حاكم أسيوط في القرن العشرين قبل الميلاد كريم.. حاسم.. كفء اختاروه لحكم النوبة باسم الفرعون يعيش ويموت ويدفن هناك في مقبرة أعدها وجهز لها كاهنا وموظفين وأراضي أوقف ريعها لتجهيز الخبز والفاكهة قرابين مقبرته في المناسبات والأعياد وتجمع الأهل والأصدقاء يأكلون ويمرحون فروحه عادت من عالمه السفلي تشاركهم وتبتهج بينهم وشموع ومشاعل تضيء بهو أعمدته تتناسق مع تجهيزه القديم قبل سفره للدفن في مصر بمقبرتين إحداهما في المعبد الذي يتوسط المدينة والثانية في مقابر سفح الجبل.. يوثق اتفاقه مع عشرة موظفين بعقود منحوتة علي الجدران مكلفين مع الكاهن برعاية مقبرته والخروج كل مناسبة في موكب هابطين من الجبل مخترقين المدينة.. يحصلون من كاهن المعبد علي أرغفة طازجة وفاكهة وشموع ومشاعل من ريع الأراضي التي تزرع لذلك.. يعودون بموكبهم موقدين الشموع للطريق المظلم..ويشعلون معظمها للمحتفلين.. يوزعون الخيرات ويفرحون لصباح اليوم الثاني.. في مقبرة يعرفون أن صاحبها مدفون بعيدا .. لكن روحه هنا وفي المعبد وفي النوبة علي هذه القاعدة الفرعونية المترسبة في وجدان المصريين تعددت مقابر الرؤية في مصر للصحابة والأولياء.. سواء ماتوا في مصر ودفنوا في مواضعهم أو بعدة أماكن زارها أو أقام بها أو تجمع بها بعض من أهله أو ممن لم يأتوا أصلا لكنهم جاءوا في رؤية أحد الصالحين فتكونت مقابر الرؤية رمز الروح تكشف الطبيعة الفرعونية للمصريين وإن طال الزمن.