بدء الدراسة في درجة البكالوريوس لكلية العلوم والتكنولوجيا بجامعة أسيوط الأهلية    تعرف على تكليفات الرئيس السيسي للحكومة الجديدة    هاني عنتر: إدارة تعليم بني سويف أول الإعدادية بنسبة نجاح 85.81%    بالأسماء، أوائل نتيجة الشهادة الإعدادية ببني سويف    الأمن القومي والاقتصاد وبناء الإنسان.. السيسي يضع خارطة طريق لتشكيل حكومة مدبولي الثالثة    «ابتعدوا عن الميكروفون».. رئيس «النواب» يطالب الأعضاء باستخدام أجهزة القاعة بشكل صحيح    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي داخل المحكمة بعد تأييد حبسه    مجلس النواب يوافق على الموازنة العامة للدولة للعام المالى الجديد    وزارة الزراعة تعلن الطوارئ لاستقبال عيد الأضحى    رئيس «شباب النواب»: الموازنة تأتي في ظروف صعبة ولابد من إصلاح التشوهات وأوجه الخلل    «الإسكان»: 220 ألف مواطن تقدم للحصول على شقق «الاجتماعي»    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات اليوم الإثنين    محافظ المنيا: توريد 346 ألف طن قمح منذ بدء الموسم    السكة الحديد تُطلق خدمات جديدة لركاب القطارات.. تعرف عليها    السيسي يوجه مدبولي بتشكيل حكومة جديدة من ذوي الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة    شكري: الممارسات الإسرائيلية تفتقر إلى الالتزام بقواعد القانون الدولي    سلطنة عُمان: ندين تصنيف الأونروا منظمة إرهابية    الخارجية الصينية: من الصعب على بكين المشاركة في قمة سويسرا بشأن أوكرانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصا    أفشة: الجلوس على الدكة يحزنني.. وأبو علي هيكسر الدنيا مع الأهلي    هل تلقى الزمالك خطابا بموعد ومكان مباراة السوبر الأفريقي؟    "مش عايزه".. مدرب ليفربول الجديد يصدم صلاح    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    رئيس الإدارة المركزية للمنطقة الأزهرية تتابع امتحانات القرآن الكريم في الإسكندرية    المستندات المطلوبة للتقديم في وظائف المعلمين بالمدارس اليابانية.. اعرف الشروط    رئيس بعثة الحج الرسمية: استقرار الحالة الصحية لزوار بيت الله الحرام دون ظهور أمراض وبائية    السكة الحديد تعلن إجراء تعديلات على تركيب بعض القطارات بالوجه البحري    انهيار منزل ونشوب حريق في حادثين متفرقين دون إصابات بقنا    محافظ المنوفية: تحرير 94 محضر انتاج خبز غير مطابق للمواصفات لمخابز بلدية    تخرج دفعة جديدة من ورشة الدراسات السينمائية بقصر السينما    28 يونيو الجاري .. جورج وسوف يقدم حفله الغنائي في دبي    فيديو.. «العيال فهمت» على مسرح ميامي بعيد الأضحى المبارك    اتفاق تعاون بين الجامعة الفرنسية وباريس 1 بانتيون سوربون لإطلاق برامج جديدة في مجال السياحة    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    5 خدمات تقدمها عيادة أبحاث الألم بالمركز القومي للبحوث، اعرف المواعيد    «صيادلة الإسكندرية» تطلق 5 قوافل طبية وتوزع الدواء مجانا    التشكيل المتوقع لودية ألمانيا وأوكرانيا ضمن استعدادات يورو 2024    الموسم الثاني من سلسلة "الأعيان" على شاشة الوثائقية قريبًا    لماذا رفض الروائى العالمى ماركيز تقديم انتوني كوين لشخصية الكولونيل أورليانو في رواية "100 عام من العزلة"؟ اعرف القصة    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    محافظ القاهرة: 1.5 مليار جنيه لرفع كفاءة الخدمات المقدمة إلى المواطنين    "ما حدث مصيبة".. تعليق ناري من ميدو على استدعائه للتحقيق لهذا السبب    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    باحثة ل"إكسترا نيوز": مصر لديها موقف صارم تجاه مخططات إسرائيل ضد غزة    هل يجوز ذبح الأضحية ثاني يوم العيد؟.. «الإفتاء» توضح المواقيت الصحيحة    للتدخلات الجراحية العاجلة.. كيف تستفيد من مبادرة إنهاء قوائم الانتظار؟    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    محمد الباز ل«بين السطور»: فكرة أن المعارض معه الحق في كل شيء «أمر خاطئ»    مقتل شخص وإصابة 24 فى إطلاق نار بولاية أوهايو الأمريكية    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. طارق فهمي يكشف
تفاصيل المخطط الإسرائيلي لتقسيم مصر!
نشر في آخر ساعة يوم 28 - 06 - 2011

مابين التهوين والتهويل تراوحت ردود الأفعال حول ماأثير عن المخطط الإسرائيلي لتقسيم مصر لثلاث دويلات.. وفي المنطقة الوسط بين هذا وذاك يحاول أن يقف الدكتور طارق فهمي رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بمركز دراسات الشرق الأوسط ليؤكد علي أهمية عدم التقليل من شأن مايثار حول هذا المخطط القديم الجديد أو التهويل منها إلا أن تحليلاته تقودنا للتخوف مما تضمره أجهزة المخابرات الإسرائيلية من مخططات.. يري أنه من الضروري عدم إغفال التحركات الإسرائيلية التي تجري الآن علي قدم وساق من خلال أضخم مناورة عسكرية إسرائيلية تكشف عن استعداد تل أبيب للقيام بعمل عسكري ما قريبا وفيما يمكن أن نطلق عليه خطة استباقية ينصح فهمي بفتح وتجهيز كافة الملفات وأوراق الضغط التي تملكها مصر في هذا الصدد والتي للأسف لم يتم استخدامها جيدا طوال سنوات طويلة.. وفي مقدمة هذه الملفات ملف الأسري والتعويضات التي يتعين علي إسرائيل تقديمها لاحتلالها سيناء وما ترتب عليه من استغلال لثرواتها.. إضافة إلي ملف سرقة إسرائيل للآثار المصرية وكذلك سرقتها للمياه الجوفية، وفوق هذا وذاك الملف المتعلق بقرية أم الرشراش التي قامت إسرائيل بإقامة ميناء إيلات الضخم عليها رغم أنها أرض مصرية.. هذه الملفات الخطيرة والهامة والمسكوت عنها يري أنه آن أوان إثارتها وفتحها ومواجهة إسرائيل بها.. ولا يزعجه كثيرا توقيت إثارة هذه الملفات الآن رغم ماتمر به مصر من ظروف صعبة ويؤكد أن هذا الاتجاه سيصب في صالح مصر وليس العكس لأن من شأنه مواجهة المخطط الإسرائيلي ووأده..
وفي رأيه أن فشل المخطط الإسرائيلي مرهون بوضع استراتيجية مصرية محكمة وأن تكون لمصر مشروعها الاستراتيجي الخاص.
وأولي الخطوات الصحيحة التي تصب في اتجاه إجهاض هذا المخطط يكون بالعمل علي الاحتقان السياسي الداخلي في مصر سواء فيما يتعلق بمشكلة الأقباط أو أهالي سيناء أو النوبة وغيرها من القضايا الشائكة.. ويحذر من أن نجاح تدويل مشكلة أقباط مصر سيكون بمثابة أول خطوة علي طريق إنجاح المخطط الإسرائيلي.
❊ في البداية سألته عن تفاصيل المخطط الإسرائيلي لتقسيم مصر ومتي بدأ إثارة هذا المخطط؟!
هو مخطط جديد قديم.. بدأ الحديث عن تقسيم مصر أو تجزئتها منذ عام 1091 من خلال العديد من البحوث والدراسات وتبعتها في سنوات 1291 وكذلك 0391 وأشهر من تناول هذه القضية لويس برنارد وكذلك موشيه يدلين وزئيف شيف وغيرهم من الأسماء المشهورة بدراساتها في هذا الصدد والخاص بتقسيم مصر لثلاث أو أربع دول الأولي في الشمال والثانية في الجنوب وثالثة قبطية ورابعة نوبية.
وتكرر إثارة هذا المخطط بعد ثورة 52 يناير وبدأ الحديث في إسرائيل عن كيفية تقسيم مصر وظهر موضوع الفتنة ليكشف جزءا من هذا المخطط.
وهنا يجب ألا نغفل أن مخطط التقسيم لايقتصر علي مصر وإنما يستهدف كل الدول العربية، فهناك مخطط لتقسيم العراق لثلاث دول وهو مايجري تنفيذه الآن علي قدم وساق، وكذلك تقسيم ليبيا لعدد من القبائل والممالك، فضلا عن مخطط يستهدف دول المغرب العربي من تونس وحتي موريتانيا، فضلا عن تقسيم اليمن ومن مظاهره عودة نشاط الحراك الجنوبي والحوثيين وما إلي ذلك. وفي هذا الصدد أيضا يأتي الحديث عن مخطط تقسيم مصر والذي بدت مؤشراته بخطة عودة إسرائيل لاحتلال سيناء والتي وضعها جنرال شهير في إسرائيل وهو رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والتي يطلق عليها خطة تقاسم الأراضي والتي تقضي بمبادلة جزء من سيناء ومنطقة غور الأردن بصحراء النقب التي لاقيمة لها.. هذا التوطين المتبادل الذي تنص عليه الخطة هو أحد ملامح مخطط التقسيم، وهناك أيضا خطة أخري وضعها أوزري آراك مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، الذي يساهم وغيره ممن يتبنون هذه الخطط في صنع القرار الإسرائيلي.
وفي هذا الصدد أيضا لايجب أن نغفل تصريح »عموس يدين« رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق »أمان« والذي أدلي به في لحظة صفاء نفس حين قال »نحن نخطط لضرب الاستقرار السياسي في مصر ونسعي لهدم هذا الاستقرار ولن نترك هذا البلد يمضي علي حاله« هذا التصريح الذي أدلي به قبل أسبوعين من قيام ثورة 52 يناير وللأسف تعامل الكثيرون مع هذا التصريح باعتباره »تخريف« لكن تأكد بعد ذلك لهم أنه ليس كذلك وعلي العكس تماما هو كلام حقيقي لم يطلقه صاحبه إلا بعد ما أخذ موافقة جهاز المخابرات الإسرائيلي كما أنه أطلقه قبل أيام من مغادرته موقعة كرئيس للمخابرات العسكرية وأراد به رد الهيبة لجهازه خاصة عندما أكد في تصريحه »انتظروا فسوف تجدون نتائج ما أقوله قريبا وهو ما حدث بالفعل.. بعد ما تكشفت لنا جميعا المخططات الإسرائيلية وظهر الجاسوس الإسرائيلي وتوالي اللعب الأمني والاستخبارات الإسرائيلية علي الساحة المصرية كما نراه اليوم.
جواسيس وعملاء
❊ بمناسبة الجاسوس هناك من يري علي الجانب الآخر ومنهم بنيامين بن اليعازر وزير الدفاع والصناعة الإسرائيلي الأسبق أن إثارة قضية هذا الجاسوس أقرب إلي لعبة هواة؟!
مصر تمارس مع إسرائيل مايمكن أن نطلق عليه المباراة الصفرية.. وهناك منْ هون من قضية الجواسيس التي يتم الإعلان عنها وهناك علي العكس .. من المؤكد أن أي لعبة سياسية مطروحة لها أكثر من جانب وإذا كان هناك جاسوس تم ضبطه فمن المؤكد أن هناك ألفا آخر مازالوا في الشارع المصري.. ودعينا نتحدث بشكل موضوعي بعدما اختلط الحابل بالنابل، اختلط الصحفي والمراسل بالجاسوس، وهنا أحب أن أشير إلي أن الفلسفة الإسرائيلية في هذا الموضوع تقوم علي أساس عدم الإعلان عما يسقط في أيديها من جواسيس علي عكس فلسفة الأجهزة الأمنية المصرية.. ولابد أيضا أن ننتبه أن التعامل مع هذه القضية مرتبط بالأجواء السياسية المحيطة وربما تشهد رفع حالة الإحباط في الشارع وتدخل فيها أيضا المواءمات السياسية.
❊ هل يمكن أن توضح لي أكثر موقفك في التعامل مع قضية الجاسوس الإسرائيلي إيلان هل تعتبره مجرد لعبة هواة أم أنه حقيقة؟!
أنا ضد التهوين أو التهويل.. ومن الأفضل أن نحكم المنطق في تفكيرنا وتعاملنا مع كافة القضايا، ويجب التأكيد هنا أن هناك ثوابت بصرف النظر عن مع أو ضد فيما يخص الإعلان عن هذا الجاسوس، أولي هذه الثوابت أن الظروف والأوضاع في مصر تسمح للعب أكثر من جهاز مخابرات فالساحة مفتوحة للجميع سواء أمام جهاز المخابرات الإسرائيلي أو الإيراني أوحتي أجهزة مخابرات الدول الصديقة فللأسف فإن مسرح العمليات مفتوح ومتسع لكل هذه الأجهزة وبالتالي ليس من المهم هنا مناقشة هل إيلان جاسوس أم لا.. لكن المهم هو البحث عن كيفية حماية أمننا القومي وكيفية تعليم المواطن البسيط أن يميز بين الجاسوس والصحفي لكن بدون أن نقع في دائرة التعميم الخاطئ بأن كل المراسلين عملاء وأن كل من يتعامل مع أجهزة الإعلام جواسيس.
❊ هل يمكن أن تكشف لنا مزيدا عما يدور في العقلية الإسرائيلية الاستخباراتية في التعامل مع مصر الآن؟
إسرائيل تريد أن تبقي مصر منكفئة علي ذاتها لحين ترتيب تل أبيب لأوضاعها الجديدة في التعامل مع مصر مابعد 52 يناير وعلي الجانب الآخر من المؤكد أن إسرائيل تعد الآن لمواجهة عسكرية واستراتيجية وأنا ممن يراهنون علي أنها ترتب لعمل عسكري كبير يتم تنفيذه خلال أشهر.
❊ربما يتفق هذا الطرح مع تسريبات عن مخطط آخر لاحتلال إسرائيل لسيناء؟
دخول إسرائيل لسيناء من عدمه يعد من وجهة نظري مسألة وقت.. ويكفي الإشارة هنا إلي أن إسرائيل تجري الآن أضخم مناورة في تاريخها يطلق عليها نقطة »تحول 5« للكشف عن مسارح العمل العسكري وهو مالا يجب أن نغفله ويجب كذلك ألا نتعامل مع التصريحات الخاصة بالمخططات الإسرائيلية لتقسيم مصر علي أنها تصريحات عادية بل يجب التوقف عندها ولايجب أن نمر عليها مرور الكرام، فلا بد من وضع الاستراتيجيات المضادة لهذه المخططات خاصة فيما يتعلق بسيناء.. وعلي الجانب الآخر لابد من فتح كافة الملفات خاصة ملف كامب ديفيد.. ويجب أن نتنبه أن الاتجاه في إسرائيل الآن يتجه إلي عقد اتفاقية جديدة لتسد ما تعتبره هي نفسها ثغرات في الاتفاقية.. خاصة فيما يتعلق بالنقطتين (ج) و (د) والمعروف أن النقطة (ج) تضم قوات متعددة الجنسيات وعتادا عسكريا أما النقطة (د) فبها قوات إسرائيلية تصل إلي 4 آلاف جندي.
وإسرائيل تخطط فيما تطلق عليه تطويق مصر أو خنق مصر أو تركيع مصر وتريدها أن تنكفئ علي ذاتها ولا تتحول إلي قوة مواجهة ومن ثم تفعل كل مايحول دون أن تصبح لمصر قوة حقيقية.
❊ ماهي خطة المواجهة المقترحة لإجهاض هذا المخطط؟
يجب أن تكون لدينا استراتيجية مباشرة ورؤية متكاملة، خاصة فيما يتعلق بحجم الانتشار المصري في المناطق أ،ب،ج،د، لا يمكن أن نترك سيناء في فراغ أمني تضيع بين قري سياحية ورجال أعمال فاسدين، يجب إعادة النظر في وضع سيناء بالكامل، ويجب التنبه إلي أن الفراغ السكاني الكبير يسهل لإسرائيل الاختراق والمرور وما إلي ذلك.
أعتقد أنه آن الأوان لفتح جميع الملفات الخطيرة والهامة والمسكوت عنها لسنوات طويلة.
ملفات شائكة
❊ وهل تري أن التوقيت مناسب لإثارة مثل هذه الملفات الشائكة؟
عندما تولي وزير الخارجية السابق نبيل العربي منصبه طرح علينا مثل هذا التساؤل وكان في تقديرنا أن التوقيت يصب في مصلحة مصر.. وأنه من الضروري فتح ملفات الأسري المصريين الذين اغتالتهم إسرائيل بوحشية وهمجية وكذلك من المهم أن يتم فتح ملف قرية أم الرشراش التي أقامت عليها إسرائيل ميناء إيلات الضخم متجاهلة أنها أرض مصرية، وكذلك ملف سرقة المياه الجوفية المصرية والآثار إلي جانب ملف التعويضات المطلوبة من إسرائيل عن احتلالها لسيناء كل هذه الملفات لابد من فتحها وآن الأوان أن تقوم مصر بتصدير كل هذه المشكلات لإسرائيل لكي تدرك أن مصر مابعد الثورة مختلفة عما قبلها.
❊ وماذا عن ملف تصدير الغاز لإسرائيل؟
مع التسليم بأهمية هذه القضية لكن من غير المفيد التركيز عليها فقط وإهمال الملفات الأخري، وما دمنا أثرنا هذا الملف دعيني أكشف لك عما هو أخطر فيما يتعلق بقضية الغاز وهو قضية ترسيم الحدود الاقتصادية المصرية الإسرائيلية مع إسرائيل، فحتي هذه اللحظة لم يتم ترسيم الحدود، بالرغم أن قانون البحار يعطي لكل دولة الحق في المياه الإقليمية حتي 02 ميلا في منطقة أعالي البحار، إلا أن إسرائيل اتجهت بعد إثارة قضية تصدير الغاز المصري لها للبحث عن بديل فلجأت إلي بئرين إحداهما بئر ثمارا والاخر كوفالا وبدأوا في الحصول علي الغاز الطبيعي منهما وهاتان البئران تقعان في منطقة لم تحدد ما إذا كانت تتبع مصر أم قبرص أم سوريا أم لبنان وفي محاولة للالتفاف أسرعت إسرائيل بتوقيع معاهدة مع القبارصة تحسبا أن تكون البئران تابعتين لها، ومع ذلك يظل هناك احتمال أن تكونا تابعتين لمصر أو لسوريا أو لبنان وهنا لابد من إثارة قضية ترسيم الحدود الاقتصادية حتي نغلق الباب أمام الاستغلال الإسرائيلي لغاز لا تملكه وتعوم في خيرات بحيرة من الغاز لا تستحقها يجب إثارة مثل هذه القضايا وأنا ضد القول أنها قضية وقت فهذه النغمة لابد أن تنتهي وفقدت معناها ولابد لنا من إعادة ترتيب أولوياتنا وفقا لما تمليه مصالحنا.
❊هذه الملفات المسكوت عنها تري ماهو السبب في ذلك هل يمكن القول بأن النظام السابق كان متواطئا مع الجانب الإسرائيلي في هذه الملفات؟
لا نريد أن نقول تواطؤا وإنما يمكن تسميته تنازلا أو خنوعا أو عدم إدراك أو غياب الحنكة السياسية أو افتقاد الخبرة..أو بمعني آخر كان يحكمنا أشباه مفكرين وأنصاف مناضلين سياسيين.
❊تجنبك لوصف ماحدث بأنه تواطؤ لم يمنع في اعتبارك مايحدث كارثة؟
في هذا الصدد أيضا أحب أن أذكر هنا أن اتفاق ممر صلاح الدين الذي تم وضع فيه قوات مصرية إسرائيلية هذا الاتفاق لم يتم مناقشته في مجلس الشعب وتجنبت الحكومة المصرية ذلك وتحايلت بعمل بروتوكول مع إسرائيل ، وهو مايعد كارثة أخري ويكفي القول هنا أن هذا الاتفاق تم مناقشته في الكنيست في ست جلسات لما له من أهمية ولم يتم الموافقة عليه إلا بعد تأييد الكنيست وعلي العكس تماما تحايلت الحكومة لعدم إدراجه في جلسات مجلس الشعب عام 5002 خشية رفضه.
هذا الملف أيضا لابد من إعادة طرحه ومواجهة إسرائيل به فهو يدخل ضمن الملفات الخطيرة المسكوت عنها.
❊ إلي أي مدي تتوقع نجاح إسرائيل في تنفيذ مخططاتها الكارثية؟
في تقديري أنها لن تنجح في أي مخطط إذا ما أحسنت مصر قراءة المشهد ونجحت في وضع السيناريوهات والاستراتيجيات والرؤي التي تحقق مصالحها.
❊ لكن ألا تعتقد أن في جعبة إسرائيل مازالت هناك مخططات بديلة؟
بالطبع فجعبتها لا تخلو من هذه البدائل، ومن ثم يجب علي الدولة المصرية التي تستخدم كل مالديها من مصادر قوي ناعمة وكافة الأساليب لإعادة رسم العلاقات المصرية الاسرائيلية لما يحقق مصالحنا.
سيناريوهات الأزمة
❊ وفي تقديرك ماهو السيناريو الأسوأ الذي يمكن أن يحدث في حالة إغفال مصر وتداركها لملفاتها الساخنة المنسية؟
الأسوأ أن يعاد النظر في اتفاقية السلام، وألا تلتزم إسرائيل بما تطلبه مصر وتصل لحالة اللاسلم واللاحرب، أو أن تقوم مصر أو إسرائيل بسحب القوات متعددة الجنسيات دون إخطار الأمم المتحدة وتضع المنطقة في فراغ أمني أو إستراتيجي، أو ترفض إسرائيل تعديل اتفاقية الغاز وتتعرض الأنابيب مرة أخري لعمل تخريبي جديد.
وأيضا أن تصدر مصر قرارا بوقف ضخ الغاز إلي إسرائيل أو أن تتجه مصر للمطالبة بحقوقها الضائعة فيما يتعلق بقضية الأسري أو غيرها من الملفات الشائكة مثل ملف أم الرشراش وترد إسرائيل علي ذلك باعتبار هذه القضايا غير قابلة للنقاش، وإن كنا لانغفل أيضا إمكانية تدخل الولايات المتحدة في تعديل مسار العلاقات بين البلدين خاصة فيما يتعلق بكامب ديفيد من خلال تصويب مسارها أو إضافة بنود أو ما إلي ذلك.
❊وماذا عن السيناريو الآخر؟
السيناريو الآخر هو أن ترفض المؤسسة العسكرية مناقشة العلاقات المصرية الإسرائيلية وهنا لا يصبح علي الدولة المصرية سوي طريقين إما الصدام المباشر وهو أمر غير متوقع فمصر لن تبادر بعمل عسكري أو استراتيجي إلا إذا أجبرت علي ذلك ، أو البديل الآخر فهو أن تلجأ مصر للمجتمع الدولي في محاولة لإعادة جوهر العلاقات المشتركة لمساره الطبيعي.
❊ وأي السيناريوهات ترجح؟
أرجح سيناريو التصعيد ، وأعتقد أنها لن تنصت لمصر، وهناك شواهد عديدة تدفعني لذلك أهمها هذه المناورة الضخمة التي سبق أن أشرت إليها والتي تكشف عن استعداد إسرائيل لشن عمل عسكري ضخم ربما لايكون ضد مصر وإن كان من المؤكد أنه يهدف إلي عملية تسخين علي كل الجبهات سواء في مواجهة حزب الله أو غزة في محاولة لخلط الأوراق جميعا.
الأمر الثاني الذي يجعلني أميل لترجيح كفة التصعيد هو وجود نخبة عسكرية إسرائيلية تولت القيادة منذ ثلاثة شهور أبرزهم رئيس جهاز المخابرات ورئيس جهاز المخابرات العسكرية وعدد من القادة العسكريين تضم أكثر من 24 قائدا عسكريا كل هذه النخبة تتجه إلي إعادة الهيبة لإسرائيل وتنظيم مصالحها وربما يكون من المرجح القيام بعمل عسكري، ومن ثم تصبح من السذاجة ألا نتعامل مع هذه التحركات علي أنها أمر طبيعي وألا تدفعنا للتيقن أن إسرائيل في اتجاهها لشن عملية عسكرية.
❊ مع تقديري لوجهة نظرك إلا أن هناك وجهة نظر أخري تجعلنا نتعامل مع هذه المخططات الإسرائيلية المعلن عنها باعتبارها فزاعة يطلقها البعض هنا لتمرير قرارات ما؟
أرفض وجهة النظر هذه.. وفي تقديري أن أي نظام حكم مصر قادم سواء تزعمه الإخوان أو أي تيار ليبرالي أو قومي سوف يعيد النظر في العلاقة المصرية الإسرائيلية حتي تصبح علاقة ندية وليست مجرد علاقات طبيعية فمصر الثورة لابد أن تطرح رؤيتها الجديدة، كما أنه عليها أن تطرح نموذجها الخاص، فهناك المشروع التركي والإيراني والإسرائيلي، ومن غير المقبول ألا تمتلك مصر بكل ثقلها لمثل هذا المشروع الخاص. أعتقد أنه آن الأوان لتحقيق ذلك.. ومن المؤكد أن مصر الثورة لن تغفل ذلك.
❊ لكن هل من الممكن التعامل مع هذه المخططات التي تطلقها إسرائيل علي أنها مجرد بالون اختبار يقيس ردود الأفعال المصرية عليها؟
لا أري أن هناك فارقا بين اعتبار هذه المخططات بالون اختبار أو اعتبارها مخططات حقيقية فالأمران لا يتناقضان بل يتكاملان، فهناك أساليب تكتيكية إسرائيلية عديدة لاختبار نوايا الطرف المصري، ويجب ألا نغفل أيضا هنا اتجاه اسرائيل لزيادة الموازنة الخاصة بجهاز الدفاع إلي 052 مليون شيكل مع العمل علي إعادة هيكلته وتسليحه لتؤكد مرة أخري أنها جيش له دولة وليست دولة ولها جيش.
وعلي الجانب الآخر لابد من أن اسرائيل لاتكف عن اختبار وجس نبض الجانب الآخر.
❊ طالب الدكتور البرادعي بمزيد من الشفافية فيما أعلنه المجلس العسكري عن وجود مخطط إسرائيلي لتقسيم مصر.. ماهو تعليقك؟!
يعني إيه شفافية مع تقديري واحترامي للدكتور البرادعي فالقضية ليست في حاجة لمزيد من التفاصيل وإنما تكشف عن وجود مخاطر حقيقية ومن المهم رصد هذه المخاطر والتعامل معها.
❊هل تري أن مايحدث يترجم نظرية الفوضي الخلاقة؟
لا ولكن لايمكن أن ننكر أن هناك أيادي كثيرة تعبث في مصر وكذلك في الوطن العربي كله، البعض يفسر مايحدث بظاهرة التأثير والتأثر، ولكن من الممكن أن ننظر إلي مايحدث بشكل إيجابي ونري أن مايحدث هو نتيجة للشعور بالقومية العربية التي كانت حاضرة وبقوة وأن أي مزايدة علي هذا الفكر القومي العربي لامعني له ومهما امتدت الأيادي لتعبث بهذا الشعور وتؤيده فإن مصيرها الفشل.
❊ ماهو المطلوب أن نفعله لإجهاض كافة المخططات الإسرائيلية التي تستهدفنا وفي مقدمتها مخطط التقسيم؟
لابد أن يتوفر لدينا الإدراك الكامل لهذه المخططات وأن نعمل علي مواجهتها من خلال تفكيك الأزمة الداخلية والاحتقان الداخلي، المهم أن نسرع بنزع فتيل هذه الأزمات، ويمكن أن نعمل علي تشكيل هيئة وطنية مستقلة تطلق عليها المجموعة الوطنية لمواجهة الأزمات تكون مهمتها استقراء الأزمات ووضع تصور لحلها، وفي مقدمة هذه الأزمات قضية الأقباط وقضية النوبيين وأهالي سيناء وأهالي الصعيد وغيرهم.
لهذا هو الحل الأمثل لمواجهة أي تدخل أجنبي، خاصة من قبل الولايات المتحدة، وهنا أحب أن أؤكد علي أهمية رفض تقديم المعونات تحت ستار تعليم ونشر الديمقراطية لأنها الباب الخلفي للتدخل في الشأن المصري. وكذلك لابد من وضع ضوابط لإدارة وممارسة العمل السياسي وعدم إعطاء أي طرف أجنبي فرصة العبث بهذا البلد.
ومن المهم أيضاً إدراك أهمية نزع فتيل الأزمات الداخلية خاصة فيما يتعلق بقضية الأقباط لأنه في حالة ما إذا اتجه أقباط المهجر لتدويلها فهذا معناه أن أول مسمار في مشروع ومخطط التقسيم قد دق بالفعل إذا ذهب أقباط المهجر وطلبوا الحماية الدولية ستكون بداية تنفيذ هذا المخطط.
❊ إلي أي مدي يمكن أن تتوقع نجاح أو فشل هذا المخطط الإسرائيلي؟
الأمر يتوقف علي تعاملنا مع كافة الملفات التي أشرت إليها لكني أخشي أن يتم التعامل مع بعض القضايا بنوع من السذاجة فيقودنا هذا التصرف إلي مالا تحمد عقباه.. عموما فالأمر مرهون بإرادتنا وقدرتنا ونجاحنا في استخدام كل أوراق الضغط الممكنة وليس من المستحيل علينا إجهاض هذا المخطط إذا ماتوفرت الإرادة لذلك.
❊ في البداية سألته عن تفاصيل المخطط الإسرائيلي لتقسيم مصر ومتي بدأ إثارة هذا المخطط؟!
هو مخطط جديد قديم.. بدأ الحديث عن تقسيم مصر أو تجزئتها منذ عام 1091 من خلال العديد من البحوث والدراسات وتبعتها في سنوات 1291 وكذلك 0391 وأشهر من تناول هذه القضية لويس برنارد وكذلك موشيه يدلين وزئيف شيف وغيرهم من الأسماء المشهورة بدراساتها في هذا الصدد والخاص بتقسيم مصر لثلاث أو أربع دول الأولي في الشمال والثانية في الجنوب وثالثة قبطية ورابعة نوبية.
وتكرر إثارة هذا المخطط بعد ثورة 52 يناير وبدأ الحديث في إسرائيل عن كيفية تقسيم مصر وظهر موضوع الفتنة ليكشف جزءا من هذا المخطط.
وهنا يجب ألا نغفل أن مخطط التقسيم لايقتصر علي مصر وإنما يستهدف كل الدول العربية، فهناك مخطط لتقسيم العراق لثلاث دول وهو مايجري تنفيذه الآن علي قدم وساق، وكذلك تقسيم ليبيا لعدد من القبائل والممالك، فضلا عن مخطط يستهدف دول المغرب العربي من تونس وحتي موريتانيا، فضلا عن تقسيم اليمن ومن مظاهره عودة نشاط الحراك الجنوبي والحوثيين وما إلي ذلك. وفي هذا الصدد أيضا يأتي الحديث عن مخطط تقسيم مصر والذي بدت مؤشراته بخطة عودة إسرائيل لاحتلال سيناء والتي وضعها جنرال شهير في إسرائيل وهو رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والتي يطلق عليها خطة تقاسم الأراضي والتي تقضي بمبادلة جزء من سيناء ومنطقة غور الأردن بصحراء النقب التي لاقيمة لها.. هذا التوطين المتبادل الذي تنص عليه الخطة هو أحد ملامح مخطط التقسيم، وهناك أيضا خطة أخري وضعها أوزري آراك مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، الذي يساهم وغيره ممن يتبنون هذه الخطط في صنع القرار الإسرائيلي.
وفي هذا الصدد أيضا لايجب أن نغفل تصريح »عموس يدين« رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق »أمان« والذي أدلي به في لحظة صفاء نفس حين قال »نحن نخطط لضرب الاستقرار السياسي في مصر ونسعي لهدم هذا الاستقرار ولن نترك هذا البلد يمضي علي حاله« هذا التصريح الذي أدلي به قبل أسبوعين من قيام ثورة 52 يناير وللأسف تعامل الكثيرون مع هذا التصريح باعتباره »تخريف« لكن تأكد بعد ذلك لهم أنه ليس كذلك وعلي العكس تماما هو كلام حقيقي لم يطلقه صاحبه إلا بعد ما أخذ موافقة جهاز المخابرات الإسرائيلي كما أنه أطلقه قبل أيام من مغادرته موقعة كرئيس للمخابرات العسكرية وأراد به رد الهيبة لجهازه خاصة عندما أكد في تصريحه »انتظروا فسوف تجدون نتائج ما أقوله قريبا وهو ما حدث بالفعل.. بعد ما تكشفت لنا جميعا المخططات الإسرائيلية وظهر الجاسوس الإسرائيلي وتوالي اللعب الأمني والاستخبارات الإسرائيلية علي الساحة المصرية كما نراه اليوم.
جواسيس وعملاء
❊ بمناسبة الجاسوس هناك من يري علي الجانب الآخر ومنهم بنيامين بن اليعازر وزير الدفاع والصناعة الإسرائيلي الأسبق أن إثارة قضية هذا الجاسوس أقرب إلي لعبة هواة؟!
مصر تمارس مع إسرائيل مايمكن أن نطلق عليه المباراة الصفرية.. وهناك منْ هون من قضية الجواسيس التي يتم الإعلان عنها وهناك علي العكس .. من المؤكد أن أي لعبة سياسية مطروحة لها أكثر من جانب وإذا كان هناك جاسوس تم ضبطه فمن المؤكد أن هناك ألفا آخر مازالوا في الشارع المصري.. ودعينا نتحدث بشكل موضوعي بعدما اختلط الحابل بالنابل، اختلط الصحفي والمراسل بالجاسوس، وهنا أحب أن أشير إلي أن الفلسفة الإسرائيلية في هذا الموضوع تقوم علي أساس عدم الإعلان عما يسقط في أيديها من جواسيس علي عكس فلسفة الأجهزة الأمنية المصرية.. ولابد أيضا أن ننتبه أن التعامل مع هذه القضية مرتبط بالأجواء السياسية المحيطة وربما تشهد رفع حالة الإحباط في الشارع وتدخل فيها أيضا المواءمات السياسية.
❊ هل يمكن أن توضح لي أكثر موقفك في التعامل مع قضية الجاسوس الإسرائيلي إيلان هل تعتبره مجرد لعبة هواة أم أنه حقيقة؟!
أنا ضد التهوين أو التهويل.. ومن الأفضل أن نحكم المنطق في تفكيرنا وتعاملنا مع كافة القضايا، ويجب التأكيد هنا أن هناك ثوابت بصرف النظر عن مع أو ضد فيما يخص الإعلان عن هذا الجاسوس، أولي هذه الثوابت أن الظروف والأوضاع في مصر تسمح للعب أكثر من جهاز مخابرات فالساحة مفتوحة للجميع سواء أمام جهاز المخابرات الإسرائيلي أو الإيراني أوحتي أجهزة مخابرات الدول الصديقة فللأسف فإن مسرح العمليات مفتوح ومتسع لكل هذه الأجهزة وبالتالي ليس من المهم هنا مناقشة هل إيلان جاسوس أم لا.. لكن المهم هو البحث عن كيفية حماية أمننا القومي وكيفية تعليم المواطن البسيط أن يميز بين الجاسوس والصحفي لكن بدون أن نقع في دائرة التعميم الخاطئ بأن كل المراسلين عملاء وأن كل من يتعامل مع أجهزة الإعلام جواسيس.
❊ هل يمكن أن تكشف لنا مزيدا عما يدور في العقلية الإسرائيلية الاستخباراتية في التعامل مع مصر الآن؟
إسرائيل تريد أن تبقي مصر منكفئة علي ذاتها لحين ترتيب تل أبيب لأوضاعها الجديدة في التعامل مع مصر مابعد 52 يناير وعلي الجانب الآخر من المؤكد أن إسرائيل تعد الآن لمواجهة عسكرية واستراتيجية وأنا ممن يراهنون علي أنها ترتب لعمل عسكري كبير يتم تنفيذه خلال أشهر.
❊ربما يتفق هذا الطرح مع تسريبات عن مخطط آخر لاحتلال إسرائيل لسيناء؟
دخول إسرائيل لسيناء من عدمه يعد من وجهة نظري مسألة وقت.. ويكفي الإشارة هنا إلي أن إسرائيل تجري الآن أضخم مناورة في تاريخها يطلق عليها نقطة »تحول 5« للكشف عن مسارح العمل العسكري وهو مالا يجب أن نغفله ويجب كذلك ألا نتعامل مع التصريحات الخاصة بالمخططات الإسرائيلية لتقسيم مصر علي أنها تصريحات عادية بل يجب التوقف عندها ولايجب أن نمر عليها مرور الكرام، فلا بد من وضع الاستراتيجيات المضادة لهذه المخططات خاصة فيما يتعلق بسيناء.. وعلي الجانب الآخر لابد من فتح كافة الملفات خاصة ملف كامب ديفيد.. ويجب أن نتنبه أن الاتجاه في إسرائيل الآن يتجه إلي عقد اتفاقية جديدة لتسد ما تعتبره هي نفسها ثغرات في الاتفاقية.. خاصة فيما يتعلق بالنقطتين (ج) و (د) والمعروف أن النقطة (ج) تضم قوات متعددة الجنسيات وعتادا عسكريا أما النقطة (د) فبها قوات إسرائيلية تصل إلي 4 آلاف جندي.
وإسرائيل تخطط فيما تطلق عليه تطويق مصر أو خنق مصر أو تركيع مصر وتريدها أن تنكفئ علي ذاتها ولا تتحول إلي قوة مواجهة ومن ثم تفعل كل مايحول دون أن تصبح لمصر قوة حقيقية.
❊ ماهي خطة المواجهة المقترحة لإجهاض هذا المخطط؟
يجب أن تكون لدينا استراتيجية مباشرة ورؤية متكاملة، خاصة فيما يتعلق بحجم الانتشار المصري في المناطق أ،ب،ج،د، لا يمكن أن نترك سيناء في فراغ أمني تضيع بين قري سياحية ورجال أعمال فاسدين، يجب إعادة النظر في وضع سيناء بالكامل، ويجب التنبه إلي أن الفراغ السكاني الكبير يسهل لإسرائيل الاختراق والمرور وما إلي ذلك.
أعتقد أنه آن الأوان لفتح جميع الملفات الخطيرة والهامة والمسكوت عنها لسنوات طويلة.
ملفات شائكة
❊ وهل تري أن التوقيت مناسب لإثارة مثل هذه الملفات الشائكة؟
عندما تولي وزير الخارجية السابق نبيل العربي منصبه طرح علينا مثل هذا التساؤل وكان في تقديرنا أن التوقيت يصب في مصلحة مصر.. وأنه من الضروري فتح ملفات الأسري المصريين الذين اغتالتهم إسرائيل بوحشية وهمجية وكذلك من المهم أن يتم فتح ملف قرية أم الرشراش التي أقامت عليها إسرائيل ميناء إيلات الضخم متجاهلة أنها أرض مصرية، وكذلك ملف سرقة المياه الجوفية المصرية والآثار إلي جانب ملف التعويضات المطلوبة من إسرائيل عن احتلالها لسيناء كل هذه الملفات لابد من فتحها وآن الأوان أن تقوم مصر بتصدير كل هذه المشكلات لإسرائيل لكي تدرك أن مصر مابعد الثورة مختلفة عما قبلها.
❊ وماذا عن ملف تصدير الغاز لإسرائيل؟
مع التسليم بأهمية هذه القضية لكن من غير المفيد التركيز عليها فقط وإهمال الملفات الأخري، وما دمنا أثرنا هذا الملف دعيني أكشف لك عما هو أخطر فيما يتعلق بقضية الغاز وهو قضية ترسيم الحدود الاقتصادية المصرية الإسرائيلية مع إسرائيل، فحتي هذه اللحظة لم يتم ترسيم الحدود، بالرغم أن قانون البحار يعطي لكل دولة الحق في المياه الإقليمية حتي 02 ميلا في منطقة أعالي البحار، إلا أن إسرائيل اتجهت بعد إثارة قضية تصدير الغاز المصري لها للبحث عن بديل فلجأت إلي بئرين إحداهما بئر ثمارا والاخر كوفالا وبدأوا في الحصول علي الغاز الطبيعي منهما وهاتان البئران تقعان في منطقة لم تحدد ما إذا كانت تتبع مصر أم قبرص أم سوريا أم لبنان وفي محاولة للالتفاف أسرعت إسرائيل بتوقيع معاهدة مع القبارصة تحسبا أن تكون البئران تابعتين لها، ومع ذلك يظل هناك احتمال أن تكونا تابعتين لمصر أو لسوريا أو لبنان وهنا لابد من إثارة قضية ترسيم الحدود الاقتصادية حتي نغلق الباب أمام الاستغلال الإسرائيلي لغاز لا تملكه وتعوم في خيرات بحيرة من الغاز لا تستحقها يجب إثارة مثل هذه القضايا وأنا ضد القول أنها قضية وقت فهذه النغمة لابد أن تنتهي وفقدت معناها ولابد لنا من إعادة ترتيب أولوياتنا وفقا لما تمليه مصالحنا.
❊هذه الملفات المسكوت عنها تري ماهو السبب في ذلك هل يمكن القول بأن النظام السابق كان متواطئا مع الجانب الإسرائيلي في هذه الملفات؟
لا نريد أن نقول تواطؤا وإنما يمكن تسميته تنازلا أو خنوعا أو عدم إدراك أو غياب الحنكة السياسية أو افتقاد الخبرة..أو بمعني آخر كان يحكمنا أشباه مفكرين وأنصاف مناضلين سياسيين.
❊تجنبك لوصف ماحدث بأنه تواطؤ لم يمنع في اعتبارك مايحدث كارثة؟
في هذا الصدد أيضا أحب أن أذكر هنا أن اتفاق ممر صلاح الدين الذي تم وضع فيه قوات مصرية إسرائيلية هذا الاتفاق لم يتم مناقشته في مجلس الشعب وتجنبت الحكومة المصرية ذلك وتحايلت بعمل بروتوكول مع إسرائيل ، وهو مايعد كارثة أخري ويكفي القول هنا أن هذا الاتفاق تم مناقشته في الكنيست في ست جلسات لما له من أهمية ولم يتم الموافقة عليه إلا بعد تأييد الكنيست وعلي العكس تماما تحايلت الحكومة لعدم إدراجه في جلسات مجلس الشعب عام 5002 خشية رفضه.
هذا الملف أيضا لابد من إعادة طرحه ومواجهة إسرائيل به فهو يدخل ضمن الملفات الخطيرة المسكوت عنها.
❊ إلي أي مدي تتوقع نجاح إسرائيل في تنفيذ مخططاتها الكارثية؟
في تقديري أنها لن تنجح في أي مخطط إذا ما أحسنت مصر قراءة المشهد ونجحت في وضع السيناريوهات والاستراتيجيات والرؤي التي تحقق مصالحها.
❊ لكن ألا تعتقد أن في جعبة إسرائيل مازالت هناك مخططات بديلة؟
بالطبع فجعبتها لا تخلو من هذه البدائل، ومن ثم يجب علي الدولة المصرية التي تستخدم كل مالديها من مصادر قوي ناعمة وكافة الأساليب لإعادة رسم العلاقات المصرية الاسرائيلية لما يحقق مصالحنا.
سيناريوهات الأزمة
❊ وفي تقديرك ماهو السيناريو الأسوأ الذي يمكن أن يحدث في حالة إغفال مصر وتداركها لملفاتها الساخنة المنسية؟
الأسوأ أن يعاد النظر في اتفاقية السلام، وألا تلتزم إسرائيل بما تطلبه مصر وتصل لحالة اللاسلم واللاحرب، أو أن تقوم مصر أو إسرائيل بسحب القوات متعددة الجنسيات دون إخطار الأمم المتحدة وتضع المنطقة في فراغ أمني أو إستراتيجي، أو ترفض إسرائيل تعديل اتفاقية الغاز وتتعرض الأنابيب مرة أخري لعمل تخريبي جديد.
وأيضا أن تصدر مصر قرارا بوقف ضخ الغاز إلي إسرائيل أو أن تتجه مصر للمطالبة بحقوقها الضائعة فيما يتعلق بقضية الأسري أو غيرها من الملفات الشائكة مثل ملف أم الرشراش وترد إسرائيل علي ذلك باعتبار هذه القضايا غير قابلة للنقاش، وإن كنا لانغفل أيضا إمكانية تدخل الولايات المتحدة في تعديل مسار العلاقات بين البلدين خاصة فيما يتعلق بكامب ديفيد من خلال تصويب مسارها أو إضافة بنود أو ما إلي ذلك.
❊وماذا عن السيناريو الآخر؟
السيناريو الآخر هو أن ترفض المؤسسة العسكرية مناقشة العلاقات المصرية الإسرائيلية وهنا لا يصبح علي الدولة المصرية سوي طريقين إما الصدام المباشر وهو أمر غير متوقع فمصر لن تبادر بعمل عسكري أو استراتيجي إلا إذا أجبرت علي ذلك ، أو البديل الآخر فهو أن تلجأ مصر للمجتمع الدولي في محاولة لإعادة جوهر العلاقات المشتركة لمساره الطبيعي.
❊ وأي السيناريوهات ترجح؟
أرجح سيناريو التصعيد ، وأعتقد أنها لن تنصت لمصر، وهناك شواهد عديدة تدفعني لذلك أهمها هذه المناورة الضخمة التي سبق أن أشرت إليها والتي تكشف عن استعداد إسرائيل لشن عمل عسكري ضخم ربما لايكون ضد مصر وإن كان من المؤكد أنه يهدف إلي عملية تسخين علي كل الجبهات سواء في مواجهة حزب الله أو غزة في محاولة لخلط الأوراق جميعا.
الأمر الثاني الذي يجعلني أميل لترجيح كفة التصعيد هو وجود نخبة عسكرية إسرائيلية تولت القيادة منذ ثلاثة شهور أبرزهم رئيس جهاز المخابرات ورئيس جهاز المخابرات العسكرية وعدد من القادة العسكريين تضم أكثر من 24 قائدا عسكريا كل هذه النخبة تتجه إلي إعادة الهيبة لإسرائيل وتنظيم مصالحها وربما يكون من المرجح القيام بعمل عسكري، ومن ثم تصبح من السذاجة ألا نتعامل مع هذه التحركات علي أنها أمر طبيعي وألا تدفعنا للتيقن أن إسرائيل في اتجاهها لشن عملية عسكرية.
❊ مع تقديري لوجهة نظرك إلا أن هناك وجهة نظر أخري تجعلنا نتعامل مع هذه المخططات الإسرائيلية المعلن عنها باعتبارها فزاعة يطلقها البعض هنا لتمرير قرارات ما؟
أرفض وجهة النظر هذه.. وفي تقديري أن أي نظام حكم مصر قادم سواء تزعمه الإخوان أو أي تيار ليبرالي أو قومي سوف يعيد النظر في العلاقة المصرية الإسرائيلية حتي تصبح علاقة ندية وليست مجرد علاقات طبيعية فمصر الثورة لابد أن تطرح رؤيتها الجديدة، كما أنه عليها أن تطرح نموذجها الخاص، فهناك المشروع التركي والإيراني والإسرائيلي، ومن غير المقبول ألا تمتلك مصر بكل ثقلها لمثل هذا المشروع الخاص. أعتقد أنه آن الأوان لتحقيق ذلك.. ومن المؤكد أن مصر الثورة لن تغفل ذلك.
❊ لكن هل من الممكن التعامل مع هذه المخططات التي تطلقها إسرائيل علي أنها مجرد بالون اختبار يقيس ردود الأفعال المصرية عليها؟
لا أري أن هناك فارقا بين اعتبار هذه المخططات بالون اختبار أو اعتبارها مخططات حقيقية فالأمران لا يتناقضان بل يتكاملان، فهناك أساليب تكتيكية إسرائيلية عديدة لاختبار نوايا الطرف المصري، ويجب ألا نغفل أيضا هنا اتجاه اسرائيل لزيادة الموازنة الخاصة بجهاز الدفاع إلي 052 مليون شيكل مع العمل علي إعادة هيكلته وتسليحه لتؤكد مرة أخري أنها جيش له دولة وليست دولة ولها جيش.
وعلي الجانب الآخر لابد من أن اسرائيل لاتكف عن اختبار وجس نبض الجانب الآخر.
❊ طالب الدكتور البرادعي بمزيد من الشفافية فيما أعلنه المجلس العسكري عن وجود مخطط إسرائيلي لتقسيم مصر.. ماهو تعليقك؟!
يعني إيه شفافية مع تقديري واحترامي للدكتور البرادعي فالقضية ليست في حاجة لمزيد من التفاصيل وإنما تكشف عن وجود مخاطر حقيقية ومن المهم رصد هذه المخاطر والتعامل معها.
❊هل تري أن مايحدث يترجم نظرية الفوضي الخلاقة؟
لا ولكن لايمكن أن ننكر أن هناك أيادي كثيرة تعبث في مصر وكذلك في الوطن العربي كله، البعض يفسر مايحدث بظاهرة التأثير والتأثر، ولكن من الممكن أن ننظر إلي مايحدث بشكل إيجابي ونري أن مايحدث هو نتيجة للشعور بالقومية العربية التي كانت حاضرة وبقوة وأن أي مزايدة علي هذا الفكر القومي العربي لامعني له ومهما امتدت الأيادي لتعبث بهذا الشعور وتؤيده فإن مصيرها الفشل.
❊ ماهو المطلوب أن نفعله لإجهاض كافة المخططات الإسرائيلية التي تستهدفنا وفي مقدمتها مخطط التقسيم؟
لابد أن يتوفر لدينا الإدراك الكامل لهذه المخططات وأن نعمل علي مواجهتها من خلال تفكيك الأزمة الداخلية والاحتقان الداخلي، المهم أن نسرع بنزع فتيل هذه الأزمات، ويمكن أن نعمل علي تشكيل هيئة وطنية مستقلة تطلق عليها المجموعة الوطنية لمواجهة الأزمات تكون مهمتها استقراء الأزمات ووضع تصور لحلها، وفي مقدمة هذه الأزمات قضية الأقباط وقضية النوبيين وأهالي سيناء وأهالي الصعيد وغيرهم.
لهذا هو الحل الأمثل لمواجهة أي تدخل أجنبي، خاصة من قبل الولايات المتحدة، وهنا أحب أن أؤكد علي أهمية رفض تقديم المعونات تحت ستار تعليم ونشر الديمقراطية لأنها الباب الخلفي للتدخل في الشأن المصري. وكذلك لابد من وضع ضوابط لإدارة وممارسة العمل السياسي وعدم إعطاء أي طرف أجنبي فرصة العبث بهذا البلد.
ومن المهم أيضاً إدراك أهمية نزع فتيل الأزمات الداخلية خاصة فيما يتعلق بقضية الأقباط لأنه في حالة ما إذا اتجه أقباط المهجر لتدويلها فهذا معناه أن أول مسمار في مشروع ومخطط التقسيم قد دق بالفعل إذا ذهب أقباط المهجر وطلبوا الحماية الدولية ستكون بداية تنفيذ هذا المخطط.
❊ إلي أي مدي يمكن أن تتوقع نجاح أو فشل هذا المخطط الإسرائيلي؟
الأمر يتوقف علي تعاملنا مع كافة الملفات التي أشرت إليها لكني أخشي أن يتم التعامل مع بعض القضايا بنوع من السذاجة فيقودنا هذا التصرف إلي مالا تحمد عقباه.. عموما فالأمر مرهون بإرادتنا وقدرتنا ونجاحنا في استخدام كل أوراق الضغط الممكنة وليس من المستحيل علينا إجهاض هذا المخطط إذا ماتوفرت الإرادة لذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.