مشاعر مفترسة.. رواية جديدة للأديب أحمد فريد صدرت عن الدار المصرية السعودية للنشر، وهي أول رواية تنشر متأثرة بأجواء ماحدث في ثورة 52 يناير، ومن هنا كان إشفاقي علي المؤلف أن يقع في الخطابية أو المباشرة مما يفقد العمل الفني الكثير من إيجابياته، وسرعان ماشعرت أن الكاتب الأديب أحمد فريد لم يقع في هذا الخطأ ، لأنه أديب متمرس ترجمت بعض رواياته السابقة إلي الفرنسية والصينية، بجانب أن الكثير من أعماله الروائية تحول إلي أفلام سينمائية.. وهو في هذه الرواية الجديدة يصور لنا مايفعله حب المال والسلطة من تقويض لكيان الأسر والمجتمع فبطلة القصة زينب لحبها للمال تسعي للطلاق من زوجها لمعي رغم أن الرجل عمل كل مافي وسعه لإسعاد زوجته وولده وبنته، ولم يسعه إلا طلاق زوجته التي تريد أن تتزوج من حبها القديم.. أو إبن خالها.. وتكون النتيجة أن يقتلها وينتحر، بينما يعود زوجها إلي أصدقائه القدامي، ويسكن في مسكن قديم لصديقه صابر حيث يلتقي هناك بمن أصبحت له زوجة، وإبنتها التي أصبحت زوجة لابنه، ثم يرسم المؤلف صورة لما كان عليه المجتمع من فساد، وكيف تم زواج المال بالسلطة، مما أشاع في المجتمع الكثير من التفكك واللامبالاة، ولكن يفاجأ الجميع بقيام ثورة الشباب في ميدان التحرير، وتتغير الرؤي، وتتغير الأمور، تلك الثورة التي يصفها قلم الكاتب بأنها ثورة شبابية ترفع شعار السلمية، استطاعت أن تستقطب جميع الأطياف الشعبية في كل مراحلها العمرية واتجاهاتها السياسية.. حناجر وطنية تصيح بعفوية.. لا ظلم ولا استبداد، ولا أساليب قهرية.. لا مآرب فردية.. لا شيء غير تحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. مئات أتبعتها الآلاف ثم الملايين في صورة جمالية تقترب من المدينة الفاضلة.. كرنفالات متعددة الدوائر جميعها ينشد أنشودة واحدة سلمية.. سلمية.. ويقول عن هؤلاء الذين يريدون إرجاع عجلة الزمن إلي الوراء: ولكن.. ولأن الشر ليس له بصيرة أو ضمير، وبعد أن استفاقت الأنفس المريضة من غيبوبة الدهشة والمفاجأة، وعادت تلملم شتات أوصالها، وسرعان ما أعلنت عن موقفها من خلال لهيب القنابل والطلقات النارية والأسلحة المدمرة في هجوم تتري وعشوائي علي المسالمين المتحضرين دون رحمة أو هوادة في محاولة بائسة لاستعادة سطوتهم وغطرستهم المترنحة وسقط الشهداء، وتناثرت أشلاء الأبرياء، وانفطرت القلوب الدامية، وانشطرت الجفون الباكية، وانفجرت الحناجر الغاضية، وهتفت بإصرار لا رجعة فيه: الشعب يريد إسقاط النظام.. وسقط النظام. الرواية جميلة تستحق القراءة، وتستحق قراءة مابين السطور.