أصبح في حكم المقرر أن تكون منطقة الضبعة علي الساحل الشمالي الغربي هي موقع أول محطة نووية لإنتاج الطاقة وذلك في إطار الاستراتيجية الجديدة لقطاع الكهرباء والتي يبدأ تنفيذها مع بداية عام 2027 وتعتمد في المقام الأول علي مشروعات إنتاج الكهرباء اللازمة لمختلف قطاعات الصناعة والإنتاج والاستهلاك المنزلي المتزايد وذلك من خلال مصادر الطاقة النووية والطاقات الجديدة والمتجددة. بهدف ترشيد استهلاك الوقود البترولي والحفاظ عليه وتأمين احتياجات الأجيال القادمة من الطاقة بالإضافة إلي الحفاظ علي البيئة من التلوث. وطبقا لاستراتيجية قطاع الكهرباء وتنفيذا لتوجيهات الرئيس حسني مبارك بضرورة العمل علي توفير الطاقة اللازمة لقطاعات التصنيع المتزايدة في ظل الطفرة الصناعية والإنتاجية التي تشهدها البلاد وفرص تصدير الكهرباء للدول المجاورة فمن المقرر إقامة 4 محطات نووية لإنتاج الكهرباء حتي عام 2025 بقدرات متفاوتة يصعب تحديدها في الوقت الراهن لعدم الانحياز لأية تكنولوجيا عالمية في هذا المجال. وطبقا للبرنامج النووي المصري فإنه من المقرر إنشاء سلسلة من المحطات النووية لإنتاج الكهرباء يجري حاليا اختيار أماكنها علي مستوي الجمهورية بعد أن تم الاتفاق علي موقع أول محطة في الضبعة وذلك بالتعاون والتنسيق مع الاستشاري العالمي الذي تستعين به وزارة الكهرباء لتثبيت هذا المشروع الضخم الذي يتكلف أكثر من 20 مليار دولار حيث يصل تكلفة إنشاء المحطة الواحدة أكثر من 4 مليارات دولار. ونظرا لهجرة الكوادر العلمية المصرية الخبيرة في مجال الطاقة النووية بعد وقف برنامج ا لطاقة النووية في أعقاب حادث مفاعل تشرنوبل النووي الروسي فإنه يجري حاليا إعداد الكوادر المصرية الفنية ا للازمة وتدريبها للمساهمة بفاعلية في هذا البرنامج والوصول بالطاقة المنتجة من هذه المفاعلات إلي 57 ألف ميجاوات. ونظرا لأهمية الطاقة بالنسبة للقطاعات الصناعية والتنموية إضافة إلي أنها أصبحت أيضا عنصرا جاذبا للاستثمارات المحلية والأجنبية لذا فإنه لابد من العمل علي توفيرها من جميع مصادرها وخاصة النووية والجديدة والمتجددة (الرياح والشمس) مع العمل أيضا علي ترشيد الاستهلاك في جميع القطاعات وخاصة فيما يتعلق بالصناعات كثيفة الاستهلاك. وعددها 46 مصنعا يعمل في مجالات الحديد والصلب والإسمنت والنحاس والألومنيوم والاستهلاك مايقرب من %20 من الكهرباء علي مستوي الجمهورية. وفي هذا الإطار فإنه ليس هناك ما يمنع من تطبيق »التفريعة المزدوجة« علي هذه الصناعات كثيفة الاستهلاك لتشجيع أصحابها علي ترحيل أعمالهم خارج فترة الذروة التي لا تتجاوز أربع ساعات مبكرا عقب غروب الشمس لضمان استقرار التيار الكهربائي لأكثر من 25 مليون مشترك علي مستوي الجمهورية خاصة أنه نظام متبع في معظم دول العالم ويتم تقييم السعر وقت الذروة بزيادة %25 في أنه يصل في بعض الدول الأخري إلي خمسة أضعاف السعر العادي وعلي ألا يطبق هذا النظام علي الاستهلاك المنزلي والبالغ عددهم 26 مليون مشترك. وإذا كنا قد تخلينا علي مدي الثلاثين عاما الماضية عن برنامجنا النووي الذي كنا بدأناه لإنتاج الطاقة وتم تسريح وتسريب علمائنا النوابغ في هذا المجال فإنه قد آن الأوان للانطلاق في هذا المجال الحيوي الهام لنهضة مصر الصناعية والتنموية بكل العزم والإصرار لتعويض مافاتنا ومحاولة استرداد علمائنا من الخارج. أما فيما يتعلق بالأزمة المفتعلة حول موقع أول محطة نووية للطاقة ننوي إقامتها في منطقة الضبعة فإنني أود أن أنبه أولئك البعض من رجال الأعمال والسياحة الذي يعترضون علي موقع الضبعة إلي حقيقتين: الأولي: أن معظم الدول المتقدمة لديها العديد من المحطات النووية لإنتاج الطاقة وسط المزارع والحقول وسكن مواطني هذه الدول علي بعد عشرات الأمتار من هذه المحطات كما يمر أمامها آلاف السيارات والقطارات محملة بالمواطنين وكذلك السياح الذين يزورون هذه البلدان نعم هناك بعض الأصوات التي تعارض هذه المحطات النووية مثل جماعات وأحزاب الخضر إلا أن هذه الدول لم توقف نشاط هذه المحطات لأنها تعلم جيدا مدي أهميتها لاقتصادها ا لقومي ومستقبل التنمية ورفاهية شعوبها. الثانية: أنه وعلي مدي الثلاثين عاما الماضية وخاصة بعد كارثة تشرنوبيل في السادس والعشرين من أبريل عام 1986 فقد شهدت محطات الطاقة النووية في مختلف الدول المنتجة لها تطور ا هائلا وخاصة فيما يتعلق بمعامل الأمان النووي. ثم إن هناك بعدا آخر لايقل أهمية عن كل ماذكرناه وخاصة في ضوء الأزمة التي تدور رحاها الآن حول مياه نهر النيل وحصة مصر فيها، ألا وهو استخدام مصادر الطاقة وخاصة النووية والمتجددة في تحلية مياه البحر لزراعة ملايين الأفدنة علي امتداد شواطئنا علي البحرين الأبيض المتوسط والأحمر وإمداد سكان المدن والقري في هذه المناطق النائية باحتياجاتهم من المياه العذبة. هذا هدف علي قدر هائل من الأهمية لابد أن نفكر فيه بصورة جدية للغاية من الآن ونضع الاستراتيجية اللازمة لتحقيقه في أقرب وقت ممكن تفاديا لأية أزمات مائية متوقعة. وهناك العديد من الدول وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة وألمانيا وفرنسا واليابان وكندا التي أبدت استعدادها للمساهمة في تمويل وتنفيذ مفاعلات الطاقة النووية المصرية ثقة منها في قدرات وإمكانيات وطموحات هذا البلد الهائل وتوجهاته ا لعاقلة والمسئولة. وبالرغم من حرص مصر علي تحقيق برنامجها للطاقة النووية إلا أنها متمسكة أيضا بتوجهاتها في أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية تماما من كافة أسلحة الدمار الشامل وهو سبق أن طالب به الرئيس مبارك المجتمع الدولي قبل أكثر من عشر سنوات أي في مثل هذا الشهر عام 1997.