يأتي انعقاد اللجنة العليا المشتركة »المصرية السودانية» لأول مرة علي المستوي الرئاسي متزامنًا مع احتفالات مصر بانتصارات أكتوبر المجيدة، وهي بالتالي تعكس حرص الجانبين علي تطوير وترسيخ المصالح المشتركة بين شعبي وادي النيل والعلاقات الثنائية الوطيدة بينهما. وقد انطلقت أعمال اللجنة العليا المصرية السودانية المشتركة برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس السوداني عمر البشير علي مدي يومي 2 و3 من أكتوبر الحالي علي مستوي كبار المسئولين، تلاها اجتماعات علي المستوي الوزاري حيث تختتم أعمالها اليوم الأربعاء الموافق 5 من أكتوبر الحالي علي مستوي القمة. وصرح المستشار أحمد أبوزيد المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية بأن اللجنة العليا بين مصر والسودان تتكون من عدد من اللجان القطاعية التي تشمل: القطاع السياسي والأمني القنصلي والقطاع الاقتصادي والمالي وقطاع النقل وقطاع التعليم والثقافة وقطاع الخدمات وقطاع الزراعة والموارد المائية والري. ومن الجدير بالذكر ووفقا لتصريحات المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية فإن اجتماعات اللجنة العليا تتزامن مع بدء التشغيل التجريبي لمنفذ أرقين الحدودي الخميس الماضي الذي من المتوقع أن يؤدي إلي زيادة ملموسة في حجم التبادل التجاري بين البلدين كما يعدُّ إضافة مهمة في إطار استكمال الربط البري بين الدول الأفريقية من خلال مشروع »القاهرة - كيب تاون» بما يعزِّز الانسياب السلعي من مصر إلي السودان وأثيوبيا وسائر أرجاء القارة بالإضافة إلي أن تلك التطورات تعدُّ تعزيزا لجهود التعاون الثلاثي بين مصر والسودان وأثيوبيا، وهو ما تم الاتفاق عليه بين قادة الدول الثلاث في فبراير الماضي بشرم الشيخ علي هامش منتدي الاستثمار في أفريقيا. توقيع 13 اتفاقية ومن المقرر أن يتم خلال اجتماعات اللجنة العليا توقيع 13 اتفاقية مذكرة تفاهم بين البلدين حيث يشهد الرئيسان السيسي والبشير مراسم التوقيع وتشمل الاتفاق الإطاري بين جامعة القاهرة ووزارة التعليم العالي بالسودان بشأن عودة بعثة الجامعة فرع الخرطوم والبرنامج التنفيذي لمذكرة التفاهم الموقعة في مجال التجارة بين البلدين بخلاف توقيع مقترح البرنامج التنفيذي لبروتوكول التعارن بين وزارتي التجارة السودانية والتموين والتجارة الداخلية المصرية واتفاقية التعاون في مجال النفط والغاز. وأكد المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية أن قمة السيسي - البشير في ختام أعمال اللجنة العليا المشتركة سوف تشهد توقيع عدد من الاتفاقات الثنائية بين مصر والسودان بهدف تكثيف أواصر التعاون بين البلدين وشعبي وادي النيل، مشيرا إلي أن المباحثات علي مستوي اللجان قد تناولت العديد من الموضوعات الهامة خاصة التعاون الاقتصادي والمالي وتيسير التبادل التجاري وتأثير افتتاح منفذ أرقين علي التجارة البينية ورفع القيود الجمركية علي السلع بين البلدين، حيث إنه من المقرر خلق بيئة استثمارية جاذبة للقطاع الخاص، كما ركزت أعمال اللجنة العليا المشتركة علي مستوي اللجان وعلي المستوي الرئاسي علي بحث سبل ربط السكك الحديدية والتوسع في الربط البحري والنهري والبري بين البلدين إلي جانب تعزيز وترشيد الدور الهام للشراكة المصرية السودانية للتكامل الزراعي ودعم التعاون الثنائي في مختلف قطاعات الخدمات والصحة والدواء والتعليم العالي والرياضة. الملفات الإقليمية والدولية وأكد المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية أن اللجنة العليا المشتركة علي مستوي لجنة القطاع السياسي والأمني والقنصلي برئاسة وزيري خارجية الدولتين تبادلت وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك ومتابعة أعمال آلية التشاور السياسي بين البلدين وأعمال اللجنة القنصلية الدائمة، مشيرا إلي أن وزارة الخارجية تستمر في متابعة التنسيق الوطني مع جميع الجهات المعنية بالدولة علي مستوي اللجان القطاعية المختلفة حتي تكلل أعمال اللجنة العليا المشتركة بالنجاح المأمول لدعم وتطوير العلاقات بين البلدين بما يرقي لمستوي تطلعات شعبي وادي النيل. القمة المصرية السودانية التي تنعقد اليوم في ختام أعمال اللجنة المشتركة الرئاسية سوف تبحث عددا من الملفات الإقليمية والدولية، حيث سيكون للملف الليبي النصيب الأكبر من المباحثات لتنسيق المواقف والرؤي بين القيادتين، وذلك وفقا لتصريحات المصادر الدبلوماسية السودانية التي أوضحت تطابق الآراء بين مصر والسودان حول رفض التدخل الأجنبي في الشأن الليبي الذي من شأنه الإضرار بالمصالح الأمنية للبلدين وبأهمية خلق مناخ أكثر ملاءمة للوصول لحل توافقي للمسألة الليبية، وذلك بخلاف بحث قضايا الهجرة غير الشرعية والتطورات بشأن سد النهضة والأوضاع المشتعلة في المنطقة ولاسيما سوريا واليمن والعراق. من جانبه، أعلن وزير الخارجية السوداني الدكتور إبراهيم غندور أنه تم توجيه الدعوة لكل من الرئيس عبد الفتاح السيسي ورؤساء موريتانيا وتشاد وأوغندا ورئيس الوزراء الأثيوبي والأمناء العامين لمنظمات المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي لحضور مؤتمر الحوار الوطني المقرر انعقاده في الخرطوم يوم 10 أكتوبر الجاري. بينما أكد السفير المصري لدي الخرطوم أسامة شلتوت، أن العلاقات المصرية السودانية أزلية وتاريخية وتضرب بجذورها في أعماق التاريخ، وتتمتع بخصوصية مشتركة لا مثيل لها بين دول الجوار. وقال شلتوت، إن علاقات البلدين شهدت تطورا كبيرا ونقلة نوعية، منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي سدة الحكم، حيث قام، في أول جولة خارجية له بزيارة السودان، ومنذ ذلك التاريخ عقد 15 لقاءً مع الرئيس السوداني عمر البشير، لافتا إلي اللقاء السادس عشر المرتقب بينهما في القاهرة هذا الأسبوع ، حيث يترأسان قمة اللجنة العليا المشتركة، التي تم ترفيعها إلي المستوي الرئاسي. وقال شلتوت، إنه من المقرر أن يتم خلال اجتماعات اللجنة العليا، توقيع 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذي بين البلدين، ويشهد الرئيسان مراسم التوقيع، بجانب مقترح البرنامج التنفيذي لبروتوكول التعاون بين وزارتي التجارة السودانية والتموين والتجارة الداخلية المصرية، اتفاقية للتعاون في مجالي النفط والغاز، اتفاقية للتعاون في التعليم العالي، البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال الشباب، وآخر في الرياضة، برنامج عمل بين وزارتي الصحة، مشروع برنامج للتعاون الثقافي، اتفاق خدمات النقل الجوي، مذكرة تفاهم للتعاون في إدارة الأزمات والأحداث الطارئة والكوارث، واتفاقية التعاون القانوني والقضائي. وأشار إلي أن القمة بين الرئيسين، ستركز علي تفعيل كافة مسارات التعاون الثنائي وتذليل العقبات، كما سيتم تناول القضايا والتحديات الإقليمية والدولية، التي تواجه الأمة العربية، وتنسيق المواقف بين البلدين لمواجهتها. وأكد أن هذه القمة سيكون لها أثر واضح في تفعيل كل ما اتفق عليه في مجال العلاقات الثنائية، وأيضا في التنسيق فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، خاصة أن مصر والسودان تتشاركان في عضوية العديد من المحافل الدولية.. وأوضح أن هناك تفاهما وتشاورا دائمين بين مصر والسودان، فيما يتعلق بالشأن الليبي، باعتبارهما من دول الجوار، لتحقيق الاستقرار في هذا البلد الشقيق، ولكون الاضطرابات في ليبيا تؤثر علي الأمن القومي للبلدين، لافتا إلي التنسيق المتواصل بين الجانبين في القضية الفلسطينية، وجهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وكذلك حول الوضع في سوريا واليمن، وأمن البحر الأحمر في إطار عضويتهما في جامعة الدول العربية. وتوقع شلتوت أن يتم التنسيق نحو تفعيل التعاون الثلاثي مع أثيوبيا، والتباحث حول عقد قمة بين الرؤساء الثلاثة مطلع العام القادم، تنفيذا لمخرجات القمة الثلاثية التي عقدت بشرم الشيخ للتعاون الإقليمي بين الدول الثلاث. وقال إن التزام مصر والسودان وأثيوبيا، بنتائج الدراسات الفنية حول تأثير سد النهضة، علي دولتي المصب لنهر النيل، التي تم توقيعها مؤخرا بالخرطوم، وذلك في إطار اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين زعماء الدول الثلاث، سيؤسس لتعاون إقليمي فيما بينها في شتي المجالات، وإحداث نقلة نوعية في العمل الثلاثي بما في ذلك إنشاء صندوق لدعم المشروعات المشتركة والتعاون في قطاعات النقل وتطوير الطرق والتبادل التجاري والاستثماري والفني التقني، بما يخدم إقليم شرق أفريقيا بكامله. وأشار إلي أن اجتماعات اللجنة السياسية علي مستوي الخبراء، سوف تناقش خلال اجتماعات القاهرة اتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين مصر والسودان، وكيفية تفعيلها بالكامل بما يحقق طموحات الشعبين، نحو تكامل اقتصادي وتنسيق سياسي شامل بين الدولتين الشقيقتين.