إذاعات شبابية أطلقها شباب مصري علي شبكة الإنترنت للتعبير عن آرائهم منذ فترة، واليوم وبعد الثورة وبعد التطور في أدوات التصوير وتكنولوجيا الاتصال وانخفاض أسعارها ظهرت مشروعات لقنوات تليفزيونية علي شبكة الإنترنت. ولقد أعلن الكاتب بلال فضل عن تكوين إطلاق قناة فضائية علي شبكة الإنترنت لتكون منبرا حرا للرأي بعيداً عن أي ضغوط من السلطات أو من غيرها. إلا أنه لم يكن الأول الذي بادر بهذه الفكرة، فهناك قنوات تليفزيونية بالفعل ظهرت علي الإنترنت. وقبلها بدأت الشبكة المعلوماتية عن طريق مواقع مثل يوتيوب وفيميو وبمساعدة الشبكات الاجتماعية فيس بوك وتويتر تتحول إلي وسيلة إعلامية مرئية منافسة للتليفزيون يتابعها عدد كبير من الناس خاصة من جيل الشباب الذين صاروا يفضلون متابعة وجهات النظر المختلفة التي تتيحها حرية الإنترنت، وحتي البرامج التليفزيونية صارت تحقق أكبر نسب من المشاهدة عبر الإنترنت وليس عبر التليفزيون. يقول عزت أمين مخرج ومذيع شاب في قناة الجمهورية تي في وهو أيضاً الذي أطلق فيلمين قصيرين علي شبكة الإنترنت حققا نجاحا كبيرا هما (أين ودني؟) و(أين محلي؟): "عن طريق الإنترنت أصبح الشباب الذي يتمتع بالموهبة قادرا علي تحقيق النجاح بعيداً عن تعقيدات القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام التقليدية، وهناك أمثلة شهيرة جداً لنجوم ظهروا أولاً علي الإنترنت وبفضل نجاحهم علي الشبكة أصبحوا نجوما في التليفزيون لعل أبرزهم الآن باسم يوسف الذي صار يقدم برنامجاً علي قناة أون تي في ويتقاضي أجراً كبيراً جداً". عزت عضو في فريق برنامجا (حزب الكنبة) الذي يعرض علي الإنترنت الآن. وكما يقول عزت فإنه كان أول من أطلق مصطلح حزب الكنبة في مقال كتبه علي صفحته علي فيس بوك يوم 22 فبراير الماضي، وفكرة البرنامج عبارة عن مذيع ومذيعة يعيشان في بناية قرب ميدان التحرير، لكنهما لم ينزلا أبداً للميدان وفضلا الجلوس علي الكنبة المريحة بدلاً من النزول للتظاهر والمشاركة في الثورة "ميزة الإنترنت أنك لاتحتاج إلي إنتاج ضخم حتي تطلق برنامجك. ف(حزب الكنبة) الصورة والمضمون فيه عالي الجودة جداً ومع ذلك تكلفته أقل بمراحل من أي برنامج يتم إنتاجه علي شاشات الفضائيات. كما أن ميزة النت أنه يعطيك حرية كاملة للتعبير، فأنت غير مجبر بالالتزام بسياسة السلطات كما يحدث في التليفزيون المصري ولاتخضع لضغوط أصحاب القنوات الذين يتدخلون في مضمون قنواتهم حتي لايؤثروا علي مصالحهم الخاصة". الجمهورية تي ڤي تقدم أيضاً مسلسلات بأفكار مختلفة وفقرات ترفيهية وثقافية " الحياة ليست سياسة فقط، كل فرد في القناة لديه الحرية في الإبداع في كل المجالات سواء السياسية أو الفنية والثقافية الترفيهية" ويتوقع عزت انتشار القنوات الشعبية – كما يسميها– علي شبكة الإنترنت "الناس تحتاج لقنوات إعلامية تعبر عنهم، وبالتأكيد ستظهر قنوات أكثر علي الإنترنت منحازة للشعب وتعبر عنه بشكل أوسع دون تزييف" وبجانب الجمهورية هناك تجربة أخري شبابية 001٪ اسمها "دي سلطة" تقدم أيضاً برامج منوعة يقدمها مجموعة من الشباب المتحمس. مينا شنودة هو مذيع في برنامج يقدم علي هذه القناة اسمه (اللمبة الصفرة) "هو برنامج يسعي لتقديم كل الأفكار والمبادرات التي يطرحها الشباب، كل عمل إيجابي يجعلنا نتقدم خطوة للأمام" ويري مينا أن تجربتي دي سلطة والجمهورية تي في لن تكونا الأخيرة. وأن هناك قنوات كثيرة جداً ستظهر يستطيع من خلالها الشباب التعبير عن الطاقات الكامنة بداخلهم وتحقيق النجاح الذي يحلمون به والحكم هذه المرة سيكون للجمهور بشكل مباشر وبدون وسيط. لكن هل سنصل إلي اليوم الذي تكون فيه هذه القنوات الشعبية تملك نفس تأثير القنوات التليفزيونية الرسمية؟ "ده حيحصل حيحصل" كما يقول مينا "في الماضي كانت وسائل الإعلام محتكرة من الدولة، كانت الرسالة موجهة من مصدر واحد يتلقاها الناس منه، اليوم تعددت المصادر وأصبح الناس تري الرأي والرأي الآخر من أكثر من اتجاه. كما أن كل يوم تظهر تكنولوجيا جديدة تغير خريطة الرسالة الإعلامية تماماً، وقريباً جداً سنري التليفونات الذكية (السمارت فون) في يد كل الناس، وسيكون بإمكان كل الناس متابعة الأحداث من مصادر مستقلة علي الإنترنت في أي وقت وفي كل مكان. ولن تستطيع أي سلطة مهما كانت أن تمنع حدوث ذلك" لكن من جهة أخري يري مينا أن الانفتاح التام وإمكانية أن يوجه أي شخص رسالته لكل الناس له جوانبه السلبية أيضاً "المشكلة أن هناك أشخاصا لايقدرون المسئولية التي علي عاتقهم عندما يوجهون رسائلهم للناس، فمثلاً نري في الإعلام الآن شخصيات توجه رسائل سلبية ومع ذلك هناك ناس تصدقه باعتباره يظهر في التليفزيون وهناك أقلام كثيرة تكتب أكاذيب ويصدقها الناس، لذلك سيكون الخطر من هؤلاء الذين لايتمتعون بالضمير أو لديهم أفكار تنادي بالعنف والتمييز، وسيكون مواجهة هذه النماذج صعبا جداً" ورغم الثورة الجديدة اتفق مينا وعزت أن ظهور قنوات علي الإنترنت سواء إذاعية أو تليفزيونية ليس معناه فناء التليفزيون التقليدي مثلاً، فعندما ظهر التليفزيون قالوا إن الراديو قد انتهي ومع ذلك مازال الراديو موجودا ومؤثرا حتي اليوم. وكل يوم نسمع عن ظهور قناة راديو جديدة سواء تقليدية أو علي الإنترنت. وظهور وسائط جديدة يؤدي إلي اشتعال المنافسة وسعي كل طرف علي تقديم أفضل ماعنده وهو في صالح المتلقي في النهاية. إذاً نحن علي مشارف عالم جديد، عالم غير محدود، عالم يستطيع أي شخص بموهبته فقط، وبامتلاك التكنولوجيا الحديثة أن يصبح نجماً مشهوراً قادراً علي توجيه رسالته إلي ملايين البشر، لكن هنا يبقي تخوف بأن تستخدم هذه القنوات الجديدة في أغراض غير مسئولة كالتحريض وإثارة الفتنة وإشاعة الفوضي. مانحتاجه الآن هو بعض الوقت لنستوعب هذه المتغيرات التي تحدث في العالم من حولنا بفضل الإنترنت، حتي نحدد كيف يمكننا استخدام هذه الأدوات في دعم التقدم والحرية وأيضاً المسئولية..