صناعة المنتجات الجلدية تعد واحدة من أهم الصناعات الحرفية في مصر ودول أخري وقد شهدت القاهرة خلال الأسبوع ا لماضي معرضا مهما للصناعات الحرفية بقاعة المؤتمرات إلي جانب معرض مفتوح بشارع المعز لدين الله قامت بتنظيمه وزارة التجارة والصناعة ووزارة الثقافة كما شارك فيه العديد من الشركات المهتمة بالصناعات الحرفية في العديد من الدول. ولقد تأثرت كثيرا عندما شاهدت السيد يحيي زلط رئيس غرفة صناعة الجلود وهو يتحدث إلي برنامج »صباح الخير يامصر« حول مستقبل صناعة الجلود في مصر معلنا أن إجمالي حجم صادرات مصر من الجلود يصل إلي حوالي مليار جنيه %95 منها في شكل جلود خام والباقي مصنوعات جلدية وفي حواراته مع عدد من العاملين والمتعاملين مع صناعة المنتجات الجلدية تبين لي مثل الكثيرين أن هذه الصناعة المهمة تمر بظروف صعبة للغاية يمكن أن تهدد كيانها ومستقبلها ومستقبل العاملين فيها سواء من أصحاب المصانع أو آلاف العمال وعائلاتهم.. هذا في الوقت الذي يمكن أن تدر هذه الصناعة مليارات من الدولارات واليورو كقيمة مضافة للصادرات المصنعة من الجلود بدلا من تصديرها كمادة خام خاصة أن لنا خبرة كبيرة في هذا المجال علي مدي عشرات السنين الماضية.. والحقيقة أن هناك نماذج مشرفة في هذه الصناعة وتقوم بدور مهم في تصدير منتجاتها والحصول من وراء ذلك علي عائد مجز يمثل فائدة كبيرة لها وإضافة جيدة للاقتصاد القومي المصري.. ولكن لابد أن يكون هناك دور أقوي وأوسع لكل من وزارة التجارة والصناعة وعلي رأسها الوزير رشيد محمد رشيد وهو رجل صناعة من الدرجة الأولي ذو فكر مستنير وغرفة صناعة الجلود.. كما أنه لابد من وضع استراتيجية قصيرة الأجل وأخري طويلة الأجل لمواجهة المشاكل التي تواجه هذه الصناعة وإيجاد الحلول اللازمة بهدف النهوض بها خاصة وأن الجلود المصرية كما يؤكد خبراء المهنة تعد من أجود أنواع الجلود في العالم وعليها إقبال كبير من مختلف الدول التي لها باع في هذه الصناعة. وفي مقدمة المشاكل عدم توافر التكنولوجيا المستخدمة في هذه الصناعة وسوء أحوال المدابغ وعدم توافر المواد الخام المستخدمة في مختلف مراحل التصنيع إضافة إلي ضرورة خلق فئة من المصدريين بعد إعدادهم بصورة جيدة علي كيفية فتح الأسواق للمنتجات المصرية والأهم هو الحفاظ علي هذه الأسواق. ومن أخطر المشاكل التي تواجه هذه الصناعة مشكلة العمالة وخاصة العمالة المدربة القادرة علي التعامل مع الأجهزة والآلات الحديثة والتي تساهم كثيرا في رفع جودة المنتج وتخفيض تكلفة الإنتاج.. ولهذا فإنه لابد من التوسع في إنشاء مراكز التدريب المهني في مناطق تجمع هذه الصناعة وخاصة في القاهرة والاسكندرية ودمياط ومحاولة الاستفادة من مشروع »مبارك كول« للتعليم الفني والتدريب المهني وهو النظام الذي كان له دور كبير في النهوض بالصناعات الصغيرة والمتوسطة في ألمانيا. إن التخطيط لإنشاء مدينة متخصصة لصناعة الجلود في العاشر من رمضان هو بلاشك فكرة جيدة ولابد من الاسراع في تنفيذها وإنشاء نماذج مماثلة لها في المحافظات المختلفة لإنقاذ هذه الصناعة والحيلولة دون تدهورها مع تقديم كافة المساعدات اللازمة للمصانع القائمة والعمل علي تطويرها ولنأخذ عبرة من دولة مثل الأرجنتين التي تطورت فيها صناعة المنتجات الجلدية بدرجة كبيرة للغاية وأصبحت تمثل درجة كبيرة وإضافة قوية لاقتصادها القومي وكذلك تركيا والهند. ولأن التصميمات والابتكارات أصبحت تلعب دورا مهما في التسويق والترويج للمنتجات الجلدية والملابس الجاهزة حيث تمثل من 70 إلي %80 من قيمة السلعة لذا فإنه ينبغي الاهتمام بهذا الفرع من العلوم وتشجيعه في معاهدنا الفنية بل وإنشاء معاهد متخصصة له خاصة أن هناك بالفعل كفاءات مشهود لها في هذا المجال وتبادل الخبرات مع الدول المتقدمة في هذا المجال. وهذه الصناعة تعتمد بدرجة كبيرة علي المواشي وخاصة الأبقار والماعز والخراف ونظرا لارتفاع أسعار اللحوم في الآونة الأخيرة وبالتالي تراجع معدلات الذبح وهو ما أدي إلي انخفاض المعروض من الجلود في الأسواق وبالتالي فإنه لابد من إحداث التوازن المطلوب بين تصدير الجلود كمادة خام واحتياجات الصناعات الجلدية التي تمثل إضافة كبيرة للاقتصاد القويم المصري وتساهم في فتح فرص عمل لآلاف من العمال. وبالرغم من أهمية الثروة الحيوانية بالنسبة للقطاع الزراعي وللفلاح المصري بصورة خاصة إلا أننا لابد أن نعطيها مزيدا من الاهتمام نظرا لما تمثله من أهمية خاصة لهذه الصناعة الحيوية.. إن نظرة خاصة علي أسعار المنتجات الجلدية ( مثل الشنط الحريمي والأحذية والملابس الجلدية) وخاصة في الدول المتقدمة الغنية تؤكد لنا ضرورة إعطاء هذه الصناعة مزيدا من الاهتمام والعمل علي تطويرها وتحديثها لتواكب أحدث متطلبات العصر وتكون في مقدمة الصادرات المصرية ذات السمعة العالمية.