طلاب هندسة الفضاء بجامعة المنصورة الجديدة في زيارة لأكاديمية مصر للطيران    رضا حجازي يفتتح المعرض السنوي وورش عمل طلاب مدارس التعليم الفني    أسعار الذهب تتجه للهبوط لمستويات 3 آلاف جنيه لعيار 21    محافظ قنا يجرى جولة ميدانية لمتابعة حالة الطرق    فاينانشيال تايمز: دبلوماسيون يأملون في التوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين بعد تخفيف إسرائيل شروطها    عاجل| رئيس الوزراء ونظيره البيلاروسي يشهدان منتدى الأعمال المشترك    كيف انتهت مواجهات ريال مدريد وبايرن ميونخ في نصف نهائي دوري الأبطال؟    ضبط 5 أطنان من الأسماك المملحة والمجمدة منتهية الصلاحية بالشرقية    سعد: تشكيل غرف عمليات بالوحدات المحلية بمناسبة عيد القيامة وشم النسيم    إحالة حرامي الهواتف بالموسكي للمحاكمة    تفاصيل إلقاء طالبة بنفسها من الطابق الخامس داخل أكاديمية تعليمية بالمنصورة    مدرس بكلية الحاسبات: البرمجة تدخل في كل مجالات الحياة    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    قيادي بمستقبل وطن: عمّال مصر هم عمود الدولة    بلينكن يتوجه للأردن لبحث سبل زيادة المساعدات إلى غزة    رئيس الوزراء الفلسطيني: لا دولة بدون قطاع غزة    مساعد وزير الخارجية الأسبق: الجهد المصري لا يتوقف لتهدئة الأوضاع في غزة    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    فالفيردي: جاهز لمواجهة بايرن ميونيخ    اتحاد جدة يستعيد كانتي قبل مواجهة الكلاسيكو أمام الهلال    القيعي: يجب تعديل نظام المسابقات.. وعبارة "مصلحة المنتخب" حق يراد به أمور أخرى    عضو إدارة الأهلي: دوري الأبطال ليس هدفنا الوحيد.. ونفقد الكثير من قوتنا بدون جمهورنا    أسعار السمك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    جهاز مشروعات التنمية الشاملة ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة    مدير طب بيطري الأقصر يكشف استعدادات استقبال عيد الأضحى (صور)    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبي جرائم الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    أول بيان من «الداخلية» عن أكاذيب الإخوان بشأن «انتهاكات سجن القناطر»    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    وفد شركات السياحة المصرية بالسعودية يكشف تفاصيل الاستعداد لموسم الحج    طرح فيلم "أسود ملون" في السينمات السعودية .. الخميس المقبل    رئيس جامعة المنيا يفتتح معرض سوق الفن بكلية الفنون    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    ساويرس يوجه رسالة مؤثرة ل أحمد السقا وكريم عبد العزيز عن الصديق الوفي    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    خطوات ل فحص السيارة المستعملة قبل شراءها ؟    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    إصابة 4 أشخاص بعملية طعن في لندن    رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورنا يحسم الجدل بشأن حدوث جلطات بعد تلقي اللقاح    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحانات التفسير والفلسفة والأحياء اليوم    أقدس أيام السنة.. كيف تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بأسبوع آلام السيد المسيح؟    «الثقافة» تطلق النسخة السابعة من مسابقة «أنا المصري» للأغنية الوطنية    وزير الإسكان: نعمل على الاستثمار في العامل البشري والكوادر الشبابية    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    اليوم.. "الصحفيين" تفتتح مركز التدريب بعد تطويره    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوميديا سوداء 3:محاكمة القرن ... مسرحية هزلية!
أنباء عن تنحي بشار وموافقته علي الامتثال للمحاكمة: بشرط أن تكون أمام القضاء المصري العادل!

الخطبة التي ألقاها رئيس المحكمة ظن الجميع أنه سوف يعدم المتهمين كافة ولن يستثني أحدًا، وأنه يتحدث باسم الثورة والثوار وباسم "الشباب الشرفاء" الذين قضوا علي "الطغيان"! تسمع كلام القاضي أحمد رفعت قبل النطق بالحكم تقول هيخبطهم إعدام أو بالميت مؤبد.. قعدت أقول لنفسي يا تري الراجل دا هيفاجئنا بحكم عادل علي الخونة الفسدة ولا مخبي وراها بلاوي.. وأُسدل الستار علي المسرحية الهزلية لمحاكمة مبارك، التي أثبتت أن النظام السابق لا يزال موجودًا بكامل أركانه ونفوذه ويده الطولي العابثة في البلاد، ظلال حقبة مبارك لا تزال مخيمة علي الدولة وهي علي بعد خطوات من اختيار رئيس جديد. عموما سخر نشطاء علي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" من الأحكام الصادرة ضد حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته ومعاونيه، واستخدموا في ذلك الصور المركبة الساخرة وأيضا "النكت" التي تعبر عن مخاوف المستقبل الذي ينتظر مصر.
تحت عنوان محاكمة مبارك..المهزلة، عبّر رسام الكاريكاتير البرازيلي كارلوس لاتوف عن محاكمة مبارك عبر صفحته علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك " بعدد من الرسومات الكاريكاتورية الساخرة، التي تظهر المحاكمة في شكل مسرحية متفق علي أداء الأدوار فيها مسبقا. ويظهر الكاريكاتير القاضي أحمد رفعت وهو يعطي إشارة بدء التصوير في فيلم "محاكمة مبارك" تحت عبارة "الطبخة" وإلي جانبه الرئيس السابق مبارك ممددا علي سريره الأبيض، ويبتسم عندما يستمع إلي كلمات طبيبه الخاص الذي يقول له "نلتقي في شرم الشيخ".
أيضا تداول نشطاء صورة كاريكاتورية أخري للقاضي أحمد رفعت وهو ينطق بالحكم قائلا "حكمت المحكمة بإعدام كل من: الثورة والثوار". بهذا الصورة، أراد الرسام محمد خالد أن يعبر عن رأيه في الأحكام الصادرة في حق رموز النظام السابق بأنها ضد الثورة المصرية التي قامت من أجل القضاء علي النظام السابق وكل رموزه.
وعلي حائط صفحة "معا لتحرير القدس"، نشر نشطاء صورة تقارن بين لحظة الحكم علي الرئيس المخلوع بالمؤبد واللحظة التي حكم فيها علي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وقال مؤسسو الصفحة "شاهد الفرق.. الرئيس صدام حسين وقف علي رجليه ليستقبل حكم الإعدام..ومبارك نايم علي سريره ينتظر البراءة... صدق من قال: الرجال مواقف...".
وتساءلت الصحفية الجزائرية سلمي رحال عبر صفحتها الشخصية علي فيسبوك "كيف يبقي جسم الأخطبوط في السجن ويُفرج عن أذرعه؟"، ليجيبها أحدهم "سوف يلحق الجسم بالأذرع قريبا". وقال لها آخر "ومن قال إنه في سجن.. فرب سجن خير من ألف قصر".
أما "نكتة اليوم" تلك التي تداولها نشطاء تعليقا علي الأحكام القضائية الصادرة في المحاكمة التي أطلق عليها "محاكمة القرن"، تقول "الداخلية بريئة... الأمن المركزي بريء... أمن الدولة بريء.. جمال وعلاء براءة... هو رفعت ما حكمش ليه علي الشهداء بالإعدام حكم غيابي"، حسبما أوردت وكالة أنباء الأناضول.
أما النكتة الأكثر تداولا بين الشباب ما ينتظر رئيس النظام السوري بشار الأسد، فقالت "بشار الأسد مستعد للتنحي عن الحكم و الخضوع للمحاكمة..شرط أن تتم أمام محكمة مصرية". وهي الفكرة نفسها التي عبر عنها إيهاب ماهر من مصر الذي نشر صورة كتب عليها "أنباء عن تنحي بشار الأسد وموافقته علي الامتثال للمحاكمة، بشرط أن تكون أمام القضاء المصري العادل".
عموما انتشرت علي مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك و تويتر و بشكل سريع جدا موجة من النكت و التعليقات الساخرة ، التي حاولت أن تزيل المرارة التي أصابت المصريين بعد الحكم بتبرئة مبارك ونجليه جمال وعلاء من تهم الفساد ، وفيما يلي بعض أبرز تلك التعليقات :
-اشتغل في امن الدولة، اغتصب، انتهك، عذب ، ارهب، اظلم ، اخطف اقتل وماتقلقش حتطلع براءة برضة تحت رعايه مهرجان البراءة للجميع
-يا رب الثورة هذه المرة تكون علطول مش 81يوم فقط ، تعبنا من الفرقة، خلينا إيد واحدة دايما .
-يعني ضحوا بواحد ميت أصلا وواحد عليه 02سنة قبل كده عشان يطلعوا علاء وجمال براءة ؟ بصراحة لو نيل مصر كله صلصة مش هيكفي الكوسا اللي فيها قضائك الشامخ يا مصر .
- طيب أهم حاجة بعد المسرحية ما خلصت الشهداء هيجولنا و لا احنا اللي هنرحلهم؟
- نفس القضاء اللي حكم علي مبارك النهاردة، هو اللي بيشرف علي الانتخابات، اعقلوها، لا خير في انتخابات بقضاء فاسد، أملنا في الميدان ينتظرنا.
عقب النطق بالحكم علي مبارك
كم هي غريبة تلك اللحظات التي أعقبت نطق القاضي أحمد رفعت بالحكم في قضية الرئيس المخلوع مبارك، حيث تبدل المشهد من النقيض للنقيض في غمضة عين، فمن فرحة طاغية وطبل ورقص وشماريخ وألعاب نارية انطلقت في الهواء، إلي غضب عارم وصدمه قاسية وبكاء ونحيب علي ما اعتبره أهالي شهداء الثورة ومن معهم من أنصار، ضياع لحق أبنائهم وهدر دمائهم، لم لا وقد حصل كل أعوان حبيب العادلي وزير داخلية مبارك ومعهم كل الضباط قتلة المتظاهرين، تقريبا، علي أحكام بالبراءة، بل وأصبح من حقهم قانونا العودة لوظائفهم والحصول علي مرتباتهم ومكافآتهم وترقياتهم بأثر رجعي، وكأن شيئا لم يكن، و كأن مصر لم تعرف ثورة انطلقت من ميادين الأربعين بالسويس والتحرير بالقاهره والقائد إبراهيم بالإسكندرية.. ميادين أصبحت قابلة للاشتعال مرة أخري بعدما اعتبرته قوي الثورة حكما هزيلا علي أركان نظام كان في القمع آية وفي القهر علامة.
كثيرون فرحوا بشكل هستيري عقب سماع الحكم بالسجن المؤبد علي مبارك والعادلي، بعضهم رقص فرحا والبعض الآخر سجد لله شكرا، بينما مجموعة أخري من شباب الألتراس راحت تنشد أغانيهم الحماسية، و بينما السعادة هي سيدة الموقف، كان أحدهم يصغي باهتمام بالغ لمحطة راديو من خلال هاتفه النقال، لباقي الأحكام الصادرة بحق علاء وجمال مبارك ومساعدي حبيب العادلي، و ما أن تأكد من عدم إدانة أي منهم، راح يصرخ في رفاقه مطالبا إياهم بالتوقف عما يفعلون، قائلا" يا أغبيا أنتو بتغلطوا نفس الغلطة بتاعة يوم التنحي.. بترقصوا علي إيه؟!
علاء وجمال براءة وإسماعيل الشاعر وأحمد رمزي وكل شلة العادلي براءة.."، لم تذهب كلمات الشاب أدراج الرياح، بل لاقت آذانا مصغية في خضم الهرج والمرج المسيطرين علي المشهد أمام أكاديمية الشرطة، وحينما استوعب الجميع ما حدث، تبدل الحال تماما وبدأت اشتباكات بين شباب الألتراس الغاضبين وجنود الداخلية المعنيين بتأمين المحاكمة، و بعد تراشق بالحجارة وزجاجات المياه، استطاعت قوات الداخلية تفريق المتظاهرين وألقت القبض علي بعضهم بالفعل بعد تحطيم زجاج سيارتي شرطة، ولكن دون وقوع إصابات تذكر في الطرفين.
عقب رفع الجلسة التقينا بمدحت المرسي أحد أعضاء هيئة المدعين بالحق المدني، ووالد أحد مصابي الثورة وهو شاب في مطلع العشرينات من العمر فقد الإبصار بعينه اليمني، المرسي أعرب عن استيائه الشديد من الحكم ووصفه بغير المنطقي، وتساءل :"كيف يحصل منفذو جرائم القتل علي براءة فيما يتم إدانة المحرضين؟!!، إنه حكم سياسي وليس قضائيا، وكأنهم بإدانة مبارك والعادلي يريدون القول إن هناك نزاهة ما، ولكنهم بذلك يمهدون الطريق لتولي أحمد شفيق الرئاسة، لتتمكن الدولة الأمنية من إعادة بناء نفسها من جديد "، وأضاف المرسي:"لا يوجد أي معني للحكم علي مبارك والعادلي بالحبس المؤبد، لقد بلغا من العمر أرذلة (مبارك 85 عاما والعادلي 17، و لم يعد لهما، ولن يكون لهما مستقبل، أي دور في الحياة السياسية والاجتماعية، وسيمكنهما نقض الحكم، وقد تحيل محكمة النقض القضية لدائرة أخري ليتم النظر فيها من نقطة الصفر، و هذا معناه الانتظار لمدة قد تصل لسنوات، و الأخطر من كل ذلك أن مساعدي العادلي سيعودون إلي عملهم".
أما النائب عضو مجلس الشعب، وأحد أفراد هيئة المدعين بالحق المدني أيضا، المحامي سعد عبود، فقد أكد أن الحكم بهذا الشكل غير العادل كان متوقعا منذ بداية القضية، واصفا إياه بإدانة بطعم البراءة، وهو ما حدث نظرا لضعف الأدلة والمستندات المقدمه لهيئة المحكمة، وأضاف عبود:" أجهزة الأمن، لا سيما الداخلية والمخابرات، لم تقم بواجبها في جمع الأدلة، بل وأقدمت علي إفساد أدلة إدانة بطريق العمد، ويجب التحقيق مع قادة الأجهزة الأمنية والنيابه العامة بتهمة تضليل العدالة.. لا شك أن قتلة المتظاهرين هم ضباط الداخلية الذين تعاملوا مع الثورة في بدايتها علي أنها موجة احتجاجات وستمر، لذا استخدموا الرصاص الحي ضد المتظاهرين، علي اعتبار أنهم سيحصلون علي ترقيات ومكافآت نظير صنيعهم..!"
أما الحاج أحمد (موجة لغة إنجليزية) والد الشهيد إبراهيم سمير سعدون، فقد بدت عليه علامات الصدمة والإحباط، بعد أن كان مستبشرا بحكم يثلج صدره لدي سماعه الحيثيات ذات الكلمات الرنانة من قبل القاضي أحمد رفعت، الحاج أحمد يؤكد أنه لا حكم يرضيه ويرضي كل أهالي الشهداء سوي القصاص من قتلة أبنائهم، عملا بالآية الكريمة:" ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"، ويكمل :"إن لم يتم إعدام قتلة الثوار ستكون هناك ثورة ثانية، ولكنها لن تكون سلمية هذه المرة، خاصة لو فاز أحمد شفيق تلميذ مبارك بالرئاسه"، وحينما سألته عن توقعه لمصير مبارك في حال فوز شفيق بالرئاسة فعلا، أجاب:"ربما يلجأ شفيق لقتل أسر الشهداء أيضا للتخلص منهم ومن مطالبهم"، و التقط أسامة المغازي، أحد مصابي الثورة بالإسكندرية، والذي فقد كفه اليمني نتيجة طلق ناري من بندقيه طراز AK47، طرف الحديث قائلا:"جئت من الإسكندرية خصيصا لسماع حكم عادل يكون بمثابة رسالة للرئيس القادم أيا كانت هويته، لم يعد يهمني أنني أصبحت عاجزا عن العمل، ولكن كان يهمني حكم قضائي يبث الطمأنينة في نفوس المصريين، ويشعرهم بنجاح ثورتهم، ويعطيهم الأمل في زوال دولة الظلم والطغيان.. والآن لا أجد ما أقوله سوي حسبنا الله ونعم الوكيل...".
صدمة أهالي الشهداء
حسبنا الله ونعم الوكيل.. حكموا علي ناس ميتين، هكذا هتف أهالي الشهداء بعد النطق بالحكم في محاكمة القرن التي انتظروا فيها حكما يهدئ من نفوسهم بعد أن فقدوا أبناءهم إلا أن نتيجة المحاكمة الصادمة جعلتهم يصفونها بالمسرحية الهزلية التي برع في بطولتها القضاء والتي بدأت فصولها منذ خروج الضباط المتهمين بقتل الثوار وإخلاء سبيلهم.
تامر رضوان شقيق الشهيد شريف قال: هذا مخطط علشان يولعوا البلد ويرجع قانون الطوارئ فلن يكون هناك انتخابات وهناك رد فعل قوي من أهالي الشهداء فالذي فعلوه حكموا علي ناس ميتين أساساً .
بينما قال جمال ورداني والد الشهيد مصطفي ورداني إن ما حدث تمثيلية والحكم ممكن يخفف بعد ذلك واحنا كدا عيالنا راحوا هدر ومن المفترض أن يحكم علي كل المتهمين بالإعدام.
والد الشهيد عادل عبد الحكيم قال: الحكم إعدام ميت والمفروض أبناء مبارك يأخذون حكما.
أما والدة الشهيد محمود أحمد فقالت: هذا حكم مسكن هو فاضل كام سنة في عمر مبارك علشان ياخد مؤبد هو وحبيب العادلي دول ناس كده كده ميتين فالأقل أن حبيب العادلي كان تم الحكم عليه بالإعدام لكن دي تمثيلية وكل ذلك مسكنات.
»حسبي الله ونعم الوكيل، دم ابني راح« كانت هذه الكلمات رد فعل السيدة إلهام شحاتة، والدة الشهيد علاء عبد الهادي، عقب النطق بالحكم في قضية قتلة المتظاهرين المتهم فيها الرئيس المخلوع.
أما محمد شقيق الشهيد أحمد مصطفي فقال: لن نسكت علي براءة المتهمين وسننزل للشارع للقصاص من دماء الشهداء مشيرا إلي أن الحكم سيؤدي إلي فوضي عارمة في البلاد، وسيجعل الناس تبحث عن القصاص، وأخذ حقوقهم بأيديهم .
وأضاف: الحكم الذي صدر هو بشري لصالح الرئيس السابق وتمهيدا لتبرئته في حالة نقض الحكم، فكيف يعاقب مبارك ووزير الداخلية و الذين نفذوا التعليمات يحصلون علي البراءة، كما أن تهم المال العام لا تسقط بالتقادم و لا بمرور الفترة الزمنية فكيف يحصل سالم ومبارك و نجليه علي البراءة، وأكد أن الحكم لا يرضي الله عز وجل ولا يرضي المصريين، ولابد أن يتم النقض عليه والطعن فيه.
أما والدة الشهيد محمد عبد السلام فاعتبرت أن حكم القضاء هو حكم لإسقاط مصر وليس لأبنائها مؤكدة أن دم الشهيد ضاع بهذا الحكم غير الكافي لما ارتكبوه مطالبة المحكمة بأن توضح الأسباب الحقيقية لحكمها.
وقال رمضان عبد الغني أحد المصابين وعضو مجلس إدارة المجلس القومي لرعاية أسر الشهداء والمصابين، إن الحكم بالمؤبد علي الرئيس المخلوع حسني مبارك يعني براءته، وذلك من خلال الإجراءات التي سيتبعها من استشكال ونقض علي الحكم، كما أن براءة معاوني العادلي وجمال وعلاء مبارك تعني عدم عودة الأموال المهربة من الخارج، ومن المتوقع أن يتم اتهام جهاز الكسب غير المشروع بالكذب في حق هؤلاء.
وأضاف رمضان أن براءة حسن عبد الرحمن رئيس جهاز أمن الدولة السابق تعني أنه من المحتمل أن يتقلد مناصب أخري ومنها وزير الداخلية القادم، وكذلك من المتوقع أن يتقلد إسماعيل الشاعر رئيس وزراء مصر في الفترة المقبلة، وأضاف قائلا: "الشعب المصري يا رحمن يا رحيم عليه، وحسبي الله ونعم الوكيل في القضاء المصري"، مشيرا إلي أن المستشار أحمد رفعت حكم علي أحد المواطنين بالسجن 11 عاما نتيجة لتعاطيه سيجارة حشيش، لافتا إلي أن هذا الحكم لا يرضي أحدا من الشعب.
من جانبها قالت أم الشهيد محمد مصطفي إن دماء الشهداء لا يقابلها إلا القصاص من هؤلاء، وعلي رأسهم مبارك والعادلي وجمال وعلاء مبارك وأن ذلك الحكم غير عادل وسيعمل علي إثارة البلبلة في الشارع، ومن المتوقع أن تقوم ثورة أخري لتطهير القضاء
فيما أكد محمد فؤاد أحد المصابين في جمعة الغضب، أن الحكم كان متوقعا، واصفا إياه بالصدمة علي جميع أطراف الشعب، مشيرا إلي أنه سيتم تنظيم مسيرة من أمام مقر أكاديمية الشرطة إلي ميدان التحرير اعتراضا علي الحكم.
مبارك والعادلي.. مؤبد بطعم البراءة
عفوًا يا شهيد.. القاتل بريء بتلك الكلمات وصف أهالي الشهداء ومئات من المواطنين الحكم الصادر في قضية المخلوع، فقد كان يوم المحاكمة بمثابة إعلان واضح لانتهاء الثورة وضياع حق آلاف الأبرياء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل رفعة شأن الوطن وإنهاء الحكم المستبد الذي دام طيلة الثلاثين عاما الماضية.
لا يمكننا إنكار أن صدور أهالي الشهداء انتشت فرحًا بعد أن حكم القاضي – العادل- في مبارك والعادلي بالمؤبد وشعروا للحظات أن حق أبنائهم لن يضيع هباء، لكن سرعان ما تهاوي ذلك الشعور بعد أن تعالت ساحات المحكمة بحكم براءة معاوني العادلي ونجلي الرئيس السابق.
لم يكن أمام الأسر سوي الدعاء والانتفاضة مجددًا بالميدان للتنديد بهذا الحكم، ومن ثم تباينت آراء المدعين بالحق المدني، فبعضهم عقد الأمل علي النقض، فيما رأي آخرون ضرورة اللجوء لمحكمة العدل الدولية وأصر فريق ثالث علي تطبيق الاتفاقية الجنائية الدولية التي وقعت عليها مصر عام 0002.
أكد أمير سالم المحامي بالحق المدني في قضية قتل الشهداء أن الحكم الصادر ضد مبارك ونجليه ومعاونيه حكم سياسي برمته ولم يأت سوي في صالح مبارك وأعوانه ، مشيرًا إلي أنه لأول مرة في التاريخ يتم الحكم بالبراءة علي متهم غيابياً مثلما حدث مع "حسين سالم".
وأضاف سالم أن ما تعيشه مصر الآن مهزلة ديمقراطية وكارثة أحلت بمصر وشهدائها، مؤكدًا أن المدعين بالحق المدني سيتقدمون بنقض لهذا الحكم ومعهم النيابة العامة .
وانتقد سالم ما يقوم به بعض من محامي الإخوان المسلمين من التدخل في سير القضية سواء بالتضامن أو التدخل في النقض مؤكدًا أن ما يقومون به ما هو سوي "دعاية انتخابية ومتاجرة بآلام المصريين لتمكينهم من الوصول لغايتهم.
واستنكر سالم ما عرضه المستشار أحمد رفعت من حيثيات للحكم وأهمها : " خلو أوراق الدعوي من أدلة فنية قطعية تثبت أن وفاة المجني عليهم قد حصل نتاج أسلحة ، كل التقارير الطبية، وإن صح ما أثبت بها من إصابات، لكن في عقيدة المحكمة لا تصلح دليلا علي شخص محدثها، خلو أوراق التداعي من شواهد كدليل قاطع يثبت للمحكمة ارتكاب أي من المتهمين للجريمة، غير مبارك والعادلي، وارتكاب الواقعة، المحكمة تود أن تؤكد أن ما نُسب للمتهمين بالاشتراك في قتل المتظاهرين لم يتوافر للمتهمين الآخرين وعلي ذلك قضت بما يقتضي".
وأوضح محمد الدماطي أحد المحامين عن المدعين بالحق المدني، أن الحكم الصادر كان متوقعًا نظرًا لما أحاط تلك الدعوي بالعديد من الشبهات .
وأكد أن أسوأ ما واجهه أهالي الشهداء والمصابين في القضية، هو أن التحريات وأدلة الاتهام ضد القتلة من أفراد الشرطة وقياداتها كان يفترض أن تقدمها الشرطة نفسها إلي المحكمة. وهو ما أدي إلي تهاوي أدلة الاتهام بطبيعة الحال، إلي الحد الذي وصل بأحد مسئولي وزارة الداخلية إلي إحراق قرص مدمج كان يتضمن مشاهد اتفاق مبارك مع العادلي ومساعديه علي الجرائم ، إضافة إلي أن أبرز شهود الإثبات في القضية، كان رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وزير دفاع مبارك لأكثر من عشرين سنة، المشير طنطاوي.
وشدد الدماطي علي أن الكرة الآن بملعب البرلمان لمحاكمة المخلوع ونجليه والعادلي ومعاونيه محاكمة ثورة، مؤكدا أن الشارع عليه أن يواصل الضغط علي النيابة لاستئناف الحكم ومحاولة إعادة محاكمة مبارك مجددا. واختتم رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين بالقول: "صدور حكم بحق مبارك والعادلي وبراءة باقي المتهمين يعني أن محاميا تحت التمرين يمكنه في الاستئناف الحصول لمبارك والعادلي علي البراءة بمنتهي السهولة".
من جانبه طالب عبدالمنعم عبدالمقصود محامي جماعة الإخوان ومنسق هيئة الدفاع عن أسر شهداء ومصابي الثورة، بإعادة محاكمة الرئيس المخلوع ونجليه ووزير داخليته و6 من مساعديه، معتبرا الحكم الذي أصدرته المحكمة بإدانة مبارك والعادلي وتبرئة الباقين، حكم "سياسي بدرجة امتياز". وقال "كما هو متوقع لم تنتصر المحكمة لحقوق الشهداء ودمائهم الزكية".
وأكد محامي الإخوان، أن المحكمة لم تكتفِ بالبراءة لمعاوني العادلي وإنما سطّرت بحسب قوله، في أسباب حكمها أسباب الطعن بالنقض لصالح مبارك والعادلي، الأمر الذي "يتيح لهم إمكانية الحصول علي البراءة بسهولة في حالة النقض".
وأضاف موضحا أن هيئة الدفاع عن الشهداء كانت قد سبق أن طالبت برد هذه المحكمة عندما شعرت أنها لا تحكم بصحيح القانون، وأنها تحاول تسييس القضية، وتبرئة المتهمين دون وجه حق.
وأشار إلي أن هذا الحكم يبعث اليأس في قلوب الجماهير، ويجعلها تتأكد أن الثورة لم تؤتِ ثمارها، ولم تقم بما هو مطلوب منها، وطالب بضرورة إعادة المحاكمة من جديد، وضم الجرائم السياسية إلي الجرائم الجنائية، وإصدار حكم رادع ضد مبارك ورفاقه حتي لا تتكرر أخطاء النظام السابق في المستقبل مرة أخري، بعد أن أعلن الشعب أنه لن يعود إلي الوراء وأنه سيثور علي أي رئيس لا يحترم حقوقه ولا يحافظ علي حرياته.
من جانب آخر أوضح د.عثمان الحفناوي عضو هيئة المدعين بالحق المدني في قضية قتل المتظاهرين أنه يشعر بالصدمة من الحكم ضد مبارك والعادلي، مشيرًا إلي أن أهالي الشهداء يتهمون المدعين بالحق المدني بالفساد لأنهم لم يستطيعوا الحصول علي حق أبنائهم.
المستشارون يستنكرون
ما يحدث الآن من انتقاد للحكم هو أمر مؤسف، هذا ما أكده المستشار محمد صلاح بمجلس الدولة، متسائلا: هل يعقل خروج البعض بمظاهرات بهذا الشكل، معتقدين أن القضاة سيجتمعون مرة أخري ويمنحون المتهمين الإعدام بدلا من المؤبد.
واستنكر المستشار طلبات المدعين بالحق المدني وأسر الشهداء، مشيرًا إلي أن ما شهدته الميادين هو نوع من أنواع جهل الشعب بالقضاء، لأنه لا يحدث في أي دولة من العالم أن يتظاهر الشعب أمام دار القضاء، ويرفعون أحذيتهم اعتراضا علي حكم.
من جانبها أكدت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، أنها كانت تتوقع أن تحدث مظاهرات عقب الحكم علي مبارك، وأنه سيكون هناك استخدام سياسي لمحاكمة مبارك، مشيرةً إلي أن المعترضين علي حكم القضاء لا يعبرون عن الشعب كله، وهم شريحة من الشعب فقط لأن الأغلبية تثق بالقضاء العادل.
ورفضت الجبالي كل الاتهامات التي تشكك في نزاهة القاضي قائلة إن المستشار أحمد رفعت معروف بنزاهته وقوته في القضايا الصعبة، وأشارت إلي أن القضاء المصري نزيه ولا تشوبه شائبة.
كرامة مصر ودماء الشهداء في يد النائب العام:النيابة العامة صاحبة الحق الوحيد في الطعن علي أحكام البراءة والمطالبة بعودة سالم
ما إن صدر الحكم ببراءة مبارك وحسين سالم من تهمة الفساد المالي والتربح وقضية تصدير الغاز بالتقادم لمرور أكثر من عشر سنوات علي تلك التهمة حتي استغل عدد من المسئولين في مجموعة شركات "مرحاف" الإسرائيلية الشريكة في اتفاقية الغاز الملغاة مع الحكومة المصرية والتي يمتلكها الملياردير الإسرائيلي "يوسي ميمان"شريك الملياردير المصري الهارب حسين سالم الصندوق الأسود لمبارك ذلك الحكم وعلقت عليه قائلة إن تبرئة كلٍ من الرئيس السابق ونجليه وحسين سالم صاحب شركة غاز الشرق المتوسط صاحب حق التصدير من تهم الفساد المنسوبة إليهم بالدليل القوي علي صحة اتفاقية الغاز المصرية الإسرائيلية وأشار بعضهم إلي أن " قصة الفساد وإهدار المال العام" التي ألصقت بالصفقة هي من وحي الخيال وأنها كانت شرعية فخدمت المصالح المصرية والإسرائيلية علي السواء ولوحت بإمكانية المطالبة بعودتها مرة أخري.
لا أحد يعلم إلي الآن مصير الأموال المنهوبة في بنوك سويسرا وأسبانيا وإمكانية عودتها إلي الخزانة المصرية بعد حصول المتهمين علي البراءة بعد أن باتت هي الأمل الوحيد لإنعاش الاقتصاد المصري الجريح خاصة بعد تصريحات محمد المحسوب وكيل اللجنة الشعبية لاسترداد الأموال المنهوبة بأن تلك الأموال أصبحت في مهب الريح ولانستطيع مطالبة القضاء الأسباني باستردادها مرة أخري وهذا يفسر رفض مبارك ونجليه استقدام أموالهم من الخارج لتنافي ذلك مع تصريحات فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولي والتي صرحت في المؤتمر الصحفي الذي عقد عقب إعلان الحكم أن تلك الأموال لا علاقة لها بالحكم وأن إعادتها أمر لامحال في المطالبة بها والغريب أن أبو النجا ظلت طيلة كل هذه الشهورقبل صدور حكم البراءة لاتبدي حماسا أو تعاونا في عودتها فما الذي قلب دفة الأمور؟ أهي محاولة لامتصاص غضب الشارع وتلميع صورتها؟ بينما اتفقت آراء أساتذة القانون والسياسة علي أن استرداد تلك الأموال مرهون بقرار النائب العام من نقض تلك الأحكام ومطالبة القضاء الأسباني بتسليم الهاربين لإعادة محاكمتهم أمام دائرة جنائية أخري.
»آخرساعة« توجه نداء إلي النائب العام المستشار عبد المجيد محمود بضرورة تحريك تلك الدعوي نصرة لكرامة المصري التي شعر بفقدانها بعد صدور هذه الأحكام المجحفة.
عبر الدكتور إبراهيم العناني أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس عن أسفه لهذا الحكم واصفا إياه بالمنقوص والمبهم وقال: لاشك أن أحكام القضاء لايجوز التعليق علي صحتها أو التشكيك في نزاهتها لكن عندما يأتي الحديث عن محاكمة القرن للمخلوع ورؤوس نظامه والذي ارتكب آثاما قبيحة في حق شعبه والتي انتظرها المصريون طيلة أكثر من ستة أشهر فإن الحديث لابد أن يأخذ منحني آخر فهذا الحكم به خلل والأسباب التي بني عليها غير معلومة فالمستشار أحمد رفعت حكم ببراءة مبارك ونجليه وصديقه الهارب حسين سالم في تهمة التربح واستغلال النفوذ رغم اعتراف بعض الدول الأوروبية كسويسرا وانجلترا باحتضانهم مليارات الجنيهات ببنوكها والتي لم يكن يعلم عنها شيئا أحد من المصريين بخلاف حكمه ببراءة حسين سالم من تهمة تصدير الغاز لإسرائيل وإهداره المال العام رغم امتلاكه شركة غاز الشرق المتوسط والتي كانت ضليعة بتصدير الغاز لإسرائيل وبعلم وزير البترول السابق سامح فهمي والمحبوس علي ذمتها كذلك اعتراف فريد الديب محامي المخلوع بأن سالم هو المتهم الأول فيها ومبارك بريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب فما هي الحجج التي استند عليها رفعت في حكمه.
يستكمل العناني: فيما يتعلق بسقوط التهمة بالتقادم بخصوص اتفاقية الغاز فإن هذه التهمة تعد من أشد الجرائم قسوة وبمثابة خيانة عظمي، فهي بالطبع سقطت لمرور أكثر من عشر سنوات عليها لكنها في واقع الأمر جريمة مستمرة مدي الحياة ولاتسقط أبدا بالتقادم لذا وجب علي القاضي التعامل معها من هذا المنطق وضرورة معاقبة المتهمين بشأنها. أما فيما يتعلق بعودة الأموال المنهوبة فقد أضحي ذلك من رابع المستحيلات نظرا لبراءة هؤلاء المتهمين ولا يجوز فيه مطالبة تلك الدول باستردادها مرة أخري وبهذا فإن مصر حرمت من مليارات الدولارات التي هي في أشد الحاجة اليها خاصة في هذا الوقت القاتل والذي تعاني فيه مصر من أزمة اقتصادية ولكن يكمن الأمل في قيام المستشار عبد المجيد محمود بنقض تلك الأحكام وإعادة المحاكمة بدائرة أخري والمطالبة بتسليم حسين سالم ونجليه خالد وماجدة لمحاكمتهم علي أرض الوطن.
أما فيما يتعلق بإمكانية مطالبة إسرائيل بعودة تلك الاتفاقية مجددا بعد تبرئة مبارك وسالم فيري العناني أن: الطرف الأول وهو مصر طالب بالغاء الاتفاقية نظرا لتضررها منها ولضآلة العائد المادي من قبلها بخلاف حالة التذمر الشعبي التي سرت في كيان كل المصريين خاصة أنها تمت بمباركة النظام المخلوع وتحت سمعه وبصره رغم تبرئة مبارك وقد هددت إسرائيل مرارا باللجوء إلي التحكيم الدولي للمطالبة بالتعويضات المالية الباهظة ولكن من الضعيف أن تعود الاتفاقية مجددا لتضرر مصر منها ورفضها لها.
واتفق معه المفكر السياسي د. حسن سلامة فقال: أجمع الكثير من المصريين علي وجود تباين بين المقدمة المشددة للمستشار أحمد رفعت ولاسيما فيما يتعلق ببراءة كبار مساعدي وزير الداخلية الأسبق متسائلا كيف ذلك وهم المنفذون للأوامر التي صدرت لهم من وزير الداخلية بإطلاق الرصاص علي المتظاهرين السلميين، بخلاف حصول مبارك ونجليه وحسين سالم علي البراءة خصوصا فيما يتعلق بقضية تصدير الغاز لإسرائيل والتربح من المال العام نظرا لانقضاء المدة القانونية لإقامة الدعوي التي حددها القانون الجنائي بعشر سنوات رغم إنها تعد من الجرائم المستمرة التي لاترتبط بمدة قانونية لإقامتها نظرا لوقوع الضرر علي المصريين إلي الآن فبيع الغاز بسعر 105 دولارات لكل مليون وحدة حرارية رغم صعوبة حصول المصريين عليه إضافة إلي أن جميع المتهمين كانوا يعملون في مناصبهم في ذلك الوقت ولم يتركوها.
يستكمل سلامة: باتت النيابة العامة مدعوة للطعن علي حكم البراءة علي مساعدي العادلي في قضية قتل المتظاهرين وعلي براءة مبارك ونجليه وحسين سالم من قضية تصدير الغاز لإسرائيل والتربح من المال العام خاصة بعد أن باتت مصر مهددة بالحرمان من الحصول علي أموالها المهربة في الخارج وهذا ما يفسر رفض مبارك استقدام أمواله من الخارج لشعوره بأن الأحكام ستأتي في مصلحته ومصلحة نجليه.
واختتم سلامة حديثه مشيرا إلي أن هذا الحكم لم يخل من المؤامرات السياسية وهذا ما أكد أن الثورة كانت بحاجة لمحاكم ثورية لتقتص من رموز نظام مبارك جراء فسادهم السياسي والمالي وقتلهم للمتظاهرين السلميين بعد تبرئة كبار مساعدي العادلي الذين كانوا يسيرون بفضل تعليماته وتوجيهاته وبتنا نتساءل عن دم هؤلاء الشهداء الذين راحوا ضحية تلك المؤامرات ومن هم الجناة الحقيقون.
بينما يري د. أحمد رفعت عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة الأسبق، إن الحكم ببراءة مبارك من قرار توقيع اتفاقية الغاز والذي شمل حسين سالم أيضاً هو حكم صحيح لأنها في القانون الجنائي تسقط بالتقادم وقد تم توقيع الاتفاقية عام 2001 وضخ الغاز في عام 2006 والمحكمة تعاقب علي توقيع الاتفاقية وليس ضخ الغاز وبالتالي يكون مر عليها عشر سنوات ولكن يبقي جزء مهم وهو أن بيع الغاز لإسرائيل جريمة مستمرة لا تسقط بالتقادم حيث إن الضرر الناتج من الاتفاقية مازال قائما ولايجب قياس الأمر علي قرار التوقيع، وفيما يتعلق بأن ذلك يؤثر علي عودة اتفاقية الغاز فهذا مستحيل إلا في حالة إقرار مصر عودة الاتفاقية مرة أخري وهو ما صرحت به فايزة أبوالنجا قبل ذلك قائلة ليس هناك ما يمنع من تصدير الغاز لإسرائيل فيما بعد ولكن بالسعر العالمي وبشأن عودة الأموال المنهوبة من الخارج وعودة حسين سالم فمما لاشك فيه أنه سوف يستخدم حكم البراءة لصالحه حتي يراوغ علي العودة إلي مصر ومحاكمته والموقف القانوني في هذا الشأن واضح وهو أن حسين سالم لديه العديد من القضايا الأخري للفساد المالي والتربح في قضية الغاز نفسها لأنه تم براءته فقط من اتخاذ القرار ولكن التربح والفساد متواجد ويمكن رفع دعوي قضائية في مصر بذلك.
ويري الدكتور عبد الله الأشعل أستاذ القانون الدولي والمرشح الرئاسي السابق: أن الحكم علي حسين سالم بالبراءة في قضية الغاز سيكون له تأثير سلبي علي المستوي الخارجي فبعد أن قرب تسليمه إلي مصر جاء هذا الحكم ليستخدمه محامي رجل الأعمال الهارب وربيب إسرائيل لصالح سالم ويخبر القضاء بأسبانيا أن من تريدون تسليمه بتهم فساد القضاء المصري حكم عليه بالبراءة فسوف تسلمونه علي أساس إيه كما أن هناك قضية مرفوعه علي مصر من قبل إسرائيل بسبب توقف تصدير الغاز وهناك تهم بالفساد فيها وهذا الحكم سيجعل محامي الطرف الآخر يستغلونه لصالحهم وستكون هناك صعوبة في استرداد الأموال المنهوبة.
مصائب مبارك عند مرسي فوائد
بعد إعلان الحكم علي الرئيس السابق مبارك خرج مرشحا الرئاسة ليعلقا علي ماجاء في الحكم فجاء تعليق كل منهما دليلاّ علي انتمائه السياسي.ففي حين قال الدكتور محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة لرئاسة الجمهورية أنه سيعيد محاكمة مبارك إذا انتخب رئيسا، استغل الفريق أحمد شفيق المرشح المحسوب علي النظام السابق الحكم بالتأكيد علي أن مصر لا يوجد فيها أحد فوق القانون.وأشار أغلب المحللين السياسين إلي أن الحكم الذي صدر يوم السبت الماضي يصب في مصلحة محمد مرسي وخاصة بعد براءات مساعدي اللواء حبيب العادلي وكذلك جمال وعلاء مبارك.ومن جانبه قال الدكتور عبد الجليل مصطفي المنسق العام للجمعية الوطنية للتغير" ليس واضحاً كيف سيؤثر الحكم علي الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، في فرص المرشح للرئاسة، أحمد شفيق، الذي يجد معارضوه صعوبة في الشرح كيف نجح المرشح الأكثر تماثلاً من الجميع مع النظام القديم في مصر، في نيل نحو ربع الأصوات في الانتخابات للرئاسة، والانتقال إلي الجولة الثانية، إلي معركة رأس برأس حيال مرشح الإخوان المسلمين، محمد مرسي".
وأضاف أن الغضب الذي انفجر في الشارع المصري عقب صدور الحكم يصب بدرجة كبيرة في مصلحة مرشح الإخوان الدكتور محمد مرسي ولكن أيضا هناك مشكلة تواجهه وهو عدم اقتناع قطاع كبير من المواطنين به وخوفهم من جماعة الإخوان المسلمين مما سيضطرهم في آخر الأمر في إعطاء أصواتهم للفريق أحمد شفيق أو علي الأقل مقاطعة الجولة الثانية من الانتخابات.
ومن جانبه قال أمين إسكندر القيادي بحزب الكرامة إن هذا الحكم الباهت سيصب في مصلحة الدكتور محمد مرسي مشيرا إلي أن جماعة الإخوان زادت شعبيها خوفا من براءة باقي قتلة الثوار مشددا في الوقت نفسه علي ضرورة وقوف الثورة بكافة طوائفها ضد الفريق شفيق والذي لو عاد سيكون بمثابة الكارثة
وحول إمكانية حدوث قلاقل تضطر الجيش إلي التحرك لفرض الأمن قال إسكندر: إن الأمر معقد جداً، ولا يمكن تبسيطه علي طريقة التبسيطات القديمة لكن عملياً الجيش موجود في الشارع والحكم علي المرحلة القادمة وما إذا كان تحرك للجيش في اتجاه ما، فان ذلك يعتمد علي عدد من العوامل منها مثلاً، العنصر أو الطرف الأمريكي وعلاقته بالمعادلة المصرية وكذلك دور الطرف الإسرائيلي، وكيفية تهيئة الرأي العام المصري لتدخل الجيش.
وحتي الآن أقول إنه لو قُبلت طعوننا، وهي طعون جادة لانتقل حمدين إلي الجولة الثانية وحسم الرئاسة لكن تصميم الملعب وتصميم »اللّعيبة« أدي إلي هذه النتيجة، اما حمدين فقد حقق اختراقاً كبيراً وجاداً في المجتمع المصري.
وأوضح: في كل الأحوال سواء كان شفيق أم مرسي فنحن سنظل أمام مشهد 4 سنوات من الارتباك وأي رئيس سيكون رئيساً فاقداً للشرعية وفي أحسن الأحوال منقوص الشرعية، في ظل فقدان الإخوان حوالي 6 ملايين صوت ما بين الإنتخابات التشريعية في يناير والرئاسية في مايو، والإسكندرية أكبر دليل والقاهرة، حيث حلَّ حمدين أولاً في المدينتين الكبريين. لذلك نحن أمام مشهد سيصل فيه رئيس مضروب بالأحذية ومرفوع ضده 35 قضية فساد أمام النائب العام (هو أحمد شفيق) او آخر (مرسي) كان احتياطياً في الانتخابات وأصبح رئيسياً، وفي هذا الإطار نحن كما أشرت أمام اثنين بلا شرعية، في ظل عملية تصويت ستكون ضعيفة جداً وهذا ما سيكون مؤشراً للسنوات الأربع القادمة إذا ما بقيت اللعبة بنفس التصميم وبنفس الإرادات التي تحركها، والأمر مرتبط بتحرك وتدخل جهات قادرة علي إحداث التغيير.
ومن جانبه قال الدكتور محمد عبدالسلام الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الحكم القضائي في حق الرئيس المخلوع حسني مبارك بالمؤبد ونجليه بالبراءة لا يخدم الثورة إلا أن الحكم لم ينته بعد بخصوص نجلي الرئيس علاء وجمال مبارك حيث إن أمامهما قضية أخري بما يعرف بقضية البورصة واعتبر المتحدث أن الشارع المصري مصدوم بالحكم القضائي، لأنه جاء مخالفا لتوقعاتهم.
وبخصوص التداعيات حول الرئاسيات المقبلة في مصر، أكد عبد السلام أنه سيكون زيادة في الاحتقان بين مرشح الإخوان محمد مرسي والمرشح المحسوب علي فلول النظام السابق أحمد شفيق، واعتبر المتحدث أن الحكم الصادر في حق مبارك ومعاونيه وتبرئة نجليه وبعض قادة وزارة الداخلية يخدم شفيق بشكل كبير حيث سيزيد إصرار مؤيديه علي إنجاحه بأي طريقة كانت في الانتخابات الرئاسية وبالمقابل ستحرك القضية الحالية أنصار مرسي بشكل كبير من أجل حماية الثورة وأهدافها خاصة أن الحكم لا يخدم الشعب المصري.
وأضاف أن ماحصل في الشارع المصري من مظاهرات هي الأخري لا تخدم مصالح الثورة كونها ستشغل المصريين عن أهداف الثورة والتركيز علي حكم شخص هو في النهاية كبش فداء من أجل بقاء النظام، كما اعتبر الوضع الحالي من مظاهرات يخدم إسرائيل ودول أجنبية أخري من إشغال الرأي العام الدولي لما يحدث في كثير من البلدان العربية وبالدرجة الأولي يخدم إسرائيل لأنها تريد عدم وجود استقرار في المنطقة وأشار إلي أن الخاسر الأكبر لما يحدث وما قد يحدث جراء تداعيات الحكم علي مبارك ومعاونيه هو الشعب المصري وأهداف الثورة في حين الرابح الأكبر هو النظام السابق.
وقال وائل غنيم، الناشط السياسي، إنه يجب علي مرشحي الرئاسة التوافق علي طرح يتوافق مع مطالب المتواجدين في ميدان التحرير، ليس الهتافات، بعد تظاهر الآلاف بميدان التحرير، اعتراضًا علي الحكم القضائي الصادر في قضية مبارك صباح السبت الماضي.
وكتب "غنيم" علي الصفحة الرسمية علي "تويتر": "ليس المطلوب من مرشحي الرئاسة الذهاب إلي الميدان والهتاف، فهذا أمر تقوم به الجماهير المطلوب هو توافقهم علي طرح يلتقي ومطالب من في الميدان".
يأتي ذلك بعد أن شهد ميدان التحرير نزول عدد من مرشحي الرئاسة السابقين والحاليين، وهم حمدين صباحي، خالد علي، ومحمد مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين.
في حين دعا بعض مرشحي الرئاسة السابقين أمثال أبو العز الحريري، المرشح السابق لانتخابات رئاسة الجمهورية، عضو مجلس الشعب وخالد علي لتشكيل مجلس رئاسي مدني يتسلم مهام الرئاسة من المجلس العسكري، ويتولي إدارة شئون البلاد في المرحلة المقبلة.
وطالبوا بتشكيل المجلس المقترح برئاسة الدكتور محمد البرادعي -رئيس هيئة الطاقة الذرية السابق ومؤسس حزب الدستور- كما اقترح أن يتضمن تشكيل المجلس عددا من المرشحين لانتخابات رئاسة الجمهورية حمدين صباحي والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور محمد مرسي، باعتبارهم المرشحين الحاصلين علي أعلي الأصوات بانتخابات الرئاسة وكانوا من معارضي النظام السابق.
علي أن تكون أولويات مهام المجلس الرئاسي المقترح كتابة الدستور ثم الشروع مباشرة في إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في مدة أقصاها ستة شهور.
ومن جانبه قال طارق الخولي المتحدث الرسمي باسم حركة 6 أبريل إن جماعة الإخوان كسبت أصواتا كثيرة بعد دعوتها إلي الخروج إلي الميادين عقب صدور الحكم ومشاركتها بقوة في تظاهرات السبت الماضي واعتصام اعضائها في الميدان .
وأضاف أن دعوة الإخوان للقوي السياسية للتوافق حول المرحلة المقبلة لم تأت بجديد مشيرا إلي أن الاجتماع شهد رفض الإخوان التوقيع علي أي وثيقة مكتوبة لتقديم مرسي لتنازلات قبل انتخابات الرئاسة.
وفيما يتعلق بالمجلس الرئاسي قال الخولي أن جماعة الإخوان لم تحدد موقفها من فكرة المجلس الرئاسي المدني من عدمه مشيرا إلي أنها من الصعب أن توافق علي تلك الفكرة في الوقت الحالي وخاصة أن أسهم مرشحها ارتفعت بعد الحكم الهزيل الذي صدر ضد مبارك وأعوانه.
واعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقرير لها أن الحكم علي الرئيس المخلوع حسني مبارك يعتبر نصرا لنظام الحكم السابق، ومؤشرا إلي معاودة تشديد قبضة النظام السابق علي البلاد.
وتحت عنوان :"الحكم علي حسني مبارك استقبل أولا بحماس، ثم تلاه الغضب" قالت الصحيفة إن الثورة اتخذت منعطفا دراميا جديدا بعد الحكم علي مبارك ، مشيرة إلي أن الابتهاج الذي شعر به المصريون لإصدار حكم تاريخي - للمرة الأولي لزعيم عربي مخلوع حوكم وأدين من قبل شعبه - تحول بسرعة إلي حالة من الغضب والسخط في الشارع المصري عقب استماعهم لنص الحكم المخفف علي رئيسهم السابق، وهو حكم مفتوح تماما للاستئنافات والمراجعات القضائية.
وأشارت الصحيفة إلي أن الملايين تابعوا جلسة الحكم علي شاشات التلفزيون، عندما أعلن القاضي أحمد رفعت أن مبارك وكافة المتهمين معه في "محاكمة القرن"، غير مسئولين عن إصدار الأوامر لقوات الأمن باطلاق النار علي المتظاهرين، وسقوط نحو ألف شهيد في شوارع القاهرة.
وأشارت إلي أن القاضي اكتفي بتحميل مبارك ووزير داخليته الحبيب العادلي مسئولية عدم استخدام الصلاحيات الممنوحة لهما لوقف نزيف الدم، إلي جانب تبرئة الجميع من التربح والفساد المالي والاقتصادي.
ونقلت عن خبراء في القانون:" إن الحكم بالسجن مدي الحياة علي مبارك يبقي الباب واسعا امام اعتراضات قانونية واستئنافات".
ونسبت لمنظمة العفو الدولية قولها:" أن الحكم فشل في وضع حد لثقافة الحصانة من القانون بالنسبة لمسئولي الأمن والسياسيين المذنبين بارتكاب إساءات لحقوق الانسان".
وقال حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، :"لقد أعاق الادعاء المحاكمة وحجب أدلة من مؤسسات الدولة"، وتوقع إعادة المحاكمة ، متابعا:" نحن سعداء أن الرئيس مبارك ووزير داخليته لم يطلق سراحهما لكن نشعر بخيبة أمل شديدة لتبرئة المسئولين الأمنيين الستة".
وأشارت الصحيفة إلي المظاهرات التي اندلعت في ميدان التحرير رفضا للحكم القضائي الذي أضاع حق الشهداء وفرق دمائهم بدون تحديد المسئول عن قتل آلاف الشهداء في ثورة 25 يناير.
بعد براءة المتهمين بقتل المتظاهرين الطرف الثالث عاد ليظهر.. في الخفاء!
بعد أحداث شارع محمد محمود، التي راح ضحيتها عشرات الشهداء والمصابين تم فتح ملفات للتحقيق بشأن هذه الأحداث لمعرفة المسئول عن قتل المتظاهرين ؛ نتائج التحقيقات أشارت إلي أن هناك ما يسمي بطرف ثالث هو المسئول عن قتل المتظاهرين ، ثم جاءت بعد ذلك أحداث مجلس الوزراء التي راح ضحيتها أيضاً العشرات من الشهداء والمصابين، وأثبتت التحقيقات أن الطرف الثالث هو الذي قام بقتل المتظاهرين؛ ومروراً بأحداث كثيرة كانت نتائج تحقيقاتها من هذا القبيل؛ يبدو أن هذا الشبح سيظل يطارد المصريين، فلقد صدر الحكم الذي فاجأ الجميع وهو السجن المؤبد للرئيس السابق حسني مبارك وحبيب العادلي وزير داخليته؛ وبراءة جمال وعلاء مبارك ومساعدي العادلي الستة المتهمين بقتل المتظاهرين ..ما هي قراءة الخبراء لهذا الحكم؟ وهل المسئول عن قتل مئات الشهداء وآلاف المصابين هو أيضاً الطرف الثالث؟ وإذا كان الطرف الثالث هو الذي ارتكب كل هذه الجرائم فهل سنعرفه أو سيظهر الآن ليقوم بالقضاء علي الشعب المصري؟!.كل ذلك نعرفه في السطور التالية..
يبدأ اللواء محمد ربيع الدويك (الخبير الأمني) كلامه بنبرة حزن قائلا: هذا هو الحكم الصادم الذي حقق صدمة عصبية لكل شرفاء الثورة والمهتمين بالشأن القانوني والعدالة؛ فالجميع كان يتوقع القصاص العادل ممن أطلقوا الرصاص؛ فإن رئيس الجمهورية السابق أثناء فترة الثورة ومعه أجهزة المعلومات وقائد المخابرات ووزير الداخلية، بلا شك أنهم تركوا من يقتل أن يستمر بالقتل؛ ليس علي مر ساعات ولكن علي مر أيام متواصلة استمر قتل المتظاهرين وشاهد العالم أجمع إطلاق الرصاص المستمر وكالمطر علي من يقولون سلمية.
ويؤكد الدويك: كنا ننتظر أحكام الإعدام في كل هؤلاء القتلة وإلا فإن أكثر من 1200 شهيد انتحروا في الميدان؛ ومن أطلق عليهم الرصاص أمام أعيننا هل كانوا أشباحا ، إن ما حدث في مصر جرائم عصابات متوحشة اغتصبت حكم مصر وارتكبت كل الجرائم التي تتضمنها كل قوانين العقوبات في العالم ؛ وأولها الخيانة العظمي.
ويوضح الدويك أن هذه الأحكام صدرت بمشيئة إلهية حتي تعود الثورة مرة أخري تطالب بالقصاص ممن أطلقوا الرصاص وتطالب بإعدام من تلطخت أيديهم بالدماء ؛ وهي جرائم تمت علانية وأمام أعين الجميع ولذلك فإن المطلب الثوري الآن هو عودة الثورة إلي الميدان، وأن تشمل تطهير القضاء والشرطة وجميع أجهزة الدولة المليئة برموز النظام وأعوانه وليس من دليل علي سلمية الثورة الأولي من وجود أنصار المخلوع في صورة علنية فاضحة يتجمعون أمام أكاديمية الشرطة أثناء المحاكمة والطرف الثالث هو اللهو الخفي وهو القاتل الخفي الذي يدير الجريمة وشئون القتل والنهب الممنهج والجريمة المنظمة ؛ وهو الذي يغتال الحرية والكرامة الإنسانية وإن خفي علي البعض فإن الله سبحانه وتعالي لا تخفي عليه خافية.
كما يشير الدويك إلي أن الوضع الأمني لا يستقر إلا في حالة استقرار العدل وقواعده بين الناس؛ هذا بالإضافة إلي أنه يري أن من سلسلة جرائم النظام السابق والذي لازال هو الفاعل الأصلي في كل الجرائم حسب رأيه هو الذي يمارس إنفلاتا أمنيا مصطنعا في جميع الاتجاهات وفي جميع أنواع الجرائم ؛ وأيضاً جميع أنواع الأزمات التي أصبحت خانقة للشعب ليكره ثورته الأولي، ولكن الشعب كله سيشارك في ثورته الثانية التي تحقق القصاص والتطهير والتغيير وتعيد الحق لشهداء ومصابي الثورة الأولي.
ويري اللواء عبدالوهاب خليل مدير أمن 6 أكتوبر الأسبق والخبير الأمني: أن الحكم عادل جداً صدر من قاض مشهود له بالنزاهة، مبرراً ذلك بأن أي قاض يقوم بتطبيق القانون ؛ وحتي يطبقه لا بد أن يستمع إلي الشهود ويفحص الأدلة قبل النطق بالحكم ، والرجل قال كلمة الحق التي سيسأل عنها أمام الله ، فهو سيحال إلي المعاش في شهر يوليو القادم؛ فليس لديه مثلاً مطامع سياسية أو مطمع في منصب ما ، ولاحظت أن القاضي في هذا الحكم راعي القانون وضميره وأصدر حكما عادلا، والمؤبد والبراءة لم تعجب كثيرا من طوائف الشعب وإذا نظرنا إلي الجانب الآخر مثلاً أنه أصدر حكماً بالإعدام سنجد أيضاً أن ذلك لن يرضي بعض الأطراف وكثير من الناس كان سيرفض ذلك.
بينما يتعجب جورج إسحق (القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير) قائلا:ً الحكم لا يرضي أحدا ولا أهالي الشهداء ولا الثوار، فكيف يتم الحكم علي وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي بالمؤبد ومساعديه بالبراءة ؟! ، والشيء الآخر الغريب أن رئيس المحكمة يتحدث عن طمس الأدلة فمن الذي طمسها ؟! ، وهل تمت محاسبته ؟ ، لذلك وثيقة العهد التي أعدها ووقع عليها أغلب الأحزاب والقوي السياسية التي سيتم عرضها علي المرشحين اللذين سيخوضان جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة؛ تؤكد أنه يجب فتح هذه الملفات من جديد والتحقيق فيها ؛ ولا أري تعارضا في ذلك مع أحكام القانون لأن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم ؛ لذلك في رأيي أن غضب المواطنين هو غضب شعبي لأن الشعب لم ينتظر مثل هذه الأحكام أو يتوقع صدورها .
بعد شهور من تنحي مبارك عن الحكم سيعترف الثوار بخطئهم الفادح حين غادروا ميدان التحرير بلا ضمانات حقيقية تحقق لهم أهداف ثورتهم.. أما المجلس العسكري الذي تسلم مقاليد السلطة بأمر من المخلوع سيجعل الثورة تتخذ طرقا فرعية ويستنفد طاقة الثوار في أمور لا طائل منها سوي تفتيت جهودهم وتشتيت انتباههم.. لتغرق الميادين في مليونيات تفقد تأثيرها يوما بعد آخر.. بينما كان لانسحاب الإسلاميين من الميدان والتفرغ لجمع الأصوات الانتخابية الأمر الذي ساعد كثيرا في القضاء علي طموح الثورة لتدخل نفقا سياسيا مظلما لم تفق منه القوي السياسية والحزبية بما فيها جماعة الإخوان المسلمين إلا بعد الحكم ببراءة جمال وعلاء مبارك ومساعدي العادلي الستة.
توحدوا .. أو ترقبوا:جمال مبارك يخوض سباق الرئاسة في 6102 !
براءة القتلة يعني بصورة مباشرة إدانة للشهداء واستعادة آليات نظام من المفترض أن الثورة قد أسقطته.. بينما يشكل وصول الفريق أحمد شفيق في حالة فوزه بالمنصب عودة الروح لفلول الوطني واتباع مبارك ليمارسوا حقهم في إدارة شئون البلاد وكأنه لا ثورة ولا يحزنون.
مرة أخري تتجه الجموع الحاشدة إلي الميادين والشوارع أملا في تصحيح الخطأ وإنقاذ الثورة من انهيارها الأخير وهم يهتفون سويا "المرة دي بجد.. مش هنسيبها لحد"..
جماعة الإخوان المسلمين بدورها انتبهت لحجم الكارثة فأعلنت علي ألسنة قادتها الخروج إلي الميادين والشوارع لنجد د.محمد البلتاجي القيادي البارز في الجماعة وعضو مجلس الشعب علي إحدي منصات التحرير يزأر في الميدان ويلهب شباب الإخوان.. بينما كان لدخول الدكتور محمد مرسي إلي التحرير مغزاه الذي فسره البعض علي إنه دعوة مباشرة لوحدة الصف وحلله البعض الآخر علي أنه مجرد إجراء سياسي لكسب ود الجماهير لمؤازرته في الانتخابات القادمة خاصة وقد سبقه إلي الميدان حمدين صباحي وخالد علي..
استهلاك الثورة ومن ثم إحباط الجموع بقانون لم يلتفت إلي الواقع بقدر ما كان يركز علي أوراق تم تجهيزها لتجهز علي آمال أسر الشهداء في قصاص عادل كان المحرك الرئيسي لموجة ثورية اجتاحت مصر لتعيد للأذهان روح يناير.
تتضح تفاصيل السيناريو الأسود شيئا فشيئا ففي حالة فوز شفيق بالمنصب ستصبح لديه الشرعية لمواجهة الميدان بحجة الدفاع عن الديمقراطية وإرادة الناخبين ومن ثم التحكم في مقاليد الحكم، وبهذه الشرعية يستطيع الفريق الاستعانة بالقوات المسلحة والشرطة لمواجهة من سيعترض علي وصوله إلي الحكم، وسيصبح قانون العزل السياسي في المشمش وبالتالي ليس من المستغرب أن نجد جمال مبارك يعود للحياة السياسية وتغريه الحالة بالترشح لخلافة شفيق (وكله بالقانون).
وحدة الثوار الآن هي وحدها من سيعيق تسديد الطعنات إلي قلب الثورة والقائها في سلة النسيان علي أقل تقدير أو ملاحقة المعارضين وفتح زنازين أمن الدولة من جديد بعد أن يتسيد نظام مبارك وترجع ريمة إلي عادتها القديمة.
بصيرة الناشط السياسي أحمد حرارة مكنته من قراءة المشهد فاقترح مبادرة من أربعة محاور رئيسية تمثل حلا تم تأجيله وآن الأوان لتطبيقه بشكل فوري وسريع وهي: مجلس رئاسي مدني يضم كل التيارات بمن فيهم الاخوان مكون من 4 أفراد هم حمدين صباحي ، الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، والدكتور محمد مرسي والدكتور محمد البرادعي .
والبند الثاني إقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود من منصبه، والافراج الفوري عن كافة المعتقلين في السجون المدنية والعسكرية ، وأخيرا تشكيل محاكم ثورية ولجنة دستورية يتولي تشكيلها المجلس الرئاسي.
مبادرة حرارة توافقت مع مطالبات قوي ثورية طالبت بدورها بتكوين مجلس رئاسي ثوري مهمته تحقيق خمسة مطالب اختصرتها في تشكيل لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، علي أن يراعي فيها التمثيل العادل لجميع أطياف المجتمع دون إقصاء أو تمييز لأحد، ودون اعتبار لأي نتيجة انتخابات قد تقصي بعض الفصائل أو تستبعدها.
ودعت الحركات في بيانها بتشكيل حكومة ائتلافية تمثل كافة القوي الثورية والسياسية، فضلا عن تطهير القضاء وضمانة استقلاله علي أن يتم اختيار نائب عام جديد وهو المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة الأسبق.
مبادرة حرارة ومطالب القوي الثورية لم تلق قبولا لدي جماعة الإخوان المسلمين الذين وجدوا فيها إزاحة مباشرة لمرسي بعد أن ظنوا وبعض الظن إثم أن الموجة الثورية الغاضبة تقربه من المقعد الكبير فكان رفض الجماعة للاقتراح هو الرد كما جاء علي لسان الدكتور عصام العريان الذي لم يوافق علي تشكيل مجلس رئاسي وصرح بأن جماعة الاخوان سوف تكمل سباق الرئاسة بمرشحها محمد مرسي وأن الثورة لابد أن تساند مرسي وهو الأمر الذي أثار عاصفة من الغضب لدي شباب التحرير.
الفرقة تلقي بظلالها من جديد علي المشهد بينما المستفيد الوحيد هم الفلول وأركان النظام السابق وبالتالي الاستسلام إلي السيناريو الكارثي.
ويبقي السؤال: هل من الممكن عودة جمال مبارك إلي السلطة من جديد وبالتالي بعث أمله في الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة؟
تشترط الناشطة الحقوقية داليا زيادة في استحالة عودة جمال للسلطة أن يتفق الثوار علي مجلس رئاسي مدني للخروج من النفق المظلم وتري أن الحالة الثورية لن تسمح بذلك أبدا ومع ذلك فهي لا تمنع نفسها من تخيل الأمر وتفترض أن الخبرة السياسية ستجعله يعود بشكل أفضل لن يستعين فيه بالوجوه المألوفة في الحزب المنحل وسيعمل علي توفيق أوضاعه مع الجميع!
المستشار عبد الراضي أبو ليلة رئيس محكمة جنايات القاهرة ورئيس محكمة أمن الدولة العليا السابق يستبعد عودة جمال مبارك إلي الممارسة السياسية في ظل قانون العزل الذي من المفترض أن يصدر من المحكمة الدستورية في المستقبل خاصة أن ابن الرئيس هو أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل الذي أفسد الحياة السياسية في مصر.
أسأله عن السبب في عدم محاكمة جمال مبارك علي إفساد الحياة السياسية فيضحك وهو يخبرني بأن القانون المصري لا يوجد به أي مادة تعاقب علي الفساد السياسي أو الخيانة العظمي.. لكن رئيس محكمة أمن الدولة العليا السابق يجد الأمل في بقاء جمال بالسجن إذا حكم عليه في قضية البورصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.