انتعشت التعديات علي الأراضي الزراعية بعد ثورة 25يناير؛ حيث سعي الكثيرون لاستغلال الأحداث من أجل تغيير الواقع علي الأرض وتحويله لمصلحتهم؛حيث وصل عدد التعديات علي الأراضي الزراعية إلي أكثر من 450ألف حالة بإجمالي مساحة تصل إلي 16ألف فدان؛حيث استثمر الكثيرون حالات الانفلات الأمني وفترة الانتخابات وانشغال الحكومة في التهام الأراضي الزراعية وتحويلها إلي أراضي إسكان بهدف الحصول علي التقنين فيما بعد؛ ولا يخفي علي الجميع خطورة ذلك لأنه يؤدي إلي تآكل الأرض الزراعية وتقليص مساحتها التي هي مصدر قوت المصريين . الأرض هي العرض ..الشرف ..المكان والعنوان.. هي (الزاد والزواد) ؛ ولذلك فقد كانت موضع اهتمام وحرص أجدادنا من الفراعنة وحتي سنوات قليلة دافعوا عنها بكل قوة وجرأة ضد الغزاة.. زرعوها بماء النيل والأمطار ثم جعلوها مخزن أسرارهم.. ففي باطنها بنوا مقابرهم وبداخلها وضعوا كل مقتنياتهم ومفاتيح حضارتهم، لكن للأسف الوضع اختلف بالنسبة للأحفاد..أهملوها.. جعلوها تصرخ بحمل ثقيل من متناقضات المعمار ثم تركوها أخيراً فريسة لغزو المباني والكتل الخرسانية والاستيلاء علي المساحات المزروعة وطمس هويتها الزراعية وزرعها بالطوب والإسمنت!!؛ لكن علي المسئولين التصدي بكل حزم لهؤلاء المغتصبين للأراضي التي تعتبر غذاء المصريين، ونرجو تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة ضد المباني المخالفة والتي مازالت حبيسة الأدراج حتي لا نتعرض لكوارث انهيارات المباني فوق أصحابها وسكانها ثم نخرج بعد فوات الآوان ونقول "ياريت"!!. يقول د.عباس الشناوي (مدير الإدارة العامة للخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة ) وصل عدد التعديات علي الأراضي الزراعية بعد ثورة 25يناير إلي 450 ألف حالة بإجمالي مساحة تصل إلي 16 ألف فدان من أجود أنواع الأراضي ذات الخصوبة المعتبرة والتي لا يمكن تعويضها من الأرض، ونناشد كل الجهات والوزارات المعنية مع وزارة الزراعة سواء كانت وزارة الحكم المحلي أو الداخلية أو الكهرباء بالتضامن معاً وتفعيل عمليات الإزالة وليس عمليات التعدي المقصود؛ فالإزالة تعني إزالة الأنقاض بعد هدم البناء حتي تكون الأرض صالحة للزراعة؛ وإذا احتاج الأمر إلي نقل تربة صالحة للزراعة إلي هذه الأماكن بعد الإزالة سوف يكون أفضل لإعادة الأرض للإنتاج الزراعي. ويضيف الشناوي: أناشد الحكومة ورئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بإنشاء فرع جديد بوزارة الداخلية تحت مسمي فرع حماية الأراضي وذلك علي غرار فرع التموين والكهرباء بوزارة الداخلية ؛ حيث إن إنشاء هذا الفرع سوف يعيد القيمة الرئيسية للمرشد أو المهندس الزراعي حيث إن العلاقة بينه وبين المزارع هي علاقة نقل معلومات وتوصيات فنية حديثة تعود علي المزارع بزيادة إنتاجه من الأراضي الزراعية ؛ لكن في حالة تفرغ المرشد الزراعي للتصادم مع المزارع في عمليات الهدم وخلافه هنا تنشب العداوة بينهما مما يؤدي إلي فقدان العلاقة بين المهندس الزراعي والمزارع ؛ مما يؤدي بنا إلي خسارة كل مانرجوه من زيادة إنتاجية . ويشير الشناوي إلي أنه تم وضع خطة عمل لمواجهة التعديات علي الأراضي الزراعية تتمثل في أن تكون العلاقة مباشرة بين المهندس الزراعي ومدير الإدارة الزراعية الذي يقوم بإبلاغ وكيل الوزارة بحالات التعدي ثم إبلاغ محافظ الإقليم لاعتماد قرار الإزالة ؛ ثم تخرج آلات الإزالة فوراً وفي نفس اليوم أي بمجرد الإبلاغ عن حالات التعدي لإزالة المباني المخالفة ثم إزالة الأنقاض؛ وكل ذلك يتم بمجهودات كبيرة ومن خلال محاضر يومية ، وأكثر المحافظات التي يوجد بها حالات تعد علي الأراضي الزراعية محافظة البحيرة والشرقية والغربية والمنيا والدقهلية وأسيوط وكفر الشيخ. ويقول اللواء وضاح الحمزاوي ( محافظ سوهاج ) أصدرت توجيهات مشددة لرصد التعديات علي الأراضي الزراعية لإصدار قرارات إزالة فورية لها يأتي ذلك في إطار تنفيذ وعود وخطة السيد رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي ضمن خطة المائة يوم؛ حيث تجاوزت التعديات بعد ثورة 25 يناير وحتي الآن ال21283حالة بسوهاج بمساحة 924 فدانا و3 قراريط و14سهما وتم إزالة 1928حالة بمساحة 90 فدان و3 قراريط ومتبقي 134 فدان و9 أسهم وعدد قرارات الإزالة التي صدرت وجاري تنفيذها 19354قرار كل ذلك حتي 16/ 7/ 2012 عند تنفيذ قرارات الإزالة لايتم إستخدام العنف ضد المواطنين ؛ كما أن الحالات التي تم إزالتها لم يسكن فيها أحد حتي وقت إزالتها ولم يتصد لنا أحد أثناء تنفيذ قرارات الإزالة. ويطالب الحمزاوي بضرورة تجريم البناء علي الأراضي الزراعية؛ وعدم الاكتفاء بتغريم المتعدي غرامة مالية فلابد من معاقبته بالحبس ؛ لكن المواطن البسيط كل مايريده هو توفير سكن له ولأسرته ولا يفكر في أي شيء آخر مما يدفعه إلي مخالفة القوانين؛ لذلك علي وزارة الإسكان الإعلان عن أراض صحراوية وعمل مزادات علنية لها ليذهب المواطن إلي هذه الأراضي لتعميرها بدلاً من البناء علي الأراض الزراعية؛ وأقول لمن يطالبون بإنشاء شرطة لحماية الأراضي هذا سيأخذ وقتا كبيرا ويحتاج إلي دعم مالي كبير وكيف ذلك والناس علي الجانب الآخر تطالب بهيكلة الداخلية ؟! . بينما يقول الدكتور علي عبدالرحمن (محافظ الجيزة) تتراوح نسبة التعديات من 5 إلي 10٪ من إجمالي الرقعة الزراعية لمحافظة الجيزة ؛صدر لأغلبها قرارات إزالة وتم تنفيذ مابين 5إلي 10٪ منها ؛ وسبب عدم تنفيذ جميع القرارات هو أن عدد المخالفات كبير جداً بالنسبة للأجهزة الحالية بإمكانيتها البشرية والمادية وعدد المهندسين والجمعيات الزراعية حيث يتم تنفيذ قرار الإزالة بالاشتراك بين مديرية الزراعة والمحليات والشرطة؛ ولا يمكننا القيام بحملات إزالة ميكانيكية في القري وبعض المراكز لأن هناك عددا محدودا من المعدات بها؛ كما أن كثيرا من القري لا يوجد بها بلدوزورات مما يعرقل عمليات الإزالة. ويضيف د.عبدالرحمن : هناك مناطق بها ظهير صحراوي يمتد فيها العمران وليس هناك مشكلة في البناء عليها ؛ لكن هناك مناطق بها متخللات زراعية مثل إمبابة وبولاق كلها مناطق زراعية لكن الري الخاص بها غير منتظم مما يجعلها تنتج زراعات ملوثة وهناك عزوف عن شراء منتجات زراعية من هذه المناطق لذلك يفضل ملاك هذه الأراضي أن يتصرفوا فيها بالبيع كأراضي بناء وهذا لايحق لهم ؛لذلك يصدر قرار إزالة لهذه المباني بتوقيع من المحافظ وتحال إلي الشرطة لأخذ الاحتياطات الأمنية وأحياناً تأتي قوات الجيش لتأمين عمليات الإزالة، كما أن هناك تعديات علي أراضي الدولة مثل أراضي الأوقاف وردم الترع ؛ والحل الوحيد لمواجهة هذه التعديات هو مصادرة كل المباني المخالفة . ويؤكد فؤاد ثابت (نائب رئيس مركز ومدينة ساقلته بسوهاج) هناك تعليمات مشددة من محافظ سوهاج بضرورة رصد ومتابعة حالات التعدي علي الأراضي الزراعية ؛ ونحن بدورنا ومن خلال حركاتنا في القري والنجوع نتابع المباني التي يتم بناؤها حديثاً ونبحث عن تراخيصها وما إذا كانت مقامة علي أراض زراعية أم لا، كما أن مجالس القري تقوم بإبلاغنا عن أي حالات تعد ونحن نقوم بإرسالها إلي وكيل وزارة الزراعة الذي يرسلها إلي المحافظ لاعتماد قرار الإزالة ثم بعد ذلك نرسلها لمركز الشرطة لإنهاء الإجراءات وأخذ الاحتياطات الأمنية تمهيدا لإزالة المباني المخالفة . وبخصوص الرأي القانوني والعقوبات التي تفرض علي المتعدي علي الأراضي الزراعية يقول د.السيد أبوالخير (خبير القانون الدولي): القانون الذي يحظر البناء علي الأراضي الزراعية كان رقم 53لسنة 1966 وتم تعديله بالقانون رقم 116لسنة 1983 وينص في المادة 152علي عدم جواز إقامة مبان أو منشآت علي الأراضي الزراعية أو اتخاذ أي إجراء في تقسيمها لإقامة مبان عليها، وقد استثني المشرع من ذلك صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في هذه المباني أو المنشآت، وهناك استثناءات أخري منها حالة عدم وجود سكن خاص للمالك أو أسرته المكونة من زوجته أو زوجاته، وفي المادة 156 من نفس القانون جعلت البناء علي الأراضي الزراعية مخالفة أو جنحة عقوبتها الحبس والغرامة التي لا تقل عن 10 آلاف جنيه وإزالة المباني المخالفة؛ وهذه المادة قللت من خطورة البناء علي الأراضي الزراعية وجعلتها مجرد جنحة أو مخالفة مما أدي إلي استسهال هذا الأمر . ويضيف د.أبوالخير : وزاد من هذا الاستسهال الكتاب الدوري لوزير العدل رقم 9 لسنة 2009م الذي تم إرساله إلي رؤساء المحاكم الابتدائية والذي يقيد إسقاط الاتهام في جميع القضايا الزراعية الخاصة بالبناء إلا ما استطاع المتهم أن يقدم من الأجهزة المحلية ما يفيد بأن أرضه تقع داخل الحيز العمراني ودون أن يتم فحص أي تفاصيل أخري، ولأن الفساد في المحليات وصل إلي الذروة فمن السهل الحصول علي هذه الشهادة، كما أن هذا الكتاب الدوري ألغي دور خبراء وزارة العدل الذين كانوا يقومون ببيان حقيقي وواقعي عن أن الأرض المبني عليها تقع داخل الحيز العمراني أو خارجه، إذن الدولة ساهمت بجزء كبير في التعدي علي الأراضي الزراعية والبناء فيها بتبسيط العقوبة، والنص علي أكثر من مخرج للمتهمين للحصول علي البراءة.