لقطة من فىلم الختام للممثل الإىطالى فالىرىو الحاصل على جائزة أحسن ممثل عن فىلم »التوازن« للمخرج اىفانو ماتاو يا مسافر وحدك وفايتني .. ليه تبعد عني (وتقهرني) رحل الشقيق الغالي .. ابن العم .. سافر لوحده.. وفاتني .. حزينة .. مقهورة .. مكسورة النفس والفؤاد.أكبر منه أنا عمرا.. لكنني كنت أعتبره هو الكبير بطيبة قلبه وحنانه الفياض.. وحبه الشديد لي.. ولزوجي.. وإخوتي.. لم نكن أبناء عمومة.. لكن إخوة وأصدقاء بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ. سافر (حسن بنه) بعيدا.. دون رجعة للحياة الملوثة.. وغدر الدنيا الذي نعيشه.. قلبه المرهف لم يتحمل الهموم والحسرة والألم علي ما آلت إليه الأحوال في بر المحروسة.. التي لم تعد بالتأكيد محروسة. كان (حسن بنه) دائما سباقا في كل شيء.. لم يستثن الموت.. فسابقنا إليه ورحل بعيدا عنا.. كان مريضا لكنه كان (يخبي) علي محاولا مداراة آلامه وهو يسأل عني يوميا وأنا أرقد وحيدة في المستشفي الأمريكي بباريس في الغرفة (701).. وحيدة كنت أدعو الله أن تكون أنفاسي الأخيرة التي ألفظها في بلدي.. وأن أموت علي أرض مصر.. وأدفن في ترابها. كان يواسيني.. ولم يخطر في بالي أبدا أن أرثيه.. وإنه سيسبقني إلي الموت.. رحل حسن بنه بعد أن أخذ معه البهجة والفرح.. وصوته يرن في أذني (اطمني عليّ).. وأنا فعلا مطمئنة عليه الآن بعد أن أصبح في رعاية ربه.. وبجوار أبويه.. راقدا في سلام.. بينما نحن قد حرمنا منه. إن حقيقة الموت شديدة الإيلام علي النفس والإنسان.. يصبرنا عليها قوة الإيمان والاستسلام إلي القدر الذي لا مفر منه ولا هروب.. ورغم أن الأعمار بيد الله.. ولكل أجل كتاب.. إلا أن الموت المفاجئ يسبب للأهل والأحباب صدمة مروعة.. بينما المرض والمعاناة الجسدية تؤهل من كان حول المريض لانتظار الموت الذي يكون فيه راحة (وستر) لكل من الطرفين.
وفي مهرجان مونز السينمائي الدولي لأفلام الحب.. كانت هناك أفلام تتحدث عن الموت والحب ولعل أجملها لأنه كان صادقا.. وترجمة حقيقية لواقع عاشته مخرجته الشابة الصغيرة (جوستين مال) ابنة المخرج الفرنسي الكبير (لوي مال).. الذي كان يعد من أبرز الوجوه في السينما الفرنسية.. وقدم العديد من الأفلام التي تعد علامة بارزة فيها. وقد أطلقت (جوستين) علي فيلمها (شباب).. وبالمناسبة هو الفيلم الأول لها.. وقد تأثر جميع الحضور من صدق وجمال هذا الفيلم.. فكان طبيعيا أن تجد الجميع بعد الانتهاء من عرضه غارقين في دموعهم مبللة وجوههم.. كان منهم من يبكي (مال) نفسه وما آلت إليه أحواله الصحية في عامه الأخير.. والكثيرون يبكي كل منهم عزيزا غاليا عليه.. رحل بعد تجربة مرضية شديدة وقاسية. في تجربة (جوستين مال) وحكايتها مع والدها الكثير من التشابه مع حكايتي مع أبي وأمي.. وكثيرون من أبناء جيلي فتح الله عليهم بكنز كبير يغترفون منه.. وهو رعاية والديهم في أيامهما الأخيرة.. رحم الله الجميع. في العام الأخير من حياته تعرض المخرج الكبير (لوي مال) لمحنة مرضية شديدة أصابته بالعجز التام وعدم القدرة علي الحركة.. ولا أدري إذا كان من حسن حظه أو سوء حظه أن عقله ظل واعيا يقظا.. بينما كل شيء في حواسه أصيب بالشلل والعجز.. وبقي في منزله الريفي.. ترعاه زوجته الثانية وطفلته الصغيرة التي لم يكن عمرها يتجاوز الثماني سنوات. في ذلك الوقت كانت (جوستين) في العشرين من عمرها.. وكانت تستعد لامتحاناتها.. وبالتالي لم تكن تتردد عليه كثيرا. وإن كانت في الأيام التي تذهب إليه لا تدخر وسعا في العناية به.. ورغم أنها الشقيقة الكبري إلا أن الصغيرة التي كانت تلازمه تقريبا طوال الوقت كانت تعلمها الكثير في طرق العناية به.. وقد أرادت أن تقدم جوستين هذا الفيلم كنوع من الإعلان عن حبها الكبير لوالدها الراحل.. وأيضا نوع من الاعتذار من أنها لم لكن تملك الكثير من الوقت لتعطيه له.. وهو ما كان في أمس الحاجة إليه.. كما أنها رسالة شكر لكل الأصدقاء الذين لم يتركوا (لوي مال) في أيامه الأخيرة وحيدا.. بل كانوا يترددون عليه للتخفيف عنه.. والترويح عن نفسه. وغريبة جدا هذه النفس البشرية المعقدة التي ربما لاتجد الوقت وهي (حجة) الزمن التي يلجأ إليها الكثيرون.. ويتحججون بها.. ليعلنوا لمن يحبونهم عن مقدار هذا الحب.. وعندما يفوت الأوان.. يحاولون بشتي الطرق أن يعتذروا.. ويرفعوا صوتهم بالحب. ومن حسن حظنا أن الموت يأخذ كل شيء.. ولايبقي للميت سوي دعاء ابن صالح يدعو له .. فبارك الله في أبنائنا.. ورحم الله موتانا.
عفوا عزيزي القارئ للحديث عن المرض والموت لكنه في عمري هذا أصبح مرادفا لسنوات الحياة،، فمعظم من أحببتهم تركوني بعد معاناة شديدة.. حمدت الله كثيرا أن أعطاني من الصحة والقوة لأرعاهم وأقوم بكل واجباتي تجاههم ليس فقط أبي وأمي.. لكن أصدقاء مقربون.. وأهل (عزاز) علي النفس كانوا في معزة الأب والأم. وأنا في الستين من العمر تقريبا.. يزداد إحساسي بفقداني أمي.. ويشتد احتياجي إليها.. ومرارة اليتم عالقة بفمي مع غصة في القلب.. صورتها لاتفارق خيالي.. أدعو لها وأدعو الله دائما أن تزورني في منامي.. والحق أنها لم تخلف لي ميعادا لا في الفرح ولا في الحزن.. سبحان الله أجدها في منامي وأحلامي.. تارة فرحة تبتسم لي .. وتارة أخري تأخذني في أحضانها (تطمئنني)كما كانت تفعل دائما.. لأصحو من نومي مستمدة منها القوة ومن أحضانها الدافئة.. سعيدة بفرحها ومشاركتها لي كل الأشياء الحلوة ورغم مجيئها في (المنام) دائما.. فإنني أقول لها »وحشتيني« يا أمي وأفتقدك كثيرا.
من أجل أمي وكل أم أفعل أي شيء لإسعادها.. والحق أنه مهما كبرنا في العمر وتقدمنا نظل في نظر أمهاتنا أطفالا صغارا نحتاج للرعاية والعناية. ومن الأشياء التي تسعد كل أم (لمة) أولادها وأحفادها حولها.. فهذه هي السعادة الكبري والفرحة في حياتها.. وهذا اللقاء يتحول إلي (عيد) كبير في قلبها وحياتها.. ومن الأفلام الجميلة التي تعرضت لعلاقة الأم بأولادها وأحفادها (أنت تشرف أمي) وهو فيلم يوناني فرنسي للمخرجة بريجيت روان.. بطولة نيكول جارسيا هذه الفنانة الفرنسية الرائعة القديرة.. وكل من (إيريك كارافاكا).. (باتريك ميل).. وهذا الفيلم يعد الرابع للمخرجة (بريجيت) التي بدأت حياتها الفنية في عام 0991 بفيلم وراء البحار. (جو) أو (نيكول جارسيا) تزوجت وأنجبت أربعة أبناء.. أصبحوا اليوم رجالا فارعين ناجحين.. لكنها اعتادت لسنوات طويلة أن تمضي شهر (أغسطس) في إحدي جزر اليونان وتقيم مهرجانا صغيرا مع عمدة المدينة يشبه الكرنفال.. وفي هذه السنة اجتمع الأبناء جميعا وتلاقوا كالعادة لكن عند وصولهم يخبرهم العمدة إنه بسبب (الأزمة) العالمية لم تعد هناك ميزانية لهذا المهرجان.. وبالتالي تم إلغاؤه.. لكن أمام إصرار (جو) تستطيع إقناع العمدة بالمشاركة بأقل جهد.. ويكون عليها أن تفتح أحد المنازل المقفلة دون إذن أصحابه ويقوم الأبناء جميعا بتهذيب الأرض وتنظيفها ليقام الاحتفال كالمعتاد.. الفيلم تدور أحداثه في إطار كوميدي.. وقد استطاعت مخرجته أن تلقي الضوء من خلال هذه الأسرة علي الكثير من المفارقات الاجتماعية وتأثيرها علي معظم الأسر اليوم.. كذلك ماتعاني منه معظم دول العالم من جراء الأزمة الاقتصادية التي تشبه الطوفان. وليبقي دائما الحب الفطري للأم لأبنائها.. ومبادلتهم إياها.. وسعيد في الحياة من رضيت عنه أمه. كيف تقول وداعا لشخص تحبه.. أو بمعني أدق كيف يكون الوداع لأحب وأعز الناس (الأم).. أكيد بالدعاء.. والصلاة.. ومحاولة تحقيق الأمنيات التي لم تتحقق ولأنهم أشخاص أو أبناء لايتكلمون كثيرا.. ولايجيدون التعبير عن الحب بكلمات ولو بسيطة.. فقد قرروا أن يترجموا هذا الحب الكبير للأم.. (لأمهم) بتحقيق رغبة قديمة مازالت عالقة في الذهن.. رغم سنوات العمر الكثيرة التي مرت. كانت الأم تعشق أغاني مطرب شهير (ديف).. وكانت تتغني بها لأبنائها عندما كانوا صغارا.. ليناموا علي كلمات وألحان تلك الأغاني الجميلة.. والآن وقد أصبحت الأم مثل الطفل الصغير.. راقدة في الفراش في استسلام للموت.. كان عليهم استدعاء هذا المطرب الكبير ليشدو بألحانه وأغانيه لها وهي في غيبوبتها قبل أن تغفو وتنام (نومتها الأخيرة) في سلام وكأنهم يهدهدونها.. كما دللتهم صغارا.. لترحل في سلام والفرحة تملأ وجهها.. والسعادة تملأ قلوب أبنائها رغم الفراق.. فقد جاء من أحبته أمهم كثيرا ليغني من أجلها أغنية خاصة لها قبل الرحيل. الفيلم من إخراج الفرنسي (جويل فرانكا) وهو يعد فيلمه الروائي الأول الطويل.. وهو إنتاج فرنسي بلجيكي.. وشارك في بطولته (سيلفي تستود) باتريك تيمست وفاير يزيو رو نجيوني.
نحن نفرق في أحزاننا.. نتمني لو مد أحد إلينا يده وألقي لنا بطوق نجاة ويجعلنا نطفو علي سطح الأحزان.. بالطبع لن ننساها.. لكنه يجب علينا أن (نتناساها) ونتظاهر بذلك، كي نستطيع الاستمرار في الحياة.. وماتبقي لنا في مشوارها واضعين أمام أعيننا أنه من (اليأس يولد الأمل) وبعد الضيق يأتي الفرج.. ومن الموت تكون الحياة. وهذا بالضبط ماحدث لبطلة فيلمنا (استونية في باريس) الذي عرض في الختام وهو الفيلم الثالث لمخرجه (إلمار راج) وهو إنتاج كل من استونيا - بلجيكا - فرنسا. وشارك في بطولته كل من العبقرية (جين مورر) و(ليز ماجي).. وباتريك بينو .. وكورانتان لوبيه. وهو عن سيناريو شارك في كتابته المخرج إلمار راج.. وكل من آنياس فوفر وليز ما شبوف. كانت (آن) ابنة وفية بارة بأمها.. تركت كل شيء في الحياة لرعايتها بعد أن أصيبت بالشلل وباتت في حاجة لمرافق دائم.. تركت (آن) زوجها الذي لم يتحمل رعايتها لأمها.. وظلت تراعي أبناءها الذين انحازوا لصفها.. بل يقومون بمساعدتها في رعاية الجدة.. كانت (آن) تبيع المنتجات الصوفية.. وتصنع المربي لتجني من ثمن البيع ما يكفيها علي الحياة.. التي كانت تخلو بالطبع من كل متع سوي رعاية الأم المريضة وبعد وفاتها كان عليها أن ترحل بعيدا عن هذا المنزل الذي ظلت حبيسة به سنوات طوالا.. وجاءت الفرصة عرض عمل لرعاية سيدة عجوز مسنة في باريس. فرحت (آن) فها هي سوف تذهب لزيارة المدينة الجميلة.. لكنها لم تعرف أبدا أنها سوف تقوم برعاية عجوز.. عنيدة ترفض الغرباء طباعها شديدة السوء من الصعب إرضاؤها.. ومابين اكتشاف المدينة الجميلة.. بكل سحرها.. تستطيع أيضا بصبرها وذكائها أن تكتشف آلام وأحزان هذه السيدة التي تجعلها منعزلة رافضة الحياة.. وبعد أن كانت »فريدة« رافضة تماما ل (آن) إلا أنها في النهاية تقبلها وتعتبرها كابنتها.. خاصة بعد أن استطاعت أن تقنع (سنبنان) الذي يصغر فريدة بسنوات طويلة بأنها تحبه.. وأنه الوحيد القادر علي إسعاد هذه العجوز في أيامها الأخيرة. وعجبا لك أيها الحب الساحر الذي لايعرف عمرا ولا زمنا.. وبقدر ما يسبب السعادة الكبيرة والأمل للبعض.. فإنه قد يكون سببا لأحزان كثيرة لاتفارقنا. وكان الثمن باهظا.. دفعه رجل متزن عاقل زوج.. ورب أسرة سعيد عندما خضع لنزوة أطاحت بحياته كلها.. فقد عرفت زوجته بخيانته ورفضت الاستمرار معه.. وبالتالي كان عليه الخروج من المنزل.. ليجد نفسه في الشارع.. مثله مثل (الشحاذين) فمرتبه لايكفي النفقة ومصاريف الأولاد .. والحياة بمفرده. شهور عديدة عاش فيها حياة التشرد والملاجئ جعلته يفكر في الانتحار بإلقاء نفسه علي قضبان القطار.. لكن يتم إنقاذه في آخر وقت وفي نفس اللحظة يتلقي اتصالا من زوجته بعد أن اقنعتها الابنة بأنه لابد أن تغفر له.. فلكل منا خطاياه وعلينا أن نعرف كيف نسامح بعضنا البعض ففي الغفران صفاء للنفس والروح. والغريب أنه كم من الأسر السعيدة أمام نزوات الزوج تتعرض للانهيار.. معتمدا كثيرا علي أن الزوجة لابد أن تغفر وتسامح من أجل أبنائها لأنه في بلدنا الزوجة تخشي الكثير عند الطلاق.. بينما القوانين في الخارج تحمي الطفل والزوجة.. وعلي الرجل أن يعلم أن هناك ثمنا كبيرا يجب دفعه لنزواته. يا مسافر وحدك وفايتني .. ليه تبعد عني (وتقهرني) رحل الشقيق الغالي .. ابن العم .. سافر لوحده.. وفاتني .. حزينة .. مقهورة .. مكسورة النفس والفؤاد. أكبر منه أنا عمرا.. لكنني كنت أعتبره هو الكبير بطيبة قلبه وحنانه الفياض.. وحبه الشديد لي.. ولزوجي.. وإخوتي.. لم نكن أبناء عمومة.. لكن إخوة وأصدقاء بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ. سافر (حسن بنه) بعيدا.. دون رجعة للحياة الملوثة.. وغدر الدنيا الذي نعيشه.. قلبه المرهف لم يتحمل الهموم والحسرة والألم علي ما آلت إليه الأحوال في بر المحروسة.. التي لم تعد بالتأكيد محروسة. كان (حسن بنه) دائما سباقا في كل شيء.. لم يستثن الموت.. فسابقنا إليه ورحل بعيدا عنا.. كان مريضا لكنه كان (يخبي) علي محاولا مداراة آلامه وهو يسأل عني يوميا وأنا أرقد وحيدة في المستشفي الأمريكي بباريس في الغرفة (701).. وحيدة كنت أدعو الله أن تكون أنفاسي الأخيرة التي ألفظها في بلدي.. وأن أموت علي أرض مصر.. وأدفن في ترابها. كان يواسيني.. ولم يخطر في بالي أبدا أن أرثيه.. وإنه سيسبقني إلي الموت.. رحل حسن بنه بعد أن أخذ معه البهجة والفرح.. وصوته يرن في أذني (اطمني عليّ).. وأنا فعلا مطمئنة عليه الآن بعد أن أصبح في رعاية ربه.. وبجوار أبويه.. راقدا في سلام.. بينما نحن قد حرمنا منه. إن حقيقة الموت شديدة الإيلام علي النفس والإنسان.. يصبرنا عليها قوة الإيمان والاستسلام إلي القدر الذي لا مفر منه ولا هروب.. ورغم أن الأعمار بيد الله.. ولكل أجل كتاب.. إلا أن الموت المفاجئ يسبب للأهل والأحباب صدمة مروعة.. بينما المرض والمعاناة الجسدية تؤهل من كان حول المريض لانتظار الموت الذي يكون فيه راحة (وستر) لكل من الطرفين.
وفي مهرجان مونز السينمائي الدولي لأفلام الحب.. كانت هناك أفلام تتحدث عن الموت والحب ولعل أجملها لأنه كان صادقا.. وترجمة حقيقية لواقع عاشته مخرجته الشابة الصغيرة (جوستين مال) ابنة المخرج الفرنسي الكبير (لوي مال).. الذي كان يعد من أبرز الوجوه في السينما الفرنسية.. وقدم العديد من الأفلام التي تعد علامة بارزة فيها. وقد أطلقت (جوستين) علي فيلمها (شباب).. وبالمناسبة هو الفيلم الأول لها.. وقد تأثر جميع الحضور من صدق وجمال هذا الفيلم.. فكان طبيعيا أن تجد الجميع بعد الانتهاء من عرضه غارقين في دموعهم مبللة وجوههم.. كان منهم من يبكي (مال) نفسه وما آلت إليه أحواله الصحية في عامه الأخير.. والكثيرون يبكي كل منهم عزيزا غاليا عليه.. رحل بعد تجربة مرضية شديدة وقاسية. في تجربة (جوستين مال) وحكايتها مع والدها الكثير من التشابه مع حكايتي مع أبي وأمي.. وكثيرون من أبناء جيلي فتح الله عليهم بكنز كبير يغترفون منه.. وهو رعاية والديهم في أيامهما الأخيرة.. رحم الله الجميع. في العام الأخير من حياته تعرض المخرج الكبير (لوي مال) لمحنة مرضية شديدة أصابته بالعجز التام وعدم القدرة علي الحركة.. ولا أدري إذا كان من حسن حظه أو سوء حظه أن عقله ظل واعيا يقظا.. بينما كل شيء في حواسه أصيب بالشلل والعجز.. وبقي في منزله الريفي.. ترعاه زوجته الثانية وطفلته الصغيرة التي لم يكن عمرها يتجاوز الثماني سنوات. في ذلك الوقت كانت (جوستين) في العشرين من عمرها.. وكانت تستعد لامتحاناتها.. وبالتالي لم تكن تتردد عليه كثيرا. وإن كانت في الأيام التي تذهب إليه لا تدخر وسعا في العناية به.. ورغم أنها الشقيقة الكبري إلا أن الصغيرة التي كانت تلازمه تقريبا طوال الوقت كانت تعلمها الكثير في طرق العناية به.. وقد أرادت أن تقدم جوستين هذا الفيلم كنوع من الإعلان عن حبها الكبير لوالدها الراحل.. وأيضا نوع من الاعتذار من أنها لم لكن تملك الكثير من الوقت لتعطيه له.. وهو ما كان في أمس الحاجة إليه.. كما أنها رسالة شكر لكل الأصدقاء الذين لم يتركوا (لوي مال) في أيامه الأخيرة وحيدا.. بل كانوا يترددون عليه للتخفيف عنه.. والترويح عن نفسه. وغريبة جدا هذه النفس البشرية المعقدة التي ربما لاتجد الوقت وهي (حجة) الزمن التي يلجأ إليها الكثيرون.. ويتحججون بها.. ليعلنوا لمن يحبونهم عن مقدار هذا الحب.. وعندما يفوت الأوان.. يحاولون بشتي الطرق أن يعتذروا.. ويرفعوا صوتهم بالحب. ومن حسن حظنا أن الموت يأخذ كل شيء.. ولايبقي للميت سوي دعاء ابن صالح يدعو له .. فبارك الله في أبنائنا.. ورحم الله موتانا.
عفوا عزيزي القارئ للحديث عن المرض والموت لكنه في عمري هذا أصبح مرادفا لسنوات الحياة،، فمعظم من أحببتهم تركوني بعد معاناة شديدة.. حمدت الله كثيرا أن أعطاني من الصحة والقوة لأرعاهم وأقوم بكل واجباتي تجاههم ليس فقط أبي وأمي.. لكن أصدقاء مقربون.. وأهل (عزاز) علي النفس كانوا في معزة الأب والأم. وأنا في الستين من العمر تقريبا.. يزداد إحساسي بفقداني أمي.. ويشتد احتياجي إليها.. ومرارة اليتم عالقة بفمي مع غصة في القلب.. صورتها لاتفارق خيالي.. أدعو لها وأدعو الله دائما أن تزورني في منامي.. والحق أنها لم تخلف لي ميعادا لا في الفرح ولا في الحزن.. سبحان الله أجدها في منامي وأحلامي.. تارة فرحة تبتسم لي .. وتارة أخري تأخذني في أحضانها (تطمئنني)كما كانت تفعل دائما.. لأصحو من نومي مستمدة منها القوة ومن أحضانها الدافئة.. سعيدة بفرحها ومشاركتها لي كل الأشياء الحلوة ورغم مجيئها في (المنام) دائما.. فإنني أقول لها »وحشتيني« يا أمي وأفتقدك كثيرا.
من أجل أمي وكل أم أفعل أي شيء لإسعادها.. والحق أنه مهما كبرنا في العمر وتقدمنا نظل في نظر أمهاتنا أطفالا صغارا نحتاج للرعاية والعناية. ومن الأشياء التي تسعد كل أم (لمة) أولادها وأحفادها حولها.. فهذه هي السعادة الكبري والفرحة في حياتها.. وهذا اللقاء يتحول إلي (عيد) كبير في قلبها وحياتها.. ومن الأفلام الجميلة التي تعرضت لعلاقة الأم بأولادها وأحفادها (أنت تشرف أمي) وهو فيلم يوناني فرنسي للمخرجة بريجيت روان.. بطولة نيكول جارسيا هذه الفنانة الفرنسية الرائعة القديرة.. وكل من (إيريك كارافاكا).. (باتريك ميل).. وهذا الفيلم يعد الرابع للمخرجة (بريجيت) التي بدأت حياتها الفنية في عام 0991 بفيلم وراء البحار. (جو) أو (نيكول جارسيا) تزوجت وأنجبت أربعة أبناء.. أصبحوا اليوم رجالا فارعين ناجحين.. لكنها اعتادت لسنوات طويلة أن تمضي شهر (أغسطس) في إحدي جزر اليونان وتقيم مهرجانا صغيرا مع عمدة المدينة يشبه الكرنفال.. وفي هذه السنة اجتمع الأبناء جميعا وتلاقوا كالعادة لكن عند وصولهم يخبرهم العمدة إنه بسبب (الأزمة) العالمية لم تعد هناك ميزانية لهذا المهرجان.. وبالتالي تم إلغاؤه.. لكن أمام إصرار (جو) تستطيع إقناع العمدة بالمشاركة بأقل جهد.. ويكون عليها أن تفتح أحد المنازل المقفلة دون إذن أصحابه ويقوم الأبناء جميعا بتهذيب الأرض وتنظيفها ليقام الاحتفال كالمعتاد.. الفيلم تدور أحداثه في إطار كوميدي.. وقد استطاعت مخرجته أن تلقي الضوء من خلال هذه الأسرة علي الكثير من المفارقات الاجتماعية وتأثيرها علي معظم الأسر اليوم.. كذلك ماتعاني منه معظم دول العالم من جراء الأزمة الاقتصادية التي تشبه الطوفان. وليبقي دائما الحب الفطري للأم لأبنائها.. ومبادلتهم إياها.. وسعيد في الحياة من رضيت عنه أمه. كيف تقول وداعا لشخص تحبه.. أو بمعني أدق كيف يكون الوداع لأحب وأعز الناس (الأم).. أكيد بالدعاء.. والصلاة.. ومحاولة تحقيق الأمنيات التي لم تتحقق ولأنهم أشخاص أو أبناء لايتكلمون كثيرا.. ولايجيدون التعبير عن الحب بكلمات ولو بسيطة.. فقد قرروا أن يترجموا هذا الحب الكبير للأم.. (لأمهم) بتحقيق رغبة قديمة مازالت عالقة في الذهن.. رغم سنوات العمر الكثيرة التي مرت. كانت الأم تعشق أغاني مطرب شهير (ديف).. وكانت تتغني بها لأبنائها عندما كانوا صغارا.. ليناموا علي كلمات وألحان تلك الأغاني الجميلة.. والآن وقد أصبحت الأم مثل الطفل الصغير.. راقدة في الفراش في استسلام للموت.. كان عليهم استدعاء هذا المطرب الكبير ليشدو بألحانه وأغانيه لها وهي في غيبوبتها قبل أن تغفو وتنام (نومتها الأخيرة) في سلام وكأنهم يهدهدونها.. كما دللتهم صغارا.. لترحل في سلام والفرحة تملأ وجهها.. والسعادة تملأ قلوب أبنائها رغم الفراق.. فقد جاء من أحبته أمهم كثيرا ليغني من أجلها أغنية خاصة لها قبل الرحيل. الفيلم من إخراج الفرنسي (جويل فرانكا) وهو يعد فيلمه الروائي الأول الطويل.. وهو إنتاج فرنسي بلجيكي.. وشارك في بطولته (سيلفي تستود) باتريك تيمست وفاير يزيو رو نجيوني.
نحن نفرق في أحزاننا.. نتمني لو مد أحد إلينا يده وألقي لنا بطوق نجاة ويجعلنا نطفو علي سطح الأحزان.. بالطبع لن ننساها.. لكنه يجب علينا أن (نتناساها) ونتظاهر بذلك، كي نستطيع الاستمرار في الحياة.. وماتبقي لنا في مشوارها واضعين أمام أعيننا أنه من (اليأس يولد الأمل) وبعد الضيق يأتي الفرج.. ومن الموت تكون الحياة. وهذا بالضبط ماحدث لبطلة فيلمنا (استونية في باريس) الذي عرض في الختام وهو الفيلم الثالث لمخرجه (إلمار راج) وهو إنتاج كل من استونيا - بلجيكا - فرنسا. وشارك في بطولته كل من العبقرية (جين مورر) و(ليز ماجي).. وباتريك بينو .. وكورانتان لوبيه. وهو عن سيناريو شارك في كتابته المخرج إلمار راج.. وكل من آنياس فوفر وليز ما شبوف. كانت (آن) ابنة وفية بارة بأمها.. تركت كل شيء في الحياة لرعايتها بعد أن أصيبت بالشلل وباتت في حاجة لمرافق دائم.. تركت (آن) زوجها الذي لم يتحمل رعايتها لأمها.. وظلت تراعي أبناءها الذين انحازوا لصفها.. بل يقومون بمساعدتها في رعاية الجدة.. كانت (آن) تبيع المنتجات الصوفية.. وتصنع المربي لتجني من ثمن البيع ما يكفيها علي الحياة.. التي كانت تخلو بالطبع من كل متع سوي رعاية الأم المريضة وبعد وفاتها كان عليها أن ترحل بعيدا عن هذا المنزل الذي ظلت حبيسة به سنوات طوالا.. وجاءت الفرصة عرض عمل لرعاية سيدة عجوز مسنة في باريس. فرحت (آن) فها هي سوف تذهب لزيارة المدينة الجميلة.. لكنها لم تعرف أبدا أنها سوف تقوم برعاية عجوز.. عنيدة ترفض الغرباء طباعها شديدة السوء من الصعب إرضاؤها.. ومابين اكتشاف المدينة الجميلة.. بكل سحرها.. تستطيع أيضا بصبرها وذكائها أن تكتشف آلام وأحزان هذه السيدة التي تجعلها منعزلة رافضة الحياة.. وبعد أن كانت »فريدة« رافضة تماما ل (آن) إلا أنها في النهاية تقبلها وتعتبرها كابنتها.. خاصة بعد أن استطاعت أن تقنع (سنبنان) الذي يصغر فريدة بسنوات طويلة بأنها تحبه.. وأنه الوحيد القادر علي إسعاد هذه العجوز في أيامها الأخيرة. وعجبا لك أيها الحب الساحر الذي لايعرف عمرا ولا زمنا.. وبقدر ما يسبب السعادة الكبيرة والأمل للبعض.. فإنه قد يكون سببا لأحزان كثيرة لاتفارقنا. وكان الثمن باهظا.. دفعه رجل متزن عاقل زوج.. ورب أسرة سعيد عندما خضع لنزوة أطاحت بحياته كلها.. فقد عرفت زوجته بخيانته ورفضت الاستمرار معه.. وبالتالي كان عليه الخروج من المنزل.. ليجد نفسه في الشارع.. مثله مثل (الشحاذين) فمرتبه لايكفي النفقة ومصاريف الأولاد .. والحياة بمفرده. شهور عديدة عاش فيها حياة التشرد والملاجئ جعلته يفكر في الانتحار بإلقاء نفسه علي قضبان القطار.. لكن يتم إنقاذه في آخر وقت وفي نفس اللحظة يتلقي اتصالا من زوجته بعد أن اقنعتها الابنة بأنه لابد أن تغفر له.. فلكل منا خطاياه وعلينا أن نعرف كيف نسامح بعضنا البعض ففي الغفران صفاء للنفس والروح. والغريب أنه كم من الأسر السعيدة أمام نزوات الزوج تتعرض للانهيار.. معتمدا كثيرا علي أن الزوجة لابد أن تغفر وتسامح من أجل أبنائها لأنه في بلدنا الزوجة تخشي الكثير عند الطلاق.. بينما القوانين في الخارج تحمي الطفل والزوجة.. وعلي الرجل أن يعلم أن هناك ثمنا كبيرا يجب دفعه لنزواته.