ياتري لسه فاكر أول رمضان صمته في حياتك ؟.. كان عمرك قد إيه؟.. وهل في طفولتك كنت بتصوم نص يوم ولا يوم كامل ؟ وصمت بجد ولا كنت ممكن تاكل أو تشرب وتقول أكمل عادي باقي النهار؟ أسئلة عديدة نطرحها مع بداية شهر رمضان لمجموعة من الشخصيات العامة.. لمعرفة ذكرياتهم مع سنة أولي صيام ورؤيتهم لرمضان زمان.. ورمضان اليوم؟ والمفارقات بين ما عايشوه من أجواء روحانية بشهر الصيام وبين أبنائهم وأحفادهم اليوم ؟ وما يتمنونه خلال الشهر الفضيل لمصر ؟ الود والترابط الاجتماعي.. الأهم الود والترابط الاجتماعي والمسحراتي والفانوس بالشمعة "بالطبع" أهم ما هو محفور في ذاكرة الأديب والروائي المصري " يوسف القعيد" فهو يؤكد لنا أنه يفتقد هذه الأمور في شهور رمضان الحالية بينما عندما بدأ صيامه وعمره عشر سنوات في بلدته " الدهرية " مركز " إيتاي البارود" بمحافظة البحيرة وكان رمضان في ذلك العام آتيا في الصيف وكان حارا جدا ، وشهر الصيام بالمناسبة لا يزال عند البعض مرتبطا بأن الفرد لا يقوم بعمل أي شئ بحجة أنه صائم.. وبالنسبة له كطفل في سن العاشرة كان يوم الصيام طويلاً جدا عليه بشكل غير عادي لذا كانت فترتا الإفطار والسحور من أهم الأوقات التي ينتظرها خلال اليوم كله . حياة بلا ضجيج فالحياة آنذاك كانت بدائية جدا بلا ميكرفونات ولا تليفزيونات ولا تعدد لقنوات هائلة الكم كما اليوم ،بل كنا نقف كأطفال في الشوارع ننتظر الشيخ الواقف فوق مئذنة المسجد إلي أن يؤذن لصلاة المغرب .. وكانت تعم الفرحة والسعادة علينا وكان كل يوم إفطار رمضان بيوم عيد لدينا ..بالإضافة إلي أن الترابط الاجتماعي بين أفراد القرية الواحدة وكأنهم عائلة ..حتي إن حضر إليهم زائر غريب عن البلد ولا يعرفونه شخصيا يعتبرونه من أبناء البلد ويجعلونه يشاركهم الإفطار وهذه الروح نفتقدها اليوم فلا أحد يراعي غيره علي أي مستوي من المستويات الإنسانية.. فالعلاقات الاجتماعية اليوم مختلفة تماما عما كنا عليه في الماضي .." الزمن.. الجميل ". أين مسحراتي رمضان ويري "القعيد " أنه لم يبق لنا من رمضان غير الفانوس الصيني والمسلسلات التليفزيونية ،المسحراتي الذي يعتبر أهم علامات الشهر الكريم وكان دوره مهما جدا حيث يتجول بالقرية كلها وينادي علي أسماء الأطفال طفلا طفلا في البلدة أين هؤلاء الآن؟.. وكنا كأطفال نسير خلفه بالفوانيس القديمة بالشمع الذي يزينها والزجاج الملون والمزرقش برسومات إسلامية رائعة ..وعندما انتقلت للحياة في المدينة لم أجد أي مظهر من المظاهر الرمضانية التي عايشتها في الطفولة .. وعن جانب التسلية والثقافة بالشهر الكريم فيذكر لنا " القعيد" أن مسلسل ألف ليلة وليلة في الراديو وكان المسلسل الوحيد بالراديو فلم يكن التليفزيون قد ظهر وانتشر بالقري وكان هذا المسلسل بصوت الفنانة" زوزو نبيل " وكانت الحلقة ربع ساعة وكنت أنتظرها وأتخيل أحداثها من مجرد حاسة السمع لأحداثها طوال الشهر. بصوت آمال فهمي وهذا ما ينمي الخيال الإنساني لدينا بشكل هائل ، لمجرد أننا نتخيل الأحداث القادمة وما سيحدث فيها.. كما كانت هناك فوازير بصوت الإذاعية "آمال فهمي" ولم تكن فقط مجرد تسلية بل كانت لها بعد ثقافي بالدرجة الأولي حيث كانت تقوم بوصف مكان ما بمصر من خلال إعطاء مجموعة من المعلومات عنه والسؤال يكون عن ما هو هذا المكان؟ . وعن أحفاده ومعايشتهم لشهر رمضان الكريم يذكر " القعيد" أن لديه حفيدة واحدة " أمينة" 6سنوات ولم تلتزم بصيام يوم كامل لصغر عمرها ..ويشتري لها فانوس صيني وينتقد ذلك بأننا نخفي معالم هويتنا بإخفائنا للفانوس المصري القديم والذي يمثل تاريخنا وتراثنا الحضاري المصري .. ويتمني " القعيد" في شهر رمضان الكريم وخاصة أنه أول رمضان بعد الثورة من الشباب أن ينشطوا لعمل شئ ويقترح أن يصبح العلم المصري متضمنا كلمة 52 يناير وأن تكون هناك توليفة من الربط بين " العلامات الرمضانية المميزة للشهر الفضيل والثورة. بعد 52 يناير كما ينوه علي كل التجار للسلع الرمضانية " كالمخلل والكنافة والعصائر الرمضانية .. بأن يجعلوا لها علامات خاصة بالثورة.. ويتذكر أنه باق في ذهنه إفطارات "رمضان في أكتوبر 3791حيث كان في الجيش وكان العاشر من رمضان وكنا داخل معسكرات وكانت حالة الحرب مع العدو وبالتالي كان كل شئ له طعم تاني ومختلف رغم ظروف الحرب إلا أنه مزيج من لمشاعر ما بين الحرب والنصر والأجواء الروحانية وأتمني أن يشعر بهذا الشعور كل المصريين في إفطار أول يوم رمضان بعد الثورة ..مؤيدا الدعوة الشبابية التي انتشرت علي الفيس بوك للإفطار الجماعي في ميدان التحرير باعتباره علما من أعلام مصر مثله كالأهرامات وأبو الهول .. صيام نصف يوم الصيام بانتظام من عمر تسع سنوات، ولكن أول سنة صيام كنت في عمر السادسة من عمري ..هذا هو كلام الدكتورة عالية المهدي أستاذ الاقتصاد وعميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة فتروي لنا أن أول سنة صيام كانت في المرحلة الابتدائية وكان في المدرسة أطفال أجانب بنسبة كبيرة وكنت في عمر السادسة أصوم ساعات قليلة من اليوم لكي أعتاد علي الصوم (صيام نصف يوم). رمضان زمان أحلي رمضان في أيام الطفولة كان بالنسبة لي أفضل كثيرا هكذا تري د.عالية أن الشهر الكريم قد عايشته في " بيت العيلة " وهو بيت جدها حيث لمة أفراد العائلة من الأعمام والعمات بحكم قربهم من المكان السكني ب" الروضة" ولم يكن هناك تليفزيون فكان الأطفال يأخذون الفوانيس بعد الافطار ويتزاورون عند أقاربهم للعب والغناء بالفوانيس فكان شهراً مميزا ذا طابع وطعم خاص جدا عن باقي شهور العام ..وهذا الإحساس الجميل لا أراه اليوم مع أولادي حتي وهم أطفال فلا نري أيامنا فيهم ..فأولادنا اليوم شهر رمضان بالنسبة لهم "تليفزيون وسهر" بينما رمضان كنا نحياه بالترابط الاجتماعي بين العائلات والجيران وكانت الحياة آمنة جدا ..وهذا ما نفتقده اليوم ..فرؤيتي لرمضان أنه كان 03 يوما عيدا وفرحة. الإحساس بحاجة الفقراء بينما للأسف رمضان اليوم لدي كثيرين عبارة عن مائدة كبيرة زيادة عن اللزوم بينما في الماضي كانت السفرة بسيطة الحال ورغم ذلك كانت متنوعة بدون زخم ولا تبذير . العصبية لا محل لها في الشهر الكريم هذا ما تراه د.عالية حيث إن رمضان شهر الكرم فلابد أن تكون سلوكيتنا كريمة في تعاملاتنا مع بعضنا البعض فلابد أن نتعامل بود ورحمة لأن الحكمة من شهر رمضان الشعور بالفقير والمساكين والعطف عليهم ، وأن نقدم لهم مساعدات وليس شرطا أن تكون كلها طعام فقط بل يمكن أن تكون أي شئ يحتاجون إليه ..وللأسف أغلبنا يفقد صيامه بالعصبية الزائدة .. وتتذكر د.عالية أن والدتها كانت دائما تنبه والدها رحمه الله عندما يرجع من العمل أن لا يغضب حتي لا يفقد صيامه، كما أن العصبية شئ يستنكرة الدين ..بل يحثنا دائما علي سلوك طيب وقويم. لا لتبذير الموائد فالمسلم الجيد لابد أن يكون مرآة جيدة لدينه طوال السنة وليس في رمضان فقط لذا تتمني د.عالية أن يكون شهرا جميلا وخيرا علي كل المصريين وألا يغالي التجار في أسعار السلع لأن من المفروض أن الاستهلاك يقل في شهر الصيام وليس العكس وأن تحاول ربة الأسرة أن تقتصد ولا تبذر فليس رمضان شهر الطعام ..وتؤكد قائلة" أنا في بيتي أهم شئ في الوجبة الشوربة وقطعة لحمة وخضار ،..." فلا تزيد السفرة عن 3 إلي 4 أطباق دون إفراط وتبزير وأري أن من لديه مال زائد بدلا من أن يشتري طعاما يتبرع به للفقراء .. التشجيع علي " الصيام المبكر" وبشكل تدريجي من الجوانب الهامة التي تهتم بها أسرتي هذا ما أوضحه لنا الدكتور أنور رسلان أستاذ القانون وعميد كلية الحقوق السابق حيث أول سنة صيام في سن العاشرة وقبل ذلك كان التدريج في الصيام نصف يوم أو 4/3 يوم إلي أن يكتمل اليوم كله بالصيام فبالنسبة للصعيد وكوني من محافظة قنا فقضية الإفطار الجماعي له جو مختلف تماما، وتكون هناك احتفالات غير عادية ويهيئ البيت من بداية اليوم ويجند لتجهيز متطلبات الإفطار ..وكانت تأتي العائلات " بالقراء" لقراءة القرآن الكريم وأيضا المنشدون لمدح الرسول " صلي الله عليه وسلم" وهذا تقليد صعيدي قديم .. الود والتفاهم والتسامح أتمني أن يصبح المصريون أكثر التزاما كما كانوا في الماضي وان يسود بينهم الود والتفاهم والتسامح وعدم الشد العصبي فلابد أن يتحمل كل منا الآخر.. لأن هذا شهر الكرامات وفيه نفحات لابد من الاستفادة منها قلبا وقالبا.. وأن تسود البلاد حالة من الاستقرار والأمن والتضامن الاجتماعي لأن بناء الدولة لن ياتي ألا بتضافر جهود أبنائها معا للصالح العام. الاستيقاظ في السحور أكثر ما يزعجني في رمضان هذا ما قاله كابتن محمود بكر المعلق الرياضي عن ذكرياته في رمضان زمان ، وأن أول سنة صيام له كان في سن الثامنة ، وعن ذكرياته في ذلك الوقت يقول إن أهم ما يميز رمضان زمان لعب الكرة تحت الفوانيس ،حيث استمرت الكرة هي السمة الرئيسية لشهر رمضان بالنسبة له حتي سن السادسة عشرة من عمره وكان أبناء الحي الواحد يعقدون دورات كروية رمضانية فيما بينهم وبين الأحياء المجاورة حتي السحور. مع أحمد بدير وأتفق معه الفنان أحمد بدير في أن رمضان زمان كان أكثر اجتماعا وتزاورا بين الأفراد وكان مليئا بالمودة والمحبة بين ساكني المنطقة الواحدة ،وعن أول سنة صيام له كان في سن الخامسة ،لمدة ثلاث أو أربع ساعات .. إلي أن تم سن السابعة وأصبح يصوم يوما كاملا .. وعن يومه الرمضاني قال " استمتع طوال نهار رمضان بقراءة القرآن وبعد الإفطار أقوم بصلاة التراويح واجتمع مع أبنائي وأحفادي ولدي حفيدان " فرح يس" وأحضر لهما الفوانيس واللعب ولم يبدآ الصيام بعد لأنهم لم يبلغ عمرهم 5 سنوات.