رقمان قياسيان ينتظران صلاح أمام توتنام    سعر الدينار الكويتي اليوم الأحد 5-5-2024 مقابل الجنيه في البنك الأهلي بالتزامن مع إجازة عيد القيامة والعمال    وزير المالية: 3.5 مليار جنيه لدعم الكهرباء وشركات المياه و657 مليون ل«المزارعين»    وزيرة إسرائيلية تهاجم أمريكا: لا تستحق صفة صديق    استعدادا لشم النسيم ..رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات الجامعية    الاتحاد يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الأهلي.. وأتوبيسات مجانية للجماهير    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثي سير منفصلين بالشرقية    الإسكان: 98 قرارًا لاعتماد التصميم العمراني والتخطيط ل 4232 فدانًا بالمدن الجديدة    «الري»: انطلاق المرحلة الثانية من برنامج تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية في الساحل الشمالي والدلتا    الإسكان تنظم ورش عمل حول تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء    استقرار ملحوظ في سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري اليوم    العمل: توفير 14 ألف وظيفة لذوي الهمم.. و3400 فرصة جديدة ب55 شركة    ماكرون يطالب بفتح مجال التفاوض مع روسيا للوصول لحل آمن لجميع الأطراف    مسؤول أممي: تهديد قضاة «الجنائية الدولية» انتهاك صارخ لاستقلالية المحكمة    أوكرانيا تسقط 23 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    رئيس الوزراء الياباني: ليس هناك خطط لحل البرلمان    قصف مدفعي إسرائيلي على الحدود اللبنانية    يصل إلى 50 شهاباً في السماء.. «الجمعية الفلكية» تعلن موعد ذروة «إيتا الدلويات 2024» (تفاصيل)    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    اتحاد القبائل العربية: نقف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة «مدينة السيسي» هدية جديدة من الرئيس لأرض الفيروز    فيديو.. شعبة بيض المائدة: نترقب مزيدا من انخفاض الأسعار في شهر أكتوبر    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    كرة طائرة - مريم متولي: غير صحيح طلبي العودة ل الأهلي بل إدارتهم من تواصلت معنا    «شوبير» يكشف حقيقة رفض الشناوي المشاركة مع الأهلي    شوبير يكشف مفاجأة حول أول الراحلين عن الأهلي بنهاية الموسم    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأحد في الأسواق (موقع رسمي)    الزراعة: حديقة الأسماك تستعد لاستقبال المواطنين في عيد شم النسيم    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    ضبط دهون لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في البحيرة    حدائق القاهرة: زيادة منافذ بيع التذاكر لعدم تكدس المواطنيين أمام بوابات الحدائق وإلغاء إجازات العاملين    التصريح بدفن شخص لقي مصرعه متأثرا بإصابته في حادث بالشرقية    السيطرة على حريق التهم مخزن قطن داخل منزل في الشرقية    وفاة كهربائي صعقه التيار بسوهاج    نجل الطبلاوي: والدي كان يوصينا بحفظ القرآن واتباع سنة النبي محمد (فيديو)    يعود لعصر الفراعنة.. خبير آثار: «شم النسيم» أقدم عيد شعبي في مصر    تامر حسني يدعم شابا ويرتدي تي شيرت من صنعه خلال حفله بالعين السخنة    سرب الوطنية والكرامة    الكاتبة فاطمة المعدول تتعرض لأزمة صحية وتعلن خضوعها لعملية جراحية    حكيم ومحمد عدوية اليوم في حفل ليالي مصر أحتفالا بأعياد الربيع    رئيس «الرعاية الصحية» يبحث تعزيز التعاون مع ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة    صحة الإسماعيلية تنظم مسابقات وتقدم الهدايا للأطفال خلال الاحتفال بعيد القيامة (صور)    أخبار الأهلي: تحرك جديد من اتحاد الكرة في أزمة الشيبي والشحات    وزير شئون المجالس النيابية يحضر قداس عيد القيامة المجيد ..صور    إنقاذ العالقين فوق أسطح المباني في البرازيل بسبب الفيضانات|فيديو    كريم فهمي: مكنتش متخيل أن أمي ممكن تتزوج مرة تانية    مخاوف في أمريكا.. ظهور أعراض وباء مميت على مزارع بولاية تكساس    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطروح..بلاد ثائرة
تنام في حضن زيتونة!

يطلقون عليها مدينة السحر والجمال.. فيها من المَيزات ما يجعلها أمل مصر في زيها الجديد بعد ثورة يناير. تقع محافظة مطروح في الركن الشمالي الغربي للجمهورية. تمتد من الكيلو 61 غرب محافظة الإسكندرية وحتي الحدود المصرية الليبية (مدينة السلوم) بطول 450 كم علي ساحل البحر المتوسط وتمتد جنوباً بعمق نحو 400 كم جنوب واحة سيوة ويحد المحافظة من الجهة الشرقية محافظتا الإسكندرية والبحيرة وجنوباً الجيزة والوادي الجديد.
مطروح أرض بكر رغم ثرواتها المتنوعة بين الزراعة والبترول والغاز الطبيعي والسياحة والآثار والثروة الحيوانية والسمكية، لم تنل أي اهتمام في عهد نظام مبارك البائد، فهي ثائرة علي عهد بأكمله لم ينظر إليها بعين الاعتبار، لكن صمودها طيلة العقود الثلاثة الأخيرة وربما يزيد، تحقق من صبر أبنائها علي كل الصعاب التي واجهتهم، فبحرها ابتلع الهموم ورمالها امتصت سياسة الإقصاء وزيتونها جعلها مدينة تحتفي بالسلام حتي أن شعار المحافظة لم يخل من غصني الزيتون الحالمين بحياة أفضل وأكثر إشراقاً في العهد الثوري الجديد. دراما الحياة في مطروح.. أحلام أبنائها وتطلعاتهم.. مشاكل عدة تواجههم.. وآمال عريضة شاخصة أمام عيونهم.. ومحافظ جديد هو اللواء أركان حرب طه محمد السيد يعولون عليه الكثير.. كلها خطوط عريضة ترسم ملامح المحافظة بمداد من الحلم والرغبة في الاندماج في بوتقة مصر الكبري التي طالما عاشوا خارجها دونما إرادة منهم.. "آخرساعة" تحاول إلقاء الضوء علي هذه البقعة الغالية من أرض مصر النابضة بالحياة من خلال الملف التالي.
منسوب المياه الجوفية في الشتاء يصيب طريقها الرئيسي بالشلل
الرويسات.. جنة في الصحراء بلا ماء
في عام 1992 أنشئت قرية الرويسات في نطاق مركز "الحمام" لتكون مشروعاً زراعياً منتجاً. تقدم آلاف الشباب من أبناء مصر للحصول علي أراض في هذه القرية، وبالفعل تحقق حلم عدد كبير من الخريجين وبدأ حلم تحويل الصحراء إلي جنة خضراء.. صبروا كثيراً.. وأنفقوا الكثير من الجهد والمال والعرق ليصبح الحلم حقيقة لن يصدقها إلا كل من يزور هذه القرية التي تبعد بضعة كيلومترات عن مركز الحمام.. فهي بقعة خضراء في وسط مساحة تبدو لانهائية من الرمال الصفراء.. فتلك الأفدنة مزروعة بأشجار التين وهذه مفترشة بأشجار العنب وعلي مرمي البصر تتوزع مساحات من أشجار التفاح والكمثري والجوافة بخلاف الزراعات الموسمية الأخري كالقمح والشعير وغيرها من المحاصيل الأساسية.. وفي قلب هذا المكان العامر استراحات وبيوت يقيم فيها أصحاب هذه الأراضي مع أسرهم وعوائلهم التي نزحت من مناطق متفرقة حول الجمهورية لتبدأ حياة جديدة وتصنع مجتمعاً مغايراً. في البدء كان الحلم.. والآن وبعد ثورة يناير يجب أن نلفت الأنظار إلي بعض المشكلات التي تعوق اكتمال صور الحياة في "الرويسات" وهي في مجملها مشكلات بسيطة لو تم التغلب عليها لاستحقت هذه البقعة لقب القرية المثالية علي مستوي الجمهورية.
بدأت جولتنا من مدينة الحمام. توقفنا بسيارة المجلة عند مدخل المدينة وكان اللقاء الأول مع أحد الشباب يعمل في محل للخدمات الزراعية والبيطرية. أحمد حسين مهندس زراعي شاب تخرج لتوه في كلية الزراعة جامعة الإسكندرية قسم الإنتاج الحيواني.. بادرنا بالقول: في عهد مبارك كان هناك ظلم كبير لنا. شعرنا بالتهميش كبدو، فقد كانت معاملة ضباط الشرطة لنا سيئة للغاية، وللعلم لم يكن من حقنا الالتحاق بالكليات العسكرية، وحتي تجارة المخدرات التي ألصقت ظلماً بأبناء مطروح عموماً كان يقف وراءها لواءات في الشرطة يستخدمون ضعاف النفوس من الشباب الذي لا يجد فرصة للعمل. ويضيف: بعد ثورة يناير شعرنا بأمل كبير في التغيير ورغبة في الاندماج مع المجتمع بعد القطيعة التي سببها لنا نظام مبارك الفاسد.
ودعنا أحمد حسين بابتسامة أمل كبيرة. وتحركنا في اتجاه قرية الرويسات باحثين عن آمال أخري في عيون المواطنين. نحو ربع الساعة هي المسافة التي قضتها السيارة حتي وصلنا إلي "الرويسات". وفي الطريق انضم لنا أحد أبناء هذه القرية كدليل في دروب الصحراء وحكي لنا الكثير عن مشاكل ومعاناة القرية كما ألقي الضوء علي الإيجابيات التي تحققت علي سواعد شباب القرية وهو واحد منهم.
يقول علاء الدين عبدالعزيز (خريج كلية الحقوق جامعة المنوفية): كان الحلم يملؤنا قبل نحو 20 عاماً حينما وصلنا إلي هذا المكان الذي كان مجرد صحراء شاسعة مقبضة لا تعرف أي معني من معاني الحياة، وبروح من الأمل والرغبة في تعمير بلادنا وبفضل الله تحولت الرمال الصفراء إلي جنة خضراء تمتد لبضعة كيلومترات. وأصبح تعداد هذه القرية نحو 10 آلاف نسمة يعملون جميعاً بالزراعة.
أبرز المشكلات التي تواجه سكان "الرويسات" كما يقول علاء الدين هي تدهور الطريق الرئيسي الرابط بين القرية ومدينة الحمام، والذي يُصاب بالشل التام في فصل الشتاء نظراً لارتفاع منسوب المياه الجوفية، ما يؤدي إلي غرق الطريق ويعرض السيارات والأهالي للخطر، كما أن هذا الطريق غير مخدوم بالمواصلات حيث يعتمد الأهالي علي سيارات نصف نقل للتنقل ما بين القرية والمدينة، ناهيك عن عدم توافر الخدمات الصحية التي تقتصر علي وحدة صحية متواضعة تضم طبيباً أغلب الوقت غير متواجد.
أما المشكلة الأكبر التي تهدد ما حققه هؤلاء الشباب من إنجاز هي مشكلة نقص مياه الري والشرب، فمياه الري لا تصل للقرية إلا مرة واحدة كل 50 يوماً تقريباً مما يعرض المحاصيل للتلف، وهو ما يؤكده فتحي عزت حمودة (مستثمر في القرية منذ 15 عاماً) الذي أوضح أنه اضطر – ومثله غالبية قاطني القرية – إلي استخدام "موتور ارتوازي" لسحب المياه الجوفية إلي البيوت لاستخدامها في أغراض النظافة والغسيل والاستحمام، ولتوفير المياه العذبة للشرب. ويوضح أنه تقدم بعدد كبير من الشكاوي للمسئولين وقام بعمل وقفة احتجاجية قبل الثورة لتوفير مياه الري، وبعد الثورة قطعوا طريق القطار الحربي الذي يمر بالقرب من القرية في محاولة للفت أنظار المسؤولين إلي مشكلاتهم ورغم أن قيادات من المنطقة العسكرية الثانية التقوا بهم ووعدوهم بإنهاء مشاكلهم.. إلا أنها كانت وعوداً في الهواء واستمر الحال علي ما هو عليه.
وفي إحدي الأراضي المزروعة بأشجار الجوافة التقينا ناصر محمد عياد، كان المشهد رائعاً والحياة ديناميكية.. عشرات العمال المتخصصين في إعداد وتجهيز وتعبئة الفاكهة للتجار الذين يأتون من محافظات مختلفة لشراء أجود أنواع الجوافة من هذا المكان. ناصر قال: أكبر مشكلة تواجهني هي ارتفاع أجور العمالة نظراً لعدم توافر مساكن لهم حيث إنهم يفدون من الصعيد بحثا عن فرصة عمل ويضطرون للمبيت في الأرض، مما يجعلهم يتركوننا بعد فترة قصيرة.
وتحدث عدد من الأهالي عن مشكلة الإنارة التي تخلو منها شوارع القرية لتتحول ليلاً إلي مدينة أشباح. فالأعمدة موجودة لكنها لا تعمل فمجلس مدينة الحمام يقول إنه لا ميزانية لديه لهذا الغرض ويلقي بالمسئوولية علي الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية، وبين المجلس والهيئة ضاعت حقوق الأهالي.
لكن تبدو المشكلة أكبر بكثير في المدرسة والمعهد الأزهري التابعين للقرية. فكيف لتلاميذ صغار أن يستوعبوا دروسهم والأبنية التعليمية – التي أقيمت أجزاء كاملة منها بالجهود الذاتية – لا تتوافر فيها مياه الشرب!! هذا بالفعل هو الوضع هناك رأينا بأنفسنا وحسبما ذكر لنا عدد من المعلمين.
يقول محمد مبروك (مُعلم) المدرسة تضم نحو 270 طالباً وطالبة ولا تتوافر فيها مياه الشرب.. الوضع هنا سييء للغاية.
صلاح حسانين علي (مُدرس لغة عربية في معهد الرويسات الأزهري – ابتدائي وإعدادي) قال إن الأبنية التعليمية لا تتوافر فيها الإمكانيات الأساسية للقيام بمهامنا إلي جانب أن مياه الشرب تعمل بنظام الخزانات وهي خاوية معظم الوقت.
وتحدث أيمن التهامي (مدرس مواد شرعية) عن عدم توافر مُعلمين في تخصصات معينة وبخاصة العلوم واللغة الإنجليزية، وأن معلمين في تخصصات أخري يضطرون إلي تدريس المواد التي لا يتوافر فيها معلمون.
عبدالله عبداللطيف أبوالمسمارية.. من عواقل قبيلة العشيبات:
نرعي الأغنام بتصاريح من المخابرات العسكرية!
هو نجل عبداللطيف عبدالمالك أبوالمسمارية مؤرخ قبائل أولاد علي الذي رحل قبل شهرين، ويعد الابن (عبدالله أبوالمسمارية) من عواقل قبيلة العشيبات، لانخراطه في المجتمع البدوي بمطروح واتجاهه للعمل السياسي في السنوات الأخيرة وخوضه تجربة الانتخابات البرلمانية من قبل، كما أنه تابع العديد من الدراسات المهمة في مجال الأنثربولوجي وأنساب وتركيب القبائل البدوية بالولايات المتحدة الأمريكية، ودورات أخري حول استصلاح المناطق الجافة في العالم بمنظمة "آيكاردا" وأخري في الأردن عن تنمية زراعة الفاكهة.. هذا التنوع والثراء في شخصيته دفعنا لإجراء هذا الحوار معه، فبكل تأكيد هذا الرجل لديه رؤية ثاقبة حول المجتمع البدوي في مطروح.
والدك (رحمه الله) كان أحد مؤرخي القبائل العربية في الصحراء الغربية.. حدثني عنه؟
عاش والدي (رحمة الله عليه) ما يقرب من مائة عام1911 2011 وبالتالي فقد عاصر كل القبائل، ونشأته في مطروح ابتداءً من الصحراء الغربية وحكم الاستعمار الإنجليزي إلي حكم الحدود إلي الإدارة المحلية، وبطبيعة اندماجه في المجتمع كان القاضي العرفي للقبائل، فكان كثير التنقل بين أنحاء المحافظة المتفرقة، وساعد في حل الكثير من المشاكل بين القبائل، ما ساعد في حصوله علي ثقة القبائل وعقد صلات قوية بهم. إلي جانب عمله في الحقول الاجتماعية من خلال الجمعيات الأهلية والشئون الاجتماعية وكافة الأنظمة السياسية المتعاقبة بدءا من الاتحاد القومي الذي كان عضواً فيه ثم الاتحاد الاشتراكي، ثم عمله بالزراعة أيضاً حيث اشتهار قبيلته "العشيبات" بتواجدها في المناطق الزراعية أدي إلي درايته بمشاكل المزارعين ومربي الأغنام وقد نقل مشاكل هؤلاء إلي الجهات المسئولية.
❊❊ وهل تسلمت الراية من بعد والدك لخدمة أبناء قبيلتك؟
نسأل الله تعالي التوفيق. المهمة صعبة وسهلة في الوقت ذاته. الصعوبة تكمن في مكانة الوالد (رحمه الله) وفطنته وعلاقاته الاجتماعية وحبه للناس وإيثار الغير وهي صعوبات بالنسبة لي، أما سهولة المهمة فإني أراها في تماسك قبيلة العشيبات وتوحد كلمتها دائماً وإعلاء كلمة الحق عندهم مما يسهل من مهامي.
❊❊ كيف تنظرون إلي عهد مبارك؟
هو تركة متراكمة منذ سنوات طويلة لم ينعم فيها الشعب المصري بما يسمي الديمقراطية ولم نعرف إلا قشورها. مبارك اعتمد علي الأنظمة البوليسية في توجيه دفة الحكم والتعامل مع أصحاب الرأي، فكان لابد أن يثور هذا الشعب ويفيق من غفوته ليسترد كرامته مجدداً.
❊❊ كيف تعاملتم مع سياسة مبارك الاقصائية لمجتمعكم البدوي؟
لم نكن نشعر يوماً أننا جزء من المجتمع المصري الكبير إلا حينما ننظر إلي الخريطة الجغرافية في الكتب، وحتي في فترات سابقة كان متعمداً أن ينظر أبناؤنا في كتب الجغرافيا المدرسية فيجدوا خريطة مصر تنتهي حدودها الشمالية علي البحر المتوسط بمحافظة الإسكندرية دون ذكر محافظة مطروح. وقد ظل هذا الأمر لسنوات طويلة وكأننا لسنا جزءاً أصيلاً من هذا البلد!! وكذلك لم نُملّك الأراضي ولم يدخل أبناؤنا الكليات العسكرية وحُرمنا من المناصب القيادية.
❊❊ وهل انتهت مشاكلكم تلك بعد الثورة؟
للأسف مازال البعض منا يتجول في هذه المحافظة بتصاريح أمنية أو عسكرية، ومازلنا نرعي قطعان الإبل والأغنام بتصاريح من المخابرات العسكرية والأمر ذاته ينطبق علي صيد الأسماك.
❊❊ إلي أي مدي قللت هذه السياسة من روح الانتماء لدي أبناء مطروح؟
إلي حد كبير وبخاصة أن عدم الالتحاق بالكليات العسكرية كان له تأثير نفسي سييء علي قضية الانتماء إلي جانب حرمانهم من العمل في شركات البترول والمناصب القيادية وهذا كله قلل من روح الانتماء لديهم.
❊❊ لكن هناك من يفسر ذلك بانتمائكم الحقيقي إلي ليبيا بحكم الجذور الواحدة وأنكم أبناء عمومة؟
أنا لا أنتظر أن يمنحني أحد مصريتي. لا أنتظرها من أي نظام سابق أو لاحق. فأنا مصري رغم أنف الجميع، والأنظمة السابقة تعاملت بأسلوب مماثل مع المناطق الحدودية مثل قضية أهل النوبة في أسوان والبشارية والعبابدة في البحر الأحمر وأهالي شمال وجنوب سيناء وأبناء محافظة مطروح، ونجد أن كل قبيلة في هذه المناطق لها علاقات مع دول الجوار ما عدا إسرائيل، ونجد أن العادات والتقاليد في أسوان تشابه مثيلتها في السودان بحكم التقارب الجغرافي وأبناء البشارية والعبابدة وجنوب سيناء مع الأردن وفلسطين حتي علي مستوي الزي واللهجة هناك تقارب كبير بين هذه القبائل وذلك ما ينطبق علي الجزء الغربي من مصر والشرقي من ليبيا.
❊❊ كلمة أخيرة ومطلب رئيس تختتم به هذا الحوار؟
أرض محافظة مطروح تتنازع سلطاتها واختصاصاتها جهات مختلفة منها القوات المسلحة والسياحة وهيئة الآثار والتنمية الزراعية وهيئة تنمية المجتمعات العمرانية. نرجو توحيد جهة اختصاص التصرف في أراضي المحافظة وجعلها في جهة واحدة تكون صاحبة الاختصاص الأصيل فبحكم قانون الإدارة المحلية فإن المحافظة هي صاحبة الاختصاص الأصيل. وأخيراً نرجو من المجلس العسكري ألا يفرق في المعاملة بين أبناء سيناء والمحافظات الحدودية الأخري مثل مطروح، فقد قرر المجلس إنشاء هيئة قومية لتنمية سيناء برئاسة رئيس الوزراء واستصدار مرسوم بتمليك الأراضي لأبناء محافظة سيناء. نتمني أن يتخذ المجلس خطوات مماثلة في مطروح.
الضبعة.. أحلام مهددة بحزام نووي!
النقطة الثانية التي كان ضرورياً التوقف عندها هي مدينة الضبعة، وترجع شهرة هذه المدينة إلي أهميتها السياسية حيث إنها تحتوي أحد أنسب المواقع الصالحة لبناء مفاعل نووي في مصر. لكن كيف تعامل أهالي الضبعة مع هذا المشروع الذي التهم الساحل وأفقد هذه البقعة إطلالتها علي البحر.
وما أهم المشكلات التي كانت تواجه أبناء الضبعة في العهد البائد وما تطلعاتهم بعد الثورة، وكيف يستعد أبناء الضبعة لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة.. وغيرها من التفاصيل في هذه الجولة من داخل المدينة مع عدد من القيادات الشعبية والمرشحين المرتقبين للانتخابات البرلمانية القادمة.
رزق علواني (عضو مجلس محلي بالمحافظة ومدير المعاشات بالتأمينات الاجتماعية) يستعد لخوض انتخابات مجلس الشعب القادمة وفي جعبته الكثير من التفاصيل والتطلعات. يقول علواني: تاريخياً لم تعرف مطروح نظام الأحزاب، نحتكم إلي الاتفاقية القبلية، بمعني أن كل قبيلة تُقسّم عرفياً بمعرفة الحكومة وكل قبيلة تأخذ دورها في الانتخابات من خلال مرشحها. بعد الثورة ظهر نظام الأحزاب والقوائم وبالتالي سيتم فرض بعض المرشحين علينا من خارج القبائل البدوية، وبالتالي فمعظم الناس سيتزاحمون علي قوائم الفردي، ولذا نأمل في تغيير هذا النظام لأنه لا يتوافق مع الوضع القبلي الذي يميز مطروح. نطالب بالعودة لنظام الاتفاق القبلي حفاظاً علي حقوق القبائل مع إفراز العناصر المميزة من كل قبيلة.
يوضح علواني: الحزب الوطني المنحل لم يكن يمثل شيئاً بالنسبة لنا والدليل أننا – وفق نظام الاتفاق القبلي الذي كان سائداً في العهد البائد – كنا قادرين علي إنجاح أي مرشح حتي لو كان مستقلاً، وبالنسبة لي أنتمي إلي قبيلة "الجميعات" وأعتقد أن العواقل والعمد والمشايخ لدينا سيجتمعون علي اختيار أسماء مميزة للترشح في الانتخابات القادمة.
وعن أبرز الأمور التي تنقص المجتمع البدوي سواء في الضبعة أو علي مستوي محافظة مطروح عموماً يقول رزق علواني: أهم مشاكلنا هي المياه وتمليك الأراضي، مشدداً علي ضرورة توصيل المياه من ترعة الشيخ زايد بالحمام إلي الضبعة. إلي جانب مشكلة الصرف الصحي في واحة سيوة وبخاصة مع الوضع في الاعتبار كونها مركزاً سياحياً يفد إليه السياح من جميع أنحاء العالم، وهناك أيضاً مشكلة حرمان أبناء مطروح من الالتحاق بالكليات العسكرية. ولم ينس علواني المطالبة بفتح جامعة مستقلة في مطروح وخصوصاً كليات مثل هندسة التعدين لإتاحة الفرصة لأبناء مطروح للعمل في مجال البترول. لافتاً إلي عدم اهتمام الحكومات السابقة في عهد الرئيس المخلوع بالتواصل مع أبناء مطروح، موضحاً: مبارك قام بزيارات محدودة لمطروح طوال الثلاثين عاماً التي تولي فيها سدة الحكم ولم يكن يلتقي أحداً سوي قيادات الحزب الوطني بالمحافظة.
تجارة سلاح ومخدرات
وعن حقيقة انتشار تجارة السلاح والمخدرات في مطروح قال: حدث ذلك بسبب شعور البعض بأنه مستبعد من المجتمع بسبب السياسات الإقصائية التي اتبعتها الأنظمة السابقة مع أبناء مطروح.. ابن مطروح لم يُمنح حقه كاملاً وبالتالي كيف نطالبه بأن يكون سوياً!! ومع ذلك لا يشكل هذا الأمر ظاهرة في مطروح بل هم قلة ضالة.
ويضيف علواني: استثمار الساحل الشمالي في السياحة كان مقتصراً في عهد النظام السابق علي عدد محدود من رجال الأعمال، ولم يستفد منه أبناء الضبعة أو مطروح عموماً لذا نطالب بفتح الاستثمار في هذا المجال أمام رجال الأعمال الشرفاء لإقامة مشروعات سياحية عملاقة وأبناؤنا هنا سيكونون جاهزين لأي شكل من أشكال المساعدة التي ستصب في مصلحتهم بكل تأكيد. ونطالب بعمل منافذ وشواطئ عامة إذ لا يتوافر ذلك في مناطق حيوية مثل الحمام والضبعة وسيدي عبدالرحمن، والمستثمرون في عهد النظام السابق قاموا ببناء كتل سكنية خرسانية بدون منافذ لأبناء المحافظة. كما نطالب بإنشاء مصنع أعلاف في مراكز مطروح الثمانية لسد حاجة الثروة الحيوانية التي تشكل قطاعاً مهماً في المحافظة.
ملايين ضائعة
ومن المعروف أن شركة "إعمار" الإماراتية نفذت مشروع "مراسي" وهو أكبر مشروع سياحي في المحافظة نُفذ في مدينة "سيدي عبدالرحمن" إلا أن علواني قال: بالتأكيد هو مشروع عظيم لا ننكر أن أبناء المحافظة استفادوا منه وساهم في حل مشكلة البطالة، لكنه لفت إلي أن الشركة الإماراتية قامت بشراء المتر في عهد عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق بسعر 140 جنيهاً من خلال مناقصة للدولة، والشركة تبرعت للمحافظة بحوالي 12 مليون جنيه لتنمية سيدي عبدالرحمن لكن هذه التبرعات لم تصل للمدينة التي تعاني من مشاكل في المياه والكهرباء ورصف الطرق رغم أن تعداد سكانها يربو علي 8 آلاف نسمة.
مشكلة المشروع النووي
مشروع الطاقة النووية وفرض الحزام الأمني علي مدينة الضبعة بطول 15 كيلومتراً وعرض 3 كيلومترات (بمساحة إجمالية قدرها 45 كيلومتراً) تسبب في توسيع الفجوة بين أهالي مطروح والضبعة خصوصاً وبين المسئولين عموماً.
يقول دومة محمود صالح (رئيس وحدة محلية بمطروح): هذا المشروع بدأ منذ 30عاماً بقرار من السادات رقم 309 لسنة 1981 بنزع الأراضي للمنفعة العامة وسبب اختناقاً لمدينة الضبعة ولم يتم تعويض الأهالي الذين تم تهجيرهم من أراضيهم لإقامة هذا المشروع حتي الآن. هذا مشروع قومي لا غبار عليه، لكنه تسبب في ضياع حقوق الكثير من أبناء الضبعة الذين تشردوا وأصبحوا بلا مسكن وخسروا الأرض التي عاش فيها أجدادهم دون تعويض.
ويشير دومة إلي أهمية مد مياه ترعة الشيخ زايد إلي الضبعة وبقية أنحاء مطروح، مؤكداً أن هذا الشريان المائي لو تم توصيله ستكون مصر قادرة علي إحداث ثورة زراعية كبري وربما نصدر القمح لأمريكا!
العلمين.. أحلام وألغام
وتعتبر العلمين من أجود الأراضي الصالحة للزراعة ولكن للأسف تم زراعتها بالألغام أثناء الحرب العالمية الثانية. هكذا يقول دومة صالح مضيفاً: نناشد المجلس العسكري مطالبة الدول التي شاركت في الحرب العالمية بمد مصر بخرائط الألغام والمساهمة في نزعها وبالتالي العمل علي استصلاح هذه الأراضي.
تفاصيل أخري في جعبة يونس عبدالكافي عثمان (وكيل إدارة الضبعة التعليمية ونقيب المعلمين) التقيناه في زيارة سريعة أكد خلالها أن التعليم مشاكله عامة علي مستوي الجمهورية لكنها أكثر في مطروح نظراً لأنها محافظة نائية وطبيعة الحياة والمكان البعيد لا يساعد المدرسين علي الانتقال للعمل في مطروح والمدرس يتم تعيينه براتب 250جنيهاً إلي جانب عدم وجود تعيينات فهناك مدرسون يعملون بنظام العقد منذ 7 سنوات وقد تناقشنا في اجتماعنا الأخير مع المحافظ حول هذه المشكلة، والقرار يستوجب خلق درجة مالية وهذا يخص الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في القاهرة.
إضراب المعلمين
وعن تفاعل المعلمين في مدينة الضبعة مع إضراب المعلمين علي مستوي الجمهورية. قال: الثورة إنجاز كبير يفترض أن نحافظ عليه، ومثل هذه التظاهرات الفئوية يجب تأجيلها لحين استعادة البلاد عافيتها، وقد تضامن المعلمون في الضبعة مع نظرائهم في القاهرة فقمت بدروي في توعيتهم لأننا ننتج أخطر منتج وهو العقل البشري ويجب أن نكون قدوة للآخرين. وبالفعل نجحت في إقصائهم عن فكرة الاعتصام والإضراب وكتبنا بالتعيين ورفع الحد الأدني للأجور في مذكرة قدمناها للمحافظ ووكيل الوزارة والتنظيم والإدارة وقلنا لو وجدنا استجابة سيكون أمراً عظيماً ولو حدث العكس سنكون أول الناس في ميدان التحرير وبالفعل حدثت بشائر للاستجابة لبعض المطالب.
يونس عبدالكافي ليس مجرد رجل تعليمي، فإصرارنا علي لقائه مرتبط بأنه أيضاً رجل صاحب رؤية سياسية وخاض تجربة انتخابات مجلس الشعب ولم تكلل تجربته بالنجاح بسبب دولة مبارك القمعية حسبما قال. وعن ثورة يناير قال: نشكر الشباب المصري الواعد الذي فجر هذه الثورة ونغبطهم علي ما قاموا به، فلو كنا نعلم أنها بهذه السهولة لقمنا بها في شبابنا فقد حقق الشعب المصري بفضل هذه الثورة نجاحات كثيرة بأقل الخسائر ويكفي أنها هدمت ثلاثة أهرامات.. مبارك وأمن الدولة والحزب الوطني.
مصايف نووية
وحول مشروع الطاقة النووية يقول: قالوا إن هذه المنطقة سيتم تحويلها للمنفعة العامة وتم بناء الحزام الأمني (السور) حول المساحة الشاسعة المطلة علي البحر المخصصة للمشروع النووي ولكن في التسعينيات فوجئنا ببناء مصايف داخل هذا السور لصالح كبار المسئولين عن المشروع فهل هذا يعقل!!
ويفجر يونس عبدالكافي مفاجأة من العيار الثقيل تؤكد أن المشروع النووي كان مجرد كلام في الهواء وأنه كانت هناك نية لعدم تنفيذ المشروع والدليل كما يقول: مطار العلمين تم نقله إلي مدينة الضبعة وشركة "إعمار" الإماراتية المسؤولة عن تنفيذ مشروع المطار لم توافق علي التنفيذ إلا بعد تعهد من وزارة السياحة يفيد بعدم إنشاء مفاعل نووي في هذا المكان.
ويضيف: أشيع أن هذه المنطقة ستقسم بين خمسة رجال أعمال هم نجيب ساويرس وأحمد عز ومحمد أبوالعينين وإبراهيم كامل ومحمود الجمال وكان لديهم يقين بإلغاء القرار الجمهوري الخاص بإنشاء المشروع النووي بقرار آخر هو إلغاء هذا المشروع بقرار من رئيس الحمهورية جمال مبارك الذي كان مؤكداً بالنسبة لهم أنه سيتولي السلطة بعد والده. هذا ما يُشاع بقوة في الضبعة وليست لدينا مستندات تؤكده.
مطالب شباب مطروح:
فرص عمل.. جامعة.. دخول الكليات العسكرية
المحطة التالية كانت مدينة مرسي مطروح، عروس البحر المتوسط بشواطئها العالمية وطقسها المميز طوال العام ورمالها البيضاء.. يمتاز أهلها بالكرم والشجاعة والرغبة في العمل.. رغم عدم توافر فرص عمل كافية لشبابها إلا أنهم يرفضون جلسات المقاهي.. كثيرون منهم تخرجوا في الجامعات المختلفة لكنهم يعملون في مهن بسيطة تعينهم علي ضغوط الحياة وتساعدهم علي كسب قوت يومهم بالحلال. شباب مطروح استقبلوا "آخرساعة" بحفاوة في أحد الكافيهات المطلة علي البحر في شكل مؤتمر مصغر ضم عدداً منهم لإلقاء الضوء حول مشكلاتهم وتطلعاتهم وتقديمها عبر المجلة إلي المسئولين لعلهم يلتفتون إليهم ويلبون رغباتهم المشروعة. التفاصيل في سياق السطور التالية.
فايز فرج العشيبي ( 36 عاماً) حكايته تلخص معاناة الكثيرين من أبناء مطروح. فايز تخرج في كلية الحقوق، وتابع دراسات متعددة في اللغات وحصل علي أعلي شهادة في اللغة الفرنسية من باريس، ويجيد حوالي 7 لغات، ولأنه لم يكن يرغب في العمل بالمحاماة ساعده إتقانه للعديد من اللغات في العمل بمجال البترول وفتحت له شركات البترول العالمية في مطروح أبوابها لكن للأسف بنظام عقود مجحفة فبعد سنوات قليلة تم التخلص منه وأصبح عاطلاً قبل أن يجد فرصة عمل كمدرس للغة الفرنسية في إحدي المدارس الخاصة بالمحافظة. ويتساءل: أليس من حقي بما أنني من أبناء مطروح العمل في شركات البترول هنا!! ناهيك عن مشكلة أبناء مطروح المحرومين من الالتحاق بالكليات العسكرية وهذا الأمر يشكك في انتمائنا لمصر ويجب أن يعاد النظر في هذه المعاملة العنصرية وخصوصاً بعد أن تنفسنا عبير الحرية في مصر الجديدة بعد الثورة. إلي جانب إنشاء مبني "مكتبات مصر" التابع للمحافظة والمتوقع افتتاحه قريبا ولا نعلم هل سيحظي أبناء مطروح من خريجي أقسام المكتبات بالعمل في هذا المشروع أم سيتم استبعادهم كالعادة.
محاصيل أورجانيك
أحمد القطعاني ( 35 عاماً) يقول: إمكانيات مطروح كثيرة لكن هناك أمور كثيرة غير متوافرة، فليس لدينا ميناء واحد حتي الآن وبالتالي ليست هناك تجارة، وكذلك منفذ السلوم غير مستغل وليس منطقة حرة، كما أن السياحة في مطروح داخلية وليست خارجية رغم أن مطروح تتمتع بشواطئ عالمية. ناهيك عن الزراعة المتدهورة رغم أن مطروح في العهد الروماني كانت مزرعة للقمح، وأحد المهندسين الزراعيين قدم مشروعاً لزراعة المحاصيل "الأورجانيك" تحقق نحو 5آلاف فرصة عمل ويكون مرفقاً به ميناء لتسهيل تصدير المحاصيل إلي أوروبا وقد تم رفض هذا المشروع قبل الثورة. أما فرص العمل فهي محدودة للغاية بالنسبة لأبناء المحافظة، فقد تواصلنا مع مدير مكتب المحافظ السابق حينما كانت هناك وظائف متوافرة وقال لنا "الوظائف المتاحة الآن في قطاع النظافة" رغم أننا جميعاً من حملة المؤهلات العليا.
شريف فرج ( 35 عاماً) بكالوريوس تجارة ويعمل سائقاً: اضطررت للعمل كسائق لأنني متزوج ولديّ 3 أبناء ولم أجد فرصة عمل في مجالي، وقد علمنا أن وظائف التنمية الإدارية داخل شركة المياه تم وقفها مؤخراً بسبب مشاكل مرتبطة بعدم الشفافية في اختيار المتقدمين.. نتمني أن تكون لنا فرصة فيها. مشيراً إلي وجود صعوبات في التواصل مع المحافظ، وفي إحدي الوقائع الشهيرة في مطروح تقدمت إحدي السيدات من البحيرة للحصول علي وحدة سكنية تابعة لإسكان المحافظة كان زوجها متوفي ولديها طفلة صغيرة، ونفس الشقة تقدم لنيلها رجل من أبناء مطروح لدية أسرة مكونة من3 إخوة متزوجين ويعولون إلي جانب الأم والمعاينة أثبتت ذلك والمحافظة في النهاية رفضت منحه الشقة التي آلت للسيدة التي هي بالأساس ليست من أبناء المحافظة.
محافظة عسكرية
شقيقه محمد فرج يؤكد أنه في عهد النظام السابق كان هناك مسؤولون في المحافظة ضد أبناء مطروح وينحازون لأبناء المحافظات الأخري، لافتاً إلي أن 53لواء جيش يعملون داخل ديوان عام المحافظة وهذا غير منطقي وعلي هذا الأساس يفترض تسمية مطروح بمحافظة الثكنة العسكرية.. نرجو الالتفات إلي الكفاءات الشابة من أبناء المحافظة.
لا نستفيد من الغاز
ويقول أيمن غازي (محاسب وباحث اقتصادي): لدينا في مطروح عقول متعلمة وكفاءات وكوادر بشرية يمكن أن تساهم في إحداث تنمية علي أرض مطروح. مطروح تعوم علي بحر من الغاز الطبيعي، وفي عهد وزير البترول السابق سامح فهمي كان الغاز يتم نقله من مطروح من خلال محطات دفع الخام (الغاز والزيت) حتي ميناء الحمراء في منطقة العلمين، ثم تأتي مراكب إلي الميناء لتنقله لشركات التكرير ومصنع إسالة الغاز في السويس وهو المصنع الذي أنشيء لتوفير فرص عمل في السويس وبالتالي كان الوزير حريصاً علي خدمة أبناء محافظته من السوايسة، بينما أبناء مطروح الذين يخرج الغاز من أرضهم لا يستفيدون منه في شيء.
خليل محمد (موظف في الهيئة القومية للبريد – مؤهل متوسط) يشير إلي مشكلة تواجه العاملين في البريد ومثله قطاعات أخري وهي الحصول علي "بدل الجذب" رغم أن نظراءهم في محافظة حدودية مثل سيناء يصرفون هذا البدل الذي يطالبون به منذ أكثر من 15عاماً، كما لفت إلي ضرورة الاستفادة من قصر الرئيس الراحل أنور السادات الذي بني قبل رحيل السادات علي مساحة شاسعة في مدخل المحافظة وهو مغلق حتي الآن دون أي وجه استفادة، مقترحاً تحويله إلي مزار سياحي أو جامعة خصوصاً أن مطروح ليس بها جامعة حتي الآن.
مفاجأة ثقيلة
ويفجر محمد أبوالدهب »مهندس في مديرية الزراعة« مفاجأة حين يقول: عملت في مشروع إدارة موارد مطروح تابع للبنك الدولي وبرنامج الغذاء العالمي، وكان من بين اشتراطات هذه المشاريع ممنوع زراعة القمح والتوسع في زراعة المحاصيل الرعوية التي أثبتت فشلها فيما بعد مثل "القطف" و"أكاسيا" رغم إنفاق الملايين علي هذه المشروعات.
وتحدث محمد أحمد عمر (موظف في سنترال مطروح) عن مشاكل المناطق المتاخمة للمدينة مثل حي "الكيلو7" الذي يعاني من مشاكل في الصرف الصحي وتراكم القمامة.. فهيئة النظافة لا تقوم بدورها في الكثير من هذه المناطق.
أشهر شعرائها .. إسماعيل عُقاب:
بعد الثورة.. أشعر بالخجل إذا دُعيت لمنصة الشعر
يُعد الشاعر الكبير إسماعيل عقاب أحد أبرز شعراء مطروح، نظراً لشهرته التي تخطت حدود مصر بقصائده ودواوينه الشعرية التي ضربت علي أوتار مختلفة. في زيارتنا لمطروح كان ضرورياً أن نلتقي عقاب في حوار سريع حول رؤيته للثورة ورأيه في الأعمال الإبداعية التي تناولت موضوع الثورة في قصيدة أو قصة أو رواية، حيث أكد أنه يشعر اليوم بخجل إذا تمت دعوته إلي منصة الشعر، متوقعاً أن يشهد الشعر انتكاسة كبري في ظل هذه الأجواء. مزيد من التفاصيل في ثنايا هذا الحوار.
❊❊ كيف تري ثورة يناير.. في ضوء ادعاء شعراء أن قصائدهم التي كتبت قبل 25 يناير حرضت علي الثورة؟
- الثورة كانت بالنسبة لي مفاجئة. لم نكن نتوقع أن تحدث هذه الثورة وبهذا الشكل. كلنا وصل إلي مرحلة من التبلد الإبداعي والسياسي والوطني، وكأننا استسلمنا للأمر الواقع ولم تكن هناك أية مؤشرات إلي أن ثورة ستحدث. وبالفعل ادعي بعض الشعراء أن قصائد كتبوها قبل الثورة كانت محرضة عليها وساعدت علي قيامها، لكن الحقيقة أنه لم يكن هناك شعر تحريضي أو يستطيع تثوير الشارع ضد النظام السابق.
❊❊ لكن بعد الثورة ظهرت كتابات كثيرة عنه.. كيف تقيمها؟
- أن تقول إن هناك روايات كتبت عن الثورة فهذا كلام غير منطقي. ربما هناك قصص قصيرة، فثمة أحداث تستوعبها القصة. وبالنسبة لمن سارعوا وكتبوا شعراً عن الثورة أراه شعراً غير ناضج، وهو رد فعل وجداني تجاه الحدث. رد فعل سريع غير مكتمل. لذا لم أكتب قصيدة واحدة عن الثورة منذ اندلاعها في يناير الماضي، لكن لي قصيدة بعنوان "الراعي" في ديوان "حديث الموج للصخور" تنبأت فيها بالثورة وكتبتها قبل 15عاماً وكانت رسالة موجهة إلي مبارك. أقول فيها "أيها الراعي الذي أعيا خرافه/ كل ما قلت عن العشب خرافة". وبعدها استعرضت الحالة التي نعيشها وصورت الفتنة التي أفسدت الحياة السياسية ونهبت أموال الشعب ولتأتي نهاية القصيدة "رب جيل يفتديه جيلنا/ رب جيل كان أولي بالخلافة".
❊❊ برأيك هل ستختلف روح القصيدة بعد الثورة؟
- الفترة القادمة لن يكون فيها إبداع شعري، فالمتلقي في الحقيقة لم يعد في حاجة إلي الشعر! الشعر هو أصلاً يستهدف مشاعر ووجدان المتلقي لاستفزازه علي الفعل أو لحضه عليه. أقصد هنا الشعر في حالة الثورة تحديداً، وبالتالي المتلقي الآن ليس بحاجة إلي شعر يحرضه أو يستفزه.
❊❊ كيف تنظر إلي كم الأغاني التي تناولت موضوع الثورة؟
- الأغاني التي ظهرت أثناء نكسة 1967 كانت أفضل بكثير مما ظهر مع ثورة يناير، فلا توجد برأيي أغنية محددة راسخة عن الثورة، وأغنية "بحبك يا بلادي" غير معبرة وتعتبر رد فعل سريعاً لمواكبة الحدث ولن تعيش في الوجدان طويلاً، والدليل أن معظم الفضائيات ركزت علي الأغاني الوطنية القديمة لتعويض العجز في المنتج الغنائي الجديد.
❊❊ ماذا تقول لو دُعيت الآن لمنصة الشعر؟
- أشعر اليوم بنوع من الخجل إذا دُعيت لمنصة الشعر. إذ ماذا أقول. ليس لديّ حماس لذلك. مَنْ المتلقي الذي سيأتي ليسمع الشاعر. أعتقد أن الشعر سيشهد انتكاسة كبري، ثم إن المتلقي يهرول الآن وراء الفضائيات ليعرف الجديد علي المستوي السياسي وبالتالي لن يتابع الشعر.
❊❊ ثمة أدباء تسيدوا المشهد وتحدثوا بلسان الثورة.. ما تعليقك؟
- للأسف هذا ما حدث، فهذا علاء الأسواني نجده قد وضع جدولاً أسبوعياً للبرامج التي سيظهر فيها تحت مسمي "الأديب العالمي" ولا أدري ما هي مقومات العالمية من وجهة نظرهم.. روايتان أو ثلاث؟ وبماذا نصف بهاء طاهر وخيري شلبي والغيطاني وأصلان.. والمصيبة أن الأسواني أصبح محللاً سياسياً علي الشاشات. وآخر يدعي عبدالرحمن يوسف يسمي نفسه ب"شاعر الثورة" وبكل غرور يقول أنه لا توجد جائزة مصرية أو عربية تليق بأشعاره ثم نفاجأ بزفة كبري في صحيفة "الأهرام" تهلل لانضمامه إلي كتابها ثم نراه علي إحدي الفضائيات مقدماً لأحد برامجها، وهو نفس ما حدث مع هشام الجخ وعمر واكد الذي فاقت شهرته كناشط سياسي شهرته كممثل.
❊❊ برأيك ما أهم ما قدمته الحكومة الانتقالية حتي الآن؟
- بعد تنحي مبارك وتشكيل الوزارة الجديدة انتظرنا من النظام الجديد أن يقدم شيئاً لهذه الثورة لكن للأسف الشديد مضي 9 أشهر لم يقدم النظام الانتقالي خلالها أي شيء ولم يساعده الثوار في ذلك أيضاً. فقد حدث نوع من الارتباك.
❊❊ إذا عقدنا مقارنة بين الثورتين المصرية والليبية.. ماذا تقول؟
- الثورة المصرية الآن وصلت إلي مرحلة الفوضي وفي رأيي الثورة في ليبيا أنجح منها في مصر، رغم أن الواقع في ليبيا يؤكد أنها قوات مسلحة في مواجهة جيش مقاوم ورغم ذلك حُسمت المسألة ومؤسسات الدولة لم تتوقف. هناك خلاف في المجلس الانتقالي الليبي بحكم أنه مجتمع قبلي لكن هذا لا يعني أن الثورة في ليبيا قد تفشل، بينما لدينا الثورة حققت أهدافاً والجيش حمي الثورة فما الذي يمنع من إجراء الانتخابات سريعاً واختيار رئيس!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.