الدراما المصرية ماتزال رغم بعض عيوبها تحتل الصدارة في المنطقة، إلا أن هذه الدراما عجزت عن تطوير المسلسلات الدينية، واستطاعت سوريا وإيران تحقيق نجاحات جماهيرية وفنية في هذا المجال، لماذا توقف تطور المسلسلات الدينية هل يعود ذلك لأسباب رقابية أم تسويقية، أم غياب للنصوص الجادة، والمواهب التمثيلية التي تستطيع أداء هذه الأعمال المهمة، الإجابة يقدمها المؤلف الكبير محفوظ عبد الرحمن في هذا الحوار.. ❊❊ عن مشاكل الدراما الدينية قال في بداية الحوار.. هناك ضعف شديد في النصوص والإخراج والدراما الدينية تعامل كأعمال درجة ثالثة وهناك أعمال نقف أمامها قائلين ما علاقتها بالدين ومكتوبة بشكل سيئ وبطريقة خطابية.. وحتي الممثلون أحيانا يكونون مجرد شخص يعرف اللغة العربية فقط وليس التمثيل.. فالأمور تتدني ولا تتقدم، فالتليفزيون منذ سنة 0691 تطور في أشياء كثيرة ولكن الدراما الدينية لم تتطورحتي الآن.. ففي الفترة الأولي كانت هناك مساحة للحديث عن شخصيات إسلامية أما في السبعينات والثمانينات بدأت تحرم ظهور شخصيات أكثر من القائمة القديمة التي كانت تضم الأنبياء والخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة وآل البيت ولكن الآن امتدت إلي الصحابة جميعا.. وبالتالي لا نستطيع تقديم شخصية هامة مثل خالد بن الوليد مثلا وسعد بن أبي وقاص وحتي أبو ذر الغفاري وبالتالي اتجه المؤلفون للشخصيات الإسلامية البعيدة عن صدر الإسلام مثل الإمام الشافعي والشيخ الشعراوي وأمثالهم.. أما الدراما السورية فالرقابة فيها ليست في قسوة الرقابة في مصر، هناك حرية في التناول أكثر من مصر. ❊❊ وماذا عن الدراما الإيرانية ؟ - المسلسلات الإيرانية من الطبيعي أن تنشر الثقافة الإيرانية وهذه ليست تهمة ولكنه شيء عادي ولكن المهم هنا أن الفكر الشيعي لا يمنع ظهور أي شخصية علي اعتبار عدم تحريم ذلك من وجهة نظرهم وهذا كلام يستحق المناقشة .. فهم اقتحموا مجالات لم نقترب منها فقدموا يوسف الصديق ومريم المقدسة والنبي سليمان وأنا أوافق علي ذلك من حيث المبدأ فهو يفيد الدين ويفيدنا ولكن إذا كان تناول أي شخصيات يقلق أي جهات دينية فنقوم بعمل ضوابط لذلك والضوابط يجلس المختصون ويتفقون عليها مثل ميثاق شرف. ❊❊ هل هناك مواصفات يجب توافرها في ممثلي المسلسلات الدينية ؟ - لا يوجد شخص سوي أبدا يتصور أن هذا الممثل الذي يقوم بدور عمرو بن العاص مثلا أوغيره من الشخصيات الإسلامية أنه هو عمرو بن العاص الحقيقي ولكن الكل يعرف أنه مجرد ممثل يقوم بالدور ومسألة أن هذا الممثل عمل سيئات في حياته ويقوم بأدوار أخري فنغسله أونفصله هذا ليس صحيحا.. لكن المهم أن الناس تحب الدور وتقدسه ولا تقدس الممثل نفسه .. فأنا لا أوافق علي الرأي الذي يقول أن نأتي بممثل يقوم بالشخصية ولا يقوم بشيء بعدها ولكن في غمار الحياة الواقعية ماذا نفعل معه إذا ارتكب هذا الشخص المعاصي والآثام بعد ذلك فهل نمنعه من سيئات حياته فالتمثيل شئ والواقع شيء آخر.. ومثال لذلك الفنان محمود المليجي من أكثر الشخصيات طيبة ورقة ولكنه من أكثر الذين قاموا بأعمال شر كثيرة. ❊❊ هل الدراما الدينية مرتبطة بشهر رمضان فقط؟ - ليست شرطا ولكنها بدأت في التليفزيون المصري مرتبطة بالمناسبات أكثر مثل المولد النبوي والهجرة. ❊❊ هل تلجأ الدراما الدينية إلي المباشرة وبالتالي لا تستطيع توصيل رسالة وما الذي ينقصها بالضبط؟ - أولا: الرقابة الدينية ومشاكلها الشديدة التي تحدثنا عنها.. وثانيا: الإنتاج.. فالإنتاج بسيط فهم يعتبرونه الزكاة التي تخرج علي أعمالهم، فلو قدم 01 مسلسلات يقوم بعمل واحد ديني فقط وليس باهتمام بل يريد الخلاص من هذه المهمة بسرعة.. أما من حيث الكتابة فليس عيب كاتب فالكاتب ليس هو المشكلة فلو أرادوا كتابة مائة عمل فسنجد عندنا كتاباً يستطيعون ذلك، فليس غريبا أن يقدم المبدع كرم النجار وهو قبطي رائعته الإسلامية المعروفة حياة محمد فهذا دليل موهبة كاتب مهما كانت ديانته ولكن المهم الموهبة والقدرة علي إجادة الكتابة الدرامية.. وهنا أريد التنبيه لشيء هام وهو أن الكتابة الدينية لا تبتعد عن التاريخية أبدا لأن الكتابة الدينية هي في حد ذاتها قضايا تاريخية عكس الأديان الأخري، فالحدث الديني هو حدث تاريخي.. إذن فالمطلوب شخص يفهم في الدين ويفهم في التاريخ ويستطيع تحقيق معلوماته ويجيد الكتابة الدرامية والاستفادة من موهبة الكتابة المعاصرة.