اعتبرت المصادر الأمنية أن بداية البلطجي تنشأ بما يعرف بالمرشد وهو ما اتجه إليه النظام السابق حيث تم تجنيد فئة من البلطجية والمسجلين خطر لنقل المعلومات عن حركة بيع الأسلحة والمخدرات وأماكن الهاربين من الأحكام القضائية وهم من عرفوا لدي العامة بإسم "المرشدين" ؛وغالباً يعمل المرشد في معاونة رجال المباحث مقابل غض النظر عن تحركاته، وذلك جعلنا أمام تنظيم سري يضم ميليشيات من الخارجين علي القانون ،والأمر المثير للرعب تفشي ظاهرة البلطجة في المجتمع المصري مما أثمر عن ملايين قضايا البلطجة المنظورة أمام القضاء وتراكم آلاف الأحكام القضائية أمام شرطة تنفيذ الأحكام ،والأخطر من ذلك اتجاه العديد من المواطنين العاديين لاستئجار البلطجية في نزاعاتهم وخلافاتهم المادية والشخصية بدلاً من أن يلجأوا إلي أقسام الشرطة وذلك للحصول علي نتيجة سريعة لصالحهم بدلاً من الانتظار سنوات أمام أبواب المحاكم والشرطة!. يشير العميد محمود قطري (الخبيرالأمني) إلي أن البلطجة الحالية هي نتيجة تقاعس الشرطة عن أداء واجبها ويساعد علي ارتكابها سقوط هيبة الشرطة ومن ثم سقوط هيبة الدولة، والحقيقة فإن البلطجة تعتمد علي عوامل كثيرة جداً أهمها ما يتصل بالمشكلات الموجودة بالمجتمع المصري مثل البطالة وسوء حالة الثقافة والفهم المنحرف للفكر الإسلامي ووجود الأسلحة بجميع أنواعها لاسيما الأسلحة النارية التي تغرق كل مدن وقري مصر الآن، والبلطجة لها جذور مرتبطة بالوجدان المصري من أيام عصر الفتونة ووجود الفتوات فمع قلة الثقافة ولاسيما الثقافة الدينية ووجود حالة الانفلات الأمني فيكون للبلطجة سوق واسع جداً لممارستها وأخطر ما فيها البلطجة المتصلة بالسياسة؛ بمعني استخدام السياسة من قبل الفصائل السياسية المختلفة للضغط علي الخصوم والحل في هذا الموضوع أساسه وجوهره هو إعادة بناء الشرطة وتصميم منظومة أمنية وقائية لحراسة كل مكان مسكون في مصر . ويضيف قطري: يجب الاستعانة بقانون الطوارئ في الناحية الجنائية فقط بمعني أنه إذا كانت هناك جريمة أو شبهة جريمة لها صلة بالسياسة فلا تخضع لهذا القانون، وأري أنه يجب وضع ضوابط لاتخاذ إجراءات استثنائية ضد المسجلين جنائياً الذين يمارسون البلطجة حيث يجب اعتقالهم لأن ذلك سيعمل علي حل جزء كبير من المشكلة ويكون بمثابة ردع عام للآخرين، موضحاً أن تاريخ البلطجة القريب يقول إن الحزب الوطني والسلطات الرسمية في دولة حسني مبارك استعانت بالبلطجية لتحقيق أمور كثيرة منها تزوير الانتخابات؛ والإخوان المسلمون قبل الثورة واجهوا ذلك ببلطجة مماثلة وبذلك دخل البلطجية إلي عالم السياسة، أما الآن علي المسرح السياسي من السهل لأي فصيل أن يستأجر بلطجية لتحقيق أهدافه . ويري قطري أن هناك خلطا في الأمر لما حدث في المظاهرات الأخيرة ؛ فهناك بلطجية وهناك شباب من الثوار اشتركوا بدوافع مختلفة في هذا العنف الذي حدث أمام الاتحادية ومحافظات الغربية وبورسعيد والسويس، والحقيقة لا يجب أن ينسب الأمر إلي الفلول، وما يؤجج البلطجة في المظاهرات اتخاذ مؤسسة الرئاسة والحكومة المصرية موقفاً ثابتاً وهو اعتناق الحل الأمني رغم أن الحل السياسي الأكثر نجاعة ، وأعتقد أنه يجب قبل محاسبة البلطجية أن نحاسب مؤسسة الرئاسة والحكومة علي عدم استجابتها لمطالب الثائرين أو علي الأقل فحصها والتفاوض معهم، ولا أعتقد أن ما يثار حول أن يكون نخنوخ وراء أحداث البلطجة في مصر صحيح ويجب ألا نردد ذلك لأنه فخر له لا يستحقه في عالم الإجرام فلا يعقل أن يكون مسجونا ويحرك البلطجية وهو داخل السجن !. يقول اللواء مجدي البسيوني (مدير أمن الجيزة الأسبق والخبيرالأمني): الملاحظ أن مصر تعيش حالياً حالة غير مسبوقة من الفوضي في الشارع المصري والتي أدت إلي انفجار لا أخلاقي متمثلاً في العنف والبلطجة وتسجل لنا الأحداث والجرائم التي شهدتها الساحة خلال السنتين الماضيتين أن البلطجة أصبحت تتمثل في أربعة عناصر أولهم البلطجي محترف الإجرام وهو مايعرف عنه بالمسجل الجنائي أو ذوي السوابق الإجرامية ، والثاني بلطجي استغل المناخ والانفلات الأمني فأقدم علي ارتكاب جرائم بالعنف يسهل له بواسطتها الاستيلاء بسهولة تامة علي مبالغ كبيرة دون سطو أو كسر كما كان يحدث في المحلات والمساكن وذلك في جرائم الخطف وطلب الدية أو مجرد استيقاف سيارة والاستيلاء عليها كرهاً ثم بيعها بمنتهي السهولة بل وهناك من هم علي دراية بتحركات سيارات ناقلة للأموال فقاموا باستيقافها كرهاً والاستيلاء علي مبالغ طائلة تتعدي المليون جنيه، هذه النوعية استغلت كما ذكرنا حالة الانفلات الأمني والأهم من ذلك سهولة اقتناء الأسلحة الآلية وعدم مقاومة المجني عليهم خوفاً علي حياتهم ،وعلي سبيل المثال تأييداً لماذكرنا نجد أن الكثير من مرتكبي تلك الحوادث شباب أو جيران أو أقارب مع بعضهم أي أنهم ليسوا بمجرمين وغيرمعروفين للأمن . ويضيف البسيوني ثالثاً البلطجة للارتزاق تحت مسمي التظاهر الثوري وهم المأجورون الذين نراهم يمارسون بلطجة ضد المنشآت سواء بالحرق والتخريب والإتلاف أو ضد رجال الأمن مستخدمين في ذلك المولوتوف والشماريخ والأسلحة الخرطوش وهذا النوع من البلطجة مستحدث علي الساحة وهو نتيجة عدم الاستقرارالسياسي وعدم التوافق واستغلوا في ذلك تجنب الشرطة المواجهة العنيفة ونراهم علي شاشات التليفزيون . ويري اللواء حسن اللبيدي (الخبيرالأمني والاستراتيجي) أن أعمال العنف والبلطجة متوقعة منذ حكم النظام السابق حيث كانت هناك ظواهر تنبئ بالخطر منها وجود أطفال الشوارع وانتشارهم ببعض الميادين ومع زيادة أعدادهم أصبحوا لغما قديما موجودا وانفجر الآن. ويضيف اللبيدي كما أن جهاز مباحث أمن الدولة استخدم البلطجية وأعطاهم قوة كبيرة وخاصة في الانتخابات ،بل كان في بعض الأحيان يخرج بعض المسجلين من السجون وهنا أتذكر أنه في عام 2005م أخرج عدد من المسجلين من سجني القناطر والخليفة لتكليفهم بمهمات معينة بحيث يتم تجنيدهم لأمن الدولة ،وفي ذلك الوقت اتجهوا إلي نقابة الصحفيين واعتدوا علي إحدي الصحفيات ، فلا نستغرب ظهورهم الآن في الأغراض السياسية لأنهم استخدموا من قبل في ذلك، فالداخلية استخدمت البلطجية لتحقيق مآرب شخصية وسياسية، وإذا ما أردنا معرفة المحرك للبلطجية الآن فعلينا أن نبحث عن المستفيد من هذه الأعمال فليس من صالح النظام الحاكم عدم الاستقرار لكن المستفيد الحقيقي المعارضة، كما أن مادة العزل السياسي بالدستور وراء 05٪ ممايحدث بالشارع من عنف. وأكد اللواء هاني عبداللطيف (المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية) أن إدارات الوزارة وقطاع الأمن العام بالتنسيق مع كافة مديريات الأمن علي مستوي الجمهورية يبذلون مجهوداً كبير في الوقت الذي تمر فيه مصر بظروف استثنائية إلا أن رجال الأمن عازمون علي أداء مهامهم وتحمل مسئولياتهم أمام الشعب والتصدي لكافة محاولات الخروج علي القانون والتعدي علي المنشآت الخاصة والعامة في إطار كامل من الالتزام بضبط النفس وتطبيق القانون، والحملات مستمرة لمداهمة البؤر الإجرامية ومواجهة الخارجين علي القانون لتوفير مناخ آمن للمواطنين وخير دليل علي ذلك كميات الأسلحة والمخدرات والمسجلين والهاربين من السجون الذين يتم ضبطهم يومياً . ويضيف عبداللطيف أن جهاز الشرطة خلال العامين الماضيين نتاج المواجهات مع تجارالسلاح والبلطجية فقد 371 شهيد بخلاف إصابة أكثر من 6 آلاف من رجال الشرطة، مشيراً إلي أن هناك اقتراحات عديدة قدمتها القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني لتطوير وتحديث وزارة الداخلية واللواء محمد إبراهيم وزيرالداخلية شدد علي أهمية متابعة ما ينشر في وسائل الإعلام من اقتراحات لتطويرالعمل بالوزارة ؛وهناك لجنة بالمجس الأعلي للشرطة لدراسة هذه المقترحات والعمل علي تنفيذ الاقتراحات الهامة والملحة وفقاً للإمكانيات المتاحة وما يتوافق مع الواقع وكان نتاج هذه اللجنة وضمن الاقتراحات التي قدمت من بعض القوي السياسية و تم الموافقة عليها، قطاع حقوق الإنسان والشرطة الجوية بالوزارة.