تعد "البيانات العاجلة" إحدي وسائل الرقابة البرلمانية المتاحة لأعضاء مجلس النواب، وطبقا للمادة 215 من اللائحة الداخلية يجوز للعضو أن يطلب من رئيس المجلس الموافقة علي الإدلاء ببيان عاجل يوجه إلي رئيس مجلس الوزراء أو أحد أعضاء الحكومة عن موضوع غير وارد في جدول الأعمال، إذا كان من الأمور العامة العاجلة ذات الأهمية، ويقدم هذا الطلب كتابةً متضمنًا بيان الأمور التي يطلب الكلام فيها، ومبرِّرات ذلك قبل بدء الجلسة، وإذا أذن رئيس المجلس للعضو مقدم الطلب بالكلام، وجب أن يعرض بيانه علي المجلس بإيجاز قبل النظر في جدول الأعمال، ولا يجوز أن تجري مناقشة في موضوع البيان، إلا إذا قرر المجلس ذلك. وتعتبر البيانات العاجلة هي السلاح الوحيد الآن في يد النواب لمواجهة المشكلات التي تعاني منها دوائرهم، لكن هذه البيانات تحولت إلي مكلمة للنواب تحت القبة لتضييع الوقت وضجيج بلا طحن نظرا لغياب الحكومة عن الجلسات. وفي الجلسات الماضية فتح أعضاء مجلس النواب النار علي الحكومة مرتين مرة بسبب تضخم المشكلات، ومرة بسبب غياب الحكومة، وواصلت الجلسة العامة مناقشة البيانات العاجلة المقدمة من جانب أعضاء المجلس الذين عبّروا عن استيائهم الشديد من غياب الوزراء لدرجة دفعت أحد النواب يعبر بكلمات تلقائية مفادها: "إحنا مش جايين نكلم نفسنا ونشكي همومنا لبعض". ورفض عدد من النواب عرض بياناتهم العاجلة نظرا لعدم وجود أعضاء الحكومة للرد عليهم وقرروا الخروج من الجلسة غاضبين. يأتي ذلك في الوقت الذي رفض فيه الدكتور علي عبد العال رئيس المجلس، تطرق بعض النواب للحديث عن واقعة مقتل الطالب الإيطالي ريجيني، معلنا أن هناك قانونا سيصدر لتنظيم وسائل الاتصالات قريبًا. وقال "عبد العال": "للنائب أن يعبر عن رأيه بكل حرية، لكن الحصانة لا تغطي جرائم السب والقذف ومن يقول غير ذلك عليه مراجعة أمهات كتب القانون، وهناك فارق بين السباب والتعبير عن الرأي ولن نتحدث في مسألة قانونية". وشهدت الجلسة العامة هجوما شديدا من النواب علي الحكومة وأدائها، ووصفوها بأنها تعمل ضد الغلابة مخالفة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكشفوا عن وقائع إهدار للمال العام في الأراضي المملوكة للدولة. وأكد النواب أن الفساد يتوغل في مصر لدرجة أن تسعيرة التعيين في وزارة البترول وصل ثمنها إلي 50 ألف جنيه، وقال النائب محمد الحسيني:" إن رئيس الجمهورية يطالب الحكومة دائما بأن تطبطب علي الغلابة لكن الحكومة بتخبط في الناس الغلابة ومش واخدة بالها منهم". وأضاف: "أنا من بولاق الدكرور بنشم تراب نتيجة حكومات فاشلة تركت الغلابة في الشارع ولا يوجد لدينا صحة ومفيش غير مدرسة واحدة ثانوية بنات وهو ما يدفع الغلابة إنهم يقعدوا أولادهم من المدرسة عشان ميروحوش الدقي او العجوزة".. علي حد قوله. وانتقد "الحسيني": " نظام القرعة الذي تجريه المحافظة من أجل حصول المواطن علي مقبرة يدفن نفسه فيها، رغم أن الدولة تركت الأراضي المنهوبة وبتعمل قرعة علي التربة اللي هيدفن المواطن نفسه فيها"، كاشفا عن وجود مساحات أراضٍ تقدر ب4 مليارات جنيه بجانب البنك الاهلي علي الكورنيش متروكة للصيع".. علي حد قوله. واتهم "الحسيني" العاملين في حي بولاق بالاستيلاء علي ملايين الجنيهات بطرق غير مشروعة وبدون علم المسئولين في الوزارات أو المحافظة. وبدوره رفض النائب خالد بشر، الحديث عن المشكلات التي في دائرته أمام الجلسة العامة لمجلس النواب، وذلك اعتراضا منه علي عدم حضور أي وزير بالجلسة. وقال :"إحنا مش جايين كنواب نكلم بعض وأنا آسف أنا مش ها قدر اتكلم لأننا كنواب مشاكلنا واحدة ومعروفة ومش هنشيل همومنا لبعض"، مما دفع الدكتور علي عبد العال إلي الرد عليه بقوله :" كل الطلبات التي تحدث فيها النواب تحت نظر الوزراء وسيتم إرسالها للنواب، لكن النائب أصر علي موقفه، وقال :"كان علي الوزراء أن يرسلوا مندوبين بدلا منهم". وعندما أراد النائب محمد بدراوي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية المصرية، الحديث عن واقعة الطالب الإيطالي ريجيني طالب الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، النواب بعدم التطرق لحادثة وفاة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، في مصر، قائلا " هذا الموضوع علي وجه التحديد، لا داعي للحديث عنه في جلسات عامة، عشان خاطري". ومن جانبه أثار النائب جمال عبد الناصر، في بيانه العاجل فكرة ضوابط تشريعية علي مواقع التواصل الاجتماعي، قائلا: "يوجد فوضي في الفيس بوك تجاوزت كل الخطوط الحمراء وهذا يمثل خطرا علي أمن مصر". وفي هذا الصدد، أعلن رئيس البرلمان أن قانونا لتنظيم وسائل التواصل الاجتماعي سيصدر قريبا. كما شهدت الجلسة العامة حالة من الهرج والمرج بعدما وصف النائب إلهامي عجينة جلسات البرلمان بالمكلمة، وقد طالب رئيس المجلس بحذف هذه العبارات من المضبطة. وشبّه "إلهامي" أداء الحكومة بأنها تعمل بنظام الصابونة". ومن جانبها طالبت نشوي الديب، عضو المجلس، بضرورة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في إهدار أموال المعاشات والوقوف علي حقيقة هذا الأمر. مشيرة إلي أن هذه اللجنة سيكون منوطا بها التحقيق في موضوع الاستثمار والتأمين ومدي حقيقة الاستفادة التي تم إبرامها في أموال الجهتين، وهل هذا يعني أن 925 مليارا ملك لهيئة المعاشات ستؤول إلي وزارة التضامن. وطالب النائب رحمي عبد ربه عبد الرحمن عضو البرلمان عن دائرة العريش بنقل المحكمة من محافظة الإسماعيلية إلي العريش للمساعدة علي استقرار سيناء وبث الهدوء. وأشار إلي المتهمين الذين يتم احتجازهم لفترات طويلة، قائلا "يجب أن تكون مدة الاحتجاز 48 ساعة فقط لأن الاحتجاز لفترات طويلة دون محاكمات يسبب أزمة ويساعد في عدم الاستقرار".