تزدحم أسطح المنازل بالمخلفات المتنوعة التي يطلق عليها "البيكيا" أو "الروبابيكيا"، دونما الاستفادة منها، بل علي العكس قد تتسبب البيكيا أو الأغراض التي تم الاستغناء عنها في نشوب الحرائق أو انتشار الحشرات بالمنزل، وللتخلص من البيكيا والأغراض المستعملة أسس شابان أول موقع إلكتروني لاستبدال البيكيا وخاصة الورق والمخلفات الصلبة بالسلع الغذائية، ويهتم المشروع بإعادة التدوير، وهي الفكرة التي لاقت ترحيباً كبيراً من المواطنين خاصة في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية وصعوبة توفير متطلبات الأسرة. قام محمد زهدي (مهندس ميكانيكي)، وعلاء عفيفي (مهندس كمبيوتر) بإنشاء موقع إلكتروني باسم "بيكيا" هو الأول من نوعه الذي تدور فكرته حول مبادلة المخلفات بسلع غذائية يتم تحديد تسعيرتها بنظام النقاط، حيث قال علاء عفيفي ل"آخرساعة": كنا دائما نبحث عن فكرة جديدة لحل الأزمة المجتمعية المتمثلة في انتشار القمامة وبعد تفكير طويل توصلنا إلي فكرة الموقع، وقمنا بتصميمه بطريقة سهلة وبسيطة حيث يدخل المستخدم عليه ويدخل نوع المخلفات والكمية التي يرغب باستبدالها، وبعد ذلك يقوم الموقع بحساب النقاط التي سيحصل عليها ويقوم بإظهار السلع التي سيحصل عليها في المقابل. يتابع: "بيكيا" يتعاون به أكثر من فرد للوصول إلي النتيجة المرجوة، فهناك 4 أدوار رئيسية كلها متغيرة ما بين التجميع من البيوت وشراء السلع والتواصل مع العملاء، وتوصيلها للمخازن، وفي الغالب كل واحد من المشاركين في المشروع ينزل إلي الشوارع حاملا حقيبته لجمع المخلفات فيها بمناطق كثيرة حيث نقوم بتغطية الزمالك والدقي والمهندسين والعجوزة والمنيل وأرض اللواء والمعادي وأكتوبر والمقطم وفيصل والهرم وحدائق الأهرام وكل أسبوعين نقوم بإدخال منطقة جديدة. وعن نوع السلع وأسعارها يقول يستقبل الموقع المخلفات الورقية والبلاستيك وزيت الطعام المستعمل والكرتون والإلكترونيات، ونستبدلها للعميل بسلع غذائية متنوعة بداية من السكر والزيت والمكرونة والشعرية والشاي واللبن ومعلبات التونة وغيرها، ونقوم بتحديث أسعار السلع دورياً طبقاً لسعرها بالأسواق. أما بخصوص نظام المحاسبة فعلي سبيل المثال للحصول علي 400 جرام من المكرونة لابد من تسجيل 59.5 نقطة، أما كيلو الأرز فيعادل 119 نقطة، وكل زجاجة فارغة تمنح العميل 34 نقطة، ومعلبات الكانز تمنح 2.38 نقطة، أما المخلفات الإلكترونية فتمنح عدد أكبر من النقاط. يضيف أنه تم اختيار استبدال المخلفات بالسع الغذائية لارتفاع أسعارها خلال الفترة الماضية وعدم قدرة المواطن علي تلبية جميع احتياجاته، موضحا أن الموقع لاقي تعاونا كبيرا من العملاء حيث وصل عدد المترددين علي الموقع من شهر مايو الماضي إلي أكثر من 100 ألف زائر، ذلك بالإضافة إلي جميع الأماكن سواء كانت راقية أو شعبية تقوم بتبادل المخلفات معنا والحصول علي سلع في مقابلها دون أي تمييز، أوضح أن المشروع حتي الآن قائم علي المجهودات الذاتية وعلي الرغم من ذلك يطمح إلي تطويره وإدخال مناطق جديدة ضمن المشروع. علي جانب مواز تفاعل مع الصفحة العديد من المواطنين الذين تعاملوا مع "بيكيا" للتخلص من الكراكيب القديمة والمخلفات، منهم صباح عبدالرحمن "ربة منزل" تقول: "تعاملت مع الموقع بعد أن سمعت عنه وعن نشاطه من إحدي صفحات الفيسبوك، وبالفعل قمت بإرسال رسالة، وعلمت كيف يمكنني استبدال المخلفات بالسلع الغذائية عن طريق الموقع، وقاموا بزيارتنا وأعجبتني الفكرة كثيراً ولديّ النية للتعامل معهم بعد ذلك". أما سحر محمد فأعجبت بالفكرة وتري أنها تستحق الانتشار أكثر من ذلك، وعلي نطاق أوسع، والإعلان عنها لأنه ليس كل الناس متابعين لصفحات التواصل الاجتماعي وأخص بالذكر كبار السن، أما الشباب فلديهم استخداماتهم الأخري علي النت كالدردشة وغيرها، لذلك فالفكرة في حاجة إلي دعم وتوسعه أكثر حتي تطبق في أكثر من منطقة. يري أشرف رسلان "رب أسرة" أن فكرة المشروع جيدة جداً حيث إنها ستعمل للقضاء علي المخلفات بالشوارع وإعادة تدويرها من جديد والاستفادة منها وفي المقابل تشجع الناس علي فصل المخلفات في منبعها لاستبدالها بالسلع الغذائية في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وبالتالي فالاستفادة متحققة لجميع الأطراف. تقول رشا صادق (ربة منزل): سمعت عن فكرة بيكيا من إحدي صديقاتي التي شكرت في طريقة تعاملهم والتجربة مما شجعني علي أن أخوض التجربة معهم وأتخلص من الأشياء القديمة والمخلفات وبالفعل قمت بمراسلتهم وقاموا بزيارة منطقتنا وكانوا متعاونين معنا وشرح فكرة الموقع من جديد وكيفية التسجيل من خلاله ومعرفة المخلفات التي يمكننا استبدالها معهم كل ذلك تم شرحه بشكل مبسط، ومن وقتها أتابع الموقع بصفة دورية لمتابعة الأيام التي سيتواجدون بها بمنطقتي أو بجوارها. من جانبه، يعلق مصطفي عبد السلام استشاري تعديل السلوك علي فكرة "بيكيا" أنها فكرة جيدة خاصة في ظل انتشار أكوام الزبالة بمناطق كثيرة وأمام المدارس، في حين أنه يمكن الاستفادة منها وإعادة تدويرها وكسب مبالغ طائلة من ورائها فهي تحتوي علي مخلفات صلبة ومعادن وحديد وبلاستيك معظمها مخلفات يمكن تصنيعها من جديد ، وهي تشبه مبادرة المحافظة "بيع زبالتك"، من أجل انتشار ثقافة فصل المخلفات من المنبع وتشجيع ربة المنزل علي فصل مخلفات المنزل يوميا لبيعها أو الاستفادة منها واستبدالها بمواد غذائية كما يفعل أعضاء بيكيا. يضيف: أي ربة منزل ستجد الاستفادة التي ترجوها عن طريق إبدال مخلفاتها اليومية بسلع تموينية غذائية من أساسيات أوجه الصرف بالمنزل، بالإضافة إلي الأغراض القديمة أو غير المستعملة والتي يمكن أن يعاد تدويرها مرة أخري من قبل ربة المنزل التي تكتفي بوضعها في مكان بعيد بالمنزل دون منفعة تذكر، هذه الأغراض يمكن أن تعالج ويتم استخدامها مرة أخري. يتابع: لابد أن يتم دعم مثل هذه المشروعات، حتي تصل إلي أكبر عدد من الناس، وأكبر نطاق من المحافظات علي أن يصاحبها حملات توعية بأهمية المشاركة وفصل القمامة من المنبع من أجل الاستفادة حتي لو من القمامة، والبعد عن السلوكيات الخاطئة وإلقاء القمامة بالشوارع وعمل أكوام منها أو الاحتفاظ بالأشياء القديمة دون أدني استفادة في حين أنه يمكن إعادة استخدامها أو إصلاحها حتي وإن كان يستفيد منها شخص آخر فبعض الناس تلجأ إلي شراء الأشياء المستعملة علي سبيل المثال لقلة ثمنها عن المنتج الجديد أو كنوع من التوفير في الميزانية ومواجهة ارتفاع الأسعار. يوضح الخبير البيئي شادي محمد، أن القمامة التي يلقيها المواطن كل يوم مليئة بأشياء يمكن استغلالها كالقماش والورق والزيت والخشب والمعادن والبلاستيك كل ذلك دون أن يكون هناك فصل من المنبع أو فرز لها لإعادة تدويرها، كما أنه لا توجد أساليب صحية أو قانونية تتبع للتخلص منها، فيتم إلقاؤها في البحار أو الأنهار أو يتم دفنها، وبالتالي قد تتحلل وتضر بالبيئة لنقل ما تحتوي عليه من سموم إلي التربة أو المياه. يواصل: الحل في فرز القمامة وهو ما ترتكز عليه فكرة بيكيا، ونشر الوعي البيئي لدي المواطنين والتنبيه علي أهمية فرز القمامة من المنبع وقبل التخلص منها، ليتم بعد ذلك إعادة تدويرها بما يتناسب معها وتوليد طاقات مختلفة كالطاقة الكهربائية علي سبيل المثال، مشيرا إلي أن التخلص من المخلفات بالطرق الناسبة وإعادة تدويرها له فوائد عديدة كحماية البيئة من التلوث سواء البحار أو الأنهار أو النباتات أو حتي الهواء، بالإضافة إلي حماية البشر من الأمراض وانتشارها، والحفاظ علي جودة المنتاجات الغذائية لأنه سيتم التخلص من عادة دفن النفايات وحماية التربة، كما أننا سنتمكن من المحافظة علي مواردنا الطبيعية، لأنه سيكون هناك إعادة تدوير فلا سبيل لقطع الشجر لصناعة الورق، لافتا إلي أهمية تعاون المواطن مع الجهات الحكومية والوزارات لانتشار تجارب إعادة تدوير القمامة.