ما بين البراءة أو أحكام بالسجن لمدة عام أو عامين وأحيانًا مع إيقاف التنفيذ، لا تأتي مُطلقًا الأحكام القضائية علي قدر المأساة التي تُخلفها حوادث القطارات المروعة. أقصي عقوبة يُمكن أن ينالها الجُناة هي السجن لمدة عشر سنوات، وفقًا لما ينص عليه قانون العقوبات في مادته 238، والتي تُحيل المتهمين إلي محكمة الجنح بتهمة القتل والإصابة الخطأ وتقضي بالحبس مدة لا تقل عن 6 شهور وبغرامة أو كليهما. في السطور التالية نستعرض الأحكام القضائية التي صدرت خلال السنوات العشرة الأخيرة، بحق المتهمين في جرائم حوادث القطارات التي شهدتها مصر. في يونيو 2013 قضت محكمة جنح مستأنف البدرشين، ببراءة المتهمين بحادث قطار البدرشين من القتل الخطأ وهم سائق القطار، وملاحظان اثنان، حيث كانت محكمة الجنح قد عاقبت المتهمين بالحبس والغرامة في تهم القتل والإصابة الخطأ والإهمال وإهدار المال العام في الحادث واصطدم قطار البدرشين الحربي القادم من الصعيد بقطار بضائع قرب قرية »أبو ربع» بمدينة البدرشين، في يناير 2013، مما أسفر عن مصرع 18 مجندًا من قوات الأمن المركزي، وإصابة 118 شخصًا آخرين . وفي يوليو 2015، أيدت محكمة النقض الحكم الصادر بمعاقبة سيد عبده رضوان حسنين، عامل المزلقان وحسين عبدالرحمن، بالسجن 10 سنوات، حيث ترجع الواقعة إلي يوم 17 يونيو 2012 عندما صدم قطار رقم 165 في الثامنة صباحًا والقادم من أسيوط إلي القاهرة، أتوبيس مدرسة »دار حراء» الخاصة بقرية المندرة دائرة مركز منفلوط بمحافظة أسيوط، وانحشر الأتوبيس »بين عجلات القطار»، وأسفر الحادث عن وفاة 50 تلميذًا وإصابة 13 آخرين. بينما عاقبت محكمة جنح أكتوبر، كلا من رأفت محمد، سائق قطار البدرشين، وحامد محمد، سائق تريلا، وياسر عبدالجليل، خفير، والشاذلي ياسين، عامل صيانة، بالسجن لمدة 3 سنوات وغرامة 10 آلاف جنيه ضد كل واحد منهم، علي خلفية اتهامهم بالتسبب في حادث قطار دهشور، يوم 18 نوفمبر 2013، بينما كان سائق السيارة النقل يعبر النقطة 25 وقت قدوم القطار الذي صدم أتوبيس الركاب، ما أسفر عن دهس أتوبيس كان في طريقه إلي الفيوم يستقله أفراد جميعهم من عائلة واحدة، وقتل منهم 29 رجلا وسيدة، وأصاب 36 آخرين. وكشفت التحقيقات أن عاملي المزلقان لم يقوما بإغلاقه وقت قدوم القطار وذهبا لتناول العشاء واحتساء الشاي معتمدين علي اتصال من عامل مزلقان النقطة السابقة لهم يخبرهم فيه بقدوم القطار، علي الرغم من كونه غير ملزم بذلك وفقا للثابت بالتحقيقات واتصاله بالمتهمين ثلاث مرات دون استجابة منهما. بينما قام قائد القطار بفصل جهاز قياس السرعة، وقاده بسرعة كبيرة تتجاوز الحدود المسموحة بنحو 20 كيلو مترا في الساعة، بينما تجاوز سائق السيارة النقل والاتوبيس صوت أجراس الإنذار وشارات التحذير، وأصرا علي عبور المزلقان كل منهما في الاتجاه المقابل للآخر باتساع المزلقان، مما تسبب في وقوع الحادث، ودهس الاتوبيس وكسر كابينة السيارة النقل التي فر قائدها منها خلال الحادث الأليم الذي أودي بحياة سائق الاتوبيس و28 آخرين جميعهم من أسرة واحدة مسيحية، كانوا يحضرون حفل عرس أحد أقاربهم في قاعدة دار الدفاع بمدينة نصر، وعائدين إلي محل سكنهم بمحافظة الفيوم. محكمة جنايات الجيزة، أسدلت الستار علي قضية قطار الصعيد والمعروف بقطار الموت الذي وقع في 2002، وقضت ببراءة جميع المتهمين الأحد عشر الذين قدمتهم النيابة إلي المحكمة باعتبارهم المسئولين عن مقتل أكثر من 361مواطناً وإصابة العشرات، وقدمت المحكمة التي ترأسها المستشار سعد عبد الواحد ما يعد أقوي الحيثيات القضائية في إدانة الفساد والتسيب والإهمال في مرفق السكة الحديد. وقالت المحكمة في حيثياتها، إن الذين تمت محاكمتهم ما هم إلا ضحايا للكارثة ، والمسؤولية الحقيقية عن الحادث المفجع هي من نصيب هيئة السكك الحديدية، وأن المسؤولين في الهيئة أقل ما يوصفون به أنهم غير أمناء علي أرواح الأبرياء، ووصفت الحادث بأنه كارثة، وأن أرواح الأبرياء التي فاضت يوم العيد إلي بارئها تشكو إلي الله ظلم الإنسان، وأن الإهمال والتسيب الذي حمل أجسادهم في نعوش إلي ذويهم يوم العيد ورفضت المحكمة تقرير اللجنة الفنية المشكلة من أساتذة الجامعة التي رجحت احتمال أن يكون القطار قد احترق بسبب اشتعال موقد كيروسين، واستبعدت احتمال أن يكون احتراقه بركابه بسبب ماس كهربائي قوي، وجاء رفض هيئة المحكمة بسبب أن اللجنة لم تجر أي تحليلات معملية واكتفت بالمعاينة عن طريق الملاحظة بالعين والشم والخبرة الشخصية وهي طرق غير علمية ولا يمكن القطع بها . في 23 يناير 2013، قضت محكمة جنح قليوب بالحكم سنتين مع الشغل وكفالة 500 جنيه لوقف التنفيذ علي أحمد السيد عبدالحميد، سائق قطار »رمادة» بقليوب والبراءة لمساعده علي ماهر علي رمضان من التهم الموجهة إليه، حيث نسبت النيابة للمتهمين تهم القتل الخطأ ل6 أشخاص والإصابة الخطأ ل9 آخرين، والإهمال الجسيم في إدارة مواصلات عامة وتناول المخدرات للسائق. وفي حادث قطار بني سويف، الذي وقع في 28 إبريل 2016 قضت محكمة جنح مركز ناصر شمال بني سويف، بمعاقبة محمد حسن، سائق قطار، بالحبس 6 سنوات، بعدما تسبب في إصابة 70 راكبا، إثر اصطدامه بحاجز خرساني، أمام مزلقان قرية »الشناوية» ببني سويف. وكانت نيابة بني سويف وجهت اتهامات للسائق، منها إصابة 70 راكبا بطريق الخطأ وإتلاف القطار والإضرار بمعدات وآلات الدولة. وفي حادث قطار قليوب أغسطس 2006 الذي أودي بحياة 66 شخصا علي الأقل وأصيب 144 في اصطدام قطارين كانا يسيران علي السكة نفسها، أحدهما قادم من المنصورة متجها إلي القاهرة، والآخر قادم من بنها علي نفس الاتجاه لأن موظف الإشارة في قليوب لم يعط الإشارة للقطار القادم من المنصورة حتي يتوقف في الوقت المناسب ، مما أدي إلي وقوع تصادم عنيف بين القطارين.. أيدت التحقيقات إقالة رئيس هيئة سكك حديد مصر حنفي عبد القوي، ووقف نائبه عن العمل، والحكم علي 14 موظفًا بهيئة السكك الحديدية بالسجن لمدة عام بعد إدانتهم بتهمة الإهمال. أما حادث قطار »العياط 2»، أكتوبر 2009، فوقع بتصادم قطارين في منطقة العياط علي طريق القاهرة- أسيوط، وتسبب في مقتل 30 شخصا وإصابة آخرين، حيث تعطل القطار الأول وجاء الثاني ليصطدم به من الخلف ، وتحت ضغط الرأي العام انتهت تحقيقاته بتقديم محمد لطفي منصور وزير النقل آنذاك استقالته بعد ثلاثة أيام من الحادث، ولم نسمع عن أي عقوبة صدرت اتجاه أحد المسئولين.