"صحة عضوية نحو ثلث أعضاء مجلس النواب في انتظار كلمة "النقض"، هذه العبارة تلخص نظر المحكمة 252 طعنا ببطلان عضوية أكثر من 200 نائب وينتظر الفصل فيهم بحد أقصي نهاية مارس الجاري. وتسلمت الأمانة العامة لمجلس النواب حتي الآن إخطارات ل92 نائبا، مقام ضدهم دعوات لإسقاط عضويتهم، ومن أبرز الأعضاء المهددة عضويتهم رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال ووكيل المجلس السيد محمود الشريف ومصطفي بكري أعضاء قائمة "في حب مصر" بالصعيد، الطعن المقدم ضدها من ائتلاف"نداء مصر". وعلي مقاعد الفردي، تنظر محكمة النقض صحة عضوية، علاء عابد، وأحمد مرتضي منصور، ومعتز الشاذلي، وخالد يوسف، وأنور السادات، وإيهاب الخولي، وأحمد طنطاوي، و سعيد حساسين. وتعتبر هذه الأحكام فارقة ومنتظرة، لأن المادة 107 بدستور 2014 أعطت محكمة النقض القرار النهائي ببطلان عضوية النواب ولا يجوز الطعن علي قرارها، الأمر الذي لم يكن متواجدا، فقط كان دستور 1971 يعطي المجلس الحق في تحديد مصير نوابه. وحدد الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة، عضو لجنة الإصلاح التشريعي، أربعة فروض لقرار محكمة النقض بشأن الطعون علي عضوية بعض النواب التي تنظرها، وبناء علي ماهية الحكم سيتحدد التأثير الذي سيطرأ علي المجلس. وقال فوزي، إن الفرضين الأولين يتمثلان في عدم قبول الطعن نهائيا أو قبوله شكلا ورفضه موضوعا، مشيرا إلي أن الفرضين يترتب عليهما صحة عضوية النائب واستمراره بالمجلس. أما الفرض الثالث فهو قبول الطعن شكلا وموضوعا، مما يترتب عليه إسقاط عضوية النائب، وفي هذه الحالة إذا كان المقعد فرديا تعاد الانتخابات عليه، أما إذا كان الأمر متعلقا بالقائمة فيتم تصعيد الاحتياطي بنفس القائمة دون الحاجة لإعادة الانتخابات مرة أخري. وكان الفرض الرابع كما يري عضو لجنة الإصلاح التشريعي، أن تري المحكمة حدوث خطأ مادي في تجميع الأصوات، وبذلك يكون من حقها تصويب هذا الخطأ وإعلان فوز المرشح المنافس، وفقا للمادة 12 من قانون 24 لسنة 2012، مشيرا إلي أن قبول أي عدد من هذه الطعون لن يعرض المجلس للحل أو الانهيار كما يشاع. وأصدر المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، دراسة توضح السيناريوهات الثلاثة للطعون الانتخابية، التي تنظرها محكمة النقض حاليا. وأوضحت الدراسة أنه يوجد أكثر من 250 طعنًا في محكمة النقض، تُهدد صحة عضوية ما يزيد عن 100 نائب في البرلمان، وهناك عدة تساؤلات تتعلق بكيفية تعامل محكمة النقض مع هذه الطعون، خصوصا أنها صاحبة الاختصاص الأصيل في صحة العضوية وفقًا لنص المادة 107 من الدستور. وتنص المادة 107 من الدستور علي أنه "تختص محكمة النقض بالفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس النواب، وتُقدم إليها الطعون خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخاب، وتفصل في الطعن خلال ستين يومًا من تاريخ وروده إليها. وفي حالة الحكم ببطلان العضوية، تبطل من تاريخ إبلاغ المجلس بالحكم ". وبالتالي، فإن محكمة النقض هي صاحبة الاختصاص الأصيل في النظر دون غيرها في صحة عضوية أكثر من 100 نائب في البرلمان، موزعين علي 22 محافظة و12 حزبًا سياسيًّا، من بينهم 55 مستقلا، بالإضافة إلي نواب من ائتلاف "دعم مصر". وتنوعت أسباب الطعون الموجهة إليهم ما بين تسويد بطاقات، وأخطاء من قبل المشرفين علي العملية الانتخابية، سواء في فرز أوراق الاقتراع أو مراجعة محاضر الفرز، واستخدام المال السياسي في التأثير علي اتجاهات أصوات الناخبين، ورصد تصويت ناخبين تُوفُّوا قبل إجراء العملية وانتهاء مدة تعديل قاعدة الناخبين. وشملت الطعون 12 مقعدا لحزب المصريين الأحرار، و10مقاعد لحزب الوفد، و6 مقاعد لحزب مستقبل وطن، والشعب الجمهوري 3 ، وحماة وطن 2، ومصر بلدي 1، والإصلاح والتنمية 1، والسلام الديموقراطي 2 ، والحركة الوطنية1، والنور1، والحرية1 والديموقراطي الناصري1. وأشارت الدراسة، إلي أنه علي الرغم من اتساع النطاق الجغرافي للطعون، وشموله ما يقرب من 22 محافظة من محافظات الجمهورية، إلا أنه من الملاحظ أن محافظات المرحلة الأولي هي الأقل في عدد المقاعد المطعون فيها، حيث لم يزد عدد المقاعد المطعون فيها، والتي أخطرت محكمة النقض نوابها حتي منتصف مارس الجاري عن 25 مقعدًا، تمثلت في مقعدين في محافظة سوهاج، و3 في أسيوط، ومقعدين في محافظة بني سويف، و3 مقاعد في قنا، ومقعدين في الفيوم، بالإضافة إلي مقعدٍ لكلٍّ من البحر الأحمر والوادي الجديد، بينما خلت محافظاتالأقصر وأسوان ومطروح من الطعون. لكن ما يؤدي إلي ارتفاع عدد المقاعد المطعون عليها في محافظات المرحلة الأولي، هو ارتفاع عدد المقاعد المطعون فيها في محافظة الجيزة إلي 9 مقاعد، والطعن المقدم في قائمة "في حب مصر" في قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد البالغ عدد مقاعدها 45 مقعدًا، وهو ما يشير إلي أن ما يقرب من 36 مقعدًا من ائتلاف "دعم مصر" تنتظر قرار المحكمة للفصل في صحتها. لكن الواضح أن محافظات المرحلة الثانية تشهد العدد الأكبر من المقاعد التي تنتظر قرار المحكمة، إذا تم طرح عدد مقاعد قائمة "في حب مصر" في قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد. ويلاحظ ارتفاع عدد المقاعد الفردية المطعون في صحتها في محافظات الدلتا، وهو ما يُشير إلي أن المال السياسي كان أكثر تغولا في تلك المحافظات، حيث استخدمت كافة الوسائل لحسم المقاعد بين الأحزاب المتنافسة في تلك المحافظات، أو بينها وبين المستقلين، وهو ما نتج عنه ارتفاع في عدد المقاعد المطعون فيها في مناطق، وانخفاضها في مناطق أخري. وكانت المحافظات الأكثر تهديدا بالفصل في صحة عضوية مقاعدها الفردية، هي: القليوبية البالغ عدد المقاعد المطعون فيها حتي منتصف مارس الجاري 9 مقاعد تقريبًا، ومحافظة المنوفية البالغ عدد المقاعد المطعون فيها 7، والدقهلية 8 مقاعد موزعة علي 4 دوائر. وأوضحت الدراسة، أن هناك 3 سيناريوهات بالنسبة للطعون، ومن المرجح أن تأخذ قرارات محكمة النقض في الطعون المقدمة إليها أحد السيناريوهات الثلاثة: السيناريو الأول: رفض الطعون المقدمة، وهو ما يعني أن ترفض محكمة النقض الطعن بسبب ضعف أسباب وحجية الطعن. ومن المنتظر أن يكون هذا السيناريو الأكثر تطبيقًا علي حالات الطعون المقدمة، وقد ينطبق علي ما يزيد عن 96% من عدد المقاعد الفردية المطعون في صحتها، وجميع مقاعد القوائم المتمثلة في ال45 مقعدًا لقائمة "في حب مصر" في قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد. السيناريو الثاني: قبول الطعن، وهو ما يعني أن تحكم محكمة النقض في بعض الطعون ببطلان عضوية النائب المطعون في حقه. وبالتالي تُصحَّح النتيجة، ويتم تصعيد المرشح الطاعن بعد إعلان المحكمة بطلان عضوية النائب المطعون في عضويته، وتبطل العضوية من تاريخ إبلاغ مجلس النواب بالحكم. ومن المرجح وفقًا للأسباب التي تضمنتها أغلب الطعون المقدمة أن هذا السيناريو ينطبق علي عدد قليل من المقاعد قد لا يزيد عن 3 - 4 مقاعد فقط السيناريو الثالث: قبول الطعن، مع عدم تصحيح النتيجة، أو تصعيد المرشح الطاعن، بل تقرر المحكمة إعادة الانتخابات في الدائرة. فإذا كان الطعنُ متعلقا بالجولة الثانية بين المتنافسين، فقد تُعاد الانتخابات في الدائرة المطعون فيها بين أقرب المتنافسين في جولة الإعادة فقط.