هل منظمات المجتمع المدني جانية أم مجني عليها ؟.. تردد هذا السؤال في اذهان الكثيرين من المتابعين لاقتحام عدد من مقراتها قبل عدة أيام واللغط الذي صاحب هذا الإجراء رغم الإعلان عنه منذ فترة طويلة وعن إجراء التحقيق في التمويل المشبوه لبعض هذه المنظمات وسرية عملها في دعم الحركات والأحزاب السياسية بحسب ادعاءات النيابة العامة . الغريب أنه بعد يومين من إغلاق المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة قررت النيابة إعادة تسليم المقر لناصر أمين رئيس المركز الذي رفض هذا التسليم وإزالة الشمع من المكتب وقرر استئناف العمل من أمام مقر المركز اعتراضاً علي الطريقة غير القانونية، التي حاول فيها ممثل النيابة وقوة من قسم مصر القديمة تسليمي المقر، بعد أن نزعوا أختام الشمع من علي باب المقر، مشدداً علي ضرورة أن يتم التسليم بشكل قانوني كامل من خلال محضر رسمي يتضمن جرد المحتويات . وكانت قوات الأمن قد داهمت مقرات 17 جمعية حقوقية من بينها ثلاث مؤسسات دولية هي المعهد الوطني الديمقراطي، والمعهد الجمهوري الدولي ومؤسسة بيت الحرية. وقال المستشار أشرف العشماوي قاضي التحقيق إنهم أصدروا أوامر بمداهمة المراكز بناء علي التحريات التي تم إجراؤها وبعد استيفاء التحريات وتأكد المعلومات التي تم جمعها من حصول تلك الجمعيات علي أموال من الخارج أمروا باقتحام تلك المراكز. وأضاف إن الأوامر جاءت منهم مباشرة إلي الشرطة بواسطة فريق من النيابة وإنه لا صحة لما تردد عن اقتحام المراكز بواسطة الشرطة فقط مشيرا إلي أنه حتي الآن لم تصدر أوامر باستدعاء أي من قيادات المراكز للتحقيق معهم وإنهم بعد فحص الأجهزة المضبوطة ومضاهاتها بالمستندات التي بحوزتهم سوف يكون القرار وأن حجم الجمعيات والمنظمات التي ستخضع لهذا الإجراء يتعدي 400جمعية أجنبية ومصرية. وأصدرت أكثر من 28 مؤسسة حقوقية بيانا حول هذه الحملة أكدت فيه أن أهداف هذه الحملة غير المسبوقة التنكيل بالكيانات السياسية والنشطاء السياسيين والحقوقيين، الذين تجاسروا علي انتقاد سياسات المجلس العسكري، أو فضحوا الانتهاكات المزرية التي جرت في ظل إدارته، ونجحوا في بعض الحالات في إحالة انتهاكات العسكر إلي القضاء. وقال بيان للمجلس القومي لحقوق الإنسان إنه يتابع ببالغ القلق ما تم الإعلان عنه في وسائل الإعلام الحكومية عن "تفتيش النيابة العامة 17 مقراً لمنظمات أجنبية ومحلية بتهمة التمويل الأجنبي" وقال محمد فائق نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان إنه رغم إعلان الحكومة منذ بضعة أشهر عن ملاحقة المخالفات القانونية المتعلقة بالتمويل الأجنبي إلا أن الطابع الذي أخذته الحملة الجارية لمداهمة مقار بعض المنظمات في سياق يربط بين التمويل الأجنبي والاضطرابات السياسية ومظاهر العنف التي سادت البلاد، يلوث سمعة هذه المنظمات لدي الرأي العام من قبل ظهور نتائج التحقيقات الجارية . والحقيقة أن هذه الحملة تثير تساؤلات كثيرة حول الإجراءات التي تتم في إطارها هذه الحملة خاصة ضد المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة والتي جاءت في ظل عدم توجيه تهم إلي المركز بمخالفة أي من القوانين أو التشريعات المعمول بها في مصر، وفي حالة عدم إخطار المركز بأن ثمة تحقيقا قائما في مواجهته يقتضي القيام بمثل تلكم الإجراءات، يوضح أن الهدف من هذه الإجراءات هو الإساءة والتشهير بسمعة المركز وعرقلته عن القيام بدوره في كشف وفضح انتهاكات حقوق الإنسان في محاولة لهز الثقة العامة في مصداقيته ومصداقية العديد من المؤسسات الحقوقية . وقد أطلقت هذه الحملة حملة هجوم دولية جديدة علي المجلس العسكري وحكومة الجنزوري حيث كتب ديفيد كريمان مدير الفريدوم هاوس في الولاياتالمتحدةالأمريكية مقالا في الواشنطون بوست تحت عنوان "الدوس علي حقوق الإنسان في مصر" وتحدث فيه عن استهداف المجلس العسكري للمنظمات الحقوقيه مؤكدا أن هذه الهجمة قد تسببت في أضرار بالغة لاستقرار مصر علي المدي الطويل وآفاق مستقبل الديمقراطية بها مؤكدا أن التوقيت له مغزي كبير. وتجري اليوم الجولة الثالثة والأخيرة من انتخابات مجلس الشعب. في الجولتين الأوليين، حصل الإخوان وحزبهم العدالة والحرية مع السلفيين، الأكثر تطرفا، علي أكثر من 60 في المئة من الأصوات. والعمليات العسكرية ضد المتظاهرين والمنظمات غير الحكومية تضعف الليبرالية والقوي الديمقراطية، وتترك المصريين مع خيار غير مستساغ بين الاستبداد العسكري أو الدولة الدينية. مؤكدا أن فريدوم هاوس والمنظمات المماثلة في مصر يتواجدون في مصر لمساعدة المصريين وتلبية طلباتهم من أجل تعزيز المجتمع المدني، وسيادة القانون وتقديم فرص للتبادل بين الشعوب بعيدا عن الحكومات. ثم قام مدير الفريدوم هاوس بتحريض واشنطن بمراجعة تزويد الجيش المصري بما يعادل 1.3 مليار دولار سنويا لتمويل مشتريات الأسلحة والتدريب مطالبا الإدارة الأمريكية بأن تبلغ الإدارة المصرية أن هذه المساعدات سوف تنتهي ما لم يتوقفوا عن مثل هذه الانتهاكات ويجب علي الولاياتالمتحدة ألا تدعم الاستبداد في مصر بالأموال في نفس الوقت الذي يمنع حكام مصر المنظمات غير الحكومية من تنفيذ الديمقراطية وحقوق الإنسان المشاريع المدعومة من قبل دافعي الضرائب في الولاياتالمتحدة. إلا أن معلومات أخري تحدثت حول علاقة منظمة فريدوم هاوس الأمريكية والمشهورة ببيت الحرية ذات الصلة الوثيقة بجهاز المخابرات الأمريكية وكان الهدف "المخابراتي" من تأسيس تلك المنظمة المشبوهة فريدوم هاوس هو مكافحة "التعسف السوفيتي" وهو الاسم الذي كان يستخدم وقتها لمكافحة الشيوعية طبقا للخطة التي وضعها ال سي آي إيه. وأشارت المعلومات إلي علاقة رؤساء هذه المنظمة بجهاز المخابرات الأمريكية مثل بيتر آكرمان "يهودي" الذي تولي رئاسة المنظمة وأشرف بنفسه علي التخطيط والتدبير لما يسمي الثورة البرتقالية في أوكرانيا والوردية في جورجيا، وبيتر آكرمان هو صاحب اختراع لعبة فيديو شهيرة تعرف باسم قوات أكثر نفوذا أو كيف تهزم الديكتاتور وهذه اللعبة وزعت علي من يطلق عليهم "الثوار" في كل من جورجيا وصربيا وأوكرانيا والثاني هو جيمس ولسي والذي يقوم بالترويج لحزب الليكود الإسرائيلي اليميني المتشدد، وعضو المعهد اليهودي للأمن القومي وهي مؤسسة "عسكرية" تسعي للتعاون "العسكري" بين أمريكا وإسرائيل، كما قام ولسي في عام 2003م بالتبرير الفكري لحرب احتلال العراق أما تمويلها فهي تتلقاه من نفس الشخصيات التي تقود منظمة اللوبي اليهودي الأولي في العالم" إيباك " وبينهم جورج سوروس الملياردير اليهودي وتحدثت المعلومات أن الذي مول الثورتين الجورجية والأوكرانية والمصدر الثاني هو هيئة الوقف القومي للديمقراطية (مؤسسة حكومية أمريكية). وعلاقة فريدوم هاوس بالنشطاء المصريين ارتبطت بحركة 6 أبريل حيث قاموا بتدريبهم في صربيا عام 2009 علي تفكيك النظام، وكيفية التخلص منه بعد الخلاص من وهم داخلي، يقول بأن الحكام يسيطرون علي مقاليد الأمور، لذا يجب إزاحة هذا الوهم أولا، ثم مساعدة الآخرين علي التخلص منه، كبداية لحشد الجميع للنضال السلمي وتغيير النظام. ثانية المنظمات الدولية التي تعمل بدون ترخيص وتم مداهمتها هي المعهد الجمهوري الأمريكي (IRI) التابع للحزب الجمهوري الأمريكي وهي منظمة أنشأتها الحكومة الأمريكية عن طريق الهبةِ الوطنيةِ للديمقراطيةِ (نيد) لتَحويل المنحِ لتَعجيل الديمقراطيةِ في الدول الناميةِ ورئيسه في مصر سام لحود الأمريكي الجنسية، وتم توجبه اتهام بتلقي أموال كثيرة والضلوع في تدريب ناشطين واستغلال الأموال في تمويل بعض الائتلافات الشبابية الغريب هنا أن اللجنة العليا للانتخابات صرحت للمعهد بمراقبة الانتخابات البرلمانية، ومنحته تصاريح بذلك وأن هناك مشروعات مشتركة بين المجلس الحكومي لحقوق الإنسان والمعهد. وكانت دولت عيسي المدير السابق لإدارة البرامج بالحملات الانتخابية بالمعهد تحمل الجنسيتين المصرية والأمريكية والتي تقدمت بشكوي فضحت فيها تلاعب المعهد بالشئون السياسية لمصر وتوظيف واستغلال الفتنة الطائفية لكل الأحداث في مصر وتدريب شباب الأحزاب عدا الأحزاب الدينية التي رفضت التدريب وأكدت أن المعهد ينفذ أجندة علي شكل أوسع بالتعاون مع جمعيات في عدد كبير من المحافظات وعدد من الأحزاب الغريبة وهناك استعداد منذ فترة للحملة الحكومية أن المعهد استضاف شخصا أكد أنه استشاري بالمعهد كان يؤكد أن تمويل المعهد جاء من الكونجرس مباشرة وبعد الثورة تم زيادة الدعم لمصر والأردن وإسرائيل وأن الكونجرس الأمريكي كان يشرف بنفسه علي تدريب وتمويل شباب الأحزاب وأنهم كانوا يصنفون الشباب والمتدربين علي أساس طائفي مريب ورفضوا تدريب الأحزاب الإسلامية حتي لا يخالفوا تعليمات الكونجرس مؤكدة أن التمويل وجه لليبراليين والفلول. ثالثة المنظمات الدولية هي المعهد الديمقراطي الدولي الإدارة الأمريكية ويتلقي أموالا من هيئة المعونة الأمريكية ووزارة الخارجية والمخابرات المركزية الأمريكية C.I.A . والحكومة الأمريكية مباشرة وهو تابع للحزب الديمقراطي الأمريكي والذي ينتمي إليه الرئيس الأمريكي أوباما يرأسه سام كوبر سميث، عضو الكونجرس السابق، والذي كان في زيارة لمصر منذ أسبوعين وزار عددا من اللجان الانتخابية بأسوان وقال "المعهد علي موقعه، إنه جلب مسئولين وسياسيين أجانب مقربين من واشنطن إلي مصر "في سلسلة من الاستشارات مع قادة سياسيين مصريين ومع نشطاء مدنيين حول التغييرات السياسية" في البلد العربي وذلك بعد سقوط الرئيس المصري السابق حسني مبارك. ووفق الوثيقة فإن الولاياتالمتحدة رتبت لزيارة حلفاء لها من بولندا وأندونيسيا إلي القاهرة لتعليم النشطاء وبعض السياسيين المصريين كيفية التحرك السياسي في الفترة القادمة والمتوقع فيها تنافس بين القوي الموالية للغرب وبعض الأحزاب الإسلامية والأحزاب القومية والليبرالية. وذكرت الوثيقة أن زيارات أخري قام برعايتها المعهد لمسئولين من الصرب ومن رومانيا ومن تشيلي لتعليم النشطاء المصريين تجارب تلك الدول في التحول إلي النموذج الغربي للديمقراطية. أما عن التمويل الذي قدمته بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في القاهرة USAD لعدد من المنظمات غير الحكومية المصرية والأمريكية والدولية في إطار بيان البرنامج السنوي للوكالة الأمريكية (Annual Program Statement ) خلال الفترة من أول أبريل حتي 11 أغسطس 2011 أي في نحو 4 أشهر، وقد بلغ إجمالي المنح المقدمة للمنظمات غير الحكومية ما يزيد علي 58 مليون دولار، لكن البيانات الواردة في هذا الشأن تكشف المخالفات الأمريكية للاتفاقيات والقواعد المتفق عليها، وتؤكد عدم شفافية الجانب الأمريكي في التعامل مع الجانب المصري فيما يخص التمويل المباشر للمجتمع المدني، ومن الوقائع التي تؤكد ذلك اختلاف عدد المنح التي ذكرتها الوكالة الأمريكية (29 منحة) عن الواردة في قائمة السفارة الأمريكيةبالقاهرة التي سلمتها السفيرة آن باترسون للمجلس العسكري، وتضمنت (50 منحة) بقيمة إجمالية تزيد علي 88 مليون دولار، وهو ما يفوق إجمالي ما صرفته الوكالة الأمريكية في مصر خلال السنوات الست الماضية، الذي بلغ 87.5 مليون دولار وتبين من خلال الممارسة الفعلية لبعثة الوكالة الأمريكية في القاهرة عند تنفيذ البرنامج أن الأنشطة التي تمارسها هذه المنظمات تتخذ الطابع السياسي لارتباطها بالعمليات الانتخابية وممارسة الحقوق السياسية. وتم التحري عن أرصدة ودائع وحسابات "193" جمعية وأشخاصا تلقوا تمويلات أمريكية وكشفت التحقيقات إلي أن حجم الأموال التي تلقتها منظمات المجتمع المدني وعدة أشخاص منذ نهاية 2010 حتي نوفمبر الماضي بلغت نحو 1.3 مليار جنيه وتأكد ضلوع إحدي الحركات السياسية الشهيرة في تلقي أموال تعدت الخمسة ملايين دولار وجاري رصد عدد من المبالغ تم إرسالها علي الحساب الشخصي لعدد من أعضاء الحركة. وفجر المستشار محمد عثمان المحامي مفاجأة من العيار الثقيل مؤكدا أن كل الاتهامات التي وجهت للمنظمات الدولية هي العمل بدون الحصول علي ترخيص بذلك من وزارة التضامن الاجتماعي بالنسبة للمنظمات المصرية أو وزارة الخارجية بالنسبة للمنظمات الأجنبية، وهي بذلك ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة 76 من قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 التي تنص علي معاقبة كل من يمارس أنشطة الجمعيات الأهلية دون اتباع الأحكام المقررة في القانون بالحبس مدة لا تزيد علي ستة أشهر وبغرامة لا تزيد علي ألفي جنيه، أو بإحدي هاتين العقوبتين وتلقت الهيئة بلاغات تفيد قيام 10 منظمات حقوقية بالقاهرة والجيزة بتلقي دعم من دول أمريكا وقطر والسعودية وبريطانيا بالمخالفة للقانون وصرفها في أنشطة غير مسموح بها وغير مسجلة في الدفاتر والسجلات، وبإجراء التحريات التي قامت بها جهات سيادية وجهاز الأمن الوطني تبين صحة البلاغات. وأكد مصدر سيادي مسئول أن قرار مداهمة الجمعيات والمنظمات غير الحكومية أو التوقف عنها ليس في يد المجلس الأعلي للقوات المسلحة وأن الموضوع بالكامل تختص به وزارة العدل والنيابة العامة.وأشار إلي أن هذا الأمر أوضحه المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري- للمسئولين في الإدارة الأمريكية وغيرها الذين أبدوا انزعاجهم من مداهمة المنظمات الأهلية. أما موقف الجماعات الإسلامية من هذه المداهمات فكان التأييد حيث دعت الجماعة الإسلامية إلي التحقيق بحيادية في قضية التمويل الأجنبي لبعض منظمات المجتمع المدني بمصر علي أن يشمل ذلك الجميع، فيما أكدت "الجمعية الوطنية للتغيير" أنها ضد أي محاولات للتضييق علي جماعات ومراكز حقوق الإنسان ولكنها طالبت تلك المنظمات بأن تلتزم الشفافية الكاملة . وقال محمد حسان حماد سكرتير مجلس شوري الجماعة الإسلامية إن الخطوة التي قامت بها وزارة العدل بالتحقيق في التمويل الأجنبي لبعض منظمات المجتمع المدني "مقبولة طالما كانت تتم بحيدة مرحبا بتطبيقها علي جميع منظمات المجتمع المدني والأحزاب والجماعات السياسية دون تفرقة. وأضاف حماد أنه من الواجب الاعتياد علي تطبيق القانون بدون تحيز أو تجاوز وعلي الجميع، مؤكدا في الوقت نفسه رفضه لخطوة اقتحام وتفتيش منظمات معينة بصورة انتقائية بحيث يتم ذلك في حق البعض دون البعض الآخر. واعتبر حماد أن قيام جهات أجنبية بتمويل منظمات مجتمع مدني " أمر يثيرالشكوك حول أغراض هذه الجهات من وراء ذلك التمويل " لأنه يكون لمصالح وتوجهات معينة.