فيلم المرأة الحديدية لم يكن مُرشحاً للأوسكار، ولكنه أتاح لبطلته ميريل ستريب فرصة الحصول علي الأوسكار الثالث في حياتها الفنية التي بدأت في منتصف السبعينيات واستمرت في صعود ونجاح حتي يومنا هذا، وبعد رحلة تقترب من الأربعين سنة من العمل السينمائي وقفت "ميريل ستريب" علي مسرح كوداك يوم الأحد الموافق 62 من فبراير وهي تمسك تمثال الأوسكار وتقول بسعادة ممزوجة بشجن أنا سعيدة للغاية وإن كنت أعتقد أن الفرصة لن تواتيني مرة أخري لأقف في نفس المكان! وكانت ميريل ستريب هي أكبر المرشحات سنا هذا العام! وقد نالت الأوسكار لإبداعها في تجسيد شخصية رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت تاتشر، التي تعتبر المرأة الوحيدة التي نالت هذا الشرف في المملكة المتحدة، وهي لازالت علي قيد الحياة حتي هذه اللحظة وأن عمرها يقترب من التسعين! وقد جسدت ميريل ستريب مراحل حياتها المختلفة منذ أن كانت في منتصف الثلاثينيات وحتي يومنا هذا بعد أن تحولت إلي امرأه طاعنة في السن تعاني خرف الشيخوخه! أما اصغر النجمات المرشحات للأوسكار فكانت الجميلة ميشيل ويليامز التي جسدت شخصية امرأة أخري شغلت العالم ولاتزال وهي أسطورة السينما مارلين مونرو، التي جاء موتها المفاجئ في عام 3691 صدمة للعالم كله، ولازالت ظروف وفاتها مليئة بالألغاز، هل انتحرت؟ أم قُتلت؟ هذا السؤال الذي لايزال يتردد في كل مرة تأتي سيرتها! ولم تحصل ميشيل ويليامز علي الأوسكار، ولكن تم اختيارها، لتكون الأكثر أناقة في حفل الأوسكار، بفستانها الأحمر الذي تناسب مع قصة شعرها القصير، وكانت ميشيل ويليامز مرشحة لأوسكار أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "أسبوعي مع مارلين"، والفيلم لايقدم رحلة مارلين مع الشهرة والمجد، ولكن يستقطع من حياتها أسبوعاً واحداً، هذا الذي سافرت فيه للمرة الأولي إلي لندن لتصوير مشاهد من فيلم"الأمير وفتاة الاستعراض" مع النجم البريطاني الشهير سير لورانس أوليفييه، وكانت مارلين قد اصطحبت معها زوجها الكاتب المسرحي والمفكر اليساري أرثر ميلر، وحدثت بينهما أزمة ما، استدعت سفره وعودته إلي أمريكا، تاركا إياها تعاني من إحساس فظيع بالوحدة والاكتئاب، وزاد الأمر سوءاً شعورها بالضآلة أمام عملاق في فن الأداء المسرحي لورانس أوليفييه الذي كان يعاملها بخشونة، رغم أنه في حقيقه الأمر كان في غايه الانبهار بعفويتها في الأداء وسحرها الطاغي أمام الكاميرا وأسلوبها الذي تعلمته من مدرسة إليا كازان ، الذي كان يفضل أن يبدو الممثل علي سجيته وكأنه يعيش الشخصية ولايمثلها، بعكس مدرسة الأداء المسرحي الكلاسيكي التي كان ينتهجها لورانس أوليفييه، مما خلق حالة من عدم الود الظاهري بينه وبين مارلين مونرو، التي أسرفت في تعاطي المهدئات كي تقاوم شعورها بالإحباط وخاصة أنها تدرك أنها في عقر دار الممثل الإنجليزي وبعيداً عن وطنها وحياتها الطبيعية، ولم ينقذها من كل هذا التوتر سوي علاقتها بمساعد المخرج الشاب "كولين كلارك" الذي كانت مُهمته الأولي أن يتعامل معها ويكون همزة الوصل بينها وبين فريق العمل، ولأن الشاب كان من عشاقها وأكبر معجبيها فقد حاول أن يبذل غاية جهده ليخفف عنها الشعور بالوحدة والاكتئاب، ومما زاد من ارتباطه بها، إدراكه أنها تختلف كثيرا عن الصورة الذهنية التي صنعتها وسائل الإعلام عنها بوصفها امرأة جميلة ومثيرة فقط، لقد اقترب منها الشاب الصغير، وأدرك أنها تخفي عن الناس ضعفها وإحساسها الدائم بعدم الأمان، وشاهدها وهي تبكي منهارة بعد أن قرأت ما كتبه زوجها عنها، ووصفها بكونها مخلوقاً تافهاً، علي مشارف الجنون، وكانت أزمة مارلين مونرو التي تخفيها عن الناس شعورها الدائم أنها سوف تصاب بالجنون مثل أمها التي كانت نزيلة مصحة للأمراض النفسيه، وهو الأمر الذي جعل السُلطات تنتزع منها طفلتها "مارلين"، وتعهد برعايتها لإحدي الأسر البديلة، ولهذا كانت مارلين تتمني أن يكون لها أطفال وفي نفس الوقت كانت تتجنب الإنجاب حتي لاتكرر مأساتها مع أمها! حكاية فيلم »أسبوعي مع مارلين« تروي من وجهة نظر مساعد المخرج الشاب "كولين كلارك" الذي لازمها فترة تصويرها لفيلم الأمير وفتاة الاستعراض، وتحول بعد ذلك إلي مخرج للأفلام التسجيلية وكاتب في مجال الدراسات الاجتماعية! وتعتبر ميشيل ويليامز بطلة فيلم "أسبوع مع مارلين" من أصغر المُرشحات ً لأوسكار هذا العام " 23 سنة"، وسبق لها الترشح للأوسكار مرتين سابقتين الأولي عن فيلم "جبل بروكباك" في عام 6002 والثانية عن فيلم "بلو فالنتين"، أما أصغر المرشحات علي الإطلاق فهي " روني مارا" 72 سنة بطلة فيلم، الفتاة ذات وشم التنين، وكان سبق لها الترشح لجائزة الجولدن جلوب عن فيلم شبكة التواصل الاجتماعي في العام الماضي. في دُعابته مع النجوم المُرشحين للجوائز، قال الممثل الكوميدي بيل كريستل الذي قدم فقرات حفل الأوسكار للمرة التاسعة، "إن الممثلة العبقرية ميريل ستريب حققت رقماً قياسياً بترشحها 71 مرة للجائزة، وكانت في كل مرة تبذل جهداً خارقاُ لتُمثل أنها غير مُهتمة بذهاب الجائزة لمُمثلة أُخري وهو أمر تستحق عليه جائزة تمثيل إضافية"! ومن تقاليد حفل الأوسكار أن يقوم النجوم الحاصلون علي اوسكار في العام الماضي بإعلان جوائز العام الحالي، كل في فئته وقد قامت نتالي بورتمان الحاصلة علي أوسكار أفضل ممثلة عن فيلم البجعة السوداء بإعلان جائزة أفضل ممثل التي نالها، الفرنسي جان ديجردان، أما كولين فيرث الذي حصل العام الماضي علي جائزة أفضل ممثل عن فيلم خطاب الملك فقد أعلن جائزة أفضل ممثلة التي حصلت عليها للمرة الثالثة ميريل ستريب، وفي كلمته القصيرة لتحيتها قال كولين فيرث لقد شاركت ميريل ستريب بطولة فيلمها الغنائي الاستعراضي "ماما ميا" واستمتعت جدا بالعمل معها، واحب أن أُعلن أنني كنت الوالد الحقيقي لابنتها في الفيلم، رغم أن "بيرس برونسون " ادعي أنه والد الطفلة!! وضحكت ميريل ستريب التي كانت تجلس جوار زوجها الفنان التشكيلي والنحات "دون جامر" وعندما صعدت للمسرح لتسلم جائزتها، كان أمامها دقيقه واحدة لإلقاء كلمتها بدأتها بتوجيه الشكر لزوجها، الذي لازمها في مشوار نجاحها، ودعمها بحياة أسرية هادئة أتاحت لها فرصة العمل والإبداع وأكدت أنها تدين له بالفضل لما وصلت إليه، وكانت ميريل ستريب قد تزوجت من دون جامر في عام 8791 وأنجبت منه أربعة أبناء، والمعروف عنها احترامها الشديد لحياتها الخاصة ورفض الخوض في تفاصيلها مع وسائل الإعلام، ولايعرف الكثيرون أن ميريل ستريب كانت قد ارتبطت بقصة حب وهي في بداية حياتها الفنية، مع الممثل والمصور السينمائي "جون كازال" واستمرت العلاقة سبع سنوات، انتهت بوفاة "كازال "بعد إصابته بسرطان العظام، وكانت ميريل ستريب ترفض التخلي عنه في محنته، وكانت علاقتهما قد بدأت بعد أن اشتركا في فيلم "صائد الغزلان"، جون كازال شارك في بطولة الجزء الأول والثاني من فيلم الأب الروحي للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، وكان ينتظره مستقبل كبير كممثل ومصور سينمائي، وبعد وفاته عاشت ميريل ستريب في حالة عزلة حتي تعرفت علي زوجها الحالي، الذي تحمل انشغال قلبها بحب رجل غادر الدنيا، وأسرف في عطفه وحنانه عليها، حتي أنجبت منه طفلهما الأول الذي تزامن مولده مع حصولها علي أول أوسكار عن فيلم كرامر ضد كرامر، بعدها أقسمت ميريل ستريب أن تهب قلبها لزوجها وأطفالها وعملها فقط! فحققت هذا القدر من النجاح، وأصبحت من العلامات المضيئة في تاريخ السينما الأمريكية.