عاد إلي أحضان الوطن بعد غيبة طالت 25عاما قضاها كخبير اجتماعي معار من وزارة الشئون الاجتماعية في مصر إلي السعودية، وسجل تجربته في كتاب أهداه لي عنوانه: (كنت في السعودية)، رصد فيه انطباعه عن واقع المجتمع السعودي بأطيافه المختلفة، ورؤيته عن الدور التنموي ودور العمالة المصرية في السعودية، وحرص علي أن يقدم دليلا إرشاديا للعمال الوافدين للعمل هناك لينير الطريق أمام الجميع، ويدرأ بعض ما قد يحدث من مقاطعات بين أطراف العمل من العمال وأصحاب العمل، وتحديد الحقوق والواجبات لكل منهما، والمظلة القانونية لكليهما.. يتحدث الخبير الاجتماعي أحمد عبده القاضي في كتابه عن سوق العمل السعودي ومتغيراته وتداعياته المستقبلية، وما يعانيه من تشوهات كالبطالة، واختلاف في العلاقة التقليدية بين جانبي العرض والطلب، واستمرار الاستقدام، وفجوة التعليم والتدريب وسوق العمل، والإنتاجية والأجور، وبيئة العمل، وتوجهات الاستثمار، والخصخصة، والعولمة، والانضمام لمنظمة التجارة العالمية، ومعايير العمل الدولية والعربية، والتقنية ومستجداتها. وناقش أهم المشاكل والتحديات في مجال العمل وأهمها المتاجرة في التأشيرات وظاهرة التستر التجاري، بأن يشتري العمال المصريون تأشيرة يطلقون عليها »تأشيرة حرة« رغم عدم وجود تأشيرة للعمالة بهذا المسمي، ويتراوح ثمنها ما بين عشرة آلاف ريال إلي خمسة آلاف ريال، ويأتي العامل فلا يجد عملا لدي السعودي الذي تعاقد معه وقبض منه ثمن التأشيرة عن طريق بعض الوسطاء، بل ويأخذ منه جواز سفره، ويبلغه بأنه يمكن أن يعمل في السوق ما يشاء، وإذا ما وجد العمل يأخذ منه السعودي نسبة شهرية يتفق عليها، وإتاوة أخري عند الحصول علي تأشيرة الخروج والعودة، أو إذا سمح له بنقل كفالته، لدرجة أن بعض السعوديين يدبرون محلا يستأجرونه لهذه العمالة التي تقوم بتجهيزه وتسديد قيمة إيجاره، ويمارسون فيه بعض الأعمال المهنية نظير نسبة أيضا للسعودي الذي استقدمهم. وبحكم مصريته، والتواصل مع بعض المصريين نمي إليه علم الكثير من هذه التصرفات التي تعرضوا لها، ومن تعنت أصحاب العمل معهم وابتزازهم، فنصحهم باللجوء إلي مكاتب العمل لتصحيح أوضاعهم، وهذه المواقف ليست مقصورة علي العمالة المصرية فقط، وإنما لها أمثلة قد تكون أكثر من العمالة الأجنبية الأخري، وبخاصة الآسيوية.