ماحدث مؤخرا في النرويج من انفجارات واسعة أدت لمقتل قرابة مائة شخص واتهام شاب نرويجي متطرف بأنه قام بما قام به لأسباب شخصية وفردية.. لايعبر عن الحقيقة كاملة والتي تقول إن أوروبا أصبحت ومنذ سنوات وبالتحديد منذ أحداث 11 سبتمبر 1002 في أمريكا.. موطنا للعديد من المنظمات والأحزاب والجماعات والجيوش أحيانا.. والتي ترفع كلها شعارات واحدة: لا.. للإسلام والمسلمين ولا .. للمهاجرين.. ونعم للتحالف مع النازية المتطرفة الجديدة والعنف كبديل للتعامل مع الحكومات الأوروبية المتسامحة مع المسلمين خاصة في بريطانيا التي تحولت علي حد قولهم لبؤرة للمتطرفين الإسلاميين؟ واندريس بريفيك (32عاما) هو أحد أعضاء حزب التقدم النرويجي اليميني المتطرف.. ومنذ عامين فقط حذر كلا من البوليس الأوروبي »اليورو بول« والمسئولون عن مكافحة الإرهاب في بريطانيا من خطورة تزايد تهديد الأفراد الذين يتصرفون بشكل فردي وأحيانا مستقل تماما عن أي جماعة أو حزب ومنهم بريفيك، رغم أنه كان معروفا منذ سنوات بآرائه المتطرفة جدا وبصفحته التي أنشأها علي شبكة المعلومات الدولية الإنترنت بل رآه بعض جيرانه وهو يرتدي الزي العسكري التقليدي ويحمل أسلحة أحيانا. وعرفوا أفكاره المتداولة عبر سنوات عن التداعيات الخطيرة لتوافد المهاجرين لأوروبا وبخاصة للدول الإسكندنافية ومنها النرويج. وعن خطر الخوف من الإسلام المعروف ب »الإسلاموفوبيا« الذي يجتاح أوروبا كلها منذ أحداث تفجيرات 11 سبتمبر 2001 في نيويوريك.. والتي أدت لوجود حسب البوليس الأوروبي أكثر من 600 منظمة مسلحة داخل أوروبا.. ضد الوجود الإسلامي في أوروبا وكان معروفا أيضا.. لعدائه للقاعدة وتنامي دور وأعداد المسلمين في أوروبا والثقافة التعددية التي تهدد علي حد قوله الوجود الأوروبي الهوية الأوروبية من جذورها.. وكان بالإضافة لذلك مؤيدا للنازين الجدد .. وبأحزاب مشابهة خاصة : الحزب الوطني المتطرف في بريطانيا والذي يرفع تقريبا نفس الشعارات وبخاصة الكراهية والتعصب ضد الإسلام والمسلمين. والتحقيقات التي أجرتها السلطات النرويجية بالتعاون مع البوليس الأوروبي والشرطة الإنجليزية المعروفة ب»الإسكوتلاند يارد« أظهرت بعض الحقائق والمخاوف عن حقيقة بريفيك واليمين الأوروبي المتطرف كله.. فهناك علاقة بين الرجل الذي وصفوه بالمختل عقليا والمصاب بجنون العظمة وجماعات متطرفة بريطانية، حيث أشارت صحيفة الجارديان البريطانية لاجتماع حضره بريفيك عام 2002 في العاصمة البريطانية لندن للمتطرفين الأوروبيين اليمينيين .. بل أنه شارك في مظاهرات لأنصار اليمين البريطاني المتطرف.. خرجت لشوارع لندن منذ سنوات قليلة. ويضاف لذلك .. صلته بجماعة متطرفة تدعي : جيش الدفاع عن بريطانيا.. وهي الجماعة التي لم تنكر صلتها به وبعقد عدة لقاءات سابقة معه.. ولكنها سارعت بعد مجزرة النرويج للإعلان بأنها جماعة سلمية وضد العنف والتطرف. وهناك جماعة أخري كان لبريفيك علاقة بها وهي جماعة »أوقفوا أسلمة أوروبا« ومقرها لندن وحاول بريفيك الانضمام إليها عدة مرات ولكن طلبه قوبل بالرفض بسبب علاقاته بالنازيين الجدد في أوروبا. وحسب صحيفة التليجراف فإن بريفيك بدأ حملته الصليبية كما نشر علي صفحة علي الفيس بوك بعد لقائه بعدة جماعات يمينة متطرفة في بريطانيا وهو ما تحاول الإسكوتلاند يارد حاليا التأكد من أنه قد تصرف بمفرده أو كان جزءا من شبكة مازالت تخطط لهجمات مماثلة في أوروبا.. خاصة بعد تصريحه خلال التحقيقات معه بأنه كان واحدا من بين 80 شهيدا يمثلون خلايا نائمة في كل أنحاء أوروبا الغربية وأنهم يسعون للاقتداء بما فعله في محاولة للإطاحة بالحكومات المتسامحة مع الإسلام في أوروبا. ويقول بريفيك هنا أن بؤرة الإسلام المتطرف مازالت في بريطانيا وأن كل من رئيس الوزراء السابقين والحالي وجوردون براون.. قد حولا بريطانيا لذلك ومازالت السياسة البريطانية تشجع ذلك. وما قام به بريفيك وماصرح به خلال التحقيقات معه.. لم يكن بعيدا عن أوروبا كلها فمنذ سنوات ظهر جان ماري لوبان زعيم ومؤسس حزب الجبهة الوطنية في فرنسا ويمثل أقصي اليمين ويدعو للتخلص من المهاجرين.. ويرفع شعاره المفضل: (فرنسا .. للفرنسيين). أما في سويسرا التي يصفها البعض بأنها أكثر بلدان أوروبا هدوءا وأمنا.. فهناك حملة لتنظيم استفتاء لتحديد أعداد المهاجرين للبلاد.. ويدعو لها حزب الشعب اليميني المتطرف الذي سبق ودعم لحملة ناجحة بحظر بناء المآذن في المساجد الجديدة في سويسرا.. والدعوة تهدف لجمع 001 ألف توقيع خلال العام والنصف القادم للبدء في استفتاء عام علي ذلك.. والخطورة أن الحزب له تواجده في الشارع ومن المحتمل أن يسيطر علي مقاعد البرلمان السويسري خلال الانتخابات في أكتوبر القادم، ورغم عدم عضوية سويسرا في الاتحاد الأوروبي وأنها لاتلتزم بذلك لسقف أعلي لعدد مواطني الاتحاد ال 72 الذين يدخلونها من أجل العمل .. إلا أن مثل هذه الدعوة ستؤدي لأزمة مع الاتحاد تربطه بسويسرا معاهدة تلزمها بعدم وضع قيود علي إقامة مواطني الاتحاد فوق أراضيها ومنهم المسلمون. وسويسرا التي يبلغ عدد سكانها 7.7 مليون نسمة.. ربعهم من الأجانب وسبق أن وافق السويسريون علي اقتراح لحزب الشعب بطرد أي أجنبي أو مهاجر للبلاد تلقائيا وفورا وذلك إذا ثبت اتهامه أو إدانته في جريمة خطيرة وهو ما يؤكد اتجاه السويسريين للموافقة علي الحد من تواجد المهاجرين خاصة المسلمين في البلاد. والأخطر من ذلك كله.. أن الأمر لم يعد مقصورا علي بلدان مثل : النرويج أو فرنسا أو سويسرا أو بريطانيا فقط.. بل هناك تحذيرات لامتداده لباقي أوروبا وبأن خطر القوميين اليمينيين المتطرفين بات أخطر من تنظيم القاعدة الذي مثل ولسنوات فزاعة لأبناء القارة العجوز.