وقف استيراد القمح من الخارج والاكتفاء الذاتي منه، وتكبد الفلاح لهذه الخسائر في نهاية المطاف. تهدف" »الحملة القومية لزيادة محصول القمح" بمصر إلي تخفيض معدل الاستيراد إلي الربع خلال ثلاث سنوات، لتبدأ بعدها العمل مجددا للوصول لحلم الاكتفاء الذاتي أو علي الأقل الاقتراب منه ، والتي تتم بالتعاون بين وزارة الزراعة وأكاديمية البحث العلمي، وبالفعل ونتيجة للحملة كان هناك زيادة في إنتاجية الفدان من القمح، بلغ حجم الزيادة في كمية القمح المزروع العام الماضي1.1 مليون طن، وهي زيادة سنوية غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث، حسب أقوال الخبراء ، كما وصل إنتاج مصر سنويا من القمح إلي 7.5 مليون طن، فيما يتم استيراد 7.5 مليون طن أخري من الخارج لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك . بينما كانت الفائدة التي جنتها الدولة من زيادة حجم الإنتاج المحلي هي توفير 330 مليون دولار كانت ستذهب للاستيراد، وتقوم آلية هذه الحملة علي الربط بين البحث العلمي والتطبيق من خلال آلية ما يعرف ب الحقول الإرشادية، التي يملكها فلاحون، ويتم تخصيصها للحملة في مقابل منح أصحابها الأصناف عالية الإنتاجية من البذور مجانا التي يريد الباحثون زراعتها، وكذلك الأسمدة المطلوبة في الزراعة، إلي جانب تقديم الدعم الفني له، وسميت كذلك باعتبار أن المطلوب منها أن تكون هذه الأراضي "إرشادية" لغيرها من المحيطين بها. وأدي ذلك إلي التوسع الرأسي، وقيام هيئة السلع التموينية بالتجاوب معه عن طريق شراء القمح من الفلاح بسعر جيد، إلي إقبال الفلاح علي زراعة القمح ، مما أدي إلي زيادة المساحة المزروعة. وكان تقرير صادر عن قطاع الخدمات الزراعية التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، كشف أن مصر نجحت في زيادة مساحة الأراضي المزروعة بمحصول القمح لتسجل 3 ملايين، و96 ألفًا، و100 فدان في نهاية العام .2012 لتأتي أزمة الوقود وتهدد الحملة القومية لزراعة القمح بالتوقف بسبب أزمة السولار التي تشهدها البلاد في الفترة الأخيرة وتؤثر سلبا علي عمليات ري المحصول. وأعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي في بيان لها عن وجود أزمة في استكمال الحملة القومية لزراعة القمح بالمحافظات التي يهدف منها زراعة حوالي 3ملايين و400 ألف فدان، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح. وأوضح البيان الرسمي للوزارة أن أزمة نقص السولار تسببت في توقف عمليات الري خاصة عند ارتفاع درجة حرارة الجو خلال هذه الفترة من الموسم وكذلك ستتسبب في توقف عملية الحصاد وجمع المحصول. كما أن هناك تخوفا من قبل الفلاحين من تكبد خسائر كبيرة في محصول القمح ، وتهديد الحملة القومية للاكتفاء من القمح بالمحافظات الذي قد يتسبب في حدوث نقص في وفرة الخبز، خاصة في ظل أزمة الخبز الحالية مما سيجبر الحكومة علي استيراد كميات أكبر لسد العجز، حيث إن المحصول الذي أوشك علي الحصاد مهدد بتراجع كبير في الإنتاجية يصل إلي 30٪ بسبب أزمة السولار، الذي يعتمد عليه المزارع في ري الأرض، وبالتالي فإن الرية النهائية سوف تتأخر، مما ينتج عنه تأخر الحصاد، وهو ما يهدد بتساقط حبات القمح من السنابل، وهدر كبير في المحصول . من جانبه يقول بديع محمد (مزارع): إن الأزمة بلغت ذروتها، مع وجود أزمة طاحنة في السولار، الأمر الذي يؤثر بشدة علي عمليات حصاد محصول القمح، حيث يواجه أصحاب الآلات والمعدات الزراعية من جرارات وماكينات حصاد ودرس وري، صعوبة بالغة في الحصول علي ما يحتاجون إليه من سولار لتشغيل هذه الآلات، وأصبحت تجارة السولار في السوق السوداء تجارة رائجة، كما أن مزارعي القمح توقفوا عن حصاد المحصول نتيجة اختفاء السولار، مما تسبب في تعطل ماكينات حصد ودرس القمح، لافتا إلي تهافت المزارعين علي محطات الوقود أملا في الحصول علي كميات ضئيلة من السولار، لتشغيل الآلات الزراعية وماكينات الري لإنقاذ المحصول. ويري أحمد عبدالغفار (مزارع) أنه في حالة استمرار أزمات الوقود علي هذا النهج مع عدم وجود خطط لحلها ستتتحول أزمة نقص السولار إلي أزمة مزمنة قد تحدث أثناء حصد محصول القمح وهو ما يحدث الآن؛ حيث تعطل الكثير من الجرارات الزراعية بسبب النقص الحاد في السولار وهو ما يهدد المزارعين بتلف محصول القمح لعدم توفر السولار الكافي لتشغيل الجرارات الزراعية التي تقوم بحصد محصول القمح . من جانبه يقول محمد عبد القادر (نقيب الفلاحين): إن نقص السولار تسبب في توقف عمليات الري والحصاد وهو ما سيؤدي إلي ضمور في محصول القمح وينتج عنه خسائر كبيرة لن يتحملها سوي الفلاح، ذلك بالإضافة إلي أن ارتفاع أسعار تأجير آلات الري والحصاد اللازمة لإنتاج محصولي القمح وقصب السكر، مستنكرا دور وزارة الزراعة التي أعلنت أكثر من مرة عن توفير السولار للمزارعين عن طريق التعاونيات وإعلانها عن حصر جميع مساحات القمح لتوفير السولار للمساحات التي تصل إلي 3 ملايين و400 ألف فدان لتغطية معدلات استهلاك الري والحصاد وتوفير كميات السولار لعربات نقل المحصول إلي شون التخزين بالاتفاق مع وزارة البترول وبالتنسيق مع الجمعيات التعاونية المركزية بالمحافظة والجمعيات المشتركة بالمراكز، وهو ما لم يتم تنفيذه حتي الآن. وأشار أسامة البهنساوي أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الأزهر إلي إن أزمة السولار ستتسبب في قلة إنتاجية محصول القمح هذا العام وهو ما سيؤدي بدوره إلي استيراد الأقماح من الخارج بتكلفة ستؤثر سلبا علي الموازنة العامة للدولة، وبهذا ستصل احتياجات مزارعي القمح إلي 150 مليون لتر من السولار لمزارعي القمح في المحافظات خلال هذا الشهر الحالي وحتي مايو المقبل لتغطية احتياجات ري المساحات المنزرعة بالقمح، بالإضافة إلي استخدامها آلات حصاد القمح والتعبئة والنقل من المزارع إلي مناطق التخزين بالشون التابعة لبنك التنمية والائتمان الزراعي والصوامع والمطاحن التابعة لوزارة الاستثمار، موضحا أن استمرار الأزمة يهدد إنتاج المحصول ويرفع الفاقد في أماكن التخزين ،كما أن دعم الخبز سيزيد من 16 مليار جنيه ليصل إلي حوالي 20 مليارا، بسبب توقف حملة النهوض بزراعة القمح بالمحافظات. وكانت أزمة السولار ألقت بظلالها الرمادية علي عدد من المحافظات، حيث أتلفت محصول البنجر هذا العام، ما أدي إلي غضب مزارعي البنجر بعدد من المحافظات أبرزها الفيوموالمنيا والجيزة وكفر الشيخوالدقهلية والذين ألقوا بدورهم اللوم علي الحكومة التي فشلت في تلافي الأزمة، ممثلة في وزارة الزراعة ومصانع السكر، بعدما فقد المزارعون نسبة كبيرة من المحصول. كما ألقت أزمة السولار بظلالها علي موسم توريد البنجر من مزارعيه إلي مصانع إنتاج السكر، لبدء تصنيعه حيث لم تتجاوز طاقة النقل 30٪ من الطاقة التي يفترض الالتزام بها. وتنتشر زراعة بنجر السكر في مصر في محافظات الوجه البحري والقبلي، حيث إن الطاقة الإنتاجية للمصانع القائمة تحتاج إلي زراعة حوالي 200 ألف فدان حتي يمكن أن تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية في مصانع كفر الشيخوالدقهليةوالفيوم وأبو قرقاص تنتج أكثر من نصف مليون طن من السكر. ويعد البنجر المحصول الثاني لإنتاج السكر بعد القصب في مصر والعالم، حيث يمثل السكر الناتج منه حوالي 25٪ من السكر في مصر، و40٪ من السكر المنتج في العالم، وقد أدخلت الزراعة التجارية لبنجر السكر في مصر اعتبارًا من موسم 1981/ 1982 أي أنه لا يزال حديثًا علي الزراعة المصرية. وتحتل محافظة كفر الشيخ النسبة الأكبر في زراعة البنجر في مصر، والتي تعرضت بشكل أكبر للخسارة وتلف المحصول، ويري عضو نقابة الفلاحين بكفر الشيخ أحمد جودة، أن كميات كبيرة من محصول البنجر تعرضت للتلف خلال الفترة الماضية بعدما تم إلقاؤها لمدة تزيد علي 5 أيام علي الطريق في انتظار ناقلات مصنع الدلتا للسكر مما أدي إلي تلف المحصول، مشيرا إلي أن الأزمة الحالية حدثت بسبب نقص السولار. وأضاف جودة: إن الخسائر بالغة لدرجة أنه من الصعب تحديد حجم الخسائر حتي الآن نظرا لاستمرار موسم الحصاد، مؤكدا أن محصول آلاف الأفدنة يتعرض للتلف ، ومن الممكن أن يؤثر نقص السولار علي محاصيل أخري. موضحا أنه كلما سأل الفلاحون عن سبب تأخير نقل المحصول يؤكد المصنع أن سبب التأخير هو عدم وجود سولار. كما سادت حالة من السخط بين مزارعي البنجر في محافظة الدقهلية، بسبب أزمة السولار التي ضربت المحافظة في الآونة الاخيرة، خاصة خلال موسم توريد البنجر من المزارع إلي مصانع إنتاج السكر ببلقاس. وقال المهندس عبدالجواد سويلم، كبير مزارعي البنجر بالدقهلية، إن هناك أزمة في نقل البنجر من الحقول للمصانع بسبب نقص السولار، موضحا أن طاقة النقل تبلغ 30٪ من الطاقة التي يفترض الالتزام بها. وأضاف أن المصنع يستوعب من 3 إلي 4 آلاف طن بنجر يوميا، بينما من المتوقع ألا يتجاوز معدل التسليم 1000 طن فقط، بسبب نقص السولار اللازم لنقله، إضافة إلي انعدام الأمان علي الطرق. كما طالت الأزمة محافظة المنيا ، حيث أكد سالم أحمد سالم، عضو نقابة الفلاحين بالمنيا، أن عددا كبيرا من مناطق الصعيد يقوم الأهالي فيها بتخزين السولار، حتي لا يواجهوا أزمة في بداية موسم حصاد القمح الذي يبدأ أول الشهر المقبل، مشيرا إلي أن نقص السولار هو السبب الرئيسي في الأزمة.