لقد بهرت الأحجار الكريمة أعين الناس وأسرت أفئدتهم عبر مختلف العصور والأزمنة وكانت موضع إعجاب ودهشة وتقدير وأقيمت لها الطقوس والمراسم الخاصة كما حصل مع حجر اللازوريت في مصر القديمة، إذ استخدم المصريون القدماء الكثير من الأحجار الكريمة كطلاسم وأحجبة وصنعوا منها حلاهم، فاستعملوا مثلا حجر الفيروز للحماية والوقاية من الشياطين والجن وأيضا عرفوا كيفية استخدام هذه الأحجار والطاقة الموجودة بها، حيث استخدموا بعض أنواع الأحجار المعدنية المشعة لتأمين وحماية مقابر الموتي وممتلكاتهم من السرقة، كما استخدموها في العلاج والزينة للنساء لما للكثير منها من أشكال وألوان جميلة ومميزة. ويعد الفيلسوف الكندي من أقدم خبراء العرب المسلمين في التمييز بين الأحجار الكريمة، وقد صنف كتاباً مهماً باسم (الجواهر والأشباه)، كما ألف البيروني كتاباً باسم (الجماهر في معرفة الجواهر) حيث وصف فيه 81 حجراً كريماً وصفاً جيداً، وهو من أهم الكتب التي ألفت في المعادن والأحجار الكريمة، كما أن أحمد بن يوسف التيفاشي ألف كتاب (أزهار الأفكار في جواهر الاحجار) والذي بحث فيه عن أصل المعادن والأحجار الكريمة ونشأتها وتصنيفها، أما ابن الاكفاني فقد ألف كتاب (نخب الذخائر في أحوال الجواهر) ويشمل وصف أربعة عشر حجراً كريماً، ويعتقد أن العرب قد ألفوا خمسين كتاباً في الأحجار الكريمة أولها كتاب (منافع الأحجار) لعطارد بن محمد الحسيب. ولندخل إلي أسرار عالم الأحجار الكريمة وخباياه مع عالِم الجيولوجيا "نبيل صيام" الذي حدثنا عن الأحجار الكريمة وعرفها أنها معادن تتكون في داخل القشرة الأرضية ولا دخل للإنسان في تكوينها ولكنه يقوم باستخراجها من الأرض وتنتج الأحجار من عدة أشكال، منها ما يتولد نتيجة انصهار بعض المواد والمعادن من باطن الأرض بفعل الحرارة العالية، ومن ثم تجف، وحسب نوعية هذه المواد وتفاعلها مع الطبيعة يتشكل الحجر، مثل الياقوت، ومن الأحجار ما يتولد من النبات، مثل الكهرمان، وقد يرجع تكون الحجر إلي حيوان، مثل اللؤلؤ والمرجان، وتأتي منافع الأحجار وفقاً لطبيعتها، وتشمل الأحجار الكريمة الألماس والياقوت والسفير والزمرد.. الخ، أما الأحجار نصف الكريمة فهي معادن تستخرج من داخل القشرة الأرضية مثل الفيروز والعقيق والجمشت والالكسندرايت، وسميت بالأحجار نصف الكريمة لأنها أقل سعراً وجمالاً وصلادة من الأحجار الكريمة. وأضاف أن علم المعالجة بالأحجار الكريمة يعتبر أحد علاجات الطب البديل، والأحجار الكريمة - وبالأخص البلورية منها - قد تشكلت منذ أكثر من مليون عام في باطن الكرة الأرضية، وهي مستمرة في نموها وتطورها إلي الأبد سواء فوق سطح الأرض أم تحته، ويتميز تشكل الأحجار النفيسة بتنوعه الفني سواء من حيث الشكل واللون والبريق مما يمنحها مسحة ساحرة من الجمال الخلاب. إن الأسلوب الأساسي المتبع في علم المعالجة بالأحجار الكريمة يعتمد علي وضع الأحجار علي نقاط أو مراكز الجسم بهدف تنشيطها، ويجب الحذر واليقظة عند استخدام الأحجار الكريمة، حيث إن بعضها قوي للغاية ويبث طاقة قوية جدا قد تسبب للشخص آثارا سلبية ناجمة عن عدم استعداده المسبق لاستقبال مثل هذه الكمية الكبيرة من الطاقة مما قد يسبب له الآلام والنوبات العصبية. مثل الإثمد الذي يعرف أيضا بحجر الكحل الأسود والحجر الأصفهاني يتكون من حجر طبيعي يخالطه الرصاص. وموطنه الأصلي ومصادره الرئيسية بلاد فارس وبالأخص أصفهان وبلاد المغرب العربي. وأشهر أنواع الأحجار الكريمة وشبه الكريمة هي: الياقوت: هو من الأحجار الكريمة النادرة باهظة الثمن حيث يحتل المرتبة الأولي من حيث الأهمية، لونه أحمر لامع وقاتم، حيث تعريضه للحرارة العالية يخفف من لونه. الألماس : يحتل المرتبة الثانية بعد الياقوت من حيث الأهمية.. وهو نقي أبيض أو أصفر .. وهو أساسا فحم تشكل مع مرور الزمن والضغط الهائل إلي شكله الحالي يخضع لدرجات حرارة عالية لكي يصنع. الزمرد: وهو نوع من معدن البريل والمكون من سيليكات البريليوم والألومنيوم، يتم العثور عليه في المناجم بين الصخور الصلدة والرخام بخلاف معظم الأحجار الكريمة، لونه أخضر غامق عميق وشفاف، ويحتل المرتبة الثالثة من حيث الأهمية. العقيق: وهو معدن معتم وغير نقي وغير متبلور ولونه أحمر في العادة، وأحياناً يكون باللون الأصفر أو الأخضر أو الأزرق أو الرمادي وهو نوع من الكوارتز المعروف باسم اليشب الجزع. العقيق اليماني : معدن شبه شفاف يتركب كيميائياً من سيلكا خفية التبلور تحوي شوائب من مركبات الحديد.. تركيب تلك الشوائب يظهر العقيق بألوانه المختلفة حمراء، وصفراء ،و بنية.. وأشهر أنواع العقيق اليماني الأحمر وهو المعروف بالرماني والعقيق البني وهو المعروف بالكبدي. الفيروز: وهو معروف منذ القدم، لونه أزرق مخضر أو رمادي مخضر وأحيانا يتحول إلي الأخضر الفاتح. ومن النادر جدا وجوده في حالة متبلورة، ويتركب من فوسفات الألومنيوم الذي يحتوي علي ماء النحاس. توباز: يعرف باسم الزفير الأصفر أو الياقوت الأصفر.. وهو معدن شفاف بلون أصفر ذهبي أساساً ولكن هناك أنواعاً زرقاء أو بنية أو صفراء وتكونت بلوراته داخل تجاويف أحجار الجرانيت والشيست القاسية حيث يوجد دائماً. اللازورد: عُرف قديماً باسم: العوهق، وهو حجر نصف كريم وغير شفاف، لونه أزرق داكن عميق و يستخرج هذا الحجر من إيران و تركيبه الكيميائي مزدوج من سيليكات الألومنيوم والصوديوم المختلط مع الحديد والكبريت. أوبال : وهو حجر كريم نصف شفاف بألوان متعددة منه الأزرق والأبيض والأسود النادر والأحمر البرتغالي والأخضر والأصفر له لمعان متلألئ وهو نوع من السيليكا غير المتبلورة التي تحتوي علي ماء في تركيبها. البريل: ويعرف باسم الزمرد المصري حيث يستخرج من مناجمها القديمة، ومنه أنواع وألوان مختلفة أهمها الأخضر المزرق الفاتح والأزرق، حجر شفاف وتركيبه مزدوج من سيليكات البريليوم والألومنيوم وبلوراته سداسية. الزبرجد: وهو حجر كريم يشبه الزمرد، وهو ذو ألوان كثيرة أشهرها الأخضر المصري، والأصفر القبرصي. وهو ذو رونق وشعاع لا يشوبه سواد، ولا صفرة. التورمالين ويتميز بألوانه الفريدة، فهو يجمع كل ألوان قوس قزح ،، لذلك أطلق عليه اسم: حجر قوس قزح الكريم حيث سطره المصريون في قصصهم. أما عن سبب الهوس "بالأحجار الكريمة" التي جعلت بعض الناس يقضون جُل عمرهم يجمعون هذه الأحجار ويقتنون الثمين منها مهما كانت كلفته، ويرفضون التفريط فيها علي اعتبار أنها كنز وستؤثر في مجري حياتهم، فحدثنا محمد عبد المقصود خبير الأحجار الكريمة صاحب محل مجوهرات بالسيدة زينب الذي قضي من عمره أربعين عاماً في هذا المجال، يشتري ويبيع، وفي أحيان كثيرة يقدم الاستشارات للبائعين في جودة بعض الأحجار، أن أحجار العقيق والفيروز والياقوت والزمرد هي الأكثر شعبية بين جميع الأنواع، والفيروز هو الأكثر جذباً للنساء، وعن سبب اتجاه نسبة كبيرة من الناس لاقتناء العقيق اليماني قال "هو حجر مميز وله تأثير كبير في جلب الخير" وأضاف "أن هذا المجال علم واسع لابد من التعمق فيه"، وعن خواص الفيروز قال ينقسم إلي أكثر من نوع، نوعان منه يستوردان من إيران وهما النيشابوري والدامغاني وهما الأغلي والأثمن، وبعدهما يأتي المصري الذي يستخرج من سيناء والأمريكي، والنيشابوري هو الأجود، حيث يظن أنه يمنع العين والحسد، بشرط أن يتم لبسه بمحبس مرتفع ولا يلامس جلد الإنسان مباشرة حتي يستقبل العين ويوقفها". ولكن انتقد "زياد عليش" صاحب محل مجوهرات بشارع المعز اعتقاد الكثير من الناس في أن اقتناء حجر كريم من نوع خاص قد يكون له أثر ملموس في طرد الأرواح الشريرة وفي جذب الحظ السعيد والشفاء من الأمراض، وقال "أعتقد أنه رأي وضعه بعض المنجمين والمشعوذين في الأزمنة القديمة حيث معظم الزبائن من دول الخليج فهم يعتقدون كثيرا في هذه الخرافات وأن لكل برج حجرا كريما معينا كما كان لبعض القدماء اعتقاد بوجود علاقة قوية بين الأحجار الكريمة وشهور السنة وبالتالي حظوظ الناس، ولذلك فقد كان الكثيرون لا يلبسون الأحجار الكريمة من أجل الزينة فقط، بل لتؤمّن لهم الحظ الجيد، وتحميهم مما يجعلهم يشترون الأحجار بأي ثمن". وعلي الرغم من أن علم الاحجار الكريمة لم يترك مجالاً إلا وقد بحث فيه إلا أن لهذا العالم أسرارا وخبايا لم تكتشف بعد ومن بين مؤيد ومعارض لمدي تأثير هذه الأحجار إلا أن هذه الأحجار مازالت ألغازاً تراود العلماء مجالاً للبحث والدراسة، ولن يكف عاشقو الأحجار عن اقتنائها ولن تكف النساء عن ارتدائها .