ضربتان معطلتان لكلا المرشحين الأوفر حظاً في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية.. في المعسكر الجمهوري سقط المرشح المثير للجدل دونالد ترامب أمام منافسه تيد كروز، وفي المعسكر الديموقراطي خسرت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية والسيدة الأولي سابقاً، أمام منافسها بيرني ساندرز. تعطل هيلاري وترامب كان في ويسكنسون، تلك الولاية التي تُعرف ب»ولاية الأجبان» غير من مسار الماراثون الرئاسي وأعطي زخماً كبيراً بعدما ركن كثيرون إلي فكرة حسم ترامب وهيلاري كلاً في معسكره، حيث منح ساندرز، صاحب الميول الاشتراكية، فوزاً ثميناً بنسبة 56.6% من الأصوات، مقابل 43.2% لكلينتون، أما كروز فحصل علي 48.2% في المئة بينما حصل ترامب علي 35.1%. هذه الأرقام لم تغير كثيراً في مجموع عدد المندوبين المطلوبين للفوز، حيث مازالت كلينتون تحتفظ بتقدمها علي ساندرز بواقع 1748 مندوباً مقابل 1058 لساندرز، من أصل 2383 يحتاج إليهم أي مرشح للفوز ببطاقة الترشح عن الحزب. في المعسكر الآخر مازال ترامب محتفظاً بالصدارة أيضاً بواقع 740 مندوباً، مقابل 514 لكروز و143 لجون كايسيك، فيما يتطلب الحصول علي بطاقة الترشح عن الحزب حصد أصوات 1237 مندوباً. فوز كروز في ويسكنسون جاء برداً وسلاماً للقيادات الجمهورية الساعية إلي وقف ترامب خلال مؤتمر الحزب في يوليو المقبل في حال عجز عن جمع العدد المطلوب للمندوبين، وهو ما لمّح إليه كروز قائلاً: «لقد أُضيء نور جديد.. ما حدث اليوم بمثابة التحول الكبير.. تزداد قناعتي بأن حملتنا ستجمع 1237 مندوباً لكسب ترشيح الحزب الجمهوري سواء قبل المؤتمر في كليفلاند أو خلاله.. معاً سنفوز بغالبية المندوبين، ومعاً سنهزم هيلاري كلينتون في نوفمبر». كروز اعتبر نفسه الأفضل من أجل تجميع حزب مشتت وأوضح: «نحن نكسب لأننا نجمع ولا نفرق». تأييد آل بوش من جهته فإن جيب بوش ابن الرئيس الأسبق جورج بوش وشقيق الرئيس السابق جورج دبليو بوش، والذي انسحب من الماراثون الرئاسي بعد هزيمته في ولايته فلوريدا التي صوتت لترامب، أعلن تأييده لتيد كروز باعتباره «الوحيد القادر علي توحيد الحزب الجمهوري». وقال جيب في بيان رسمي: «هناك شيء ما كُسر في واشنطن، والأمل الوحيد في أن يعود الجمهوريون إلي حكم البيت الأبيض وفي أن تسير أمتنا في طريق أفضل يكمن في اختيار مرشح قادر علي أن يشرح للناس كيف أن السياسات المحافظة تساعدهم في تحسين حياتهم وإخراج طاقتهم الكامنة». وهاجم جيب في خطابه دونالد ترامب بشدة مشدداً علي أنه يجب علي الناخبين تجاوز «الخلافات والابتذال» اللذين زرعهما ترامب في الحملة الانتخابية، وأضاف جيب: «إن لم نتحد فسيفوز المرشح الديموقراطي لنجد أنفسنا نعاني مرة أخري من نفس سياسات أوباما.. لكي نفوز في هذه الانتخابات يجب أن يبرهن الجمهوريون علي قدرتهم علي تقديم الحلول للتحديات التي نواجهها وهذا ما يفعله تيد كروز». كروز استفاد كثيراً من تصريحات لترامب أثارت شكوكاً حول مدي قدراته علي تولي منصب الرئاسة، حيث وعد ملياردير العقارات بتطوير الأسلحة النووية لدي اليابان وكوريا الجنوبية بعد سحب القوات الأمريكية من هناك وهو ما وصفه البيت الأبيض بالتصريحات «الكارثية» فضلاً عن ذلك فقد أشاع ترامب جواً غير مألوف من الكراهية في الحزب الجمهوري بسبب حديثه عن هايدي زوجة كروز وتهديده ب«فضح كل شيء عنها».. واحد من الأخطاء القليلة التي اعترف بها ترامب. تدنٍ غير مسبوق ووصل التدني في التراشق بين المرشحين مرحلة غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات الأمريكية من قبل، حيث نشر ترامب تغريدة علي تويتر جاء فيها: «الكذاب تيد كروز استخدم صورة لزوجتي ميلاني مأخوذة عن إعلان نفذته لإحدي القنوات.. انتبه أيها الكذاب وإلا فإنني سوف أفضح كل شيء بخصوص زوجتك». وكانت جماعة مناهضة لترامب، تطلق علي نفسها Make America Awesome أو فلنجعل أمريكا رائعة، نشرت صورة لزوجته ميلاني وهي عارية علي سرير مفروش بفرو حيوان وكُتب علي الصورة تعليق يقول: «هل تقبل ميلاني سيدة أمريكا الأولي مستقبلاً أم تفضل مساندة تيد كروز». وكان الهدف من نشر الصورة هو إلحاق أكبر ضرر ممكن بترامب في ولاية أريزونا المحاذية للمكسيك، والمعروف عنها التدين الشديد لأكثر من 60% من سكانها الذين يتبعون الطائفة المرمونية ويعادون استقبال اللاجئين وهو الوتر الذي يعزف عليه ملياردير العقارات دوماً، والذي يصف الأمريكيين من ذوي الأصول اللاتينية عموماً بأنهم «لصوص ومغتصبون»، فضلاً عن وعده ببناء جدار عازل علي طول الحدود الأمريكية المكسيكية. الصورة التي نشرها الموالون لتيد كروز لا يوجد بها شبهة تلفيق أو تركيب وهي صحيحة 100%، وهي مأخوذة من غلاف مجلة GQ المختصة بنشر أخبار عارضات الأزياء واللائي يظهرن عليها عاريات تماماً دون أدني مشكلة، ولكن تاريخ الصورة يعود لعام 2000 بينما تزوجت ميلاني كنوس من ترامب في عام 2005. تيد كروز رد علي ترامب من خلال تويتر أيضاً، حيث نفي أولاً أن يكون فريقه هو من نشر صورة ميلاني عارية (وهو أمر صحيح)، قبل أن يتحدي خصمه قائلاً: «دونالد.. إذا كنت تريد مهاجمة هايدي (زوجة كروز) فأنت أجبن من هذا بكثير». ترامب امتنع، علي غير العادة في أي انتخابات أمريكية، عن تهنئة خصمه بالفوز في ويسكنسون وذهب إلي وصفه بأنه «حصان طروادة» الذي يسعي قادة الحزب لاستغلاله من أجل «سرقة» بطاقة الترشح، كما اتهم كروز بخرق القواعد الانتخابة من خلال التنسيق مع لجان العمل السياسي المعروفة باسمSuper PAC المشكلة من قبل مجموعة من أصحاب المصالح والشركات بهدف إيقاف ترامب. صورة ضبابية بحسبة الأرقام يبدو كروز بحاجة إلي الفوز بنسبة 95% من إجمالي الأصوات المتبقية لكي يصل للرقم 1237 من أصوات المندوبين وبالتالي يترشح بشكل تلقائي عن الحزب الجمهوري، ولأنها مهمة بالغة الصعوبة فإنه يأمل في منع ترامب من الوصول إلي هذا الرقم قبل مؤتمر كليفلاند بولاية أوهايو، حيث سيكون كل مندوبي الولايات حاضرين وستجري إعادة التصويت مرة أخري وهنا ستكون كل الاحتمالات مفتوحة. مهمة هيلاري كلينتون تبدو أسهل نسبياً حتي مع ما كشفه مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI عن استخدامها بريدها الإلكتروني الشخصي وسيرفر خاص بها في مراسلات رسمية تخص الدولة حينما كانت في منصب وزيرة الخارجية الأمريكية في الفترة من 2009 وحتي 2013. ولكن علي هيلاري الحذر من المفاجآت التي يحققها ساندرز الذي حقق الانتصار في 6 ولايات من أصل 7 منذ 22 مارس الماضي، حتي وإن كان فوز ساندرز يرجع لعامل ديموجرافي متمثلاً في انخفاض نسبة الأفروأمريكيين، المؤيدين لهيلاري، في الولايات التي فاز بها وهي يوتاه وإيداهو وولاية واشنطن وويسكنسون. الصورة بدت ضبابية أمام كلينتون، التي لم يعد كسبها عدد المندوبين المطلوبين أمراً محسوماً كما كان قبل ويسكنسون، حيث عكست نتائجها أزمة في جذب القاعدة الليبرالية، خصوصاً في صفوف البيض، مع الأخذ في الاعتبار تمكن ساندرز من جمع مخزون قياسي من التبرعات بلغ 44 مليون دولار الشهر الماضي، في مقابل 29 مليون دولار لكلينتون. من هنا تتحول الأنظار إلي نيويورك في التاسع عشر من أبريل الجاري، حيث تضم الولاية أصوات 247 مندوباً للديموقراطيين و95 للجمهوريين، وتعول السيدة الأولي سابقاً علي فوز كبير فيها يعيد الزخم إلي حملتها ويحقق قفزة في عدد المندوبين، والحال نفسه لترامب، وهو ابن نيويورك وفيها بني ثروته، إذ يراهن أيضاً علي اكتساح أصواتها، والعودة إلي الصدارة بين الجمهوريين. نيويورك تشكل منعطفاً مهماً في السباق، فلحاق ساندرز بكلينتون أو فوزه فيها سيشكل انتكاسة كبيرة لحملة وزيرة الخارجية السابقة، قد توصل إلي مؤتمر حزبي ديموقراطي بلا مرشح، أما خسارة ترامب فستفاقم مشاكله بشكل أكبر وترجح كفة كروز. وفي حال فوز ترامب وكلينتون في 19 من أبريل الجاري بهامش مريح، فسيعزز ذلك صدارتهما، وسيعطي الوزيرة السابقة فرصة حسم السباق في المعارك المتبقية.