إذا زرت إسطانبول أجمل المدن التركية، فلا تفوتك مشاهدة واحد من أروع قصور العالم، ألا وهو متحف قصر »طوب كابي« حيث جمع السلاطين الأتراك عبر العصور المختلفة أغلي الآثار الدينية والتاريخية ونقلوها إلي عاصمتهم في هذا المكان الفريد المترامي الأطراف، والذي يحتضن ضمن مبانيه جناح الأمانات المقدسة الخاصة بسيدنا رسول الله [ وصحابته الأطهار (رضوان الله عليهم) ومنها السيوف النبوية المباركة التي نستعرضها هنا مع حلول ذكري المولد النبوي الشريف.. وكل عام وأنتم بخير. كرم سيدنا رسول الله [ السيف في أكثر من حديث شريف منها: »الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ«، وفي حديث آخر: »بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيِ الساعة ، حتي يُعبد اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلّ رُمْحِي وَجُعِلَ الذّلّةُ وَالصّغَارُ عَلَي مَنْ خَالَفَ أَمْرِي ومَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ«. وإذا كان للسيف مكانة رفيعة في نفوس العرب، فلا غرابة أن يكون هو أعز مايهدي وأنفس ما يورث، وأصبح هذا تقليدا رفيعا يحتذي به بين الملوك والأمراء والحكام العرب إلي يومنا هذا. تسعة سيوف وكان لرسول الله[ تسعة سيوف، وهي: المأثور، والعضب، وذو الفقار، والبتار، ورسوب، والمخذم، وقلعي، وقضيب، وحتف، وباستثناء السيف »العضب« الموجود في غرفة الآثار النبوية الشريفة بمسجد مولانا الإمام الحسين ] فإن باقي السيوف تراها في قصر »طوب كابي« الرائع الجمال في اسطانبول في جناح الأمانات المقدسة، منها سيفان لسيدنا رسول الله [ وموجودان تحديدا في »غرفة البردة الشريفة« وهما: المأثور، والسيف الدقيق.. القضيب..، إلا أن باقي السيوف وإن كانت تخص سيدنا رسول الله [ إلا أنها موجودة بنفس المتحف ولكن في جناح آخر لأنها مهداة من رسول الله [ إلي صحابة أجلاء »رضوان الله عليهم« . آثار دينية وتاريخية لكن : كيف انتقلت مخلفات وآثار سيدنا رسول الله إلي هذا المتحف باسطانبول؟ تقول المصادر التركية : عندما تولي السلطان سليم الأول الدولة العثمانية في أوائل القرن السادس عشر الميلادي (2151 0251)، كانت في الشرق الأدني ثلاث دول إسلامية كبري هي الدولة العثمانية في آسيا الصغري، والصفوية في إيران والعراق، والمملوكية في مصر وسورية والحجاز، ومالبثت أن قامت الخلافات والمنازعات بين الدول الثلاث، واندلعت الحرب بين الدولة العثمانية من جانب، والدولتين الصفوية والمملوكية من جانب آخر، حتي استولي العثمانيون علي الشام ومصر والحجاز وسائر البلاد العربية، وهكذا أصبحت الدولة العثمانية هي دولة الإسلام الكبري التي تحمي وتخدم الحرمين الشريفين والحرم القدسي (المسجد الأقصي وقبة الصخرة)، وانتقلت خلافة المسلمين إلي السلطان سليم الأول، وأصبحت »اسطانبول« أو »الآستانة« أو »القسطنطينية« عاصمة الخلافة، فبعث شريف مكة »الحسن« يحمل إلي السلطان ما كان بالمدينةالمنورةومكةالمكرمة من الأمانات المقدسة الخاصة بسيدنا رسول الله[ اعترافا منه بالخلافة! إلي متحف طوب كابي كما جمع الأتراك من البلاد العربية الآثار الدينية والتاريخية ونقلوها إلي عاصمتهم حيث استقرت حتي الآن في متحف »طوب كابي« ولقد تم إنشاء جناح الأمانات المقدسة الخاصة بسيدنا رسول الله [ وآله وصحابته (رضوان الله عليهم) بين عامي 4741 و8741 بأمر من السلطان، وكان هذا الجناح يطلق عليه سابقا إسم (الغرفة الخاصة) حيث كان السلطان يقوم بإدارة الشئون الخاصة بالدولة، ويستقبل كبار الزوار، ويتقبل البيعات. وكان السلاطين يتقلدون بعض هذه السيوف في المناسبات الكبيرة، وبالذات عند تقلد السلطان لمهامه، تبركا وتعظيما لما تحمله من رموز ومعان، وظل الأمر كذلك حتي تحول قصر »طوب كابي« إلي متحف، وعرضت هذه المجموعات متحفيا سنة 8291، وحتي تتجول في هذا المتحف الفخم فلابد أن تدفع تذكرة قيمتها (51 دولارا) أما زيارة غرفة الأمانات المقدسة والتي تحتوي علي سيفين لرسول الله [ وبردته الشريفة، وشعراته الكريمة، وأثر قدمه [ في الحجر، ومفتاح الكعبة وأقفالها، ومحفظة كانت علي الحجر الأسود من الذهب الخالص، وخاتمه [ المصنوع من حجر العقيق، فلابد أن تسدد رسما آخر قيمته أيضا حوالي (51 دولارا) عبر بطاقة ممغنطة، وهكذا عرفت تركيا كيف تستثمر السياحة الدينية كما يجب!!! أول سيف للرسول وتعالوا نستعرض هذه السيوف النبوية المباركة: إن أول سيف ملكه الرسول [ والمعروض هنا في قصر »طوب كابي« الذي ورثه عن أبيه، وكان يمتلكه في شبابه عند البعث، وبقي معه في »مكةالمكرمة« وآثره علي كل ماعداه من عدة ومتاع، فهاجر به [ من مكة إلي »المدينةالمنورة« وبصحبته سيدنا أبوبكر الصديق ]، هو السيف »المأثور«، طوله 09 سم، والغمد 38 سم، المقبض من الذهب وواقيته علي هيئة ثعبان وعليهما رسوم أزهار وتطعيمات من الياقوت والفيروز، ونصل هذا السيف ذو حدين وطرفه مدبب يصلح للطعن، ويوجد في الجزء القريب من الواقية نقطة بارزة من الذهب، ولكن هناك أمرا في غاية الأهمية وهو أن الذهب أو الفضة والترصيع بالأحجار الكريمة الموجودة علي سيفي الرسول كانت بأمر السلطان أحمد الأول، وكانا في الأصل من غير تلك الذهب والأحجار! في موكب زفاف فاطمة ولقد سار النبي [ في موكب زفاف ابنته فاطمة الزهراء »رضي الله عنها« شاهرا سيفه، ويحيط به بنو هاشم بسيوفهم، »وهذا سر احتفال بعض الأسر والقبائل العربية بإشهار السيوف عند الأفراح وحفلات الزفاف«، وبقي هذا السيف مع رسول الله [ مع عدة الحرب حتي انتقاله للرفيق الأعلي، فانتقل إلي سيدنا علي بن أبي طالب »كرم الله وجهه«، وكان الخلفاء العثمانيون يستلون هذا السيف من غمده »قدرشبر« ثم يدعون الله تعالي بالنصر كلما خرج جيش من جيوشهم للفتح، كما كان الخليفة العثماني يتقلده عند توليه الخلافة وسط التكبير والتهليل، والدعاء لله ولرسوله ولخليفة المؤمنين! لكن أول ماعرف هذا السيف كان في حرب »الفجار« في الجاهلية، حيث حضرها النبي [ مع أعمامه وهو في سن الخامسة عشرة! سيف للدفاع فقط أما السيف الثاني لرسول الله [ المرافق للسيف »المأثور« في نفس الغرفة، فهو السيف »القضيب« وهو سيف دقيق يشير إسمه إلي وصفه، حيث القضيب يطلق علي العصا، فكأنه كان يشبه العصا في خفته وسهولة حمله، ومثله يكون سيفا للدفاع، أو يصحبه المسافر في حله وترحاله، ولايقدم للقتال تحسبا للسيف المضاد! طوله 001 سم، والواقية خط مستقيم يتعامد عليه النصل والمقبض، والغمد من الجلد المدبوغ، وفوهته وأوسطه وقاعدته من الذهب، والنصل ذو حدين والطرف مدبب.. أما السيف »ذو الفقار« فهو من أشهر أسيافه[، وهو قطعة واحدة، واقيته علي شكل ثعبان، وهي العلامة الشهيرة لسيوف ما قبل الاسلام، غنمه سيدنا رسول الله [ في »بدر« في العام الثاني للهجرة، واستعمله سيدنا علي بن أبي طالب »كرم الله وجه« في أغلب المعارك، وطوله مع المقبض 401 سم، ويصلح للضرب والطعن له شفرتان، وفي وسطه عمود خفي. سيف الأنبياء البتار السيف البتار هو سيف رسول الله [ الذي أخذه من يهود بني قينقاع عندما أجلاهم لخيانتهم ومحاولتهم الغدر بالرسول ، ونقضهم العهد النبوي الذي أخذه عليهم عندما هاجر إلي المدينة، وهو سيف الأنبياء، طوله 101سم، وعليه كتابات ورسوم آدمية تمثل سيدنا داود وقد قطع رأس جالوت، ومضاف إلي هذا الرسم بعض كلمات نبطية وعربية تقول: داود سليمان وموسي وهارون ويوشع وزكريا ويحيي وعيسي ومحمد، وكان للبتار عند نبي الله داود»عليه السلام« شأن يماثل الشأن الذي كان لذي الفقار عند سيدنا رسول الله [ فلقد غنم [ »ذا الفقار« يوم بدر، وغنم سيدنا داود »البتار« من جالوت! أما السيف »قُلعي« فهو متميز عن غيره بتركيبة النصل، ومكتوب عليه: »هذا السيف المشرفي.. بيت محمد النبي [، طوله 001 سم ومنسوب لسيدنا عمر بن الخطاب]. حكاية السيف »حتف« والسيف »حتف« غنمه رسول الله [ في غزوة بني قينقاع، وهو أثقل السيوف وزنا وأشدها وطأة في القتال، ثم صار لعلي بن أبي طالب (كرم الله وجهه)، وطوله 211 سم. لكن السيف »الرسوب« طوله 041سم، وإن كان أحد السيوف التسعة لرسول الله [ إلا أنه منسوب لسيدنا جعفر الصادق.. ونمضي إلي باقي السيوف المعروضة بمتحف »طوب كابي«: السيف »المخذم« أو القاطع منسوب للإمام علي زين العابدين ]، وطوله 79سم، وهو مقوس الشكل.