اجتماع المجلس المصرى السعودى لا شك أن الأزمة بين الشقيقين مصر والسعودية كان يجب تجاوزها سريعا.. فالعلاقات بين البلدين إستراتيجية وأزلية ولا تقبل القطيعة أو الانهيار خاصة بعد الثورة التي تدعو وتدعم وحدة الأمة العربية لا تمزيقها.. ومع ضرورة وضع في الاعتبار عدة حقائق علي الأرض لا يمكن إنكارها.. فهناك أكثر من 1.5مليون مصري يعملون في السعودية، وما يقرب من 700 ألف سعودي مقيمين في مصر، وحجم استثمارات سعودية يبلغ 27 مليار ريال سعودي في مصر.. في مقابل700 مليون ريال استثمارات مصرية في السعودية..وهناك تبادل تجاري تجاوز حاجز ال5 مليارات دولار.. وعائدات عمالة مصرية بلغت مليار دولار »أي 6 مليارات جنيه« من المملكة خلال ثلاثة أشهر وهي النسبة التي تمثل 50٪ من إجمالي تحويلات المصريين العاملين بالخارج ،والتي تشكل الجالية المصرية في السعودية أكثر من نصفها علي مستوي دول العالم ، فضلا عن علاقات تاريخية متينة بين شعبين يعتبران التواصل بينهما أمرا طبيعيا. لقد تم احتواء الموقف قبل حدوث تداعيات أخري في توتر العلاقات بين البلدين الشقيقين، نتيجة للجهود الحثيثة التي قام بها المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة،وحكمة الملك عبدالله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين الذي أمر وقبل إنهاء الأزمة بسرعة إرسال 500مليون دولار دعما للاقتصاد المصري كما كان متفقا عليه من قبل،ثم أصدر مرسومه بسرعة عودة السفير السعودي لمصر. ولقد كان لجهود وسعي مجلس الأعمال المصري السعودي ورجال الأعمال والاتحاد العام للغرف التجارية دور كبير وبارز في نجاح إنهاء الأزمة ..حيث عقد-الأسبوع الماضي- الاتحاد العام للغرف التجارية برئاسة أحمد الوكيل اجتماعا بالإسكندرية لمجلس الأعمال المصري السعودي حيث جاء هذا اللقاء- كما قال أحمد الوكيل رئيس التحاد العام للغرف التجارية امتدادا للعلاقات التاريخية التي كانت ومازالت تربط بين الشعبين الشقيقين بصرف النظر عن المعاملات التجارية والاستثمارية والسياحية، كما أن العلاقات بيننا دائما متقدمة.. وتحدث عن العلاقات الاقتصادية مع السعودية مشيرا إلي إنه كان في زيارة لتركيا والتي تعد استكمالا لربط مصالحنا التجارية والاقتصادية حيث تم ربط موانئ في تركيا بموانئ مصر عن طريق مجموعة من الخطوط لنقل البضائع والشاحنات من تركيا وأوروبا عبر مصر ومنها للمملكة العربية السعودية ودول الخليج . راصدا بعض الحقائق عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين حيث إن الوقت الراهن والأحداث التي تمر به منطقتنا علي وجه الخصوص،جعل هناك اندفاعا وحماسا قد لا يكون مبررا في معظم الأحوال وقد يكون موجها مستخدما للمشاعر والعواطف الجياشة بغية تعطيل صفو كل ما هو نقي وهو ما حدث بالفعل خلال الأيام الماضية أمام السفارة السعودية. وفي محاولة من الجانب الآخر لرأب الصدع تحدث الدكتور عبد الله دحلان رئيس الجانب السعودي في مجلس الأعمال المصري السعودي وممثلا لجميع المستثمرين السعوديين مؤكدا حرص الغرف التجارية السعودية علي بناء علاقات اقتصادية وتجارية مع مصر وأن الاستثمارات السعودية باقية.. لن تخرج من مصر ولن تنقطع وستبقي الاستثمارات ما بقيت الأجواء الاقتصادية المشجعة.. ولكن القضية ليست علاقات دبلوماسية واقتصادية،وإنما هي علاقات مودة شديدة تجمع بين الشعبين والعلاقات أزلية منذ أيام الرسول "عليه الصلاة والسلام". كما أكد علي أن العمالة المصرية التي تعمل في السعودية هي محل احترام وتقدير وسنعمل علي الحفاظ عليها وبقائها،وسنبذل كل الجهود لاستقطاب خبرات وكفاءات أكثر خاصة أن المملكة في حاجة إليها. كما أكد أن القضاء المصري والقضاء السعودي يحظي باحترام كبير،ونحن نحترم الأجهزة المعنية في حفظ أمن وسلامة البلدين..وبالتالي فإن مثل هذه القضية لن تقطع علاقات الحب والدبلوماسية أبدا لأن قوة المملكة السعودية من قوة مصر وقوة مصر من قوة السعودية وقوة العالم العربي والإسلامي من قوة مصر لذا لا يمكن أن نتخلي عن مصر الدولة الأم التي ضحت بدماء الشهداء علي مر السنين لتحرير أرض فلسطين..فالمملكة ستظل داعمة للاقتصاد المصري. ولعل أفضل الخطوات التي اتخذت في هذه القضية والتي جاءت علي لسان إبراهيم محلب رئيس الجانب المصري في مجلس الأعمال المصري السعودي هو تكوين إدارة للأزمات تشترك فيها كل الغرف التجارية من الجانبين المصري والسعودي ليكون التحرك سريعا ومنع أي تداعيات للمشكلة إذا ما تكررت مثل هذه الأحداث مرة أخري..مؤكدا علي العلاقات الطيبة التي تربط الشعبين تزيد من أواصر المحبة والتعاون المتبادل بين البلدين..مشيرا إلي أن العمالة المصرية زادت بنسبة 25٪ العام الماضي ووصلت إلي 1.5مليون عامل مصري، كما أن هناك مشروعات إنشائية في خطة التنمية السعودية تتجاوز ال50 مليار دولار وسيكون هناك دور كبير للشركات المصرية فيها. وعبر المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين بأن هذه ليست المرة الأولي التي يظهر فيها الحب والود الشديد من جانب السعوديين فقد تطوع الدكتور عبد الله دحلان والشيخ صالح كامل منذ بداية الثورة حيث قدموا لمصر مؤكدين علي بقاء الاستثمارات السعودية في مصر،وشكروا العمالة المصرية علي حماية الاستثمارات السعودية من التدمير والاحتراق.. وهذه المرة رغم أن هناك قلة ضالة لا تمثل الشعب المصري بتصرفات غير مسئولة وغير مهذبة، قامت ومع ذلك تحرك الجانب السعودي أيضا في الحال وعقدوا اجتماعاتهم هناك وحضر أيضا عبد الله دحلان لكي يجتمع مع شركائه المصريين لاتخاذ قرار سريع لرأب الصدع ومنع أي أضرار تعود علينا وعلي المجتمع العربي.