مصر الحقيقية .. التي غابت أو بالأدق غُيبت عن خارطة العالم .. عادت ، الصورة الذهنية القاتمة التي ترسخت عن أبناء المحروسة تغيرت .. وحلت مكانها مصر التي أراد شعبها الحياة ، فكسر كل قيود الاستكانة التي فرضت عليه وهي كره له . الشخصية المصرية.. التي ظهرت علي صفحات الصحافة العالمية مستسلمة.. قانعة.. راضية .. تغيرت في عيون العالم ، بعد أن كتب أبناء النيل ملحمة حفرت في ذاكرة الدنيا .. قال عنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنها ألهمت الأمريكيين أنفسهم وصارت مثالاً وعنواناً للثورات البيضاء دون سلاح فوقودها أصوات المصريين وأسلحتهم الشعارات المنادية بمطالبهم .. وبالبنط العريض كتبت الصحافة العالمية عن ثورة اللوتس وكيف أنها تسطر تاريخا جديدا ليس لمصر فحسب بل للعالم أجمع. خرج الرئيس الأمريكي باراك أوباما بخطاب فوري عقب إعلان تخلي الرئيس مبارك عن منصبه، نصح فيه شباب الأمريكيين بالاقتداء بنظرائهم المصريين لأن هذا الجيل الواعد تشكل علي يديه تاريخ جديد في مصر، فالشعب المصري الذي انتفض لتحقيق هدف سياسي بأسلوب حضاري حظي بإعجاب شديد من الرئيس الأمريكي قائلاً إن هذا الشعب ألهم الأمريكيين.. وأذهل العالم وحرك مشاعر سكان الأرض بحكمته التي أعطت صورة سامية لمبادئ ثورتهم، وجعلت الرئيس أوباما ينطق كلمة "تحرير" بالعربية، في إشارة إلي ميدان التحرير في القاهرة، قائلاً أن كلمة "تحرير" ارتبطت بالشعب المصري. وأضاف أن التحرير يشير إلي أمر يحرك أرواحنا وهو المناداة بالحرية. فقد استعان الشباب المصري في ثورته بالقوة الأخلاقية لإثبات أن النشاط السلمي هو الطريقة الوحيدة لتحقيق العدالة وليس العنف والإرهاب، فإن شعار "سلمية.. سلمية" الذي رفعه الشباب هي التي أعادت قوس التاريخ باتجاه العدالة مرة أخري، ففي المظاهرات التي حددت مصير مصر، خرج جيل جديد من الشباب مستخدماً براعته وابتكاره لمناشدة الحكومة للرد علي الآمال وليست المخاوف. وأشاد أوباما بالروح الريادية المصرية التي قادت شباب مصر والتي قال إنها ستكون ضرورية في تحديد مستقبل مصر وخلق فرص العمل وتحسين الأوضاع في مصر. إلهام للعالم نانسي بيلوسي زعيمة الأغلبية الديمقراطية بمجلس النواب الأمريكي كتبت عبر صفحتها علي الموقع الإجتماعي تويتر قائلة أن الشباب قادوا مصر نحو الديمقراطية، فإن طاقتهم غيرت مصر، كما أن أفعالهم هي روح إلهام للعالم كله. فثورة جيل الفيس بوك أعادت ترسيخ مكانة مصر قائدة للعالم العربي والشعب المصري كشعب يتمتع بقيم محترمة في العالم، لذا عندما تجد المصريين يتحركون بانتظام تعرف أنهم سيغيرون وجه العالم من حولهم، والشخصية المصرية لها رصيد كبير من هذه التحولات الكبري في العصر الحديث ولكن تظل لثورة 25 يناير خصوصيتها لأنها خرجت من شباب يريد أن يعيش المستقبل كما يراه، ويرفض الوصاية عليه. وأرجع وزير الخارجية البريطاني وليام هيج الفضل أولاً وأخيراً في التغيير الذي شهدته مصر بتخلي الرئيس مبارك عن منصبه إلي شجاعة شعب مصر وتصميمه. وأضاف هيغ في بيان له أنه واثق في قدرة المصريين علي تشكيل مستقبلهم ولانتهازه لفرصة التحرك نحو مجتمع منفتح وديموقراطي. تحية من النمسا وفي النمسا، أصدر اتحاد المصريين العام هناك بياناً وجه فيه التحية إلي شباب ثورة25 يناير وأبناء الشعب المصري، مشيداً بالزلزال الذي صنعه أبناء مصر الشرفاء. وأشادت صحيفة "ذا آشيان إيج" بشباب مصر الذي قدم نموذجاً للعالم المتحضر في القرن الحادي والعشرين بعد أن ظل مرابطاً لمدة 18 يوماً ولم تفل عزيمته حتي النصر. صحافة العالم .. تتكلم وامتلأت صفحات الصحف العالمية أيضاً بالمديح لشجاعة الشعب المصري الذي "سطر التاريخ". حيث وصفت صحيفة "الجارديان" البريطانية علي صدر صفحتها، ثورة الشباب المصري بكونها "لحظة تاريخية.. تعيد مصر إلي قيادة العالم العربي، معتبرة أن المصريين لم يستعيدوا استقلالهم من مبارك بل برهنوا أيضاً علي استقلالهم عن الولاياتالمتحدة وحلفائها. وفي صحيفة "كوريرا ديلاسيرا" الإيطالية، وصفت ما حدث في مصر بأنه انتصار لشباب مصري بلا حزب. وقالت الصحيفة إن النصر الذي تحقق في مصر كان علي يد شباب ليس لهم حزب ومع ذلك تحدوا وصمدوا. واتفقت الصحيفة مع مقولة الرئيس الأمريكي بأن المصريين يسطرون التاريخ. فإن ثورة شباب التحرير، جعلت العالم ينظر للشعب المصري نظرة تبجيل واحترام، فثورة شباب مصر هي ثورة علمية متحضرة استخدم فيها العلم والتكنولوجيا الحديثة في الترتيب للقيام بثورته السلمية ومدي حرفيتهم وتنظيمهم، وهذا ما أكدته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها مشيدة بقدرة الشباب. فهؤلاء الشباب الذين هزوا مصر وأذهلوا العالم أغلبهم ولدوا تزامناً مع اعتلاء الرئيس مبارك للسلطة قبل 30 عاماً، وتمكن أغلبهم من الحصول علي شهادات من كبري الجامعات فمنهم الطبيب والمهندس والمحامي. فمعظم هؤلاء قضوا حياتهم معترضين علي القيود والقمع التي تفرضها عليهم الدولة البوليسية، وتعرض بعضهم للاعتقال والتعذيب بسبب ذلك، ومنهم من بقي مجهول الهوية في الغالب خشية الاعتقال أو الاختطاف من قبل الشرطة. سقوط حائط برلين رأت كل من صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية وصحيفة "التايمز" البريطانية أن لحظة تنحي الرئيس مبارك تشبه لحظة سقوط حائط برلين.. فمصر والشرق الأوسط والسياسة في العالم العربي تغيرت إلي الأبد علي أيدي الشباب المصري. وقالت الصحيفة البريطانية إن الكثير من الحكومات ستسرع الآن لتجنب ظروف مماثلة لتلك التي أدت إلي الثورة. وفي بكين، يخشي الحزب الشيوعي الحاكم من احتمال انتقال العدوي من القاهرة وثورة الياسمين التونسية التي طردت الرئيس زين العابدين بن علي من السلطة.